الرياض الاقتصادي
المقال
د. فهد محمد بن جمعة
يوشك الاقتصاد السعودي على تجاوز دورته
الاقتصادية الحالية والتي تشكلت ذروتها في 2015م بمعدل نمو حقيقي (4.11 %)
وبقاعة معدلها (-0.74 %) في 2017م، وهذا ما يشير إليه تحسن النمو في الربع
الثالث من 2017م عن الربع الثاني بنسبة (58%)، وكذلك تحسن الرقم القياسي
العام للإنتاج الصناعي بنسبة (3.1%) في اتجاها إيجابيا خلال نفس الفترة
(الهيئة العامة للإحصاء)، ولو تم نشر معلومات النمو للربع الرابع من نفس
العام في وقتها ساهم في تأكيد الاتجاه العام. لكن التحليل الدقيق لهذه
الدورة الاقتصادية، يتطلب توفر المؤشرات الاقتصادية "الشهرية"، مثل
العمالة، الدخل الشخصي الحقيقي، الإنتاج الصناعي، ومبيعات التجزئة، حيث
أنها تحدد مرحلة الدورة الاقتصادية المتزامنة مع نشر هذه المؤشرات والتنبؤ
بالمرحلة الاحقة (Lagging).
فمؤشرات الدورات الاقتصادية الثلاثة الرئيسة، استناداً إلى التوقيت، هي
القائدة والاحقة والمتزامنة التي يتم تصميمها للتنبؤ بقمة الدورة وقاعها
وتستخدم بكثرة في الاقتصاديات المتقدمة والناشئة لقياس اتجاه النشاط
الاقتصادي الحالي وتأكيد اتجاهه الجديد، باستخدام متوسط ساعات العمل
الصناعي الأسبوعي، طلبات المصانع للسلع، تراخيص الإسكان، وأسعار الأسهم،
حيث إن التحول في اتجاه هذه المتغيرات ارتفاعا أو انخفاضا يعني بدء دورة
اقتصادية جديدة. كما أن هناك مؤشرات قائدة أخرى، مثل توقعات المستهلكين،
متوسط طلبات الإعانة الأسبوعي، وهامش تغير معدل الفائدة.
وبهذا تشير المؤشرات القائدة الى اتجاه الدورات الاقتصادية، بينما
المؤشرات الاحقة تؤكد هذه الاتجاه، بقياسها للتغيرات الاقتصادية في فترة
التقلبات الاقتصادية، باستخدام متوسط مدة البطالة، تكلفة العمالة لكل وحدة
من الإنتاج الصناعي، متوسط معدل الفائدة، الرقم القياسي لأسعار المستهلك،
ونشاط الإقراض التجاري. كما أنها تعكس تكاليف القيام بالأعمال التجارية
وتحدد مشاكل الاقتصاد الهيكلية. أما المؤشرات التزامنية فتقيس النشاط
الاقتصادي الكلي والذي يتغير مع تحرك الدورة الاقتصادية من جل تحديد دورات
الأعمال نفسها، باستخدام معدل البطالة، مستوى الدخل الشخصي، ومستوى الإنتاج
الصناعي.
وتؤدي تقلبات النشاط الاقتصادي إلى خلق الدورات الاقتصادية، مثل تغير
الإنتاج والعمالة في حالة النمو (Growth) والتي تستمر حتى تصل إلى الذروة
(Peak) ومن ثم يبدأ الإنتاج او العمالة في الانكماش (Contraction) إلى
مرحلة متدنية أو القاع (Trough) وهكذا. فإن توفر المؤشرات الشهرية، يمكن
المحللين والجهات الرسمية وقطاع الأعمال من تحديد اتجاه المرحلة الحالية
والتنبؤ بالدورة الاحقة.
ورغم، شح هذه المؤشرات الشهرية ونشرها تزامنيا، إلا أننا نتوقع أداء
أفضل للاقتصاد في 2018م، مدعوما بإنفاق حكومي توسعي ونمو استثماري ودعم
مالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مع تحسن أسعار النفط وتنفيذ مبادرات برنامج
التحول 2020 ورؤية 2030.