الثلاثاء 27 ذو القعدة 1440هـ -30 يوليو 2019م
المقال
الرياض
د. فهد بن جمعة

وتعتمد المؤسسة نموذج "العجز الاكتواري" لتقييم ملاءتها
المالية والذي يوضح حجم الفجوة بين التزاماتها اتجاه مشتركيها مستقبلاً ومعدل
الدخل من خلال أجور الاشتراكات وعوائد استثماراتها في الوقت الحاضر، وبهذا تصبح
التأمينات في حالة عجز اكتواري، إذا ما تجاوزت تكاليفها معدل دخلها لأي فترة
تقييمية والتي في العادة 3 سنوات. فإن تجنب حدوث مثل هذا العجز
الاكتواري يتطلب من المؤسسة على الأقل تحقيق ما يسمى "التوازن
الاكتواري" على المدى الطويل، إذا ما تم تحديد الحد الأدنى للأجور ليصبح الحد
الأدنى لأجر الاشتراك تلقائياً بدلاً من (1500) ريال شهرياً وهو الحد الأدنى
حالياً، بدلاً من تخفيض مدفوعات المنافع التي تضر بالمتقاعد.
إن ربط الحد الأدنى للاشتراك بالحد الأدنى للأجور في سوق العمل له إيجابيات
كبيرة ليس فقط للمؤسسة بل للعامل نفسه: تغطية تكاليف المعيشة للعاملين ورفع
معنوياتهم، مما يرفع من إنتاجيتهم مع تحسن مستوى معيشتهم؛ يقلل من التباين بين
فئات الدخل وفي نفس الوقت يحفز على العمل ويجعل المجتمع في أفضل حال بدلاً من
الاعتماد على الرعاية الاجتماعية؛ يرفع الإنفاق على السلع والخدمات، مما يدعم
المنشآت ويحفز النمو الاقتصادي؛ مزيد من استثمار العمال في التعليم، مما يحسن من
مهاراتهم وأدائهم ويزيد من الابتكارات والأعمال الصغيرة؛ يجعل سوق العمل جاذباً
للسعوديين، مما يخفض معدل البطالة؛ يقلص معدل دوران العمال للبحث عن وظيفة بأجر
أعلى، مما يقلل من تكاليف التدريب الباهظة على الشركات.
وبهذا يتحقق هدفان من أهم الأهداف الاجتماعية والاقتصادية؛ تعزيز
قدرات المؤسسة المالية وتفاديها لأي عجز مستقبلاً، حيث إن تطبيق الحد الأدنى
للأجور يؤدي إلى رفع الحد الأدنى لأجر الاشتراك في المؤسسة ويعزز الشفافية بالكشف
عن أي محاولة لتخفيض أجر الاشتراك عن الأجر الفعلي؛ وكذلك وضع حد أدنى للأجور يحسن
من مستوى معيشة الأفراد ويدعم الاقتصاد.