الثلاثاء 20 ذو القعدة 1440هـ - 23 يوليو 2019م
المقال
الرياض
فهد
بن جمعه
استقلال حماية المنافسة عن حماية المستهلك كمؤسستين منفردتين مطبق في
كثير من دول العالم لرفع كفاءة أدائهما لخدمة الاقتصاد والمستهلك ولاختلاف نهجهما
ومنظورهما، حيث إن نهج المنافسة مرتبط بجانب العرض (المنتجين) ويتناول سلوك
الشركات في السوق مباشرة من خلال منع احتكار القلة والتركز الاقتصادي والسوقي،
الاندماجات والاتفاقات التي تعزز التركز في السوق، التحكم في المخزونات لرفع
الأسعار النهائية. أما نهج حماية المستهلك فهو مرتبط بجانب الطلب (المنتجات
والخدمات) ويتناول المعاملات الفردية والسلوك الثابت للممارسات التجارية
الاحتيالية أو غير العادلة في الأسواق مباشرة، لتأكد من سلامة المنتج والخدمة المقدمة
للمستهلك مع تنوع خيارات الشراء وبأفضل الأسعار، توفير معلومات دقيقة عن البائع
والمنتج، منع الدعاية الكاذبة والمضللة، الغش التجاري، وشروط تعاقد مفهومة ومناسبة.
ورغم أن المنافسة وحماية المستهلك يتقاسمان نفس الهدف النهائي،
المتمثل في حماية المستهلكين ولهما دور مباشر ومهم في تعزيز النمو الاقتصادي
وتحفيز الابتكار، الإنتاجية، القدرة التنافسية، بالإضافة إلى إسهامهما في تهيئة
بيئة عمل فعالة يتكاثر فيها نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفرص العمل، إلا
أنهما يختلفان في المنهجية التي يتبعانها لتحقيق ذلك الهدف. فالمنافسة هدفها
اقتصادي لإزالة الحواجز (Barriers to entry) التي
تضعها الشركات وتحتمي بها لتحكم في الأسواق، مما يؤدي إلى تحسين بيئة الأعمال
وزيادة جاذبيتها للاستثمارات الوطنية والأجنبية. بالإضافة إلى تعدد البدائل وتوفير
أسعار تنافسية مع تحسن جودة المنتجات والخدمات، مما يعظم رفاه المستهلك الكلي. أما
حماية المستهلك فهدفها ضمان حقوق جميع المستهلكين في الحصول على منتجات غير خطرة،
معلومات كافية لتمكينهم من اتخاذ قرارات رشيدة ووفقاً لرغباتهم واحتياجاتهم، مما
يحسن من رفاههم مباشرة، كما أنه يسهم في خلق تكافؤ الفرص التنافسية للشركات التي
تطبق مجموعة موحدة من المعايير والمواصفات.
من الضروري بقاء استقلال المنافسة عن حماية المستهلك مؤسسياً ونظامياً
كما هو معمول به في معظم بلدان العالم التي تفصل بين مهام المنافسة والمستهلك مثل
(أيسلندا، واليابان) من أجل زيادة فعالية سياسة المنافسة في أيسلندا وزيادة فعالية
السياسة الاستهلاكية في اليابان، على نقيض الهيئات التي تمارس الوظيفتين وتحاول
إيجاد التوازن السليم بينهما وتحديد أولويات أنشطتها لإنفاذ القوانين، وهذا يجعل
من استقلالية هاتين المؤسستين إصدار قرارات خالية من التأثير الخارجي، تعارض
المصالح، والأخطاء، ويمكنها من تقديم معلومات دقيقة للجهات القضائية دون أي تحيز
في موقفها اتجاه هذه القضايا.