المقال
د. فهد محمد بن جمعة
قرار رفع دعم الوقود فرضته المعطيات
الاقتصادية والمالية والمتغيرات المتجددة في مواجهة المخاطر الاقتصادية؛
وبهذا تصبح ادارة الثروات الاقتصادية المتاحة وتنويعها واستدامتها هدفا
استراتيجيا، خاصة الثروات الناضبة (الهيدروكروبنات) برفع كفاءتها وتعظيم
الاستفادة منها وإطالة أمدها، مما يتيح الفرصة لتنويع الموارد الاخرى غير
النفطية. ان الطلب او الاستهلاك على منتجات الطاقة المدعومة دائما يشجع على
زيادة الاستهلاك من خلال زيادة عدد الرحلات اليومية او الاستهلاك الزائد
دون مراعاة مبدأ الترشيد واستغلال مواصلات النقل الاخر المتاحة. كما انه لا
يحفز على استخدام المركبات الصغيرة والأجهزة الكهربائية عالية الكفاءة
باختيار افضل البدائل.
لقد اصبح دعم الطاقة عائقا في طريقنا نحو اقتصاد المعرفة الذي يستخدم
التقنيات المتقدمة والابتكارات والأفكار الابداعية لتحول اقتصاد الندرة الى
وفرة. كما ان الدعم لا يحفز الشركات على تحسين كفاءتها التشغيلية وتعظيم
انتاجيتها عند اسعار تنافسية، وما يؤكد ذلك عندما تم رفع اسعار الغاز
الطبيعي وغاز الايثان في يناير 2016م من 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية
إلى 1.25 دولار، تمكنت أكبر الشركات البتروكيماويات السعودية (سابك) من
تحسين كفاءتها التشغيلية وزيادة ارباحها.
ان هذا الدعم ادى الى ضياع الفرصة البديلة للاستثمارات بما يعادل قيمة
هذا الدعم التي تجاوزت (420) مليار ريال وخسارة العائد السنوي لو تم
استثمارها في مشروعات تنموية اقتصادية واجتماعية مستدامة من اجل خدمة
المواطن. ان ابقاء دعم الطاقة يتعارض مع انظمة منظمة التجارة الدولية WTO))
التي تحث أعضاءها على توفير بيئة تنافسية بين الشركات الوطنية والعالمية
والتعامل بالمثل. كما ان رفع الدعم يترتب عليه تخفيف الازدحام المروري
واستهلاك الطرق العامة والتلوث البيئي ويحفز الافراد على استخدام المواصلات
العامة المتاحة والمستقبلية.
وبهذا تم انشاء حساب المواطن الذي سوف يستفيد منه اغلبية المجتمع من
اصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة دون الاضرار بالأقلية اصحاب الدخول
المرتفعة، مما يجعله قرارا عادلا متوافقا مع قانون (باريتو). كما انه سيحقق
كفاءة باريتو (Pareto Efficiency) لتخصيص الموارد برفع كفاءة استخدام
الطاقة الى الحد الذي لا يمكن زيادة منفعة فرد ما دون الاضرار بفرد اخر في
المجتمع. أنها فرصة ثمينة للمنتسبين للاستفادة من هذا الحساب بترشيد
استخدامهم للطاقة ورفع كفاءتها حتى يستطيعوا توفير جزء من تكاليف الاستهلاك
وأيضا توفير جزء من الدعم المالي.
واخيرا، سيكون اثر رفع دعم الطاقة على اسعار السلع والخدمات مرتفعا فقط
في الاجل القصير ولكن سوف يتلاشى هذا التأثير في الاجل الطويل مع رفع كفاءة
النقل والمواصلات وتفعيل آليات السوق وتغير سلوك المستهلك تجاه الترشيد
والبدائل الاخرى.