8/24/2016

ما الاستراتيجية الأفضل للاستثمار في الأسهم؟

الخميس old هـ. الموافق 18 مايو 2006 العدد 4602
آخر الأخبار
الاقتصادية

د. فهد محمد بن جمعة

إن المنهجية الاستثمارية التي استخدمها بافت هي خليط من الاستراتيجيات التي وضعها له في الثلاثينيات المستشاران العملاقان: بنجمن قراهام الذي قرأ كتابه بعنوان المستثمر الذكيThe Intelligent Investor by Benjamin Graham ما دفعه إلى أن يذهب إلى جامعة كولومبيا لكي يدرس معه, وفلب فشر صاحب كتاب تحليل الأوراق المالية Security Analysis by Philip Fisher. فتعلم بافت من بنجم طريقه هامش الأمان margin of safety باستعمال نماذج كمية متشددة لكي يشتري أسهم الشركات التي تبيع أسهمها بأسعار متدنية بغض النظر عن صافي رأسمالها التشغيلي. لذا شدد بنجمن على أن متابعة تقلبات أسعار الأسهم في الأجل القصير عديم الجدوى وأن الأهم هو وضع الأسهم في الأجل الطويل وعلينا متابعته.أما فليب فأكد أن إدارات الشركات لها تأثير مهم على زيادة قيمة استثماراتها وتنويعها بدلا من التركيز على تخفيض معدل الخطر، حيث إنه من المستحيل أن يتم مراقبة عن قرب جميع البيض الموجود في سلات مختلفة. فمن ذلك تتضح لنا فلسفة الاستثمار كما وصفها بنجمن بأنها تقوم على الاستثمار في حقيبة من الأسهم العادية المتنوعةportfolio of common stocks عند أسعار معقولة في الأجل الطويل وهذا ما يستطيع أن يعمله كل مستثمر, فهو يفرق بين الاستثمار والمضاربة، حيث إن عملية الاستثمار تعتمد على التحليلات والوعود الآمنة في الأجل الطويل طبقا لمفهوم العائد المقنع، بينما المضاربة تعتمد على عكس ذلك تماما, مع أن معدل الآمن يعتبر نسبيا وكذلك العائد المقنع سواء كان عن طريق توزيع حقوق المساهمين أو قيمة أسعار الأسهم يعتبر أيضا شخصيا. بينما ركز فشر على الشركات نفسها وقدرتها على زيادة نمو مبيعاتها وأرباحها خلال عدد من السنوات عند معدل أعلى من معدل الصناعة ككل. فإذا ما وضعنا ذلك الخليط من الأفكار الاستثمارية من تنويع الاستثمار في الأجل الطويل ومن معرفة قدرة إدارات تلك الشركات على زيادة نموها الاستثمار كل عام فإننا سوف نسلك طريق الاستثمار الناجح ونحقق العائد المنشود عند معدلات من الخطر المتدنية.
فقد قامت أفكار بافت على أسس استراتيجية طويلة الأجل متبنيا أداء الشركات الفعلي والمتوقع وليس على تقلبات أسعار الأسهم في الأجل القصير. وبما أن تلك الاستراتيجيات تحتاج إلى فترة طويلة من الزمن فقد كان بافت مستثمرا شديد الصبر ويتأنى في تقييم الشركات طبقا لقيمتها الاستثمارية (صافي التدفقات النقدية المتوقعة طول عمر المشروع التجاري عند سعر خصم يعادل سعر الفائدة المختارة) ثم يشترى أسهمها وكأنه يرغب في امتلاك تلك الشركات بدلا من أن يكون مضاربا في أسهمها. هنا يتضح لنا الفرق الكبير بين الاستثمار في أسهم معينة ومحاولة التكهن بالاتجاه العام للسوق رغم تطور التقنية فمازال المستثمرون هم الذين يصنعون السوق وثقتهم بالسوق عامل مؤثر في اتجاهاته واستقراره في الأجل القصير, بينما في الأجل الطويل أهمية قيمة الأسهم يحددها النمو الاقتصادي للشركات بغض النظر عن تقلب الأسهم اليومية، فعلى كل مستثمر يريد النجاح في الأسهم ألا يتجاوب مع تقلب عاطفته كلما تقلبت أسعار الأسهم يوما بيوم, وأن يكون لديه الاستعداد المالي والنفسي في تعامله مع تقلبات السوق اليومية, وإذا لم يستطع أن يتحمل ذلك عندما يشاهد أسهمه تنحدر بنسبة 50 في المائة أو أكثر دون أن يصيبه الهلع والفزع فإنه من المستحيل أن يكون ناجحا في سوق الأسهم, فعليه إذا أن يركز على الشركات التي لها مكانة في السوق في الأجل الطويل وأن يكون نفسه واسعا حتى يتأكد من قدراته. إذا المستثمر الحقيقي هو الذي ينظر إلى أن انخفاض أسعار الأسهم شيء مرحب به وطريقة مُثلى من أجل أن يضيف المزيد من الأسهم الجديدة إلى محفظته وذلك عند أقل الأسعار الممكنة, ما دامت تلك الأسهم في شركات جيدة تعتمد في أعمالها على عوامل السوق الإيجابية لتحسين أداء إداراتها وأسعار أسهمها، فإن النجاح سوف يكون حليفا لهذا المستثمر. وعليه أيضا أن يكون شجاعا وأن يقول لا ولن أشتري أسهما إذا لم تكن الحقائق واضحة له وفي صالحه بشكل كبير بدلا من شراء الأسهم وبيعها بأسعار متوسطة في شركات تدعمها الشائعات.
إن هذا ما كان يعمله بافت فهو يشتري الأسهم ويحتفظ بها بناء على قوة واحترافية إدارة الشركة, فكانت فكرته دائما أن ينتظر بكل صبر حتى تظهر له فرص استثمارية حقيقية لكي يغتنمها. هكذا يظهر جليا أن نجاح المستثمر في الأسهم يتحقق عندما يعمل الأشياء الصحيحة أكثر من الأشياء الخاطئة, فعليه أن يقلل من عدد تلك الأخطاء وأن يركز ويكثر من الأشياء التي يتوقع أنها أكثر صوابا له، فمهما توافرت كل الخبرات والمؤهلات العلمية عند بعض المستثمرين في سوق الأسهم بما في ذلك المؤسسات فإن سلوكهم مازال بعيدا عن الرشادة الاقتصادية، وكما قال أحد المستثمرين المشهورين اعمل بعقلية المافيا mentality follow the mob. هكذا كان بافت متوازنا في عقلانيته فلا يشعر بالارتياح عندما يوافقه الناس على رأيه، ولا يفقد الثقة بنفسه عندما لا يوافقونه، لأنه يتبع استراتيجية قد وضعها لنفسه وأكسبته الكثير من النجاح. وعلى ذلك تصبح نظرية الشراء والتملك نظرية استثمارية ذات قيمة اقتصادية يصبح شراء المستثمر عددا من الأسهم يمثل جزءا من ملكية تلك الشركة, فعلى المستثمر أن يسأل دائما ما هي النقدية المحتملة التي تستطيع تلك الشركة تحقيقها؟ لأنه من المعروف أن هناك ترابطا قويا بين قيمة التدفقات النقدية وقدرة الشركة على خلق المزيد من النقدية خلال فترة من الزمن، فكلما زادت قدرات الشركة الاستثمارية زادت التدفقات النقدية. لذا على المستثمر في الأسهم أن يغير تفكيره من المضاربة إلى أن يشتري أسهما تحت فرضية التملك في تلك الشركة التي يستثمر فيها وليس العكس, ولا يدع تقلبات أسعار الأسهم في الأجل القصير معيارا يحكم من خلاله على نجاح الشركة من عدمه, لأنه لا بد من تدقيق النظر في هاشم التغير في تشغيل الشركة, معدل المديونية, قدرة الشركة على خلق المزيد من التدفقات النقدية، ما يعني أن نستعمل المعيار الاقتصادي بدلا من معيار تغير الأسعار. وهذا يؤكد أهمية العلاقة بين المستثمر وإدارة الشركة عندما يسمح المستثمر لتلك الشركة أن تحقق فرص نمو أكبر في الأجل الطويل من خلال احتفاظها بأسهمه مدة أطول ويشجعها على تحسين أدائها. وعليه أن يحذر من الاستثمار في الشركة غير المستقرة التي تتطلب الكثير من التغييرات مثل تغيير أعضاء إدارتها قبل أن تكون القيمة الاسمية لشركة قد وضحت أو الشركة التي يتم إعادة تنظيمها وإدارتها أو هيكلتها، ليكون التوقيت المناسب لبيع أسهمك عندما تكون أسعارها أعلى بشكل ملحوظ عن قيمة الشركة طبقا لحساباتك كما كان بافت يفعل ذلك.

صندوق استثمار بمقاييس استثمارية

الأربعاء  هـ. الموافق 17 مايو 2006 العدد 4601

الاقتصادية

د. فهد محمد بن جمعة 
إن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز, مساء أمس, بفتح قناة استثمارية جديدة لذوي الدخل المحدود وما تحته من خلال إنشاء صندوق استثماري يودع المستثمر فيه مبلغا لا يزيد على 500 ألف ريال وذلك لمده سنتين وسوف تقوم الدولة بتغطية أي خسارة في رأس المال الأصلي في نهاية المدة الاستثمارية. كان واضحا حيث استعرض في حديثه المتلفز مع الصحافة الخليجية أن بعض المساهمين الصغار في سوق الأسهم قد هشمت عظامهم حمم بركان الشركات الخاسرة لتلتهم ما تبقى منها هوامير السوق الجائعة من أجل إشباع رغباتها مهما ارتفعت أمواج السوق أو انخفضت فهم في كل الحالتين كاسبون. إن هذه العبارة تبلور لنا تداعيات فكرة إنشاء هذا الصندوق لحماية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وتعويض ما خسره هؤلاء الصغار في الأجل الطويل بعد أن أصبحوا فريسة تنهشها الذئاب من كل مكان, إنه فعلا قرار يتميز بشفافية وروح إنسانية مملوءة بحب الأب أفراد عائلته فهو دائما نصرة للضعيف ويدا للقوي. وإنها فرصة استثمارية في متناول شريحة كبيرة من المجتمع من ذوي الدخل المحدود وفي علم الاقتصاد كلادخله محدود ولكن هذا الصندوق قد يشمل هؤلاء الأفراد الذين يبلغ متوسط دخلهم أربعة آلاف ريال وأقل، حتى يتسنى لهم إيداع مدخراتهم إن وجدت، فليس لدى كل فرد إمكانات الاستثمار في ذلك الصندوق. ولكن هناك نسبة كبيرة من هؤلاء الأفراد مازالوا متورطين في عمليات المضاربة في تلك الشركات الفاشلة أو لديهم بعض أسهم الاكتتاب التي في مقدورهم بيعها على الفور واستثمار قيمتها في ذلك الصندوق, لأن هذا الصندوق يضمن بقاء رأس المال للمستثمر في أسوأ الأحوال وعائدا مجزيا في أفضل الأحوال. فمن أجل تحقيق أهداف ذلك الصندوق وزيادة دخل المستثمرين فيه فإنه لا بد من تطبيق بعض المقاييس والضوابط الاستثمارية وبكل شدة دون استثناء من خلال آلية محددة يتم تطيقها على مديري الصندوق وعلى المستثمرين أنفسهم. وأهم تلك المقاييس والضوابط الاستثمارية بالنسبة إلى صندوق هي:
1- استقلالية هذا الصندوق عن إدارة البنوك ما يزيد من كفاءته وفاعليته الاستثمارية ويبعد عنه شبه تعارض المصالح.
2- استثمار نصف رأسمال الصندوق في أسهم الشركات الجيدة والتي يتم تحديد اتجاه أسعارها وأرباحها التشغيلية لمدة سنتين من افتتاح الصندوق حتى لا يكون معدل الخطر مرتفعا ما قد يهدد نجاح تلك الاستثمارات.
3- استثمار النصف الثاني من رأس المال في استثمارات متنوعة وطويلة الأجل (سنتين) حتى يتم تعظيم مجموع الأرباح وفي حالة خسارة أحد الجانبين يتم توزيع أرباح النصف الرابح على الخاسر لتغطية أي نقص في رأس المال.
4- أن يكون المديرون مؤهلين علميا ومهنيا ويتمتعون بمصداقية مشهود لها وليس لديهم تضارب في المصالح حتى يكون أداؤهم مستقلا ومعتمدا فقط على احترافيتهم ومعرفتهم بالسوق.
5- تخفيض نسبه العمولة إلى أقل نسبة ممكنة في حالة الربح وإلغاؤها في حالة الخسارة.
6- إصدار تقرير أسبوعي لأداء ذلك الصندوق حتى يكون المستثمر على معرفة بأدائه.
7- في حاله تكرار سوء الأداء في الصندوق لأسبوعين متتاليين يتم تغيير هؤلاء المديرين المقصرين في أداء أعمالهم.
8- لجنة مراقبة مستقلة من الخبراء المستقلين لتقييم أداء الصندوق أسبوعيا ورفع توصيانهم وملاحظاتهم بصفة مستمرة.
هكذا يصبح الصندوق متوازنا في استثماراته من أجل تحقيق أقصى الأرباح الممكنة في ظل معدل من الخطر المتدني.
أما الضوابط المفروض تطبيقها على المستثمر نفسه ومن أجل حمايته وتحقيق أفضل عائد استثماري له فهي:
1- يطلب من المستثمر إحضار صك سكنه إن كان يملكه أو عقد الإيجار إذا كان مستأجرا حتى لا يقدم هذا المستثمر على بيع سكنه من أجل الاستثمار ما قد يعرض حياته وحياة عائلته إلى مشاكل لا تحمد عقباها.
2- يكتب الراغب في الاستثمار ما هو العائد الذي يتوقعه حتى لا يحلم ولا يتفاجأ عندما يحصل على عائد ما في نهاية مدته الاستثمارية وأن يتم توضيح الأرباح والمخاطر المحتمل حدوثها خلال المدة الاستثمارية حتى لا يقول إنه يجهل أو لا يعرف عنها.
3- منع المستثمر من الاقتراض والتأكد من ذلك مهما كان نوع القرض حتى لا يتعرض استثماره إلى خسارة رغم ضمان الدولة رأسماله لأن نسبة تكلفة القرض لمدة سنتين سوف تقضي على نسبة كبيرة من أرباحه أو عليها كاملة، بل إنه في حالة الخسارة سوف يخسر ما يعادل نسبة تكلفة القرض من رأسماله ما يؤدي إلى صدمة موجعة له.
4- مساءلة المستثمر من أين حصل على المبلغ الذي يريد استثماره فقط من أجل حمايته وتوضيح المخاطر التي قد يتعرض لها.
كاتب اقتصادي وباحث إقليمي

10 % تذبذب في المؤشر العام وليس على سعر السهم

صحيفة الاقتصادية
 الخميس. الموافق 21 سبتمبر 2006 العدد 4728
د. فهد محمد بن جمعة

إننا نقدر جملة الأعمال التنظيمية والرقابية التي تقوم بها هيئة المال وإدراج المزيد من الشركات على قائمة السوق, السماح للشركات الخليجية المالية في الاستثمار في سوق المال السعودية, الترخيص لعدد من الشركات السعودية لممارسة الاستشارات المالية والوساطة السعودية, وما زلنا ننتظر تعديل وقت التداول من فترتين إلى فترة واحدة حتى تكون تلك الأعمال متماسكة فيما بينها، وتؤدي إلى تحسين وضع السوق وتوسيع قاعدتها الاستثمارية، ما يمنحها مزيدا من التوازن والاستقرار عندما تكون عمليات المضاربة عند أدنى مستوياتها. ولا شك أن السوق أيضا مازالت تحتاج إلى المزيد من عمليات الإصلاح ورفع الكفاءة، وتحسين الأداء من أجل جذب أكبر عدد من الاستثمارات الممكنة التي تخلق سيولة جديدة وتزيد من عمق السوق. فإن استقلالية سوق الأسهم والتزام الهيئة بوظائفها التنظيمية والرقابية، كما تعمل الآن، أمر في غاية الأهمية، ويؤدي إلى تفعيل ميكانيكية السوق التي تحركها عوامل السوق الأساسية من عرض وطلب، وذلك من أجل تحقيق التوازن المطلوب الذي لا يمكن تحقيقه إلا بضمان حرية السوق وتوسيع قاعدته. وإذا ما كان هناك فشل في السوق نتيجة لعوامل فنية أو تنظيمية أو خارجية، فلا بد للهيئة حينئذ من اتخاذ خطوات إجرائية مؤقتة وحذرة لتصحيح ذلك الفشل حتى تستمر عوامل السوق في أداء مهامها التصحيحية صعودا وانخفاضا من نقطة التوازن.
إن كل هذه التنظيمات سوف يجني ثمارها كل مستثمر إذا ما أفضت إلى تخفيض معدل الخطر على الاستثمارات الذي أشعلت ناره المضاربة الحادة، حيث خسر معظم صغار المضاربين أموالهم، فلم يأكلوا شيئا مما طبخوه ولم يحصلوا إلا على ذرات رماد، بعد ما خدعتهم توصيات الأقارب وشائعات المنديات. هكذا تستطيع الهيئة أن تضعف عنفوان تلك المضاربة باتخاذ خطوة أخرى إضافية تهدف إلى إلغاء نسبة 10 في المائة تذبذب على سعر السهم وتطبيقه على المؤشر العام فقط، وليس حتى على مؤشر القطاع لكي تكتمل دورة السوق وتأخذ الأسعار دورة كاملة تؤدي إلى تصحيح الأسعار طبقا لآلية السوق التي تحقق العدالة في السوق كلما توفرت المعلومات وارتفعت كفاءة السوق، من خلال تطبيق مبادئ حكومة الشركات الذي سوف يتم تطبيقه قريبا. لكن كيف يحد تطبيق النسبة على المؤشر العام من مستوى المضاربة، وما تأثيرها على آلية السوق في المديين القريب والبعيد؟ نحن ندرك أن سوق المال السعودية تنقسم إلى قسمين تقريبا شركات قيادية استثمارية تؤثر بشكل مباشر على المؤشر العام وشركات مضاربة ذات حجم صغير وخاسرة، وهما يختلفان في خصائصهما من حيث الوزن وتذبذب الأسعار. فتحرير الأسعار وتحرك المؤشر العام في نطاق 10 في المائة صعودا وهبوطا سوف لن تؤثر عليه شركات الاستثمار في المدى القصير، لأنه ليس من طبيعتها أن تتذبذب أسعارها بنسب كبيرة بينما شركات المضاربة ستشاهد تذبذبات حادة غير مسبوقة، وقد تنخفض أسعارها إلى ما تحت 70 في المائة، ومع ذلك سيكون تأثيرها محدودا في المؤشر. أما على المدى الطويل، فإن تلك الأسعار ستستقر عند قيمها الحقيقية من خلال عمليات السوق التي تخلص السوق من الأسعار التضخمية والوهمية التي لا تعكس أداء تلك الشركات، وسيعزف الكثير من المضاربين من شراء أسهم المضاربة بعد أن عرفوا أن أسعارها قد تنخفض في أية لحظة وفي يوم واحد، ليكون معدل الخطر عند أعلى مستوى له، فليس هناك رادع، وقد تتراجع بعض أسعار تلك الأسهم إلى ريال واحد وقد لا تجد مشتريا لها, وما علينا إلا أن نتذكر عندما هبط سعر شركة برايسلاين للإنترنت من 165 دولارا في عام 1999 إلى أقل من ثلاثة دولارات فيما بعد، وكذلك إفلاس "إنرون" في عام 2002. إن باستطاعة الهيئة تشجيع الاستثمار الذي سيعود بالمنفعة على المستثمرين والاقتصاد، ويحسن من أداء الأسهم ويدعم المؤشر العام ويحافظ على توازنه، بينما يضع شركات المضاربة ذات التأثير المحدود على المؤشر في موقف لا تحسد عليه، إما إنها تحسن من أدائها وإما أنها تعلن إفلاسها, وما أعظم خسارة هؤلاء الذين اشتروا أسهمها لأنهم لن يحصلوا على شيء من أموالهم بعد تصفية الخسائر وتسديد الديون وبيع الأصول المتهالكة، إن وجدت.
إن تغيير سلوك المضاربين يحتاج إلى قرارات قيادية تنقذهم من خطر السوق شبه المؤكد إلى استثمارات آمنة يربحوا منها، وتجنبهم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على سوق المضاربة الحادة. هكذا تعلم السوق الأفراد الذين لا يريدون أن يتعلموا وما على الهيئة إلا أن تراقب وتنظم وتترك السوق تصحح نفسها بنفسها عند نقطة توازن الطلب مع العرض التي ستكون عندها أسعار الأسهم أكثر واقعية وعدالة. فتذبذب المؤشر في نطاق تلك النسبة سيخلق اتجاها له Trend يستطيع المحللون الفنيون المتعطشين، الذين طال انتظارهم، أن يروا سوقا أكثر انتظاما حتى يقطعوا الشك باليقين في تحليلاتهم ولا يجدوا أنفسهم في حيرة من أمرهم يوما بعد يوم، كما هو حاصل هذه الأيام. إن تحرير الأسعار سيكون هو الحل الأمثل لتحويل الجزء الكبير من المضاربين إلى مستثمرين أو الأفضل لهم الخروج من السوق, لأن نسبة 10 في المائة على الأسعار قد خدمت مصلحة المضاربين الكبار الذين لا يرغبون في إخافة المضاربين الصغار وخروجهم عندما تتدهور الأسعار إلى أدنى نقطة ممكنة، فيحجمون من الدخول في سوق الأسهم. فهل ندرك أننا قد دعمنا المضاربين الكبار دون قصد؟ لأنه من الصعب في سوق ناشئة مثل سوقنا أن نستطيع أن نحكم على كل ما يصدر من قرارات إنها صائبة أو خاطئة في المدى القصير قبل أن نختبرها في الأجل الطويل ونحلل إيجابياتها وسلبياتها، ونقول إنها قرارات فعلا صائبة عندما تكون الإيجابيات أعظم من السلبيات وهكذا. فقد كان الهدف من 10 في المائة على الأسعار هو منع المؤشر العام في مجمله من الهبوط أو الصعود الحاد من خلال تقليص حجم التداول على سهم ما في اليوم نفسه، ولكن لاحظنا أن سعر السهم لشركة مضاربة يرتفع إلى أقصى نسبة في اليوم الأول، ثم ينخفض إلى أدنى نسبة في اليوم التالي والعكس صحيح، ما يؤكد أن المستفيدين من ذلك هم المضاربين الكبار الذين يتلقون معلومات داخلية ثم يبيعون أسهمهم دفعة واحدة على حساب المضاربون الصغار الذين أنهكتهم سياسة الإغراق وكبدتهم خسارة مؤلمة. ومع ذلك أبقتهم نسبة 10 في المائة في السوق رغم تلك الخسارة. فما بالك لو تم تحرير تلك الأسعار، وهو الذي لا يتمناه كبار المضاربين خصوم الحوكمة, ثم ارتفعت أسعار الأسهم ارتفاعا حادا لا يستطيع أن يشتريها صغار المضاربين بعد ذلك أو انخفضت انخفاضا حادا تدفعهم إلى الخروج من السوق، وتبقى المضاربة بين الكبار عسى أن يعلم كل منهم الآخر درسا في المضاربة، وتتحول بعدها السوق إلى سوق استثمارات حقيقية ذات عوائد جيدة وفائدة للاقتصاد السعودي.

8/23/2016

تقنين رخصة قيادة غير السعوديين

الثلاثاء 20 ذو القعدة 1437 هـ - 23 أغسطس 2016م

المقــال


فهد محمد بن جمعة
تعج مدننا بالازدحام المروري وكل عام نزيدها بإصدار رخص قيادة لكل من يتم استقدامه بمهن غير السائقين، دون مراعاة الأضرار الاقتصادية والبشرية والأمنية المترتبة على ذلك. وعلينا أن نتعلم من تجربة دولة الكويت الشقيقة التي تنبهت لهذه المخاطر مبكرا، حيث اشترطت لحصول غير الكويتي على رخصة قيادة: ان لا يقل راتبه عن 400 دينار والذي تم رفعه أخيرا إلى 600 دينار للحد من الفئات التي تتخذ من المسميات الوظيفية والمهنية خلافا لما تؤديه من أعمال للحصول على رخصة قيادة. كما ان ذلك يهدف الى إيجاد حلول عملية للمشاكل المرورية والحد من الازدحامات المرورية التي تشهدها الطرق. هذه دولة الكويت الصغيره في حجمها وعدد سكانها تركز على قوة مرورها، فما بالك بدولة مثل السعودية عدد سكانها يتجاوز 31 مليون فرد ومدنها ومحافظاتها عديدة ويموت في شوارعها أكثر من 20 فردا يوميا بسبب الحوادث المرورية.
ان هذا التقنين يشمل رخص القيادة للمركبات والدراجات الآلية بجميع انواعها التي أزعجتنا وامتلأت شوارع أحيائنا بها. وبذلك يكون من شروط حصول غير السعودي على رخصة قيادة: مضي 6 شهور على إقامته؛ لا يقل راتبه عن 5 آلاف ريال شهريا لعدم وجود حد أدنى للأجور لدينا ومطابقة حسابه البنكي طول مدة إقامته؛ التحاقه بمدرسة القيادة دورة كاملة؛ تجديد الرخصة سنويا. إنها شروط غير تعجيزية بل موضوعية ويسهل تطبيقها إجرائيا، لان حماية المواطن وراحته وصحته من حوادث الطرق وتخفيف الازدحامات المرورية وتلوث البيئة فوق كل شيء.
ان اعداد غير السعوديين من الذكور كبيرة بل مخيفة، حيث يرزح سوق العمل السعودي (15 سنة فأكثر) بأكثر من 5.7 ملايين وافد، وهذا لا يعني ان جميعهم يرغبون في القياده ولكن نسبة منهم ترغب في ذلك. كما وصل إجمالي عدد المقيمين الى10.40 ملايين فرد في عام 2015م، ما يمثل حوالي 33% من إجمالي عدد سكان المملكة (الهيئة العامة للإحصاء). وإذا ما نظرنا الى عدد العمالة الوافدة المحتمل ان تكون رواتبهم اقل من 5 آلاف ريال وذلك حسب المستوىات التعليمية: أمي، يقرأ ويكتب، الابتدائية، المتوسطة، الثانوية أو ما يعادلها، فانها تتجاوز 4 ملايين فرد من الذكور أي ما يعادل 62% من اجمالي العمالة الوافدة.
ان المنافع الاقتصادية والاجتماعية من هذا التقنين كثيرة ومنها: خفض عدد الحوادث والأموال الضائعة المرتبطة بها؛ خفض الازدحامات المرورية خاصة اوقات الذروة؛ الحد من ظاهرة تستر العمالة والتسيب بتقييد حركتهم وتطبيق فتح الحسابات البنكية حتى على السائق منهم؛ خفض استهلاك الوقود خاصة في موسم الصيف مع ارتفاع الطلب؛ خفض استهلاكهم للسلع والخدمات المدعومة حكوميا؛ خفض معدل الجريمة مع سهولة مراقبة عدد اقل من المركبات والدراجات النارية؛ اختفاء المركبات القديمة والمتهالكة من شوارعنا؛ عدم زيادة عدد الركاب عن العدد المقنن؛ التأكد ان المرخص له قادر على دفع مخالفاته المرورية والتأمين على سيارته.
وبهذا التقنين سوف يتم أيضا إتاحة الفرصة للمواطنين العمل بمركباتهم الخاصة في نشاط نقل الركاب الذي سمحت لهم وزارة النقل بممارسته اخيرا، حيث ان عددا كبيرا من المقيمين يمارسون هذا النشاط بالتعاقد مع شركات التأجير العاملة في سوقنا. وبما ان السائقين لا ينطبق عليهم هذا التقنين، إلا انه ينبغي التأكد انهم يمارسون مهنهم من خلال ربط رواتبهم بحساباتهم البنكية ومتابعتهم.
أتمنى ان تأخذ السلطات ذات العلاقة على عاتقها تطبيق هذا المقترح ضمن برنامج التحول الوطني، على ان يبدأ تفعيله في بداية العام القادم ويتم ايقاف جميع رخص القيادة الحالية لمن لا تنطبق عليهم الشروط الجديدة. انه تحول يخدم الوطن ويحمي المواطن من الحوادث نحو المزيد من الرفاهية وراحة القيادة في شوارعنا وطرقنا، بل انه قرار استراتيجي.

8/22/2016

اجتماع الاوبك

 

 صحيفة اليوم

الثلاثاء الموافق 19 مايو 2009 العدد 13122

د. فهد بن جمعة

د. فهد بن جمعة
ينتظر المتاجرون في أسواق النفط قمة منظمة الأوبك القادم في 28 من الشهر الحالي وماذا سوف يتخذ فيه من قرارات تخفيض الإنتاج أو عدم التغيير وانعكاس ذلك على أسعار النفط و سلوك المضاربين في تلك الأسواق. إن الأوبك تواجه منحنى طلب هابط متقاطع مع منحنى عرض صاعد في الأجل القصير مكونا فجوة بين هذين المنحنيين بعيدا عن نقطه التوازن التي تحدد الأسعار المستهدفة من قبل الأوبك عند 70 دولارا للبرميل. هكذا تراجعت نايمكس من 60 دولارا إلى ما فوق 56 دولارا مع ارتفاع إنتاج الأوبك الشهر الماضي وارتفاع الدولار ولكنه مازال يعتبر سعرا مقبولا للمنتجين الكبار من أعضاء الأوبك في اتجاه الاستقرار أو التصاعد في ظل تلك الأزمة الاقتصادي العالمية. لذا تعيش الأوبك الآن تحت ضغط ارتفاع المعروض من النفط ووطأة تناقص الطلب العالمي عليه, بينما الأسعار ترتفع بناء على ارتفاعات البورصات الامريكيه وانخفاض الدولار وليس على عوامل السوق. إن التفاؤل الذي ساد أسواق النفط بعد ارتفاع البورصات العالمية المتتالي لا يعني أن الاقتصاد الأمريكي قد اتجه نحو الاستقرار أو الانتعاش لأن المؤشرات الاقتصادي الايجابية في مارس بدأت تتحول إلى سلبيه ما يجعل مشوار النفق طويلا قبل أن نرى الضوء في نهايته, فمازال الاقتصاد العالمي يحتاج إلى المزيد من ضخ الأموال والوقت لاستعادة حركه التمويل والاستثمار مرة ثانية. هذا يشرحه تقرير وكالة الطاقة الدولية يوم الثلاثاء الماضي الذي وجه صدمة قوية للمتاجرين في النفط, حيث خفضت الطلب العالمي إلى 83.67 مليون برميل يوميا في 2009 بأقل من توقعاتها السابقة بمقدار 420 ألف برميل يوميا والأضعف منذ عام 2004 عندما كان الطلب 82.41 مليون واقل من العام الماضي بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا. بل إنها توقعت أن يرتفع إنتاج دول خارج الأوبك إلى 49.83 مليون برميل في نفس العام مع توقع انخفاض إنتاج الأوبك إلى 28.65 مليون برميل يوميا ما ينتج عنه بقاء أسعار النفط عند متوسط 52 دولارا, بينما سوف يرتفع متوسط الأسعار إلى 58 دولارا في عام 2010 مع تحسن الطلب العالمي، ولكن سرعة انتعاش الاقتصاد العالمي أو انخفاض إنتاج دول خارج الأوبك قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بقدر اكبر.
إن قرار الأوبك بخفض الإنتاج ليس له صفة الإلزامية ،فقد لا ينصاع له بعض الأعضاء ،حيث أوضح تقرير وكالة الطاقة الدولية إن نسبة الالتزام قد انخفضت في ابريل إلى 78% من 83% في مارس مع ارتفاع الأسعار و نزعة ميول بعض الأعضاء إلى رفع إنتاجها ما يدل على مدى هشاشته هذا التنظيم وكيف المنتجون الصغار يربحون على حساب المنتجين الكبار. لذا ارتفع إنتاج الأوبك 11 عضو إلى 25.8 مليون في ابريل من 25.61 مليون في مارس أي بزيادة 230 ألف برميل يوميا بدلا من أن ينخفض بمقدار 765 ألف برميل ليكون الإلزام مكتملا. ومازال مدة الطلب في الدول المستهلكة للنفط يتجاوز 52 يوما إلذي تعتبره أوبك مريحا لها إلى 62 يوما نتيجة لارتفاع المخزون في تلك البلدان.إن السعودية مازالت تنتج تحت حصتها المخصصة لها عند 8.051 ملايين برميل يوميا في ابريل, بينما دول مثل إيران, فنزولا, انجولا فقد تجاوزت حصصها بمقدار 400 ألف, 164 ألف, 198 ألف برميل يوميا على التوالي بينما تبقى العراق خارج المنظمة ما يجعل قرار تشديد الالتزام هو الأفضل. رغم هبوط المخزون التجاري الأمريكي بشكل كبير في الأسبوع المنتهي في 8 مايو بمقدار 4.7 مليون برميل مقارنة بالأسبوع الذي سبقه الذي مازال أعلى من السقف الأعلى في هذه الأيام منذ سبتمبر 1990.

النفط والطلب العالمي

لثلاثاء الموافق 26 مايو 2009 العدد 13129

صحيفة اليوم

فهد بن جمعة

فهد بن جمعة
تجاوز سعر نفط نايمكس (يوليو) الأربعاء الماضي 62 دولارا، أعلى سعر له منذ 6 شهور مع انخفاض قيمة الدولار، لكن الأسعار تراجعت إلى 61 دولارا في اليوم التالي وفي أعقاب توقع البنك الفيدرالي بأن ينكمش النمو الاقتصادي الأمريكي إلى ما بين 1.3 % - 2% هذا العام اقل من توقعاته السابقة، لكن الأسعار عادت مرة ثانية إلى الارتفاع في الجمعة الماضية إلى 61.67 دولار مع انخفاض الدولار والانخفاض الطفيف في البورصات الامريكية قبيل عطلة الذكرى.
فماذا عن مستقبل أسعار النفط، وما تبقى على اجتماع الأوبك إلا يومين فقط ؟ هل سوف يحاول المتاجرون إبقاء الأسعار فوق سعر60 دولارا من اجل صرف نظر الأوبك عن تخفيض الإنتاج، ثم محاولة خفضها بعد الاجتماع ؟ أو أن عوامل السوق سوف تفرض نفسها على ارض الواقع وتحدد سلوك جميع الأطراف في أسواق النفط ؟
إن محاولة المتاجرين في أسواق النفط لن تستمر طويلا وإنما سوف تكون مؤقتة وسوف تزيد من تذبذب الأسعار في الأجل القصير بينما الأوبك ليست على عجل من أمرها فقد حققت نوعا من الانضباط في التزامها بقرار التخفيض حيث تجاوزت النسبة 80% وهي تدرك جيدا ضعف الطلب العالمي على النفط في الأشهر القادمة وان التزامها سوف يقلص الفجوة بين العرض والطلب لصالح الأسعار مما ينشط استثماراتها لمواجهة انتعاش الطلب العالمي في المديين المتوسط والطويل.
إن النموذج الذي يشرح سلوك أسعار النفط لا بد أن يحتوى على متغيرات العرض (إنتاج الأوبك الذي يعتمد على الطاقة الإنتاجية، خارج الأوبك، مستوى المخزون) والطلب العالمي (معدل النمو الاقتصادي العالمي في البلدان المستهلكة للنفط وارتفاع الاستهلاك النفطي ومشتقاته موزونة بالتغيرات الموسمية مثل فترة الصيف) مع مراعاة تغير صرف الدولار، فعندما يتغير أحد مدخلات هذا النموذج فان مخرجاته سوف تتغير مما يستوجب اتخاذ قرار محدد من قبل المنتجين إما بزيادة الإنتاج أو بخفضه. فإن بعض الفرضيات التي يتبناها هذا النموذج بأن يفترض أن الحالة القائمة سوف تستمر في المدى القصير مع استقرار الطلب واستمرار الأوبك على سقفها الإنتاجي، رغم محاولة بعض دول خارج الأوبك زيادة إنتاجها إن استطاعت عمل ذلك مع ميل المخزون الأمريكي إلى التناقص، مما يجعل الأسعار تستقر فيما بين 50 -60 دولارا.
أما الفرضية الأخرى بأن ينتعش الطلب خاصة في الدول الآسيوية دون أن تغير الأوبك من إنتاجها أو دول خارج الأوبك مما ينتج عنه تصاعد في أسعار النفط إلى ما بين 65- 80 دولارا.
كما أن هناك فرضية هامة بأن ينخفض المخزون الأمريكي بشكل ملحوظ وينتعش الطلب العالمي مما سوف يغري دول الأوبك على فك التزامها أو رفع سقف إنتاجها عندما تقترب الأسعار من 90 دولارا.
إن الطلب العالمي ما زال منخفضا عند 83.3 مليون برميل يوميا اقل من العام الماضي بمقدار 3.7 مليون برميل، بينما بلغ تخفيض الأوبك لانفتاحها 3.36 برميل يوميا مما يجعل المعادلة غير متوازنة، رغم ارتفاع طلب الصين 4% في إبريل التي قابلته الأوبك برفع إنتاجها خلال نفس الشهر مما يجعل نسبة الالتزام أكثر هشاشة.

الاوبك والنفط

صحيفة اليوم

 الأحد الموافق 16 نوفمبر 2008 العدد 12938

د. فهد بن جمعه

د. فهد بن جمعه
عندما بدأ التاريخ الفعلي لتنفيذ قرار الأوبك منذ بداية نوفمبر بتخفيض إنتاجها 1.5 مليون برميل يوميا تفاءلنا بارتفاع الأسعار إلى ما فوق حاجز 70 دولار للبرميل لكن تفاجئنا عندما هبطت أسعار نفط ووصل سعر نايمكس إلى ما دون 60 دولار ما يدل على إن أعضائها لم يلتزموا بحصصهم المقررة لهم بعد التخفيض وإلا لشاهدنا الأسعار العالمية على الأقل بين استقرار وصعود متباطئ.
إن رسالة الأوبك لم تكن قويه بالقدر الذي تغير من نظرة المتعاملين في أسواق النفط على إنها جادة في الالتزام بحصصها ولم يعد سلوك أعضائها التاريخي مقبولا بتجاوز الحصص المقررة لهم في ظل تلك الأزمات العالمية. كما إن رسالة كبار المنتجين مثل السعودية لم تكن أيضا فاعلة على أنها لن تسمح للأعضاء ذو الطاقات الإنتاجية المحدودة أن يرتزقوا على أكتاف الأعضاء ذو الطاقة الإنتاجية المرتفعة.
إن انخفاض أسعار النفط بنسب اكبر من النسب التي ارتفعت بها قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية يدل على هشاشة التنظيم وعلى ضعف تطبيق نظام توزيع الحصص بين أعضائها المختلفين في أهدافهم السياسية والاقتصادية رغم إن هناك مصلحة اقتصاديه مشتركه تتبناها المنظمة من اجل تعظيم العائد على استثماراتها في صناعة النفط.
إن على دول الأوبك في اجتماعها القادم في ديسمبر أن تخفض الإنتاج مره ثانيه بحجم الفجوة بين العرض والطلب الناتجة من تباطؤ الطلب العالمي حتى لا تسمح بتكدس المخزون لدى الدول المستهلكة ما سوف يتسبب في استمرار انخفاض الأسعار الآن وفي المستقبل.
فلقد توقعت وكالة الطاقة الدولية إن الطلب العالمي على النفط سوف ينمو بمقدار 340 ألف برميل يوميا في 2009 بانخفاض طفيف عن ما توقعته سابقا بـ 10 ألاف برميل يوميا ما يدعم قرار الأوبك بتخفيض الإنتاج من اجل المحافظة على استقرار أسعار عند أفضل سعر ممكن للمنتجين والمستهلكين. فعلينا أن نتذكر إن سعر النفط إلى الآن مازال أعلى من سعر النفط في نهاية يناير 2007 عندما كان 54.67 دولار, لكن سياسة خفض الإنتاج تهدف إلى تجفيف مخازن النفط العالمية حتى يكون التوازن بين العرض والطلب ممكنة ما يحد من عامل المخاطرة في مستقبل تضلله الشكوك وعدم اليقين.
إن استمرار الطلب العالمي في تناقصه يعني إن الفائض في العرض سوف يستمر وعلى الأوبك أن تخفض إنتاجها حتى تستفيد من أي زيادة في الأسعار وان تحد من تناقصه حتى يبدأ الاقتصاد الأمريكي والصيني في الانتعاش مره ثانيه وتحقق اكبر عوائد ممكنه على استثماراتها النفطية.
إن أسعار النفط الحالية لا يمكن أن تبقى لمده طويلة تحت سعر 60 دولار لأنها لا تعكس تكاليف استثمار دول الأوبك في توسيع الطاقة الإنتاجية التي يحتاجها العالم في المستقبل عندما يتقلص احتياطات العالم من النفط ويصبح حجم الإنتاج عند ادني مستوياته. فضلا إن ارتفاع أسعار النفط يدعم بورصات الطاقة العالمية ويجعلها تتماسك في أداءها ما يبعث روح التفاؤل بين المستثمرين في الأسواق المالية وينعكس على أداء الاقتصاد العالمي بأكثر ايجابية.

أسباب ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية

صحيفة اليوم

إعداد: د/ فهد محمد بن جمعة
أدت ارتفاعات الأسعار المتواصلة في الأشهر السابقة إلى فقدان الثقة بين الدول المصدرة و المستهلكة ما نتج عنه تبادل الاتهامات, حيث تعزو الدول المصدرة ارتفاع الأسعار إلى انخفاض قيمة الدولار وحدة التسعير بشكل ملحوظ وزيادة حدة المضاربة على عقود النفط الآجلة وارتفاع الطلب العالمي وبتحديد من الصين والهند, بينما الدول المستهلكة تعزو ذلك إلى نقص في كمية الإمدادات وان دول الأوبك قادرة على رفع إنتاجها من اجل تخفيض الأسعار إلى مستويات مقبولة لدى الجانبين. هذا يقودنا إلى طرح بعض النظريات لمناقشتها من اجل قبولها أو رفضها بأسلوب اجتهادي تدعمه الأرقام الاقتصادية والرسوم البيانية في صياغتها التاريخية من اجل تحليل الوضع الحالي وتحديد نقطة التغير التي أشعلت شرارة تلك الأسعار حيث وصل سعر الخام الأمريكي الخفيف إلى 140 دولارا للبرميل في الشهر الحالي والآن في العقود الآجلة. هذه النظريات هي ارتفاع الأسعار المتواصل سببه زيادة الطلب أو نقص المعروض في الأسواق العالمية وارتفاع الأسعار المتواصل سببه انخفاض قيمة الدولار و ارتفاع الأسعار المتواصل سببه ارتفاع حدة المضاربة في العقود الآجلة و ارتفاع الأسعار المتواصلة سببه جميع العوامل السابقة مجتمعة.
إن مراجعة حركة أسعار النفط على فتره طويلة وتفسير أهم الأحداث التي أدت إلى تغيرها منذ عام 1973 يكون لدينا فهما واضحا لتلك العوامل التي أثرت على أسعار النفط وكيف أنها تغيرت عبر الوقت فلم تعد تؤثر بنفس النسبة مع ظهور عوامل أخرى جديدة لم يكن تأثيرها واضحا في السابق.
نظرة تاريخية:
إن هؤلاء الذين لديهم خبرة عملية في قطاع النفط أو معرفة نفطية يدركون جيدا ان ارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت 139 دولارا للبرميل لا تخدم المنافع الاقتصادية السعودية في الأجل الطويل, رغم زيادة الطلب في الصين والهند التي حافظت على نمو الطلب العالمي عند مستوياته المتوقعة ما انعكس أثره الايجابي على أسعار النفط في الأسواق العالمية. ما يضع ضغوطا على السعودية المنتج الأهم في العالم حيث إنها تمتلك اكبر طاقة إنتاجية تتربع على اكبر احتياط نفطي في العالم ما يعطيها ميزة لا تتوافر في دول الأوبك الأخرى ويجعل من قراراتها الإنتاجية عامل حسم في توجيه الأسعار إذا ما كان هناك نقص حقيقي في العرض العالمي من اجل المحافظة على استقرار الأسعار كجزء من سياستها وسلوكها التاريخي. فمنذ أن تم إنشاء منظمة الأوبك في عام 1960م إلى أن تم تحديد حصص إنتاجية لأعضائها ملزمة لهم دائما تتم مخالفتها من قبل هؤلاء الأعضاء ذوي الطاقة الإنتاجية المحدود ما اصبغ صفة (الكارتير) أو نوعا من الاحتكار غير المتماسك في السبعينات وكان لها فعلا تأثير مباشر في تحديد أسعار النفط ولكن تلك التأثيرات لم تلبث أن انتقلت من التحكم في الأسعار إلى التحكم في ميكانيكية العرض مقابل الطلب من اجل المحافظة على أسعار مجزية لها. فقد أثبتت السعودية للعالم أنها قادرة على التأثير على الأسعار والعرض في آن واحد في قرارها الحاسم بإيقاف إنتاجها في 1973 احتجاجا على العدوان الإسرائيلي ما رفع الأسعار إلى 12 دولارا للبرميل عند نهاية 1974 ما كان له تداعيات سياسية خطيرة وأضرار اقتصادية كبيرة على الدول المستهلكة. وبقيت الأسعار في مسار أفقي ما بين 12.21 و 13.55 دولار للبرميل من 1974 إلى 1978. فلا شك ان ارتفاع الأسعار في السبعينات زاد من عمليات التنقيب عن النفط والحفر رغم تميز نفط الخليج العربي بتكاليفه المتدنية لكن الأسعار المغرية حفزت الشركات الأخرى مستفيدة من قدراتها التقنية المتطورة في عمليات الحفر الأفقي والإنتاج إلى تخفيض تكاليفهم الإنتاجية الثابتة والمتغيرة ما خلق قيمة اقتصادية مضافة لهم. فكانت النتيجة فعلا مثمرة حيث تجاوز إنتاج الدول خارج الاوبك إنتاج الأوبك في 1979م ما افقد الأوبك السيطرة على الأسعار في الأسواق العالمية ولم يعد بقدرتها تثبيت الأسعار إلا التحكم في كميه الإنتاج من خلال التركيز على ما تبقى من الطلب العالمي على نفطها (الفرق بين الطلب العالمي مطروحا منه إجمالي إنتاج الغير أوبك) ما مكنها من الحصول على السعر الذى استهدفته وهو 18 دولارا للبرميل. لكن أسعار النفط تعرضت لأحداث سياسية عدة منها الثورة الإيرانية في 1979 التي عقبتها الحرب إلايرانية العراقية في 1980 التي رفعت الأسعار من 14 دولارا للبرميل في 1978 إلى 35 دولارا للبرميل في 1981 ما حفز الشركات خارج الأوبك على المزيد من الاكتشافات و الإنتاج ما بين 1980-1986 حيث ارتفع إنتاج غير الأوبك إلى 10 ملايين برميل في اليوم ما اضعف الطلب على نفط الأوبك مع زيادة المعروض من غير الأوبك الذي كان له اثر سلبي على الأسعار خلال نفس القترة وأضر بدول الخليج ومنها السعودية مع تناقص دخلها من النفط وتراكم المديونية والعجز في ميزانيتها طول تلك الفترة وحتى نهاية التسعينات. أما في الفترة ما بين 1990- 1997 فقد ارتفع الطلب العالمي وانعكس ايجابيا على الأسعار على طول فترة 1997-1998 إلى أن تبنت الأوبك نطاق سعري ما بين 22-28 دولارا للبرميل التي ما لبثت أن تخلت عنه في 2005. ولأكثر تفصيل يمكن انظر إلى الرسم البياني لأسعار غرب تكساس (WTI) التي توضح لنا تقلبات أسعار النفط من عام 1973 حتى عام 2008 ولكن الأهم هو قفزة أسعار النفط المتواصلة من عام 2003 إلى عام 2008 حيث ارتفعت من 30 دولارا للبرميل إلى 106 دولارات لبرميل في شهر مارس 2008 على التوالي. (المصدر: إدارة معلومات الطاقة).
الطلب والعرض:
من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط بنسبة 1.28% في العام الحالي أو 1.1 مليون برميل يوميا اقل من ما كان متوقع له سابقا أي بمتوسط قدرة 86.88 مليون برميل يوميا. إن الرسم البياني التالي يقارن بين حجم الطلب والعرض العالمي ومدى تجاوبهما مع أسعار النفط خلال الفترة ما بين 2004-2007. حيث نلاحظ أن الطلب ارتفع من 82.33 إلى 85.38 مليون برميل في اليوم في 2004 و 2007 على التوالي وكذلك العرض من 83.12 إلى 84.55 مليون برميل في اليوم خلال نفس الفترة ولكن كان هناك فائض طفيف في العرض في بداية الفترة والذي بدأ يتقلص حتى كون عجز في نهايتها بلغ 0.83 مليون برميل يوميا رغم ارتفاع الأسعار إلى 72.36 دولار للبرميل. هنا نرى إن ارتفاع الأسعار كان نتيجة لطلب المستمر الذي لم يقابله عرض يؤدي إلى استقرار الأسعار عند سعر 66.10 دولار للبرميل الذي يمثل نقطة التوازن بين منحنيي الطلب والعرض. (المصدر: إدارة معلومات الطاقة).
هذا يدفعنا إلى تحليل إجمالي إنتاج النفط من الأوبك وغير الأوبك الذي سوف يؤكد لنا ما سبق شرحه ونستطيع تحديد الفرق بين الطلب والعرض ومن أين أتى هذا النقص أو الفائض في جانب العرض.
فبعد حساب معادلة الطلب على نفط الأوبك و مقارنتها بإنتاجها خلال نفس الفترة كان من الواضح إن إنتاج الأوبك اقل من الطلب عليها بمقدار 3.18 مليون برميل يوميا في 2004 و بمقدار 5.35 مليون برميل يوميا في 2007. ان هذا العجز في العرض قد يكون ما تقصده الدول المستهلكة تحت فرضيه إن دول الأوبك لديها اكبر احتياطي نفطي واكبر طاقه إنتاجيه ما يحملها مسؤولية ذلك العجز. لكن من الملاحظ إن إنتاج الأوبك كان شبه ثابت ولا يختلف ذلك عن اتجاه إنتاج غير الأوبك فلا نستطيع تحميل دول الأوبك هذا العجز فقد يكون نتيجة لعدم زيادة دول غير الأوبك لإنتاجها أو زيادة معدل الطلب أكثر من زيادة معدل العرض.
ضعف الدولار:
منذ إصدار عملة اليورو في يناير 1999 واصل ارتفاعاته مقابل الدولار حتى انه وصل إلى مستوى قياسي مدعوما بتخفيض الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لمعدل الفائدة إلى 2% بينما أبقي الاتحاد الأوربي على سعر الفائدة الحالية, ما انعكس ايجابيا على سعر غرب تكساس محققا أسعارا تاريخيه. وبما إن تسعير النفط يتم في الدولار ومعظم عملات أعضاء أوبك مرتبطة بالدولار فان ارتفاع تلك الأسعار يتماشى مع انخفاض سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخر وخاصة اليورو ولو تم حساب السعر الحالي على أساس أسعار عام 1980 لوجدناه انه لا يتجاوز حاجز 100 دولار للبرميل. فان محاولة أوبك مهما كانت لتأثير على الطلب على نفطها عن طريق زيادة إنتاجها محاوله غير موفقه لخفض الأسعار إلا مؤقتا. فان الأوبك ملزمه بالمحافظة على مستوى دخلها من النفط عند أسعار مرتفعه في ظل تدهور قيمه الدولار الناتج عن ركود الاقتصاد الأمريكي ورغم عدم نقص المعروض من نفطها. لذا يكون السعر المستهدف لمنظمة الأوبك اهو السعر الذي يحقق عائدا حقيقيا مضافا إليه نسبه النمو و نسبة عدم التيقن بالمستقبل من اجل رفع معدلات نموها الاقتصادية والفائض الاقتصادي لكل مواطن ما يرسخ أسس الأمن والاستقرار لها.
إن الرسم البياني المرفق يوضح علاقة ارتفاع صرف اليورو مقابل الدولار و أسعار غرب تكساس من يناير عام 2004 إلى مايو2008 والذي يمثل الفرق بينهما قيمة انخفاض الدولار ما يبرهن على إن العلاقة كانت طرديه حيث ارتفعت الأسعار عندما انخفضت قيمة الدولار مقابل اليورو لسد تلك الفجوة في سعر الصرف وفي ظل ارتفاع التضخم المستورد الذي أنهك عاتق دول الخليج المستوردة لمعظم سلعها بغير الدولار. ( المصدر: البنك المركزي الأوربي)
المضاربة:
إن الاتجاه العالمي للاستثمار في سلعة النفط بعد انخفاض قيمة الدولار وركود الاقتصادي الأمريكي ساهم إلى حد بعيد في رفع أسعار النفط وعلى تنشيط المضاربة في أسواق النفط من خلال تغيير المضاربين لمراكزهم وتكرار رفع الأسعار في العقود الآجلة. فقد أكشفت للجنة تجارة السلع المستقبلية ( CFTC) بعد تفحصها لما يتم نشره وما يدور في أسواق السلع من مضاربات منذ ديسمبر الماضي إن هناك نوعا من الاستغلال لأسعار النفط بواسطة هؤلاء المضاربين ما قد يجعلها أكثر صرامة بمراقبه هؤلاء المضاربين ومنع التلاعب بأسعار النفط في العقود الآجلة. فإذا ما نجحت هذه اللجنة في تحقيق أهدافها وضبطت المخالفين في أسواق النفط فان أثره سوف يكون سلبي على أسعار النفط وقد نشهد انخفاض في تلك الأسعار في المستقبل القريب إذا ما كانت المضاربة عامل رئيسي في معادلة الأسعار. علما إن اللجنة سوف تراقب مؤشرات الصناديق المالية في الأسواق الأمريكية وتتبادل المعلومات عن أسواق النفط مع سلطه الخدمات المالية في بريطانيا وأي سي اي ICE)) لمستقبل أوربا بعد إن تم الاتفاق بينهم على ذلك. لكن علينا أن نفهم سلوك هؤلاء المضاربين حتى نكون قادرين على تحقيق الرؤية الاقتصادية لأسعار النفط وما يجب على الأوبك أن تتخذه من قرارات للاستفادة من عامل المضاربين من اجل المحافظة على استقرار الأسعار العالمية أو تحقيق اكبر عائد ممكن على استثماراتها النفطية من خلال صياغة المعادلة الاقتصادية وإدخال متغير المضاربة و الخروج بتسوية سعريه في أسواق الطاقة العالمية ترضي جميع الإطراف. فلا خلاف على إن مجموعه كبيرة من المضاربين من متاجرين السلع, صناديق التحوط, السماسرة, المؤسسات المالية يديرون أموال تقدر بتريليونات الدولارات في سوق السلع ومنها النفط بقصد تحقيق أرباح طائلة ولكن الرابح الأكبر هو شركات النفط وكذلك الدول المصدرة للنفط. إن الذي ساند المضاربين في تثبيت أسعار النفط عند أهدافهم هو ضعف مرونة الطلب والعرض في الأجل القصير دون التأثر الكبير بارتفاع الأسعار فلا الطلب تناقص ولا العرض تصاعد. وهذا ما أكده تقرير (مارقون وستانلي) إن المضاربين يمثلون عامل رئيسي في دفع أسعار النفط إلى أعلى مما حققته عوامل السوق الأساسية. لكن ظاهرة أسواق المشتقات ليست بالجديدة فقد ظهرت في أعقاب أزمة 1973م بعد أن كانت شبه معدومة ما مهد الطريق للمضاربين للاستفادة من تلك المشتقات التي منها عقود الخيارات والمستقبلية والتي تعتمد قيمة الأصل فيها على قيمة أصل أخر كأسعار السلع والأسهم والسندات. إن تلك الأدوات المالية سمحت للمقامرين أن يضاربون على أسعار السلع المتداولة ومنها أسعار النفط ما عزز قيمه تعاملات المشتقات هذه الأيام حتى إنها تجاوزت مئات التريليونان من اليورو وارتفعت قيمتها من 189 تريلون يورو في 2005 إلى 315 تريليون يورو في نهاية 2006 أي بنسبة 70% (222 تريليون يورو) حسب تقديرات البنك الدولية لتسويه.
وكما في العادة يرفض المضاربين أن يكونوا سببا رئيسيا في رفع الأسعار ويفسرون ارتفاعها على أنها نتيجة للعوامل السوق الأساسية التي تحدد اتجاه أسعار أي سلعه. وجاءت نظرة رئيس الخزانة الأمريكية متوافقة مع نظرة هؤلاء المضاربين حيث أكد إن ارتفاع أسعار النفط ليس سببه المضاربة في أسواق البورصات العالمية. لكن بعض الدراسات ذكرت إن ارتفاع أسعار النفط حفزت على المضاربين والمستثمرين على دخول أسواق النفط بكل قوه ما أدى إلى رفع الأسعار بشكل اكبر. لذا يلجأ المضاربين إلى استراتيجيه إيقاف الأوامر مثل ( إيقاف طلبات الأوامر - الخسارة ) أو (شراء أوامر الخسارة) عندما يحصلون على معلومات قيمه يستطيعون أن يستغلونها لخدمه مصالحهم, فيقومون بعمليات الإيقاف من اجل دفع الأسعار إلى أعلى, وعندما يدركون إن عدد أوامر الشراء كبيرة عند سعر اعلي من السعر الحالي فأنهم يقومون بشراء كميه كبيرة من النفط لرفع أسعاره إلى أسعار جديدة ما يخلق تأثير الدومنو( Domino) على إن تلك الطلبات سوف تخلق طلبات أخرى تدفع بالأسعار إلى مستويات اعلي من السابق يتم عندها بيع ما بحوزتهم من نفط بسعر اقل ما يجعل أسعار النفط في حركة تذبذب مستمرة.
السعودية:
عندما تشكل أسعار النفط أزمة لدى الدول المستهلكة فان أنظار العالم تتجه إلى السعودية القائدة الأولى في سوق النفط والتي تتبع سياسة إنتاجيه متوازنة فهي لا ترضى أن تحقق أرباح هائلة على حساب المستهلكين ولكنها تدرك إن النفط سلعة استراتيجيه وغير متجددة والمصدر الأساسي لتمويل عمليات التنمية المتواصلة. إن السعودية دائما تهدف إلى خلق سوق نفطية متوازنة من خلال عوامل العرض والطلب ولكن عند أسعار لا يكون العرض له تأثير سلبي على اقتصاديات الدول المستهلكة ما يعود بأثر رجعي على معدل نمو الطلب العالمي ورفع أسعار السلع المستوردة إليها. فإننا نجد السعودية دائما تلتزم بحصتها التي تقررها لها الأوبك بينما نجد الأعضاء الآخرين ينتجون عند أقصى طاقات لهم.
انه من الواضح إن معظم الأعضاء ينتجون عند أقصى طاقتهم ما عدا السعودية التي مازال لديها طاقه إنتاجيه فائضة بما يزيد عن 2.15 مليون برميل يوميا. إن سلوك بعض أعضاء منظمه الأوبك باستغلال ارتفاع الأسعار مرتفعه من خلال تقليص بعض الأعضاء لحجم حصصها الإنتاجية تاركه الأعضاء ذات القدرة الإنتاجية العالية في موقف حرج لاتجاه معظم أنظار المستهلكين في العالم إلى سلوك السعودية الإنتاجي كما تسمى عادة « العارضة للمتبقي من الطلب العالمي». هكذا أصبح النفط سلعه استراتيجيه اقتصاديه تتأثر بحجم الطلب والعرض العالمي وسياسية لها أبعادها التي يسهل تفسيرها.
إن الأهم إن تتبع السعودية سياسات إنتاجيه هامه تصب في صميم المنافع الاقتصادية من سلعة النفط لتعظيم عائدها اعتمادا على حجم احتياطها النفطي المثبت والنوعية وما هو متوقع اكتشافه. كما إن طول الفترة الزمنية للاحتياط النفطي لا يعتبر مؤشرا حقيقي للمنفعة الاقتصادية التي تعود من بيع تلك السلعة في ظل إمكانية إيجاد مصادر أخرى قبل استنفاذ ذلك الاحتياطي. لذا تجاوز سعر نفط غرب تكساس أو برنت حاجز 130 دولار للبرميل لا يخدم مصالحنا ألاستراتيجيه في المديين القصير والطويل إذا ما أخذنا في الحسبان لنتائج السلبية المترتبة على ارتفاع أسعار النفط الحادة واستثماراتنا في رفع طاقنا الإنتاجية إلي 12 مليون برميل في اليوم ومدعومة بأكبر احتياطي نفط مثبت يتجاوز 260 مليار برميل. إن الخطأ يكمن في مقارن منافع المنتجين الصغار من أعضاء الأوبك مع مصالح اكبر دولة مصدره للنفط حيث إنها تصدر 8.9 مليون برميل في البوم إلى الأسواق العالمية و لديها فائض إنتاجي قدره 2.5 مليون برميل في اليوم وتستثمر مبالغ هائلة في الاستكشاف والتنقيب الذي توج بعدد من الآبار المنتجة بينما الآخرين ينتجون عند أقصى طاقه إنتاجيه ممكنه رغم إن احتياطاتهم النفطية محدودة بل إن بعض أبارهم قد بدأت في التناقص. إن السعر العادل للنفط هو الذي يحقق معادله العائد الأجدى ويحقق رضاء المستهلكين في دول صديقه لنا ويبعدنا من جدل قد يدفع بنا إلى طريق مظلم. إن مطالبه بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي المتكررة بمقاضاة دول الاويك على إنها تنظيم احتكاري وهو واحد من النتائج السلبية مهما حاول بعض المحللين إن يبرروا لنا أن منظمه الأوبك ليس احتكاريه. إن النظرة الثاقبة في معادلة الإنتاج والطلب ومحدداتها وارتباطها بعوامل البيئة المحيطة بها محليا وعالميا يجعلنا نحدد الأسعار المناسبة لنفطنا فهناك أسعار ملموسة وأخرى غير ملموسة تحقق لنا دخلا مستقر يتناسب مع حجم استثماراتنا. فمازال الاستهلاك العالمي يتعاظم حيث تستورد الولايات الأمريكية 35%, اليابان 14%, الصين 8%, ألمانيا 8% من إجمالي اكبر 10 دول مستورده في العالم.
إن السعودية تستطيع إن تحقق هامش ربحي كبير من خلال استغلال طاقتها الإنتاجية وبيع النفط الخفيف ذو الجودة العالية أولا بأول ما يمكنها من سداد دينها العام واستثمار المبالغ الفائضة في إيجاد مصادر دخل أخرى عند أسعار لا تزعج المستهلكين.إن المبررات واضحة ومن أهمها:
1- عدم ترك الفرصة لدول ذات التكاليف المرتفعة من استغلال ارتفاع الأسعار مما يضر بمصلحتها.
2- عدم ترك الدول ذات الطاقة الإنتاجية والاحتياط المحدودتين وذات المنافع في الأجل القصير من استغلال الأسعار مما يضر بمنافعها الاقتصادية لاحقا.
3- عدم تحفيز الدول المتقدمة على إيجاد بدائل أخرى على الأقل في المديين القصير والمتوسط مع إبقاء الأسعار عند مستوىات مقبولة للمستهلك مع إنها سوف تكون مرتفعه إلى حد ما.
4- عدم التصديق بان منافع النفط الاقتصادية سوف تستمر طوال عمر الاحتياط النفطي بل يجب تحقيق اكبر قدر ممكن من الدخل بزيادة الإنتاج عند معدل أسعار مجديه.
الاستنتاج:
لا احد يستطيع أن ينكر إن أسعار النفط قد وصلت إلى مستويات قياسية و مازال الطلب العالمي مستمر فيه نموه مع تباطؤ في نموه يقابله نقص في إجمالي الإنتاج من بعض الدول المنتجة أما لتقلص طاقاتها الإنتاجية أو اعتقادها إن الكمية المعروضة كافيه لموازنة العرض مع الطلب العالمي. فلا شك إن المضاربة لها تأثير في تذبذب أسعار النفط بشكل يومي وفي المدى القصير بعد النمو الذي تشهد أسواق تجارة السلع والذي بلغ حجمها تريليونات الدولارات. لكن من الواضح إن التأثير الكبير جاء من انخفاض قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى ومن مخاوف نقص العرض بعد إن بينت بعض الإحصائيات إن بعض الدول المنتجة لا تمتلك طاقه إنتاجيه فائضة أو إن حقولها النفطية بدأت تتناقص ما يجعل التوقعات المستقبلية بناء على الطاقات الإنتاجية الحالية ونقص الإمدادات المتزامنة مع ارتفاع نمو الطلب العالمي إن الأسعار سوف تواصل ارتفاعها والى مستويات تاريخية.
كاتب اقتصادي وإقليمي

ذبذب حاد في أسعار النفط لماذا؟

صحيفة اليوم

الثلاثاء الموافق 29 سبتمبر 2009 العدد 13255
د. فهد جمعه
واصلت أسعار النفط انخفاضها إلى أدنى مستوى لها منذ منتصف يوليو التي بلغ فيها سعر نايمكس 147 دولارا للبرميل عند أعلى قمة له, رغم قرار الأوبك في اجتماعها يوم الثلاثاء الماضي بالتخلص من الفائض في إنتاجها الذي يتجاوز 800 برميل يوميا والعودة إلى سقف الحصص المخصصة لكل عضو في المنظمة بإجمالي 28.8 مليون برميل يوميا. هكذا تعتقد الأوبك أن المعروض العالمي من النفط قد تجاوز الطلب العالمي ما أدى إلى تناقص الأسعار بنسب متتالية يتعارض مع مصالحها الاقتصادية وعليها أن تبقى الأسعار فيما فوق 100 دولار للبرميل وكأن التاريخ يعيد نفسه عندما كانت الأسعار المستهدفة في الثمانينات في نطاق 18 دولارا للبرميل. لكن محللي النفط والمتاجرين يعرفون حقيقة الأمر وما يترتب على سلوك الأوبك الإنتاجي الذي لا يختلف كثيرا عن سلوك احتكار القلة المترهل لان معظم حصص أعضائها تساوي أو تتجاوز طاقاتهم الإنتاجية بينما الأعضاء الذين يمتلكون طاقات إنتاجية اكبر لن يغيروا من إنتاجهم في ظل تلك الأسعار التي ما زالت مرتفعة مع تصاعد ارتفاع قيمة الدولار وحدة التسعير. هذا السلوك مكتشف تاريخيا حيث نجد أن العضو الوحيد الأكثر التزاما بين جميع الأعضاء هو السعودية بل إنها تعمل على سد أي فجوه بين العرض والطلب العالمي لتحقيق توازن بينهما من اجل المحافظة على استقرار الأسعار العالمية. إذا تأثير المنظمة على مستوى أسعار بتخفيض إنتاجها والذي يوازي 40% من الإنتاج العالمي ويرتكز على اكبر احتياطي مثبت في العالم يجعلها تتهم بأنها منظمة شبه احتكارية, ما يجعلها تحاول أن تظهر للعالم بأنها ليست كذلك وإنما تعمل من اجل توازن العرض مع الطلب بما يعود بالفائدة عليها وكذلك على المستهلكين. إن سلوك الأوبك ومحاولة رفع الأسعار عن طرق تقليص إنتاجها يضعها في قفص الاتهام ما قد يعرضها إلى إجراءات قانونية كما يطالب به دائما الكونجرس الأمريكي ويولد ردة فعل قوية من المستهلكين فإنها تتبنى سلوكا في غاية المرونة يصعب من تطبيق مبدأ الحصص ويبقى إجمالي الإنتاج الحقيقي فوق سقف تلك الحصص. إن سلوك الأوبك النظري والتاريخي وتجاوزها لحصصها يعطي رسالة واضحة إلى المتعاملين في أسواق النفط بأن تخفيض الإنتاج قد لا يكون حقيقيا إذا ما كانت الأسعار عند مستوى مرتفع ما ينعكس سلبيا على مستوى الأسعار كما هو الحال في أعقاب قرار الأوبك حيث استمرت الأسعار في انخفاضها إلى مستويات 100 دولار. ناهيك أن النمو الاقتصادي العالمي والطلب على النفط قد بدآ ينخفضان ما دفع وكالة الطاقة الدولية إلى تخفيض تقييمها للطلب العالمي عدة مرات وليس كما يدعيه بعض وزراء النفط بأن الطلب العالمي ما زال قويا ما يقلل من أهمية التخلص من الفائض في إنتاج المنظمة. لذا يبقى متغير الطلب العالمي على النفط هو الأهم ومحددا أساسيا لاتجاه إنتاج الأوبك بعد أن يتم حساب ما تنتجه غير الأوبك عند أسعار متغيرة, رغم ما يحدث من أعاصير في جنوب الولايات الأمريكية وقلق سياسي في الخليج وبحر القوقاز.

النفط

 صحيفة اليوم


الأحد الموافق 2 نوفمبر 2008 العدد 12924

د/ فهد بن جمعة

د/ فهد بن جمعة
بعدما شهدنا أسعار النفط تتهاوى من أعلى قمة وصلت لها أسعار نايمكس 147 دولارا للبرميل إلى أدنى من 63 دولارا في غضون 4 شهور بينما وصل سعر سلة أوبك اليومي إلى 60 تقريبا يوم الجمعة مدفوعا بتباطؤ الطلب العالمي على النفط وارتفاع المعروض منه حيث ارتفع المخزون الأمريكي في الأسبوع ما قبل الأخير من شهر أكتوبر إلى 3.3 مليون برميل, ما اجبر أعضاء الأوبك على خفض إنتاجها بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا في نوفمبر لتضييق فجوة المعروض ليحدث هناك استقرار في أسواق النفط عند سعر ما بين 80-90 دولار يحقق لأوبك توازنا في دخلها واستثماراتها. لم تعد دول الأوبك تسمع للغير بعد أن أدركت حقيقة الأمر أن قوة اقتصادها تعتمد على دخل النفط ولا يمكن الإضرار بها لأسباب سياسيه تتغير مع تغير الحكومات.
الأوبك تدرك تماما مدى تأثير الأزمات المالية والاقتصادية التي على وشك إدخال الاقتصاد العالمي في كساد قد لا يجعل لقرار التخفيض أهمية كبيرة وعليها أن تتخذ خطوات أخرى تخفض الإنتاج ليس في وجه التباطؤ الاقتصادي وإنما فقط لموازنة العرض مع الطلب فعندما تنتعش الأسواق مرة ثانية فلا يتولد فوائض في العرض تؤثر على مستقبل الأسعار لعدة سنوات مما يخدم أهداف المضاربين في العقود الآجلة ولا يخدم مصلحتها الحقيقية.
إن الأوبك مازالت تمتلك سلعة نابضة لابد أن تستفيد منها إلى أقصى قدر مكن و إلا بقاؤها داخل الأرض لم يكن خسارة لها فهي تستطيع استعمالها محليا وفي إنتاج مشتقات النفط والمنتجات الاولية للبتر وكيماويات.
نحن نعرف ان أسعار النفط ترتفع في موسم الشتاء إذا ما كانت البرودة قارسة من خلال زيادة استعمال وقود التدفئة في البلدان المستهلكة.
كما ان الأوبك على اطلاع جيد بان الازمة الحالية لن تكون خطيرة كما توقعها الكثير ولن يطول مداها ما جعلها تضع وزنا للمتغيرات المستقبلية في معادلاتها التحليلية الحالية والتكهن بما قد يطرأ مستقبليا عند أسوأ السيناريوهات.
فمازال إنتاج الأوبك يتجاوز 30 مليون برميل يوميا رغم إن التزام الأعضاء بحصصها شيء مؤكد كما هو حاصل تاريخيا بجانب استغلال دول خارج الأوبك لمثل تلك الفرصة لزيادة إنتاجها حتى ولو على حساب الاستهلاك المحلي الذي تناقص مع انخفاض الإنتاج الصناعي في تلك البلدان لتحقيق اكبر عائد لها.
إذا قرار الأوبك هو قرار يتعامل مع هامش المعروض وليس القصد به ممارسة ضغوط على جانب الطلب العالمي المنحدر وإنما ترى ان الفائض في المعروض لا مبرر له دون الإضرار بطلبات الدول المستهلكة.
عضو جمعية اقتصاديات الطاقة العالمية

الاوبك والاسعار

 صحيفة اليوم

الثلاثاء الموافق 3 فبراير 2009 العدد 13017

د. فهد بن جمعة

د. فهد بن جمعة
الأوبك تحاول أن تبقي على قوتها في السيطرة على المعروض من النفط عند النقطة التي يتقاطع فيها منحى العرض مع منحنى لطلب من أجل المحافظة على استقرار أسعار النفط ما ينعكس ايجابيا على مستوى الاستثمارات في مشاريع النفط، لكن في المقابل نرى المضاربين يحاولون رفع الأسعار من خلال التحكم في العقود الآجلة كما حصل في يوليو 2008 عندما تجاوز سعر نفط نايمكس 147 دولارا للبرميل. أما الآن فنلاحظهم يعكسون اتجاه الحركة حتى وصلت الأسعار إلى اقل من 35 دولارا بعد خروجهم من السوق في ظل الأزمة المالية العالمية متذرعين بان الأوبك تستخدم تخفيض الإنتاج لتأثير على اتجاه الأسعار وليس لموازنة الطلب والعرض. لقد قامت الأوبك بعدة خطوات من أجل ضمان استقرار الأسعار عند مستويات جيدة من خلال تخفيض إنتاجها ونرى أن الأعضاء فعلا ملتزمون بتلك التخفيضات هذه المرة خوفا من المخاطر الاقتصادية وتدهور الأسعار إلى مستويات دنيا، لذا ضخت الأوبك ما يقارب 23.55 مليون برميل يوميا في النصف الأخير من يناير، وسوف تضخ نفس الكمية حتى فبراير 14 بأقل من الأسابيع الأربعة التي سبقت هذه الفترة بمقدار 55 ألف برميل حسب تقرير مستشار الصناعة لحركة النفط.
إن تباطؤ الطلب العالمي بأقل من المتوقع في الأسابيع المقبلة سوف يلغي أهمية قرار الأوبك بخفض الإنتاج ولن يؤدي إلى تقليص الفائض في المعروض في الأجل القصير ما يجعل موازنة العرض مع الطلب معادلة متغيرة يصعب حلها ينتج عنها فائض في العرض وتدهور في الأسعار.إن تواجد المضاربين في أسواق النفط فعلا يؤدي إلى تشويه السوق مع تذبذب حاد في الأسعار الذي سوف يستمر على الأقل خلال النصف الأول من 2009 قبل أن تشهد الأسعار نوعا من الاستقرار فوق سعر 50 دولارا كما تشير إليه العقود المستقبلية في النصف الثاني.
إن تدافع المضاربين الجمعة الماضي مع انطلاقة العقود الآجلة للفترة المقبلة أدى لارتفاع أسعار نايمكس إلى أكثر من 41.67 دولار لحماية مراكزهم مع احتمالية إضراب عمال المصافي الأمريكية. إن بقاء الأسعار فوق 40 دولارا خلال الأسابيع الماضية دليل واضح على أن الأوبك مازالت تؤثر على الأسعار وسوف نرى الأسعار ترتفع في الشهرين المقلين إلى ما فوق 42 دولارا للبرميل كما تشير إليه أسعار العقود الآجلة.
لاشك في أن المضاربين كان لهم دور في انفجار فقاعة أسعار النفط الأخيرة من خلال التلاعب بالأسعار سواء بالبيع القصير أو الطويل تجاوبا مع قرارات الأوبك في التأثير على الأسعار من خلال خفض أو رفع إنتاجها, لكن مازال الكساد الأمريكي والعالمي الذي قلص الطلب العالمي على النفط وأرغم المضاربين على الخروج من السوق أدى إلى انخفاض الأسعار إلى تلك المستويات المتدنية، وهذا ما يؤكده انخفاض متوسط واردات أمريكا من النفط بمقدار 158 ألف برميل يوميا الى9.7 مليون برميل إلى الأسبوع الماضي مقارنة بالأسبوع الذي سبقه, بينما ارتفع المخزون التجاري بمقدار 6.2 مليون برميل إلى 338.9 مليون برميل في الأسبوع الماضي كما ورد في تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية

أسعار النفط

 صحيفة اليوم

الأحد الموافق 4 مايو 2008 العدد 12742

د/ فهد محمد بن جمعة

د/ فهد محمد بن جمعة
منذ عام 2002 وأسعار النفط تتصاعد حتى أصبحت تتذبذب في نطاق 95-120 دولارا للبرميل في الأشهر الأخيرة مدعومة بحركة المضاربين التي رفعتها إلى مستويات قصوى وإعطائها اتجاهات مبالغا فيها لا تتفق مع العوامل الأساسية لسوق النفط ما جعل أسعار النفط تتأرجح في فوق متوسط 200 يوم على فترات متتالية وبمعدل يزيد على 2 دولار.
هكذا نجح المضاربين في رفع أسعار النفط من 25- 30 دولارا للبرميل في 2000 إلى 60-75 دولارا في 2006 والآن نشاهدها فوق 93 دولارا للبرميل وتقترب بعض الأحيان من حاجز 100 دولار بل إنها تجاوزته. إن ارتفاع الأسعار في السنوات 7 الماضية جاء متزامنا مع استثمار المؤسسات المالية الكبيرة, صناديق التحوط, صناديق التقاعد واستثمارات أخرى بمليارات الدولارات في أسواق الطاقة ما أضاف متغيرا جديدا إلى المعادلة الاقتصادية للنفط ما نقلنا إلى عقد زمني تشتد فيه المضاربة وبشكل ملحوظ أربكت اتجاهات أسعار النفط وصعدت بأسعاره إلى مستويات لم يشهدها سوق النفط من قبل. لقد انتهى فعلا عقد السبعينات وانتهى معه ما تملكه الأوبك من قوه مؤثرة في أسعار النفط العالمية حتى إن عوامل السوق من عرض وطلب أصبحت غير قادرة على توازن الأسعار في السنوات الأخيرة مع تعاظم سيطرة المضاربين على عقود النفط الآجلة التي زادت من تذبذب الأسعار صعودا أو هبوطا مستفيدين من نشر الشائعات وإلقاء اللوم على العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط وعدم قدرة الأوبك على زيادة طاقتها الإنتاجية التي أصبحت غير كافية مع ارتفاع الطلب على النفط في كل من الصين والهند ما احدث عجزا في جانب العرض دفع بالأسعار إلى حاجز 100 دولار للبرميل وبقائها فوق 90 دولارا للبرميل مع انخفاض عملة التسعير.
إن فهم سلوك هؤلاء المضاربين يجعلنا قادرين على تحقيق الرؤية الاقتصادية لأسعار النفط وما يجب على الأوبك أن تتخذه من قرارات للاستفادة من عامل المضاربين للمحافظة على استقرار الأسعار العالمية أو تحقيق اكبر عائد ممكن على استثماراتها النفطية من خلال صياغة المعادلة الاقتصادية وإدخال متغير المضاربة والخروج بتسوية سعرية في أسواق الطاقة العالمية ترضي جميع الأطراف. فليس هناك خلاف على أن العوامل السابقة قد ساهمت في ارتفاع أسعار النفط ولكن المضاربين هم الذين رفعوا الأسعار إلى مستويات أعلى, عندما تحولت مجموعة كبيرة من المضاربين يديرها متاجرو السلع, صناديق التحوط, السماسرة, المؤسسات المالية ومتاجرو النفط التي يديرون أموالا تقدر بتريليونات الدولارات إلى عامل أساسي في رفع أسعار النفط محققين مليارات الدولارات ولكن الرابح الأكبر هو شركات النفط وكذلك الدول المصدرة للنفط.
إن المضاربين قد نجحوا في تثبيت أسعار النفط عند الهدف الذي وضعوه لأنفسهم حتى ولو جاء على حساب نمو الاقتصاد العالمي مستفيدين من ضعف مرونة الطلب والعرض في الأجل القصير دون التأثر الكبير بتقلبات الأسعار. وهذا ما أكده تقرير (مارقون وستانلي) إن المضاربين يمثلون عاملا رئيسيا في دفع أسعار النفط إلى أعلى مما حققته عوامل السوق الأساسية. إن ظاهرة أسواق المشتقات التي ظهرت في أعقاب أزمة 1973م بعد أن كانت شبه معدومة فيما قبل قد مهدت الطريق للمضاربين الطريق للاستفادة من تلك المشتقات التي منها عقود الخيارات والمستقبليات والتي تعتمد قيمة الأصل فيها على قيمة أصل آخر كأسعار السلع والأسهم والسندات. إن تلك الأدوات المالية سمحت للمقامرين (punters) أن يضاربوا في أسعار السلع المتداولة ومنها أسعار النفط ما عزز قيمة تعاملات المشتقات هذه الأيام حتى إنها تجاوزت مئات التريليونات من اليورو حيث ارتفعت قيمة المشتقات من 189 تريلون يورو في 2005 إلى 315 تريليون يورو في نهاية 2006 أي بنسبة 70 بالمائة (222 تريليون يورو) حسب تقديرات البنك الدولية لتسويه.

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...