6/14/2016

أسعار النفط في «كونتانغو»

الثلاثاء 9 رمضان 1437 هـ- 14 يونيو 2016م

المقال


فهد محمد بن جمعة
يعتمد المحللون في توقعاتهم لأسعار النفط على اتجاه اسعار العقود الآجلة، اذ ما كانت اسعار العقود الفورية –مدتها عادة يومي عمل- أعلى من العقود الآجلة (Backwardation)، مما يعني وجود نقص كبير في المعروض في الوقت الحالي، وعكس ذلك اذا ما كانت اسعار العقود الآجلة أعلى من الاسعار الفورية (Contango) مع تناقص المعروض خلال هذه الفترة المستقبلية. وفي كلتا الحالتين يستطيع المحللون التنبؤ بمستقبل الاسعار من اجل تبادل الصفقات سواء لأهداف تحوطية او مضاربية.
فلا يبدو ان السوق في حالة "باكوارديشن"، رغم تراجع المعروض هذه الأيام بإجمالي 3.5 ملايين برميل يوميا من نيجيريا، ليبيا، كندا، والولايات الاميركية التي تراجع انتاجها من 9.6 العام الماضي الى 8.74 ملايين برميل يوميا حاليا ومن المتوقع ان يصل الى 8.5 ملايين برميل يوميا في 2017 (US EIA) لان معظم هذا التراجعات موقتا وسوف يستمر الفائض في الاسواق العالمية على المدى القريب.
ومع ذلك يبدو ان حالة الكونتانغو بدأت تتشكل مع تدني الاسعار الحالية الى درجة انها لا تشجع على زيادة الانتاج مستقبليا. فقد سادت حالة الكونتانغو في الفترة ما بين 2008-2009 أثناء الأزمة المالية مع تناقص فائض المعروض وتخفيض الاوبك لإنتاجها في 2009، واستمرت الحالة حتى بداية عام 2011، عندما انتعشت أسعار النفط إلى أكثر من 98 دولارا للبرميل.
لكن علينا ان ندرك ان الاستثمار في الاصول المالية يختلف عن الاستثمار في النفط، حيث ان اسعارها المستقبلية عموما تشمل الاسعار الفورية بالإضافة إلى سعر الفائدة، بينما النفط الخام يضاف عليه تكاليف تخزينه الكبيرة جدا ومن ثم يكون معظم أسواق الأصول المالية دائماً في الكنتانغو. وغالبا ما تميل الاسواق إلى باكوارديشن، عندما تكون اسعار العقود قريبة الأجل اقل اسعارا من العقود طويلة الأجل. لذا نجد في الفترة ما بين 1998 و 2015 ان 57% من أسواق النفط في حالة باكوارديشن.
أما في الوقت الحالي فان الوضع مختلف، بعد ان أبدت الأوبك استعدادها لضخ المزيد من النفط بغية الحفاظ على حصتها في السوق، متجاهلة أثر ذلك على الأسعار، مما يزيد من تباطؤ توازن السوق في الفترة القريبة. لكن تناقص انتاج غير الاوبك قد يسرع من فترة التوازن ويدعم ارتفاع الاسعار تدرجيا الى المستقبل.
ان تناقص المعروض وتحسن الطلب نتيجة تراجع متوسط الاسعار الى مستويات تاريخية في 11 فبراير الماضي ومازالت منخفضة رغم صعودها الى نطاق 49 دولارا حاليا، سيقود الاسواق الى توازنها ويدعم أسعار العقود الآجلة الطويلة مقارنة بأسعار العقود الفورية، وهذا ما حفز الاوبك في اجتماع 2 يونيو على عدم تجميد الإنتاج، تعبيرا عن مدى رضاها عن حالة السوق. كما ان المتاجرين يرون ان تحسن الطلب واقتراب السوق من نقطه التوازن، سوف يدعم ارتفاع الأسعار تدريجيا على المدى الطويل.
ان العقود الآجلة في الوقت الحالي، تشير الى استمرار ارتفاع الاسعار خلال اغسطس 2016م وحتى ديسمبر 2021م، حيث سيتجاوز برنت 60 دولارا وغرب تكساس 56 دولارا في يونيو 2021م. وهذا يؤكد ان الاسعار لن تعود الى مستوى 80 دولارا في الاجل المتوسط، تحت فرضيه استمرار نفس متغيرات السوق الحالية بدون تغيرات حادة في عوامل السوق.
ولذلك غيّر المستثمرون نظرتهم اتجاه مستقبل الأسعار، وذلك بتفضيلهم الاستثمار في العقود المستقبلية بناء على التباين في اسعار العقود الآجلة الطويلة مقارنة بالعقود الفورية والقريبة لتحقيق اكبر هامش ربحي ممكن. إذ إن اسواق النفط تتجه نحو الافضل ولكن ببطء بدعم من اساسيات السوق نحو نقطة التوازن مع ارتفاع مرونة الاسعار وزيادة نشاط المضاربين على المدى القريب والمتحوطين على المدى البعيد.

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...