الثلاثاء 9 شوال 1435 هـ - 5 أغسطس 2014م - العدد 16843
المقال
علينا أن نشيد بجهود مصلحة الجمارك العامة في مكافحة تهريب المخدرات
إلى بلدنا وكذلك رجال حرس الحدود وما قد يتعرضون له من مخاطر. لقد تزايدت
كميات المخدرات المضبوطة من قبل مصلحة الجمارك العامة بجميع أنواعها، حيث
أوضح تقريرها للربع الثاني من عام 2014م بان إجمالي المخدرات التي تم
ضبطها (843) كغم، وبلغ عدد الحبوب المخدرة حوالي (6.7) ملايين حبة، كما
بلغت كمية الخمور التي تم ضبطها خلال نفس الفترة من هذا العام حوالي (43)
ألف زجاجة خمر. هذه الكميات التي تم اكتشافها خلال الربع الثاني من هذا
العام، فما بالك بالتي تسربت الى داخل البلد بطرق متنوعة أو لم يتم
اكتشافها. الأهم ان ندرك بان الحد من ظاهرة المخدرات يتركز في معالجة جانبي
العرض والطلب معاً وليس في جانب العرض لوحده مثل ما تفعل مصلحة الجمارك،
بدون اتخاذ أي اجراءات فعلية من الجهات الاخرى لتقليص حجم الطلب الذي يضعف
عزيمة المروجين ويحقق خسارتهم.
ان غض النظر عن جانب الطلب يتيح لهؤلاء المروجين الاستمرار في اعمالهم
الاجرامية من اجل تحقيق اكبر قدر من المبيعات والأرباح على حساب افراد
مجتمعنا واقتصادنا. إني اتكلم عن كميات هائلة في بلد إسلامي أولى من غيره
بمقاومة تلك المخدرات الخطيرة على حياة افراد مجتمعنا وعلى اقتصادنا. انهم
تجار المخدرات الذين يحاولون التغلغل داخل مجتمعنا لتخدير عقول افراد
مجتمعنا لخلق قوة بشرية لا تستطيع خدمة وطنها بل انها تصبح عقبة في تقدم
اقتصادنا من خسارة في الانتاج وارتفاع في تكاليف علاجها بالإضافة الى ما قد
تسببه من اخطار اخرى لمن لا ذنب لهم.
لا تنصدم بعد استعراض بعض الارقام الصادرة من مصلحة الجمارك لعام 2013،
والتي لا تشمل الكميات غير المضبوطة في معادلة المجهول. فقد بلغت الكميات
المضبوطة من المخدرات أكثر من (906) كغم، والحبوب المخدرة أكثر من (39)
مليون حبة بزيادة مقدارها 17%، والخمور (254) الف وحدة بزيادة مقدارها 60%
عن العام الذي سبقه. لاحظ ارتفاع نسبة الحبوب المخدرة المضبوطة ما يشير الى
قوة الطلب على هذا النوع من المخدرات ويسهل توزيعها على الشباب. أما
الخمور فزادت كثيرا لتجعل القارئ يغضب ويتساءل من يطلبها أو من يشتريها
ولماذا؟.
ان ارتفاع تكاليف المخدرات المهربة واستمرار المروجين على تهريبها مؤشر
واضح بان الطلب عليها أعلى بكثير مما يتم تهريبه لكي يحصلوا على اعلى اسعار
ممكنة، انها معادلة اقتصادية بسيطة زيادة الطلب ونقص في العرض يعظم
الاسعار. إذاً قوة الجذب ناتجة عن الطلب غير المرن لمن يشتري تلك المخدرات
عند أي سعر يحدده له المروج. فان تعامل الجهات المختصة مع جانب الطلب
بالتوعية وهي ضرورية لكن غير كافية ولن يحد من الطلب عليها. انني اتساءل كم
إجمالي ما ينفق على المخدرات والمؤثرات العقليه في الاقتصاد السعودي وكم
من الانتاجية الاقتصادية الذي خسرها اقتصادنا بسبب تعاطي بعض افراده
للمخدرات او الإدمان عليها؟ أعرف جيدا لا توجد مراكز بحوث تقدم تقديرات
للطلب والعرض ولكن بتأكيد كبير.
لقد حان الوقت بتشريع الاختبار العشوائي للمخدرات والمؤثرات العقلية،
بجميع انواعها في المدارس والجامعات وأماكن العمل في القطاعين العام
والخاص. وان لا نجعل ارتفاع تكلفة الفحوص عذرا لتفادي تطبيق تلك الاختبارات
لأنها تكاليف قصيرة الاجل وعوائد كبيره على المديين المتوسط والطويل، عند
مقارنتها بقيمة الانتاجية المفقودة والتكاليف الجمركية وعلاج هؤلاء
المتعاطين وما يحدث من حوادث مميتة. ان تطبيق اختبار المخدرات العشوائي
قريبا ستكون تكلفته اقل بكثير منها مستقبليا، للحد من تفاقم ظاهرة
المخدرات التي تهدد أمن واستقرار بلدنا.
"اللهم احفظ أمن واستقرار بلادنا واحمِ مجتمعنا من شر المخدرات"..