1/05/2016

دعم الوقود سيئ للاقتصاد

الثلاثاء 25 ربيع الأول 1437 هـ - 5 يناير 2016م - العدد 17361

المقال

 

د. فهد محمد بن جمعة
قرر مجلس الوزراء في 28 ديسمبر 2015م تعديل أسعار الطاقة، كما رآه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية أن يكون تعديل الاسعار في هذه المرحلة تدريجيا بما يتوافق مع ظروف المواطنين، بخلاف ما اقترحته الوزارات ذات العلاقة بأن يتوافق مع الأسعار العالمية. وهنا يتبادر الى أذهاننا هل دعم الطاقة سيئ للاقتصاد او انه مجرد زيادة لإيرادات الحكومة في ظل تناقص ايرادات النفط بأكثر من 48% العام الماضي مع توقع استمرارها في الاعوام القادمة؟. لا شك ان دعم الوقود المستمر يؤدي إلى الاستهلاك المبذر للوقود والثروات الطبيعية، مما يتسبب في تأثير سلبي على اداء الاقتصاد وتنوعه وعلى القدرة المالية للحكومة لمواصلة بناء البنية التحتية وتحقيق اهداف التنمية المتوازنة. فلم تعد مبررات دعم الوقود مقنعة على اساس انها تسهم في النمو الاقتصادي وتحد من الفقر. رغم ذلك مازال الدعم الحكيم مطلوبا لمعالجة فشل السوق وتشجيع البدائل الاخرى أو الاستجابة للأهداف الاجتماعية والتوزيعية من اجل دعم مباشر لأصحاب الدخول المحدودة.
ان دعم الوقود يؤدي الى ارتفاع استهلاكه وتدني كفاءته أو زيادة إنتاجه وهو مصدر ناضب، كما انه يحد من الاستثمار في بدائل الطاقة المتجددة، حيث ان الدعم يعزز إنتاج واستهلاك نوع واحد من الوقود على حساب الاخر من خلال تخفيض تكلفة مدخلات مقدمي خدمات تلك الطاقة، وهذا يحدث عندما تكون أسعار الطاقة أقل بكثير من الاسعار العالمية مع استهلاك عال جداً للفرد وبكفاءة أقل. هكذا يؤدي دعم الوقود الى زيادة انتاجه وتوجيه المجتمع الى الاستهلاك غير الفعال، بدلا من ترشيد استهلاكهم وتحفيز المستخدمين على التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مما يقوض تنمية تقنيات الطاقة الاكثر كفاءة وتسويقها والاكتفاء بما هو موجود، فعلى هذا النحو لا يتم استبدال التقنيات والأجهزة الاقل كفاءة بأخرى أكثر كفاءة منها.
وعلى هذا يؤكد الكثير من الاقتصاديين، بان الدعم يشوه الاقتصاد عامة وبشكل خاص يستعمل هذا الدعم لتعزيز صناعات محددة على حساب الصناعات الاخرى والفرص المتاحة لينتشر المرض الهولندي، مما ينتج عنه تحويل الموارد من استخدامها في المشروعات الاكثر إنتاجية الى الاقل إنتاجية وتصبح الكفاءة الاقتصادية متدنية، حيث لا يتم دعم البديل الاعلى منفعة أو ما يسمى ب ‹تكلفة الفرصة البديلة›، فيما لو تم استثمار قيمة هذا الدعم في بدائل اخرى أجدى من تلك البدائل القائمة. فلو انفقت الحكومة مبلغ مليار ريال على بناء جسر لا يستخدمه إلا عدد قليل من الناس، فان هذا المال لم يعد متوفرا للإنفاق على التعليم، أو الصحة، أو أي أولوية أخرى من أولويات الحكومة.
فهناك ميل مع الوقت الى استفادة عامل الانتاج الاقل مرونة من هذا الدعم، مما يشكل ظاهرة «فخ المكاسب الانتقالية» كما سماها الاقتصادي جوردن تولوك، حيث ان هذا الدعم ينتقل مباشرة إلى أولئك الذين يمكن الاستفادة منه فورا في مخططهم الجديد، بينما ينتهي من جاء بعدهم بدفع أسعار مرتفعه لعوامل الانتاج التي يريدون شراءها، مما يعرض أصحاب هذه الأصول لاحقا الى مخاطر كبيرة وخسارة انتقالية عند تقليص أو إلغاء الدعم.
وقد اوضح صندوق النقد الدولي فوائد انهاء الدعم، بأنه يحسن التجارة ويوازن الإنفاق المحتمل انفاقه في مشروعات عامة ذات قيمة اقتصادية واجتماعية من خلال تطبيق سياسات تستهدف مساعدة المستحقين عوضا عن ذلك الدعم، واتباع سياسات الاقتصاد الكلي والنقدي للحيلولة دون ان تؤدي زيادة اسعار الوقود الى ارتفاع في معدلات التضخم بشكل مستدام، فان رفع دعم الوقود المتدرج سوف يكون له اثار ايجابية مباشرة على الاقتصاد، ولا سيما في الأجل الطويل، حيث انه يقلل من التشوهات الاقتصادية في ظل محدودية الميزانية العامة. كما انه يتوافق مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية بتحرير دعم السلع والخدمات مباشرة وغير مباشرة.

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...