الثلاثاء 4 محرم 1433هـ - 29 نوفمبر 2011م - العدد 15863
المقال
استقرارالنظام المالي له دور هام في دعم الاقتصاد السعودي وهذا ما تقوم به مؤسسة النقد العربي السعودي من تشريعات وسياسات نقدية سواء كانت توسعية في حالة الركود أو انكماشية في حالة التضخم لدعم الاقتصاد الكلي وتوازن السيولة التي تعزز المراكزالمالية للبنوك المحلية. وهذا ما أكدته الأهلي كابيتال في تقريرها (الرياض، 24-11-2011) ، لقد استطاع قطاع البنوك السعودية الصمود في مواجهة الأزمة العالمية بمساعدات حكومية جنبتها حالات التعثر. وهذه السياسات من المفروض أن تعزز مساهمة البنوك في تنشيط الحركة الاقتصادية سواء كانت مباشرة بتوظيف المزيد من السعوديين كلما تعددت فروعها ونمت أرباحها أو غير مباشرة من خلال تقديم قروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري لأي اقتصاد في العالم.لكن من المحزن أن تسرح بعض البنوك موظفيها كما جاء في ( صحيفة اليوم في 19-11-2011)، حيث ذكرت انها سرحت أكثر من 500 موظف سعوديا في الثمانية شهور الماضية، ما أثار الشكوك حول مستقبل توظيف السعوديين في هذه البنوك. كما يؤسفنا كثيرا أن نسمع عن ذلك من خلال البرامج الإذاعية التي شاركنا فيها على الهواء ومن خلال اتصالات بعض السعوديين الذين خرجوا من هذه البنوك أو على وشك الخروج منها. إن ضعف شفافية البنوك وعدم نشرعدد موظفيها على مواقعها أو في موقع تداول للبنوك المساهمة جعلنا نبحث عن طرق أخرى قد تكون أقل دقة ولكنها مؤشر يقتدى به. لأن هذه التسريحات تبدو واضحة بعد قيامنا بزيارة ميدانية لثلاثة فروع مختارة لأحد البنوك الكبيرة الذي تنسب إليه هذه التسريحات فكانت مفاجأة بوجود طاولات استقبال العملاء خالية من موظفيها ماعدا موظف واحد في كل فرع، مما جعلنا نتساءل لماذا حدث هذا خلال الأشهر الأخيرة؟ هل برنامج نطاقات حفز البنوك على تخفيض عدد موظفيها أو على الأقل لم يحفزها على خلق وظائف جديدة؟.
هناك بعض العوامل التي حفزت بعض البنوك على التمادي في تسريح بعض السعوديين أو عدم زيادة نسبة توظيفهم طرديا مع فتح فروعها الجديدة، حيث طبقت بعض البنوك وبشدة سياسة التوسع الرأسي الذي يدمج عدة وظائف في وظيفة واحدة ليؤدي الموظف أكثر من وظيفة بنفس الراتب في محاولة لتخفيض تكاليفها الإدارية وتعظيم أرباحها. وهذا فعلا ما أوضحته الأهلي كابيتال بان القطاع البنكي يحتل مكانة متقدمة مقارنةً بنظرائه نتيجة لجودة هامش صافي الفائدة ونمو دخل الرسوم وانخفاض تكلفة المخاطر إلى جانب انخفاض التكلفة. فإن المستغرب أن تكون نسبة إجمالي رواتب الموظفين من إجمالي إيرادات العمليات المصرفية لهذه البنوك بين 15-21% التي تعد نسبة منخفضة مقارنة بأرباحها ومثيلتها في القطاعات المالية الأوروبية أو الأمريكية التي تتراوح بين 40-60%.
إن أرباح البنوك المتوقعة لهذا العام ستقارب 25 مليار ريال متوزعة على 1633 فرعا ليصبح العائد على الموظف 793 مليون ريال، حيث من المفروض أن يكون متوسط عدد الموظفين لكل فرع 19 موظفا. كما نماعدد أجهزة الصرف الآلي إلى 11517 جهازا وعدد أجهزة نقاط البيع إلى 86,954 جهازا، ما يجعلنا نتساءل مرة أخرى عن عمليات إحلال للتقنية مكان الموظفين من خلال تمكين العملاء تنفيذ معظم عملياتهم عبرالانترنت أو الصرافات الآلية دون الرجوع إلى البنك إلا في حاله فقط تسليم الوثائق والتحقق من هوية العميل. إن هذه الصورة تبدو أكثر وضوحا بمقارنة النمو في عدد فروع البنوك مع النمو في توظيف السعوديين خلال الفترة 2006-2011، حيث نمت الفروع 27%، بينما نما التوظيف 15% أي بفارق 11% مع ارتفاع عدد البنوك من 11 بنكا إلى 12 بنكا سعوديا بالإضافة إلى البنوك الأجنبية ذات التخصص. هكذا نتوقع أن تزداد الفجوة بين نمو معدل التوظيف في البنوك وتوسعها في فتح الفروع والصرافات وهذا من حقها ولكن فقط في حالة المنافسة وإزالة حواجز الدخول (Barriers to Entry) أمام البنوك العالمية للدخول إلى هذا القطاع ومعاملتها بالمثل حتى لا يكون هناك احتكار قلة في السوق وتصبح المنافسة المكانية (Spatial Competition ) من خلال الفروع على مسافات أطول يكون عندها الهامش الربحي قريبا من نقطه التسوية.
اننا نطالب وزارة العمل من خلال برنامج نطاقات رفع نسبة النطاق الأخضر إلى 90% والممتازة إلى 95% في قطاع البنوك، أليس بالأجدر أن تكون نسبة توظيف السعوديين في البنوك أعلى مما هي عليه حتى لا تعطي فرصة للبنوك بتسريح السعوديين تذرعا بتحقيق نسبة السعودة الحالية. إن مصلحة الاقتصاد والمواطن فوق مصلحة بعض البنوك من اجل رفع كفاءتها وتعظيم فائض المستهلك وتحريك العلاقة المتبادلة بين معدل المخاطرة والعائد على القروض بدلا من قروض شبه مضمونة.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/2011/11/29/article687088.html
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com