الثلاثاء 14 محرم 1445هـ 1 أغسطس 2023م
المقال
الرياض
د. فهد محمد بن جمعة
إن الانتقال من اقتصاد النفط أو المورد الواحد إلىاقتصاد التنوع ومتعدد الموارد ليس بالأمر السهل بل إنه يحتاج إلى قيادة ذات عزم وحسم وقدرة على اتخاذ القرارات والإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الاقتصاد وقطاعاته في اتجاه التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، إنه المسار الآمن لمواجهة التحديات والمخاطر المستقبلية ومواصلة النمو الاقتصادي نحو مستقبل أفضل في حالة تغير الظروف الاقتصادية العالمية إلى الأسوأ وتراجع الإيرادات النفطية. وبهذا يعزز تنويع الاقتصاد الصادرات غير النفطية وتنويع مصادر الإيرادات غير النفطية، كلما ارتفعت معدلات النمو بشكل تراكمي في إطار نموذج المدخلات والمخرجات وارتفاع مستوى الاستقرار الاقتصادي الذي تحدده المتغيرات الاقتصادية، النمو السكاني، مستوى الدخل الشخصي، معدل التوظيف.
إن اعتماد الاقتصاد على قاعدة متنوعة من الاقتصاد ما بين الصناعة والتقنية والخدمات المتقدمة ومشاركة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يحقق نمواً اقتصادياً أكثر استقراراً واستمراراً، بدلا من اعتماد نمو الاقتصاد على الإيرادات النفطية من خلال زيادة الإنفاق الحكومي بخطى متسارعة لفترة محدودة من الزمن قبل أن يتراجع الاقتصاد مع تراجع أسعار النفط وإيراداته.
إن المبادرة لوضع رؤية طويلة الأجل لتنويع الاقتصاد في إطار سياسات مالية ونقدية متوازنة، ترفع من الكفاءة الاقتصادية والمالية وتحسن الأداء في حدود الموارد والميز النسبية والتنافسية المتوفرة والتوازن بين التنمية الاقتصادية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية والبيئة، نحو مستقبل أكثر أماناً في ظل عدم اليقين والمخاطر إلتي تتعرض لها أسواق النفط العالمية.
هكذا ينظر صاحب الفكر الاقتصادي المبدع وقائد رؤية 2030، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى الاقتصاد السعودي، بتطوير نماذج اقتصادية تفوق كل التوقعات لتنويع القطاعات الاقتصادية من صناعات وخدمات للوجستية، وسياحة، وترفيه، ورياضة وصادرات غير نفطية، إنه يتبع منهجية فريدة من نوعها وغير مسبوقة، حيث يتم النظر بشكل أعمق إلى الإمكانيات الاقتصادية واختيار أفضلها جدوى في تنويع الاقتصاد من عدمه، وهنا وبطرق وأدوات ووسائل متعددة، يتم توجيه الإنفاق الحكومي النوعي إلى الاستثمار في البنية التحتية وتطويرها، لتكون بيئة جاذبة تتلاءم مع المعطيات الحديثة ومحفزات الاستثمارات الداخلية والخارجية. ولأول مرة يصبح صندوق الاستثمارات العامة الذراع الأيمن للدولة في التوسع والاستثمارات الكيفية والنوعية في جميع الأنشطة الاقتصادية والجاذبة والمعززة لمشاركة الشركات الخاصة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذات القيمة الاقتصادية المضافة لتعزيز النمو والازدهار.
ولأول مرة يتجاوز إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية (1) تريليون دولارا في 2022، ليستمر في مضاعفة نموه وصولا إلى 6.4 تريليون ريال أو 1.7 دولارا بحلول 2030، ليصبح من أكبر 15 اقتصادا في مجموعة العشرين. كما ارتفعت الإيرادات غير النفطية من 166 مليار ريال في 2015 إلى 410.89 مليار ريال أو 32.4 % من إجمالي الإيرادات في 2022. وهذا يعود بشكل رئيس إلى استمرار تنفيذ برامج ومبادرات رؤية 2030، للوصول بمساهمة القطاع الخاص إلى 65 %، المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى 35 %، الاستثمارات الأجنبية إلى 5.7 % في إجمالي الناتج المحلي، ولتتجاوز الصادرات غير النفطية 50 % من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.