المقال
د. فهد محمد بن جمعة
يبذل ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- جهوداً جبارة من خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية، بتعزيز الشراكات والتفاهمات وإبرام الاتفاقات التي تحقق الأهداف المشتركة والاستراتيجية بينها وبين المملكة العربية السعودية في إطار مبادرات التحول 2020 ورؤية 2030، مما يعمق البعد الاستراتيجي المشترك وطويل الأجل، وبما أن الاقتصاد السعودي هو أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط ويحتل المرتبة 19 عالمياً في مجموعة العشرين، فإن هذه الشراكة مع أكبر اقتصاد في العالم لها أبعاد استراتيجية على مسار الاقتصاد المحلي والعالمي وتدعم الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي.
إن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمشتركة بين الدول، مؤشر قاطع على ما تتمتع به هذه الدول من ميز نسبية في ثرواتها الطبيعية أو ما تمتلكه من ابتكارات وتقدم تقني ينقل اقتصاديات الدول الغنية والناشئة إلى مرحلة الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على التقنية والمعرفة الاقتصادية، وهذا ماتتطلع إليه السعودية الحديثة في تنويع مواردها المالية والاقتصادية غير النفطية، باستخدام هذه التقنيات المتطورة وتوطينها، وبمعرفة ترفع كفاءة المال والاقتصاد في إطار إنتاجية عالية وتكلفة أقل، وبقيمة اقتصادية مضافة يكون أثرها الإيجابي مضاعفاً على الاقتصادي الكلي وتوظيف السعوديين.
إنه استمرار لشراكتهما التي دامت على مدى ثمانية عقود، وما هذه الاستثمارات التي تتجاوز قيمتها اكثر من 400 مليار دولار على مدى الـ10 سنوات القادمة، إلا جزء من استراتيجية سياسية واقتصادية وأمنية طويلة الأجل، بما يوفر العديد من الفرص لاقتصادنا ويدعم توسعه وتقدمه في بنيته التحتية ويزيد من ثقله السياسي والاقتصادي والأمني على مستوى المنطقة والعالم؛ هكذا يلقي الأمير محمد بن سلمان بثقله في جميع الموازين الدولية، مدركاً عامل السرعة في الإنجاز وعدم دوام الفرص مع تغير الأحداث وفي ظل المخاطر المستقبلية التي يصعب التنبؤ بها بدون وضع سيناريوهات من الأسوأ إلى الأفضل.
هكذا تستثمر الاستراتيجيات الاقتصادية باستخدام وسائل عدة أو أقل مباشرة لاستغلال الموارد والإيرادات التي تولدها، رغم أن كفاءة استخدام الموارد غير المباشرة الأكثر فعالية في الاقتصاد الحر، كما اقترحه منذ فترة طويلة "آدم سميث" وغيره، ولذا يصبح من الضروري تحويل الهيكل الاقتصاد الحالي بمزاياه وفرصه نحو المستقبل. فليس من قبيل المصادفة أن نشاهد البلدان الآسيوية ذات الأداء العالي، تنمو نمواً كبيراً من خلال صادرتها الصناعية بدءاً باليابان، ومستمرة في تحسين أدائها بشكل ملحوظ باستخدامها المكثف للتقنية المتطورة وتحقيق نمو أعلى؛ وبهذه تكون الشراكة الدولية في جميع المجالات وخاصة في مجال الطاقة النووية، ترجمة عميقة للأبعاد الاستراتيجية السعودية، وآثارها المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد السعودي.