12/06/2016
مرونة العرض.. تتحدى الأوبك
االثلاثاء 29 صفر 1438 هـ - 29 نوفمبر 2016م
المقــــال
فهد محمد بن جمعة
تفرض مرونة عرض النفط (نسبة استجابة الكمية المعروضة للتغير في
سعرها) سلطتها على أي اتفاق تتوصل إليه الأوبك مهما كانت شروطه، وما اجتماع
30 نوفمبر إلا محاولة لتأثير على الأسعار في الأجل القصير لترتفع الى 55
دولارا ثم تعود بعد ذلك الى ما دون 50 دولارا. فما زال المنتجون الصغار
يحلمون بأسعار تفوق 60 دولارا ومازال المنتجون الكبار يعتقدون أنهم قادرون
على التحكم في المعروض ورفع الأسعار كما كان في السبعينات والثمانينات،
متجاهلين مرونة العرض وتباطؤ نمو الطلب العالمي، مما يزيد الأسعار مرونة
أكبر. فلن يحافظ أي اتفاق على ارتفاع الاسعار في ظل تزايد المعروض وانتظار
المنتجين الاخرين لارتفاعها وزيادة إنتاجهم.
ويصعب التنبؤ بأسعار النفط لكن نستطيع تحليل العوامل المؤثرة في أسعاره
صعودا أو هبوطا، حيث إن سوق النفط يخضع الى ميكانيكية العرض والطلب التي
تحدد الاسعار ونقطة التوازن في هذه الاسواق، عند السعر الذي يتقاطع فيه
منحنيا العرض والطلب مع بعضهما. فلم تعد الاوبك قادرة على التحكم في
المعروض أو تثبيت الاسعار على المدى الطويل، وفي هذا الاطار لكي يصبح
تحليلنا أكثر فائدة، فإن فعلينا التمييز بين حركة عوامل السوق في الاجل
القصير (أقل من سنة) والطويل، حيث ان المنتج في الاجل القصير لا يستطيع ان
يعمل الكثير لخفض تكاليفه مع انخفاض مرونة الأسعار.
لكن هذه المرونة تصبح اكبر في الاجل الطويل لبعض المنتجين باتخاذ قرارات
محددة، فيما يرتبط بعملية الانتاج وذلك بإلغاء بعض الاستثمارات الجديدة في
التنقيب عن النفط والإنتاج المحتمل عدم ربحيته إلا بارتفاع اكبر للأسعار.
لذا ينبغي على شركات النفط اتخاذ قرارات طويلة الاجل، حيث انها لا
تستطيع إلغاء جميع الاستثمارات الجديدة بناءً على الاسعار المستقبلية
المتوقعة.
فان انخفاض اسعار النفط في الاجل القصير له اثر سلبي على ربحية المنتج،
إلا انه من الرشادة الاقتصادية ان يستمر هذا المنتج في انتاجه حتى تصبح
ايراداته النقدية اقل من تكلفة انتاجه الحدية، ورغم خسارته فمن الافضل ان
يستمر في انتاجه لتغطية تكاليفه المتغيرة بدلا من يتوقف عن الانتاج. فمن
هنا تأتي الميزة النسبية لإنتاج النفط، فمنتجي النفط التقليدي مثل السعودية
تكلفة انتاجها اقل من 9 دولار للبرميل الواحد ومنتجين آخرين من 18 الى 35
دولارا، بينما تكلفة معظم حقول النفط غير التقليدي تصل الى 60-88 دولارا.
وبهذا سوف يكون هناك نقطة توازن في المدى القصير مع ارتفاع الاسعار التي
تحفز زيادة المعروض ليوازي الكمية المطلوبة ومن ثم تجاوزها مع دخول منتجين
اخرين كان انتاجهم حينئذ متوقف او متأثر بالاضطرابات السياسية مثل ليبيا
أو استمرارية العراق وإيران في زيادة انتاجهم بمعدلات عالية واحتمالية عودة
انتاج النفط الصخري الذي تراجع بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا، ليصبح هناك
فائض في المعروض.
ففي حالة بقاء متوسط سعر برنت عند 50 دولارا، فانه يمكن الكثير من منتجي
النفط، لا سيما في الولايات المتحدة من تغطية تكاليفهم المتغيرة ولكن ليس
التكاليف الثابتة. لذا لن يستثمروا في أي إنتاج جديد ما لم يكونوا واثقين
من الاسعار سوف ترتفع مرة أخرى. بينما المنتجين الاقل تكلفة فمازالت
الاسعار الحاليه مربحة لهم، رغم أنهم يعانون من خسارة في الايرادات تجاوزت
مقارنة بالعام الماضي. فأنهم لن يغيروا انتاجهم وقد يحافظوا على
استثماراتهم، حيث ما زالت الحقول الجديدة مربحة لهم عند مستويات الاسعار
الحالية.
ان على المنتجين الكبار ان يدركوا ان الاسعار الحالية سوف تتراجع مع
ارتفاع الدولار واستمرار مرونة المعروض على المدى القصير، أما على المدى
الطويل فسوف يتقلص معروض بعض المنتجين نحو نقطة التوازن وارتفاع الاسعار
بدون أي اتفاق.
وبهذا تكون مرونة العرض أتحدي الأكبر وما اتفاق الاوبك إلا مضيعة للوقت في 2017م وما بعده.
الدولار.. والريال
الثلاثاء 22 صفر 1438 هـ - 22 نوفمبر 2016م
المقال
فهد محمد بن جمعة
أصبح رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة في 14 ديسمبر
القادم شبه مؤكد أو على أبعد تقدير بمباشرة حكومة ترامب مهامها في 20 يناير
2017م مع تصاعد معدل التضخم، ما سيؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار
والعملات المرتبطة به مباشرة أو غير مباشرة من خلال أي سلة عملات يمثل
الدولار الجزء الأعظم منها وذلك مقابل العملات الأخرى والذهب وأسعار النفط
المقومة في الدولار. كما أن ارتفاع سعر العملة في تلك البلدان يؤدي الى
ارتفاع تكاليف صادراتها مقابل وارداتها بما لا يدعم النمو الاقتصادي.
وفي هذا الإطار أكد محافظ "ساما" في 15 نوفمبر 2016م، استمرارية ربط
الريال بالدولار وبدون تغيير سعره. رغم أن الدولار سوف يستمر في ارتفاعه
بأسرع من ما هو متوقع، مما قد يترتب عليه تزايد وتيرة المضاربات بالريال في
الأجل القصير من خارج السوق السعودي، مما يؤكد على أهمية الاستمرارية في
ربط الريال بالدولار وضمان استقراره.
فهناك عدد من المؤشرات الاقتصادية التي تدعم سياسة رفع الفائدة
الفدرالية ومنها ارتفاع معدل التضخم الاساسي (Core Inflation) إلى 2.2% على
أساس سنوي في 12 شهراً المنتهية في أكتوبر والذي يقيس التغيرات في أسعار
سلة من السلع الاستهلاكية على المدى الطويل باستثناء أسعار الأغذية والطاقة
المتقلبة، بعد ان تجاوز 2% وهو السقف الفيدرالي. كما ان عزم الحكومة
الجديدة على تبني سياسات مالية توسعية تشمل تعهد الترامب والجمهوريين
سابقاً بإنفاق مبلغ 500 مليار إلى واحد تريليون دولار على النية التحتية مع
تمويل العجز وخفض الضرائب، يدعم التضخم الذي أخذ مساراً تصاعدياً منذ أشهر
مضت.
فقد ارتفع مؤشر الدولار "The ICE Dollar Index" الذي يقيس قيمة الدولار
مقابل سلة موزونة من العملات (اليورو/57.6%، الين/13.6%، الجنيه
الأسترليني/11.9%، الدولار الكندي/9.1%، الكرونا السويدي/4.2%، الفرنك
السويسري/3.6%) إلى 100.57 الأسبوع الماضي والأعلى منذ أبريل 2003م، بدعم
من ارتفاع عائدات السندات الأميركية وتوقعات أعلى من الحوافز الضريبية تحت
الرئاسة القادمة. وقد أوضحت حركة "مستقبل الصناديق الفيدرالية الآجلة" الذي
يستخدم لمعرفة اتجاه سياسة الاحتياطي المركزي في يوم الأربعاء الماضي، بأن
المستثمرين يتوقعون رفع سعر الفائدة بنسبة %90.6 في ديسمبر.
هكذا يعتقد المستثمرون أن تسريع وتيرة النمو سوف تشعل التضخم، مما سيدفع
البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع معدلات الفائدة بوتيرة أسرع في العام
المقبل. وبهذا من المتوقع استمرار ارتفاع العائدات الأميركية على السندات
التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ يناير في يوم الاثنين ما قبل الماضي الى
2.28% على السندات المستحقة بعد عشرة أعوام و3% بعد 30 عاماً. وهذا سوف
يجذب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة مع تحول المستثمرين من العملات
المحفوفة بالمخاطر نسبياً في تلك الأسواق إلى أذون الخزينة الاميركية ما
سيضر بعملاتها. كما ان السياسات الحمائية التي يدعمها ترامب يمكن ايضا أن
تضر باقتصاديات البلدان التي تصدر بشكل كبير للولايات المتحدة.
لكن ارتفاع معدلات الفائدة يجعل المصارف الاميركية تحقق أرباحاً أكبر من
عمليات الإقراض ويجعل السندات أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن دخل
مرتبط بارتفاع قيمة الدولار، مما دفع الشركات المالية الكبيرة إلى بيع
أسهم الشركات التي توزع أرباحاً كبيرة مثل المرافق وشركات الاتصالات. وهذا
قد ينتج عنه أثر "الدومينو" عندما يتخلص المستثمرون من الأصول ضعيفة
الخطورة أولاً، ثم الانتقال إلى الأضعف.
وإذا ما كان رفع البنك الاحتياطي لأسعار الفائدة تدريجياً سوف يخفف من
المخاطر المرتبطة بانتقال الاقتصاد من بيئته الحالية إلى بيئة يرتفع فيها
سعر الفائدة، بدلاً من ارتفاع سعر الفائدة بوتيرة أسرع يؤثر سلبياً على
الاقتصاديات المرتبطة عملتها بالدولار. ورغم تلك السلبيات إلا أن ربط
الريال بالدولار مازال ضرورياً للمحافظة على استقرار النظام المالي وتحفيز
النمو الاقتصادي السعودي على المدى الطويل.
اتفاق الأوبك.. صناعة سعودية
الثلاثاء 7 ربيع الأول 1438 هـ - 6 ديسمبر 2016م
المقال
فهد محمد بن جمعة
حرصت المملكة العربية السعودية على توافق المنتجين من الأوبك
وخارجها بخفض الإنتاج من أجل استقرار أسواق النفط العالمية واستدامة
الاستثمارات في عمليات الاستكشاف والإنتاج، مما يجنب العالم أي نقص في
المعروض مقابل نمو الطلب العالمي السنوي. لذا سوف تستمر السعودية في دعم
المحافظة على الحصص السوقية لكل منتج من خلال متابعة الأسواق وتحركات أسعار
النفط وتقييمها بما يتوافق مع شروط الاتفاق، وبهذا تبلورت عقلانية
السعودية بتجاوزها أي خلاف سياسي إلى ما يعظم مكاسبها الاقتصادية.
إن ترجمة هذا الاتفاق إلى واقع كاد لا يحدث لو لا نظرة السعودية الثاقبة
وخبرتها الطويلة ورجالها الأذكياء الذين يقودون اقتصاد هذا البلد نحو
مستقبل أفضل، يعظم العائد على استثماراتنا النفطية ويؤدي الى استمرارها
لعقود قادمة. هذا ما قاد السعودية إلى توحيد قرارات أعضاء الأوبك ودول من
خارجها إلى التجميد أو التخفيض مع بعض الاستثناءات لبعض الأعضاء من أجل دعم
أسعار النفط واستمرارية المنتجين في استثماراتهم لتلبية رغبات المستهلكين
عند أسعار مناسبة.
فهذا الاتفاق يزيد من إيرادات النفط السعودي بأكثر من 88 مليون دولار
يوميا عند سعر 55 دولارا وبإنتاج أقل 10.06 ملايين برميل يوميا مقارنة
بإنتاج أكثر من 10.6 مليون برميل يوميا وبمتوسط سعر 44 دولارا في شهر
نوفمبر، بالإضافة الى توفير كمية الخفض 486 ألف برميل يوميا أو 41% من
إجمالي التخفيض المتفق عليه والتي في العاده تعادل كمية التراجع في
الاستهلاك المحلي بعد فترة الصيف، لتبقى الصادرات عند كميتها السابقه في
نطاق 7.7 ملايين برميل يوميا.
فقد تجاوز سقف إنتاج الأوبك 33.64 مليون برميل يوميا، وبعد تخفيضه بـ1.2
مليون برميل يوميا في 1 يناير 2017م سيصل السقف الى 32.4 مليون برميل
يوميا، وبهذا تخفض العراق إنتاجها بمقدار 200 ألف إلى 4.351 ملايين برميل
يوميا، بينما إيران سوف تجمد انتاجها عند مستوى 3.68 ملايين برميل يوميا مع
إعفاء ليبيا ونيجيريا اللتان يزيد انتاجهما على 1.8 مليون برميل يوميا
لمعوناتهما من انقطاع امداداتهما بسبب الاضطرابات السياسية. كما ان روسيا
اكبر منتج من خارج الاوبك ولأول مرة سوف تخفض انتاجها بمقدار 300 ألف برميل
يوميا، لأنها لا تستطيع وقف تدفق نفطها عبر الانابيب الذي يأتي معظمه من
مناطق عالية البرودة ويتطلب استمرار ضخ النفط بكمية محددة وباستمرار.
ولكي تستمر المحافظة على هذا الاتفاق، تم إنشاء لجنة للمراقبة من
الجزائر، الكويت، وفنزويلا، واثنان مشاركان من خارج الاوبك لرصد تنفيذ
الاتفاق والالتزام بشروطه خلال الستة أشهر القادمة كمدة أولية للاتفاق
والقابلة للتمديد لستة أشهر أخرى تبعاً للظروف السائدة في السوق.
فان تأثير هذا الاتفاق على أسعار النفط في الأجل القصير أو في الأشهر
القليلة المقبلة سوف تتأرجح بين 50 و55 دولارا للبرميل مع تراجع مخزونات
النفط العالمية إلى مستويات داعمة لتلك الأسعار، أما في الأجل الطويل أصبح
ارتفاع الأسعار مرتبطا بالتزام الاوبك بحصصها وكذلك روسيا، وقد يدعم فصل
الشتاء الطلب في الولايات المتحدة، اذا ما كان برده قارصا وذلك بارتفاع
الاسعار لكن في السنوات الاخير لم يعد تأثيره فاعلا.
وعلينا ان نتذكر ان اسعار النفط سوف تواجه ضغوطا من ارتفاع قيمة
الدولار، اذا ما قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 14 ديسمبر رفع معدل
الفائدة وكذلك ارتفاع انتاج النفط الصخري وعدم التزام الاوبك وروسيا بهذا
الاتفاق كما يحدث في هذا النوع من الاتفاقات من أجل تحقيق مكاسب على حساب الغير.
وأقول "نجحت السعودية في إدارة هذا الاتفاق بذكاء".
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات
الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...
-
الثلاثاء 19 ذو القعدة 1442هـ 29 يونيو 2021م المقال د. فهد محمد بن جمعة لا طالما اعتمد العالم على إنتاج الأوبك من النفط بقي...
-
الثلاثاء 8 ذو القعدة 1446هـ 6 مايو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة تسعى حكومتنا الرشيدة بتوجيهات مستمرة من سمو ولي العهد الأمي...
-
الثلاثاء 28 ربيع الأول 1446هـ 1 أكتوبر 2024م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة نشرت فاينانشال تايمز الخميس الماضي، أن السعودية مستعدة لتحمل...