الثلاثاء 20 شعبان 1438هـ - 16 مايو 2017م - 26 برج الثور
المقال
الرياض
د. فهد محمد بن جمعة
أوضح تقرير وزارة المالية الربع
الاول/2017م، بان العجز في الميزانية هبط الى (26211) مليار ريال أو بنسبة
(71%) مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وكنا نأمل مقارنة الترابط بين
هذا العجز ومعدل النمو الاقتصادي بالأسعار الثابتة في الربع الاول/2017 مع
الربع الاول/2016م والذي نما بنسبة (1.97%)، لكن للأسف لم يصدر معدل النمو
لربع السابق حتى الآن، ومن المفروض ان يكون هناك تنسيق بين وزارة المالية
والهيئة العامة للإحصاء، لنشر تلك المعلومات تزامنا حتى يتضح الترابط بين
عجز الميزانيه والنمو الاقتصاد الفعلي.
بلا شك ان تحسن مؤشرات الميزانية أمر ايجابيا واستمرارية توازن العجز
خلال المدة المتبقية من هذا العام في اتجاه العجز المقدر (198) مليار ريال
أمرا أكثر ايجابية، ترابطا مع اتجاه النمو الاقتصادي الذي يدعم قدرة
واستمرارية القطاع الخاص في استثماراته وزيادة القيمة الاقتصادية المضافة
رأسماليا وبشريا لكي يتناقص معدل البطالة (12.3%) بين السعوديين في اتجاه
اهداف رؤية 2030.
فمازال هناك جدل كبير بين الاقتصاديين من حيث الترابط بين عجز الميزانية
والنمو الاقتصادي، حيث يدعي الاقتصادي "كينز" بان الترابط بين النمو
الاقتصادي والعجز في الميزانية ايجابيا، بينما اخرين من اقتصاديين
نيو-كلاسك (Neo-Classical) يدعون عكس ذلك على ان الترابط بينهما سلبيا. أما
"ريكاردين-Ricardian" فيعتقد ان العلاقة محايدة بين عجز الموازنة والنمو
الاقتصادي.
وفي هذا الاطار لا شك ان الانفاق الحكومي أو تخفيض الضرائب يدعم الانشطة
الاقتصادية ولكن في نفس الوقت تراكم الزيادة في عجز الميزانية وكذلك
المديونية يكون لهما اثار سلبيه مستقبلية وتجعل من الاستثمار بيئة طاردة مع
ارتفاع معدلات المخاطرة. لذا تحرص أي حكومة على تنمية احيتاطياتها النقدية
باستخدام ادوات ماليه متنوعة، تؤدي الى تحسين مركزها الائتماني بناء على
قدراتها المالية المتاحة وإيراداتها المتوقعة. هكذا تقوم الدول (امريكا)
باتخاذ سياسات ماليه تحفيزية من خلال دعم السيولة وتخفيض الضرائب التي تدعم
نمو القطاع الخاص وتوظف المزيد من العمالة وترفع مستوى التصدير وبذلك تزيد
الايرادات الحكومية رغم التخفيض مع زيادة اجمالي الناتج المحلي بدلا من
بقائها كما هي وانخفاض النمو ثم تراجع الايرادات.
لذا علينا مراعاة التباين بين اقتصاديات البلدان التي تعتمد ايراداتها
على الضرائب تاريخيا والتي تعتمد ايراداتها على عائدات النفط في دعم
الاقتصاد الوطني. وفي جميع الاحوال يكون التوازن المالي الاقتصادي الافضل،
عندما ينمو الاقتصاد نموا حقيقيا متصاعد عند اقصى نقطة ممكنة وبعجز مالي
عند ادنى مستوى ممكن لتفادي الصدمات الاقتصادية على المدى المتوسط
والطويل.