الاثنين 29 ربيع الاخر 1434 هـ - 11 مارس 2013م - العدد 16331
المقال
عقود مضت من الزمن واعتمادنا على العاملة الاجنبية مازال قائماً
ومواطنونا يتعففون كثيراً عن شغل المهن التي يشغلها هؤلاء الأجانب. إننا
نعرف جيداً لن نستغني عن تلك العمالة ولكن دعهم يعملون في العرض الفائض من
المهن بعد استيعاب السعوديين. وهذا لن يتحقق إلا بعد تغيير ثقافة العمل
ومخرجات التعليم فنياً وتقنياً وتغيير أنظمة سوق العمل التي لا تصنع سوق
عمل بل تقلص الفرص الوظيفية. إن السؤال هل نستطيع صنع سوق عمل سعودية؟
الجواب نعم نستطيع ولكن بطرق ووسائل تختلف تماماً عن ما هو مطبق حالياً
لدعم آلية السوق وجعل العرض والطلب على العمالة يحدد السوق ومتوسط الأجور
عند أي نقطه من الزمن.
إننا نحتاج إلى رؤية استراتيجية مبتكرة لسوق العمل محددة الأهداف وممكن
الوصول إليها بالطرق والوسائل المتاحة وتستمد قواها من تأهيل وتدريب
السعوديين لكي يصبحوا منافسين شرسين في وجه العمالة الأجنبية خاصة في
السنتين الأوليين من هذه الاستراتيجية ، إن نجاح هذه الاستراتيجية يبدأ من
نقطة الصفر فلا حافز ولا نطاقات ولا حد أدنى للأجور فلندع العرض والطلب
فيما بعد يحدد نوع العمالة وأفضل الأجور وليس (3000 ريال) من خلال انضباط
السعودي وارتفاع إنتاجيته واحتساب تعليمه وخبراته. فلم يعد مقبولاً أن تبحث
وزارة العمل لسعودي عن فرصة عمل، بل تدعه يبحث بنفسه وينافس ويقبل القليل
من أجل الكثير عندما يتجاوز عمره 15 عاماً حتى يشعر بمستقبله ويكتسب
الخبرات وفي نهاية المطاف يكون شخصاً ناجحاً.
إني اقترح فرض ماده دراسية اسمها (العمل) وإلزام الذكور السعوديين
وخياراً للإناث بالعمل عند عمر 15 سنة، كخطوة متقدمة في التأهيل للعمل من
خلال توظيفهم في مدارسهم أو جامعاتهم أو في الأعمال التجارية التي يشغلها
في العادة الشباب عند هذا العمر وذلك بحصولهم على مكافآت ودرجات علمية. فلا
يتخرج الطالب من المدرسة أو الجامعة إلا بعد اكمال عدد محدد من ساعات
العمل بمعدل يومين في الأسبوع والجامعي بمعدل 4 أيام في الأسبوع على الأقل،
هكذا نغير سلوك الأفراد من خلال تغيير السياسات العلميه وتطبيقاتها بكل
عناية وتحويل المجتمع إلى مجتمع منتج بدلاً من السهر والنوم وازدحام الطرق
داخل المدن.
إن عدد المشتغلين في فئة العمر ما بين 15 و 19 سنة لا يتجاوز 14829
عاملا، بينما العاطلون 17851 عاملا أي بنسبة 55% من الإجمالي، أما في فئة
العمر بين 20 و 24 نجد عدد المشتغلين 329699 عاملا والعاطلين 224208 أي
بنسبة 40% من الإجمالي (مصلحة الإحصاءات العامة 2012). هذه الأرقام توضح
لنا بأن مشكلتنا الحقيقية تبدأ عند هذا العمر لأن أبناءنا وبناتنا لا
يعملون مقارنة بنظرائهم في بلدان العالم المتقدم، إلا القليل منهم في الفئة
العمرية (15-19)، على سبيل المثال، نجد هذه الفئة في الولايات الامريكية
تغص بها مطاعم البيتزا والهامبرقر وبنسبة أكثر من 4% من إجمالي القوى
العامله، فعلينا أن نتدارك الأمر ونركز على هذه الفئة حتى تكون مؤهلة
ومدربة عندما تنتقل إلى فئة العمر التالية.
وعلينا كذلك أن نركز على فئة العمر (20-24)، ببناء المزيد من الكليات
التقنية بقصد التوظيف من خلال تدريس التخصصات التي يتطلبها القطاع العام
والخاص ودعم المسجلين في تلك الكليات من ذكور وإناث كبديل للجامعات من أجل
توظيفهم أثناء الدراسة وبعدها، هذا ما تعمله الصين واليابان. ولماذا لا
نركز على التقنية والاقتصاد المعرفي بدلاً من عمليات الإحلال في وظائف لا
يرغبها السعودي ولا تؤدي إلى تنمية الموارد البشرية على غرار بلد مثل
سنغافورا. حان الوقت لتحويل أموال صندوق الموارد وحافز إلى بناء صندوق
تمويلي سكني لكل سعودي تحفيزا لمن يكمل سنتين في عمله بسعر فائدة متدنٍ
واقتطاع نسبه بسيطة من راتبه على مدى 30 عاماً.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/2013/03/11/article816516.html
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com