الثلاثاء 10 شوال 1441هـ - 2 يونيو 2020م
المقال
الرياض
لم تشهد الأوبك في تاريخها تغييرا جذريا في سلوك المملكة الإنتاجي
يشبه ما حدث في 6 مارس، حيث تم إرغام المنتجين من خارج الأوبك وشركات نفط العالمية
على تخفيض إنتاجهم، لتصبح معادلة التخفيض تشمل أوبك+ وشركات النفط الأمريكية والكندية.
هذا الأمر لم يكن ليتحقق لولا نظرة وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان ذات
الشمولية الثاقبة والفاحصة لأسواق النفط، وما ينبغي عملة من أجل تفادي عثرات
الماضي وتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة في السنوات القادمة، فمن اليوم لن تخفض
المملكة إنتاجها على حساب إيراداتها وحصتها السوقية، إلا بمساهمة جميع منتجي النفط
للمحافظة على توازن سوق النفط العالمي.
لقد كانت رسالة وزير الطاقة واضحة ومباشرة عندما رفضت روسيا تخفيض
إنتاجها، بأن سوق النفط حرة والمنافسة هي التي تحدد قدرة المنتج على اختراق أسواق
جديدة لتعظيم حصته السوقية في أسواق النفط العالمية. إنها رسالة القوة فمصالحنا
فوق أي مصلحة أخرى ونحن قادرين على أن نستمر في سوق النفط مهما كانت هذه التكلفة
على المدى القصير لكي نحقق مكاسب كبيرة على المدى الطويل. إنها رسالة هزت كيان
أكبر منتجين النفط، في العالم، وعلى الجميع أن يصدق ويعرف جيدا مهما كانت مرونة
سياستنا النفطية فإن مصالحنا فوق كل شيء ولن نسمح بتدفق نفط الآخرين ليغمر مكامن
نفطنا.
لقد جاء هذا الإنجاز التاريخي في ظرف لا يشبه ما حدث في منتصف
الثمانينات عندما أدت التخمة إلى بقاء أسعار النفط منخفضة لمدة 17 عاماً، لانخفاض الطلب
في أعقاب أزمة النفط في السبعينيات (1973،1979) والتي رفعت الأسعار إلى 35 دولاراً
في 1981م، قبل تراجعها إلى أقل من 10 دولارات في 1986م. كما أن الظرف الحالي لا
يشبه أيضا الأزمة المالية في 2008 عندما انهارت أسعار النفط من أعلى مستوى لها
(147 دولارا) في أبريل إلى أدنى مستوى لها (32 دولارا) في ديسمبر 2008م، لأن جائحة
كورونا أصابت النشاط الاقتصادي العالمي وقطاع النقل بشلل وليس فقط تراجع الطلب
العالمي على النفط.
إنه فعلا إنجاز تاريخي مشترك، حيث صرح وزير الطاقة بكل شفافية في
نهاية الاتفاق أن ما تحقق تم بمشاركة الأمير محمد بن سلمان ومتابعته بل إنه قاد
مفاوضات إنتاج النفط طوال الأسابيع الماضية، مما يؤكد على أهمية هذه الإنجاز الذي
أحرز نجاحا ملحوظا بالتوافق على تعميق تخفيض الإنتاج مع أوبك+ ومن خارجها. كما أنه
أصبح يقينا لدى منتجي النفط بأن السعودية أخذت منحا جديدا لتعظيم حصتها السوقية
وعلى جميع المنتجين التفاوض وتحمل مسؤولياتهم اتجاه توازن سوق النفط العالمية.