2/03/2016
لن تلدغ السعودية مرتين
الثلاثاء 23 ربيع الأخر 1437 هـ - 2 فبراير 2016م - العدد 17389
المقال
د. فهد محمد بن جمعة
أتمنى ألا تلدغ السعودية التي تملك أكبر طاقة إنتاجية في العالم من
سوق نفطٍ غريق مرتين، لئلا يتكرر دور المنتج المرجح، بعد أن تجاوز الزمن
سوق النفط التقليدي إلى إنتاج النفط الحجري والرملي، والطاقة النظيفة
والمتجددة بتقنيات عالية تخفض التكاليف وتزيد الإنتاج. فلا يغرنك رغبة بعض
الدول من داخل الأوبك أو مرونة منهم خارجها بنقاش تخفيض إنتاجهم، بعد أن
كشفت انخفاضات أسعار النفط الحادة عدم قدرتهم على الاستمرارية مع تدهور
عائداتهم النفطية وارتفاع تكاليف إنتاجهم وعدم قدرتهم على الاستثمار في
صيانة حقولهم القائمة وعمليات الاكتشاف والتنقيب الجديدة.
وعلينا ان نتذكر ان إنتاج النفط هذه الايام لم يعد يقتصر على الشركات
الحكومية، بل على الشركات الخاصة التي دخلت السوق بكثرة سواء في شمال
اميركا او غيرها، مما ساهم انتاجها في سد الطلب المحلي لبلدانهم وحد من
استيرادهم للنفط، بل انها في طريقها الى المنافسة في الاسواق العالمية
لتصبح نموذجا جاذبا لشركات اخرى في عدة اماكن متفرقة من العالم لإنتاج
المزيد من النفط الصخري عند تكاليف اقل.
ألا يكفي زيادة الشركات الاميركية لإنتاجها من النفط الصخري بأكثر من
4.6 ملايين برميل يوميا، ليعود اجمالي انتاجها الى 9.6 ملايين برميل كما
كان في عام 1970، والذي سيزيد مع تحسن الاسعار وتطور تقنية الحفر والتكسير
التي تخفض التكاليف بشكل متزايد، وسوف تنافس في اسواق النفط العالمية بعد
رفع الحظر اخيرا على صادراتها، مما سيعزز استمرارها في عمليات الاستثمار في
النفط الصخري. ألا يكفي ان نسبة تراجع الاسعار تجاوزت 50%، بينما لم
يتجاوز تراجع انتاج النفط الصخري 11% و 6% من اجمالي الانتاج الاميركي.
إنها شركات صغيرة وعددها كبير ولكنها تتكاثر بشكل سريع مدعومة بسهولة
الحصول على التمويل من البنوك لمشروعاتها، فلن تخفض انتاجها ولن تتفاهم مع
الاوبك بل انها تنتظر تحسن الاسعار لكي تزيد استثماراتها على الفور.
أما شركات النفط الروسية فلم يثبت تاريخيا انها قد تعاونت مع الاوبك
يوما ما ولن تتعاون في الحاضر أو المستقبل حتى ولو أبدت رغبتها. فدائما
سلوك روسيا الانتاجي يخالف مسار انتاج الاوبك فقط عندما تخفض الاوبك
انتاجها من اجل تعظيم عائدها النفطي على حساب الاوبك. فعندما خفضت الاوبك
انتاجها من 29.5 مليون برميل يوميا في عام 2000م الى 26.8 مليون برميل
يوميا في عام 2002م، رفعت روسيا انتاجها من 6.5 ملايين الى 7.4 ملايين
برميل يوميا خلال نفس الفترة، ثم استمر انتاج الاوبك بعد ذلك بمتوسط 31
مليون برميل يوميا حتى وقتنا الحاضر، بينما استمر انتاج روسيا في التصاعد
حتى تجاوز هذه الايام 10.6 ملايين برميل يوميا.
كما ان بعض اعضاء الاوبك لهم ايضا تاريخ طويل في الانتاج عند اقصى طاقة
لهم ودائما يطالبون برفع الاسعار الى أعلى مستوى ممكن وذلك على حساب دول
الاوبك ذات الطاقة الانتاجية الكبيرة وخاصة السعودية، فلا يهمهم إلا
مصلحتهم. هذا ما اوضحه جدول الحصص في ابريل 2011م، عندما تجاوز الأعضاء
حصصهم ما عدا عضوين تناقص انتاجهما بسبب الحظر او ضعف الطاقة الانتاجية،
مما اضطر الاوبك بعد ذلك الى اعتماد سقف انتاجي أعلى عند 30 مليون برميل
يوميا في ديسمبر 2011، لمنع تجاوز الحصص والذي لم يتوقف ابدا.
فعلى السعودية أن لا تلدغ من نفس الجحر مرتين، بعدما بدأت إستراتيجية
حصة السوق تلقي بظلالها على اسعار النفط وتمارس ضغوطا نفسية على المنتجين
اصحاب التكاليف المرتفعة وغير المتعاونين والذين يحلمون بعودتها الى دور
المنتج المرجح. ان الحصة السوقية سوف تتحقق اهدافها على المدى الطويل،
عندما يتم ضبط العرض والطلب لتغيرات الأسعار، حيث ان انخفاض الأسعار الحاد
جداً في الآونة الأخيرة، سببه الميول الحادة لمنحنيات العرض والطلب في
المدى القصير.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/1124901
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات
الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...
-
الثلاثاء 19 ذو القعدة 1442هـ 29 يونيو 2021م المقال د. فهد محمد بن جمعة لا طالما اعتمد العالم على إنتاج الأوبك من النفط بقي...
-
الثلاثاء 8 ذو القعدة 1446هـ 6 مايو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة تسعى حكومتنا الرشيدة بتوجيهات مستمرة من سمو ولي العهد الأمي...
-
الثلاثاء 28 ربيع الأول 1446هـ 1 أكتوبر 2024م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة نشرت فاينانشال تايمز الخميس الماضي، أن السعودية مستعدة لتحمل...