تلعب القوة الشرائية لأجور العمال دوراً أساسياً في تحديد أسعار السلع والخدمات من خلال ارتفاع قوة الإنفاق التي يأتي معظمها من أجورهم الحقيقية. وبهذا يؤدي ارتفاع الأجور إلى زيادة نمو الطلب على السلع والخدمات في الاقتصاد، مما ينعكس إيجابياً على النمو الاقتصادي وزيادة إجمالي الناتج المحلي. فلا شك أن الأجور تكلفة يتحملها القطاع الخاص لكل وحدة واحدة من الإنتاج يتم إنتاجها يومياً ولكنها ضرورية لدفع أجر العامل وتحفيزه بزيادة أجره.
وهناك نقطة مهمة في الاقتصاد.. بأن التغيرات في الأجور على المستوى الجزئي قد لا ينعكس أثرها تلقائياً على الاقتصاد الكلي، إلا إذا أدت الزيادة في الأجور إلى زيادة الطلب الكلي ودعم النمو الاقتصادي الحقيقي. كما من المحتمل أن يؤدي نمو الإنتاجية إلى نمو الأجور بدون أن تزيد التكلفة الحقيقية للإنتاج من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والمعدات التي تسمح بزيادة الإنتاجية في المصانع الجديدة. لذا يعتمد المعدل المتوقع للعائد على الاستثمار أو ما يسمى بتكلفة رأس المال على أسعار الفائدة والذي يحدده حجم الطلب على السلع والخدمات التي ينتجها المصنع الجديد والمعدات التي يستثمر فيها. كما أن المنافسة لها دور كبير في الربط بين نمو الطلب والاستثمار، حيث يتطلب ذلك محافظة الشركة على حصتها السوقية على الأقل من خلال تلبية الطلب المتزايد وذلك بزيادة طاقتها الإنتاجية والاستمرار في زيادة استثماراتها.
وهنا لا يمكن أن نتجاهل دور الإنفاق الحكومي في زيادة الطلب الاقتصادي في سياستها المالية التوسعية، ولكن يبقى نمو الأجور الحقيقي مطلباً لخلق نمو كافٍ من الطلب بما يبرر الاستثمار المستدام ونمو الإنتاجية وزيادة الأرباح. لذا ينبغي أن لا تكون الزيادة في الإنتاجية المرتبطة بزيادة الأجور الحقيقية أسرع من النمو في الطلب بدافع الربحية السريعة، مما ينتج عنه فقط زيادة الربحية في الأجل القصير ويعرض الاقتصاد لبعض المخاطر. وعلينا أن نتذكر أن رفع الأجور موضوع جدل بين الاقتصاديين، حيث يرى البعض أن ارتفاع الأجور الحقيقية سيخفض قدرة سوق العمل على استيعاب المزيد من العمالة، مما ينتج عنه زيادة البطالة. لكن هذا الجدل يفترض أن الأسواق بدون قيود وسيتقدم الطلب على إنتاج أي كميات من السلع والخدمات.
ونحن نجادل بأن الحد الأدنى لأجور السعوديين يكفل لهؤلاء للعاملين حياة معيشية جيدة في ظل تشوهات سوق العمل لدينا واقتحام العمالة الوافدة له، حيث إن ميكانيكية سوق العمل لا تحدد أفضل الأجور مع فائض العمالة الأجنبية التي يتم استقدامها بعقود محددة وبأجور متدنية لا يحددها العرض والطلب لصالح العامل السعودي.