المقال
د. فهد محمد بن جمعة
موافقة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في مدينة سياتل الأميركية على اتفاقية تأسيس مشروع مشترك يوطن أكثر من 55 % من الصيانة والإصلاح وصناعة الطائرات الحربية ويوفر قطع الغيار داخليا، استقراء للحاضر وتنبؤ بالمستقبل في إطار التهديدات الأمنية التي تهدد استقرار اقتصادنا وأمننا. إن الأمن الاقتصادي بما في ذلك المواطنون، والاقتصاد، والمؤسسات، يعد واجباً من واجبات الحكومة للحفاظ عليه من أجل التنمية الاقتصاد الوطنية، وهذا ما يدركه الأمير محمد جيداً فلا اقتصاد من دون استقرار أمني ترسخ قواعده قوة عسكرية قوية ومتفوقة -بما تمتلكه- على أعدائنا والحاقدين على تقدم بلادنا اقتصاديا وصناعيا، ويزيد من غيظهم كلما زاد إصرارنا على تنمية المحتوى العسكري وتوطين المزيد من التقنية، مما يقلص الإنفاق العسكري بنسبة 50 % في نهاية رؤية 2030.
إن توقيع هذه الاتفاقية (Joint Venture) بين الشركتين السعودية للصناعات العسكرية وبوينغ، مؤشر واضح على ما سيؤول إليه مستقبل المملكة، بتحولها إلى قوة عسكرية ضاربة لا يتجرأ الأعداء على الاقتراب منها، هكذا نتعلم من الدول المتقدمة ذات الاقتصادات الكبيرة والتي في نفس الوقت تملك أقوى قوات ومؤسسات عسكرية في العالم وتنفق مليارات الدولارات لتطوير قواتها باستمرار، بالإضافة إلى إقامتها لتحالفات عسكرية من أجل حماية أمنها ومصالحها الاقتصادية وحتى يستمر أمنها واستقرارها وتحسن مستوى معيشة مجتمعاتها أكثر من الدول الأقل أمنا.
لقد أثبتت الدراسات العلمية أن العلاقة بين الاستقرار الاقتصادي والأمني طردية، فكلما زاد الأمن والاستقرار زاد الاقتصاد ازدهاراً وزادت الاستثمارات المحلية وتدفقات الاستثمارات الأجنبية مع توقع ارتفاع عوائدها وانخفاض مخاطرها، هكذا يحرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده كل الحرص على استدامة الأمن والاستقرار في بلادنا وبأقل التكاليف الممكنة من أجل الحد من البطالة وتوفير حياة معيشية كريمة لأبناء هذا الوطن في مجتمع آمن، بل إنها تحرص على تعزيز المحتوى الصناعي حتى يصبح اقتصادنا منافساً لأكبر اقتصادات العالم.
إن ميزة تطوير صناعتنا العسكرية محلياً، تتمحور في دعم تفوقنا العسكري وحمايتنا من مخاطر الدول المجاورة المهددة للأمن والاستقرار، حيث تصبح تكلفة تطويرها للإنتاج العسكري مرتفعة جدا، مما يضعف إمكاناتها التقنية وعدم قدرتها على منافستنا، بينما نحن مستمرون في التطوير والتقدم في بيئة يسودها الأمن المستدام وتنوع الموارد المالية، فإنه ينبغي على واضعي سياساتنا التركيز على زيادة حجم قواتنا العسكرية تصنيعياً وتقنياً وبشرياً، وأن يكون للبحث والتطوير (D&R) العسكري دور مهم في التنمية الاقتصادية، بتوفير القواعد الأساسية لفهم الآثار الاقتصادية والأمنية المترتبة على تقدم الصناعات العسكرية وما ينبغي عمله مستقبلاً.