المقال
د. فهد محمد بن جمعة
يتزايد الطلب على الإحصاءات الاقتصادية
ذات الجودة العالية مع رؤية 2030 والتحول إلى اقتصاد متنوع بزيادة
الاستثمارات المحلية والأجنبية وتحقيق الأهداف المحددة من خلال مبادرات
محددة كميا وزمنيا. كما أن الحاجة لهذه الإحصاءات ماسة في معالجة القضايا
المحلية ومنها البطالة فكلما كان المستخدمون على ثقة عالية بتلك الإحصاءات
كان استخدامها مثمرا في مسار تحقيق الأهداف المرجوة.
إن للإحصاءات دورا فاعلا في توجيه السياسات العامة وقراراتها ويزداد نمو
الطلب عليها مع زيادة المتغيرات الحالية والمستقبلية لوضع الحلول المناسبة
للقضايا المعاصرة، فإنه من الصعوبة بما كان أن يميز المستخدمون بين
الإحصاءات الموثوق بها من تلك ذات الجودة الأقل، وهذا هو التحدي الأكبر في
السنوات القادمة لمنتجي الإحصاءات الاقتصادية لا على قدرتها لتوفير كمية
كبيرة متنوعة من الإحصاءات، بل على ما تقدمه من جودة المنتجات التي تكون
واضحة وذات شفافية للمستخدمين؛ حيث إن نمو ثقافة المستخدمين الإحصائية
وإيلاء اهتمامهم بما يتم تداوله على وسائل الإعلام من قياس الأثر الفعلي
للإحصاءات الرسمية على عمليات صنع واتخاذ القرارات الاقتصادية، سواء كان
على مستوى الأفراد أو المسؤولين، بدلا من التركيز على قياس كمية البيانات
المنشورة أو جمع البيانات.
فمن أهم المهام الرئيسية للإحصاءات الاقتصادية تطوير المفاهيم،
التعريفات، التصنيفات، والأساليب التي يمكن استخدامها لإنتاج المعلومات
الإحصائية التي تصف حالة أو تغير في الظواهر الاقتصادية سواء من حيث الزمان
أو المكان؛ حيث يتم تطوير الإحصاءات الاقتصادية باستمرار لارتباطها الوثيق
بالتطورات في النظريات الاقتصادية التي يتم إنتاجها تلبية لطلب المستخدمين
ذات الغايات المتنوعة، ووفقا لعدد من الأبعاد المختلفة والمشتقة من عرض
الواقع. علما أن الجزء الأكبر من الطلب على المعلومات الإحصائية ذات
السلاسل الزمنية التي لا تقل عن 30 فترة زمنية متتالية لاستخدامها في تحليل
سلوك الفاعلين الاقتصاديين والتنبؤ بالتحركات المحتملة للاقتصاد الكلي
بتطبيق نماذج الاقتصاد القياسي Econometrics التي تقيم السياسات الاقتصادية
من حيث قيمتها الإيجابية أو السلبية مقارنة بالاستثمارات البديلة.
إن دقة الإحصاءات الاقتصادية وتنوعها تصب في المصلحة العامة وخدمة
المواطنين ويعد أمرا صحيا وإيجابيا. وكلما كانت المنهجية الإحصائية لا
يشوبها أي تشويه (Bias) ومتوافقة مع أهداف رؤية 2030 من حوكمة وشفافية، فإن
استخدامها سيدعم الاقتصاد ويقلص البطالة السعودية إلى مستواها الطبيعي
(5.5 %) من خلال توظيف الباحث السعودي عن عمل قبل 4 أسابيع من وقوعه في فخ
البطالة، مما يعزز الحياة المعيشية لأفراد المجتمع ويدعم النمو الاقتصادي.