الثلاثاء 26 صفر 1437 هـ - 08 ديسمبر 2015م - العدد 17333
المقال
حان الوقت لإنشاء نظام ضريبي يمكن الجهات المختصة من تحصيل ضريبة
القيمة المضافة على السلع والخدمات لتعظيم إيرادات الدولة غير النفطية
وتصحيح التشوهات الاقتصادية الناتجة عن عدم وجود أداة جديدة لتصحيحها. هذا
النظام الضريبي سوف يعزز الانفاق الحكومي ويعظم استدامة التنمية الاقتصادية
والاجتماعية لجميع المواطنين في ظل بيئة آمنة ومستقرة. لقد اصبح ضروريا
تنمية ثرواتنا وحمايتها وتنميتها لما فيه مصلحة الدولة وأمنها واقتصادها،
بفرض ضريبة القيمة المضافة التي تتوافق مع ما ورد في نصي المادة "14"
والمادة "20" من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية.
فالإسراع في صياغة هذا النظام الضريبي أمر مُلح من خلال مجلس الشؤون
الاقتصادية والتنمية بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي حول القرارات
الهامة والأنظمة من البيروقراطية (Bureaucracy) الى الإجراءات السريعة
والموحدة لحل المشاكل Adhocracy القائمة، مما ادخلنا في عصر تطبيق منهجيات
القطاع الخاص على إلادارة الحكومية لقياس أدائها والإسراع في تنفيذ
قراراتها واغتنام الفرص الضائعة في ظروف اقتصاديه متغيرة ويشوبها نوع من
عدم التأكد. ولنا عبرة في دراسة نظام فرض الرسوم على الاراضي الذي أحاله
خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- الى مجلس الشورى ليتم انجازه خلال 30
يوما.
ان القرارات العامة اساسها المنفعة العامة وفي إطار قانون
"بيريتو-Pereto" ان يكون أغلبية المواطنين في أفضل وضع عما كانوا عليه ولا
تكون الاقلية في وضعا أسوأ مما كانوا عليه. إنها القاعدة العادلة التي تحقق
المساواة في ظل نمو اقتصادي متصاعد ومتنوع تزداد فيه ايرادات الدوله غير
النفطية بمعدلات تدعم التوسع في سياستها المالية وتمول انفاقها على برامج
التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يزيد من رفاهية المواطن المرتبط
بالنمو الاقتصادي المستمر الذي يوظف الموارد المالية والبشرية افضل توظيف
بعيدا عن الاعتماد على ايرادات النفط المتغيرة تبعا لتغيرات اسواق النفط
العالمية.
فمن أهم فوائد ضريبة القيمة المضافة تحديد اجمالي الناتج المحلي الخاص
احصائيا بكل دقة وكشف التستر والحد من انتشار ظاهرة الاقتصاد الخفي الذي
يكلف اقتصادنا الرسمي اكثر من 500 مليار ريال سنويا. كما يصعب على المكلفين
التهرب من دفعها لأنها بسيطة الإدارة وشفافة ومحدودة الاعباء على
المنتجين، حيث يتم تحصيلها على القيمة المضافة وليس على القيمة الإجمالية،
مما يحد من تكاليفهم وتضخم الاسعار. كما انها تشجع على الادخار وزيادة
الاستثمار والنمو وتحسين القدرة التنافسية ولا تحد من القدرة التصديرية
للشركات من خلال استرداد الضريبة على الصادرات.
أما على مستوى ايرادات الدولة، لو افترضنا ان ضريبة القيمة المضافة التي
سوف يدفعها المستهلك النهائي نسبتها 5% من اجمالي الناتج الاجمالي الجاري
للقطاع الخاص الذي بلغ 1.14 تريليون ريال في عام 2014، فإن الزيادة في
ايرادات الدولة ستكون 57 مليار ريال. علما ان التحصيل على قيمة المبيعات
المباشرة سيكون أعلى بكثير من ذلك لعدم قدرة المنشآت على التهرب من دفع تلك
الضريبة. وإذا ما أضفنا قيمة خفض دعم الوقود بنسبة 20% في المرحلة الاولى،
لارتفعت ايرادات الدولة إلى أكثر من 70 مليارا سنويا بالإضافة الى الرسوم
الاخرى التي تزيد عن 135 مليارا ليصبح اجمالي الايرادات 262 مليار ريال
سنويا عند الحد الادنى.
هكذا اصبح انجاز نظام الضريبة في مدة قصيرة ضروريا من اجل إعادة هيكلة
اقتصادنا وإحداث قفزة نوعية في أدائه ووقف الهدر المالي من خلال تطبيق
الادارة الشاملة التي تقيس الاداء بنسب وأرقام مقارنة مع ما هو مستهدف لسد
الفجوة بينهما، نحو اقتصاد منتج ومستقل عن الدعم الحكومي، تستخدم فيه ضريبة
القيمة المضافة كأداة لتحفيز اصحاب الاعمال على رفع كفاءة اعمالهم
والمواطنين على ترشيد انفاقهم وتعظيم مدخراتهم. فبهذا نصنع اقتصادا غير
نفطي مصدرا أكثر منه مستوردا ومقاوما للصدمات الاقتصادية أكثر منه تراجعا
لكي يدوم الرخاء وينعم جميع المواطنين بخيراته واستقراره.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/1107719
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com