"هناك ثلاث أنواع من الشركات؛ تلك التي تجعل الأشياء تحدث؛ وتلك التي تراقب الأشياء وهي تحدث؛ وتلك التي تتساءل عما يحدث"
(RISMEDIA)
د. فهد محمد بن جمعه
إن الأزمة العالمية التي بدأت في عام 2008م كما ذكرت وكالة التوظيف العالمية تمثل فرصة كبيره للأعمال الصغيرة والمتوسطة لاصطياد العمالة الموهوبة والذكية، بعد أن سرحت الشركات العالمية والمحلية تلك العمالة.
إن أهمية القيمة الاقتصادية المضافة للأعمال الصغيرة في الاقتصاديات الحديثة جعلت الباحثين والحكومات يدركون مدى أهميتها في رفع مستوى الأنشطة الاقتصادية بشكل عام؛ ومستوى توظيف العمالة بشكل خاص، بل أصبحت تدعم الابتكارات والاختراعات التي تؤدى إلى تطوير منتجات جديدة بجوده عالية وتكاليف أقل؛ يتم تقديمها إلى المستهلكين بأسعار تنافسيه تزيد من الفائض الاقتصادي.
تعريف العمل التجاري الصغير:
إن العمل التجاري الصغير عبارة عن نشاط أو مجموعة من الأنشطة مبنية على أفكار يتم دراستها وتحديد جودتها الاقتصادية، وإمكانية ترجمتها على أرض الواقع في شكل سلع أو خدمات يرغبها ويحتاجها المستهلك، في إطار خطة عمل دقيقة؛ تحدد الغايات والأهداف خلال فترة زمنية محددة، حيث يبدأ العمل في اتجاه نقطة تساوي التكاليف بالإيرادات نحو معدل نمو مستمر بعد السنة الأولى من إقامته، من خلال خطة تسويقية تعظم حصة العمل من السوق بإتباع استراتيجية تسعير تغطي التكاليف ولا تنفر المستهلك، بل تحقق له فوائد تبادلية مرضية مقابل القيمة التي يدفعها، فليس هناك تعريف واحدا للعمل الصغير يمكن تعميمه على جميع مناطق العالم وعلى جميع الصناعات، وإنما نستطيع استخدام المنهج الوصفي أو الكمي لتحديد حجم العمل الصغير، حيث إن المنهج الوصفي يعتمد على معايير تعكس مدى تركز سلطة الإدارة في يد صاحب العمل، مما يجعلها سلطة مستقلة عن أي سلطة أعلى منها. أما المعيار الكمي فيعتمد في معاييره على: حجم العمالة، رأس المال المستثمر، الحصة السوقية التي من المفروض أن تكون متدنية ولا تؤثر على الأسعار العامة لمحدودية السلع والخدمات المقدمة.
كما يعتبر البعض أن لنوعية العمل والمنطقة الجغرافية دور في تحديد حجم العمل وطبيعته، لكن مازال تصنيف العمل حسب عدد العمالة أكثر شيوعاً وأدق مقياساً من القيمة السوقية لرأس مال العمل المتغير، ونوعية العمل المتغير أيضاً، ولذلك لا يوجد إنفاق على تعريف الأعمال الصغيرة والمتوسطة عالمياً، ولا على تحديد معيار واحد لتعريف تلك الأعمال وكيفية تصنيفها، لكن كل دولة تقوم بتحديد معايير خاصة يتم تعريف الأعمال الصغيرة والمتوسطة بناءاً عليها، ومن أهم تلك المعايير العمالة ورأس المال.
ورغم ذلك الاختلاف بين دول العالم حول تصنيف الأعمال الصغيرة إلا أن هناك شبه إجماع على أنها: الأعمال التي يديرها أو يشغلها عدد قليل من العمال أو تحتاج إلى رأسمال أقل مما تحتاجه الأعمال المتوسطة ذات الإمكانيات الأكبر من حيث العمالة ورأس المال، والأقل من الأعمال الكبيرة والعملاقة.
التعريف الوصفي Qualitative Definition:
كما ذكر سابقاً فانه يفترض في المنهج الوصفي أن يمارس صاحب العمل وشركاؤه جميع السلطات الإدارية أو معظمها، خلافا لما تقوم به إدارة الشركات الكبيرة التي تتبع مبدأ اللامركزية من تفويض بعض السلطات لعدد من الموظفين من مختلف المستويات لأداء بعض المهام الإدارية الأخرى. وهنا لا تعني مركزيه السلطة في منشأة ما أنها منشأه صغيرة إذا لم يتوفر عامل استقلالية الإدارة، حيث يمتلك صاحب العمل استقلالية كاملة في إدارة شؤون عمله, وليس عليه أن يعود لجهة أعلى منه إدارياً عند اتخاذ قرار ما. التعريف الكمي Quantitative Definition:
1. أن يكون حجم المعاملات التجارية السنوية أقل من 8 مليون جنيه إسترليني.
2. أن يكون حجم رأس المال المستثمر أقل من 3.8 مليون جنيه إسترليني.
3. أن يكون عدد العمال أقل من 50 عامل في العمل الصغير، و 249 عامل في العمل المتوسط.
كما أوضحت الإحصائيات البريطانية للأعمال الصغيرة والمتوسطة في عام 2005م أن 99.3% من إجمالي المنشآت الصغيرة في بريطانيا يوجد فيها أقل من 50 عامل، بينما 6% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة يتراوح عدد عمالتها بين 50- 249 عامل.
وهنا نلاحظ أن الخط الفاصل بين المنشأة الصغيرة والمتوسطة واضح، ما عدا نسبة بسيطة منها فقط لا تتجاوز 6% تتداخل فيها الأعمال الصغيرة مع المتوسطة، ولكن هذه المحددات تحدد السقف الأعلى لهذين الحجمين من الأعمال الصغيرة والمتوسطة.
· أما الاتحاد الأوروبي فقد عرف العمل الصغير والمتوسط بما يلي:
1. أن يكون حجم المبيعات السنوية له أقل من 50 مليون يورو.
2. أن يكون عدد العمال أقل من 50 عامل في المنشأة الصغيرة، وأقل من 250 في المنشأة المتوسطة.
وإحصائياً أوضح مصدر ( (Eurostat أنه في عام 2005م كان توزيع الأعمال الصغيرة في الاتحاد الأوربي على النحو التالي:
· 91% من إجمالي الأعمال الصغيرة جداً (Micro) وتوظف ما بين 1-9 موظف.
· 7% من الأعمال توظف 10-49 موظف.
· 1% توظف من 50-250 موظف.
· 1% يتم تصنيفها كأعمال كبيرة.
فمازالت الأعمال الصغيرة التي بلغ عددها أكثر من 20 مليون أو بنسبة 99% تحافظ على نموها في عام 2007م بعد أن كانت نسبتها 92% من إجمالي تلك الأعمال، لذا تكون الأعمال الصغيرة العمود الفقري للاقتصاد الأوربي وتوفر ثلثي الوظائف في ذلك الاقتصاد. وقد لاحظنا أتشابه بين التعريف البريطاني والأوربي من حيث عدد العمالة.
· بينما عرفت إدارة الأعمال الصغيرة الفدرالية الأمريكية العمل الصغير بأنه العمل الذي يوظف أقل من 100 عامل، بينما الأعمال المتوسطة أقل من 500 عامل، وهذا يوضح التفاوت بين التعريف الأمريكي والتعريفات السابقة.
ومن المؤكد أن المحددات الأوروبية والدول المتقدمة أعلى بكثير من مما قد ينطبق على الدول العربية التي تختلف في ظروفها الاقتصادية والمعيشية، فهي مازالت دولا نامية لا تتميز بالطابع الصناعي كما في الدول المتقدمة، وذلك فقد تكون التعريفات والمعايير التي وضعتها دول جنوب شرق آسيا لنفسها أقرب إلى واقع الدول العربية من غيرها. ويوضح الجدول التالي حجم العمالة التي تحدد حجم العمل الصغير في بعض دول جنوب شرق آسيا:
اندونيسيا | أقل من 19 عامل |
ماليزيا | أقل من 25 عامل |
الفيليبين | أقل من 99 عامل |
سنغافورة | أقل من 50 عامل |
تايلاند | أقل من 50 عامل |
· أما السعودية فقد عرفت العمل الصغير بأنه العمل الذي يوظف أقل من 25 عاملا ويستثمر أقل من مليون ريال، بينما يوظف العمل المتوسط أكثر من 25 ولا يزيد عن 100 عامل باستثمار ما بين مليونين إلى خمسة ملايين ريال. بينما عرفت غرفة التجارة والصناعة في جدة العمل الصغير بأنه العمل الذي يوظف اقل من 30 عامل وبرأسمال أقل من 3.75 ريال، والعمل المتوسط بأنه الذي يوظف أكثر من 30 ولا يزيد على 60 عامل برأسمال لا يقل عن 3.75 ريال ولا يزيد عن 20.6 ريال.
كما إن هناك بعض الأعمال الصغيرة جداً والتي تدار في المنازل الخاصة، ويطلق عليها مصطلحMicro Businesses الذي تستعمله الشركات المالية الدولية والبنك الدولي، وقد يكون"Mom and Pop Business" الذي يعني عائلة فردية Single-Familyتدير عملها بدون أي موظف غير المالك، وهو يخضع لتعريف العمل الصغير الذي يعمل فيه أقل من 10 عمال.
إن الأعمال الصغيرة في معظم البلدان تتكون من أعمال فردية, شركات صغيرة، أعمال مشتركه، وهناك أنواع من الأعمال الصغيرة في كثير من بلدان العالم تختلف حسب النظام الاقتصادي للبلد، مثل:
· بقالة.
· خباز.
· حلاق أو كوفيرة.
· ملابس رجال أو نساء.
· محامي.
· محاسب.
· مطعم.
· بيوت الضيافة.
· مصور.
· مكتبة صغيرة.
· مصنع صغير.
عناصر العمل الصغير:
يتميز العمل الصغير ببعض العناصر والخصائص التي قد لا تتوفر في المشاريع الكبيرة ومنها:
1. يستهلك معظم وقت صاحبه.
2. يصبح مصدر دخل لصاحبه.
3. استقلالية في القرار والأفكار.
4. استقلالية في طريقة أداء العمل وتنفيذه.
5. الشعور بالرضا عندما تتحقق الأهداف نتيجة الجهد المبذول.
6. إمكانية الإبداع واكتشاف ما يميز المشروع الجديد عن منافسيه.
7. يتمتع صاحب المشروع بدور رئيس ومباشر في جميع العمليات التجارية والإنتاجية.
أما من الناحية العملية فانه يتميز بالتالي:
1. يحتاج إلى دراسة جدوى اقتصادية لقبوله من عدمه.
2. لا يخلو من المخاطرة التي يتم حسابها من رأس المال.
3. يتطلب من صاحبه أن يمتلك مهارات أساسية في الإدارة والمحاسبة.
4. يتم بيع السلع أو الخدمات المنتجة محليا، ولا يتم إنتاجها عادة بقصد التصدير.
5. حجم الموجودات الثابتة أو رأس المال المستثمر عند التأسيس ما بين 100 ألف و 900 ألف ريال تقريباً، أي إنه يحتاج إلى رأس مال صغير أو متوسط نسبياً.
6. عدد العاملين أقل من 50 عامل.
7. له صفة قانونية ورسميه.
الاستنتاج:
إن تعريف العمل الصغير يمكن تحديده بأحد الطرق التي ذكرناها تبعاً لحجم الموجودات الثابتة أو عدد العاملين بالمشروع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن تلك المعايير تختلف من بلد إلى أخر، حيث لا يوجد معيار عالمي موحد يمكن تعميمه على جميع البلدان، لكن التعريف الذي يشمل سمات وخصائص هذه الأعمال الصغيرة يكون أكثر قبولاً في الدول النامية بناءاً على: حجم الموجودات الثابتة، حجم المبيعات، عدد العاملين، على أنها معايير أساسية في تحديد حجم أي مشروع تجاري مهما كان حجمه، مع مراعاة أن حجم الموجودات الثابتة التي قيمتها ما بين 100- 900 ألف ريال قد تتطلب كثافة عماليه، مما يجعل عدد العمال كبيرا ًوقد يجعل هذا المعيار غير مقبول لتعريف المشروع الصغير.