د. فهد محمد بن جمعة
التاريخ: 21-05–2011م
لقد أصبح مجلس دول الخليج العربي نموذجاً اقتصاديا ناجحاً يحتذي به على غرار الاتحاد الأوربي، حيث استطاع منذ إنشائه في 25 مايو 1981م، أن يحقق العديد من الانجازات مثل الاتحاد الجمركي، الوحدة النقدية، حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال، تملك العقار، ومد الضمان الاجتماعي. هذا لم يثني المجلس من رغبته في تكوين كتله اقتصاديه كبيرة من خلال إعلانه بقبول انضمام كلا من الأردن والمغرب إلى مجلسه، لكن ما المنافع والتكاليف ألاقتصاديه التي سوف يحققها المجلس من انضمام تلك الدولتين الغير متجانستان في اقتصادها مع دول الخليج التي تعتمد بشكل رئيسي على إيرادات النفط، ومازال بعض أعضاءها يعانون من ارتفاع معدلات البطالة مثل السعودية وعمان والبحرين. لذا سوف نحلل بعض المؤشرات الاقتصادية في كلا من الأردن والمغرب حتى تتضح لنا تلك الآثار الاقتصادي المترتبة على انضمامهما إلى مجلس التعاون الخليجي. فلا شك إن رؤية المجلس ألاستراتيجيه لها أهداف طويلة المدى على المستوى الاقتصادي من ناحية تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاستثمارية واستغلال الفرص المتاحة في هاتين الدولتين التي تتوفر فيها العمالة وينقصها راس المال. وهذا لا يختلف عن ما يقوم به الاتحاد الأوربي من ضم دول أروبية بلغ عددها 27 دول متباينة في عدد سكنها وفي أداءها الاقتصادي بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين الأعضاء، ما جعل الاتحاد الأوربي كتله اقتصاديه كبيرة تتربع على اكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة. فانه من صالح دول الخليج أن تعزز تلك العلاقات وتوسع سوقها المشتركة وتوحد عملتها وتسمح بحريه تنقل العمالة بين بلدانها بما يخدم المصالح المشتركة سواء على مستوى القطاع العام أو الخاص وتبقي الحوالات العمالية المالية داخل اقتصادها التي بلغ حجمها 98 مليار ريال فقط في السعودية في 2010.
إن أهمية المؤشرات الاقتصادية مثل إجمالي الناتج المحلي الذي يعطينا القيمة الإجمالية لجميع السلع والخدمات النهائية المنتجة داخل حدود بلد في كل عام ومؤشر العمالة تكمن في كونها مؤشرات تعبر عن صحة الاقتصاد لأي بلد، فان قوة الاقتصاد تنعكس ايجابيا على خلق الوظائف وتحسين الحساب الجاري الذي يعتبر أحد مكوناته الرئيسية ميزان المدفوعات الذي يقيس الفرق بين الصادرات والواردات من السلع والخدمات وصافي دخل عوامل الإنتاج مثل الفوائد وأرباح الأسهم وصافي المدفوعات التحويلية مثل المعونة الأجنبية، حيث إن الفائض يزيد قيمة صافي الأصول الأجنبية، بينما الميزان التجاري هو فقط الفرق بين صادرات وواردات البلد من السلع والخدمات.
وبحسب وكالة الاستخبارات المركزية بلغ عدد سكان الأردن 6.5 مليون نسمة تمثل منها القوي العاملة 1.72 مليون عاملا لا يعمل منها 12.5% أو ما يقارب (217) ألف عاطل. أما إجمالي الناتج المحلي الحقيقي فبلغ 27.13 مليار دولار في 2010 وبمعدل نمو بلغ 3.20% سنويا، حيث تجاوز الدين العام 61.4% من إجمالي الناتج المحلي. بينما بلغ العجز في الحساب الجاري وفي الميزان التجاري 975 مليون دولار و 5.64 مليار دولار على التوالي. وفي المقابل بلغ عدد سكان المغرب 31.97 مليون نسمه في 2010 تمثل منها القوي العاملة 11.63 مليون عاملا لا يعمل منها 9.80% أي ما يقارب (1.14) مليون عاطل. أما إجمالي الناتج المحلي الحقيقي فبلغ 91.7 مليار دولار في 2010 بمعدل نمو نسبته 4.20% سنويا، حيث تجاوز العجز في الدين العام 58.2% من إجمالي الناتج المحلي، بينما بلغ العجز في ميزان الحساب الجاري 7.92 مليار دولار، بينما العجز التجاري بلغ 19.7 مليار دولار.
إن هذه المؤشرات توضح لنا مشكلة البطالة في هذان البلدان وكذلك ارتفاع دينهما العام وتحقيق عجز في مبادلتهما التجارية، يتطلب تنشيط اقتصادهما وزيادة نموهما الاقتصادي من اجل معالجه تلك المشاكل في الأجل القريب والمتوسط. إلا انه بإمكان الأردن الانضمام في الأجل القصير بينما المغرب بإمكانه الانضمام في الأجل المتوسط. وهذا يعني إن القوي العاملة الخليجية سوف ترتفع بنسبة 10% من 17.5 مليون عامل إلى 19.23 مليون عامل بعد انضمام الأردن مع ارتفاع البطالة من 791 عاطل إلى 1.01 مليون عاطل أي 27% في اقتصادا سوف يترفع إجمالي ناتجة من 993.41 مليار دولار إلى 1.02 تريليون دولار أي بنسبة 2.7%، لكن بعد انضمام المغرب فان القوى العاملة سوف ترتفع بنسبة 61% أو إلى 30.86 مليار دولار، بينما البطالة سوف ترتفع بنسبة 1.13% أو 1.14 مليون عاطل، أما إجمالي الناتج فسوف يترفع بنسبة 2.7% إلى 1.12 تريليون دولار أي بفارق 118.8 مليار دولار.
وحاليا تصدر السعودية 10.56% والأمارات 4.09% إلى الأردن من إجمالي صادراته، بينما تستورد السعودية 17.3% من إجمالي وارداته. أما المغرب فتستورد فقط5.11% من السعودية من إجمالي وارداتها. وهذا يوضح لنا جيدا إن التكاليف اكبر بكثير من المنافع الاقتصادية وعسى أن لا تتحمل اقتصاديات دول الخليج أعباء الآخرين.