الرياض الاقتصادي
المقال
د. فهد محمد بن جمعة
استكمالا لموضوع «جودة الحياة وتكلفة
المعيشة» الذي تم نشرة في الرياض،22 /5 /2018م، والذي أوضح العلاقة بينهما
على أساس أن مستوى المعيشة يعد رضا خارجي ويعبر عن مدى سهولة الحياة، بينما
جودة الحياة تعد رضا داخلي من خلال سعادة الفرد وتمتعه بحياة آمنة. فإن
هناك تباينا في عوامل جودة الحياة ومستوى المعيشة عبر بلدان العالم، حيث
يطغوا بعضهما على البعض الآخر إما بزيادة جودة الحياة أو مستوى المعيشة أو
كلاهما معا، وسنعرض أمثلة لتلك البلدان ضمن التصنيفات العالمية للاستفادة
منها في تقييم جودة الحياة لدينا ومعرفة ما ينبغي عمله لتحسين جودة الحياة
في بلادنا.
فقد أوضحت دراسة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في نوفمبر
2017م، التي شملت (41) بلدا واستخدمت (50) مؤشرا مصنفة في مجموعتين هما
المؤشرات المادية (الدخل والثروة، الوظائف ودخلها، الإسكان) ومؤشرات جودة
الحياة (التوازن بين العمل والحياة، الصحة، التعليم، السلامة الشخصية،
نوعية البيئة) لمعرفة ما الذي يجعل الحياة جيدة، هل هي الصحة الجيدة،
التعليم، المال، أو أي شيء آخر؟. فمن نتائج هذه الدراسة، أن البلدان
الوحيدة التي حصلت على تصنيفات قوية في كلا المجموعتين هي سويسرا والسويد
والنرويج، بينما النرويج البلد الوحيد التي حصلت على نجمة تقريبا في كل
واحد من هذه المؤشرات، بمعدلات توظيف عالية وبطالة أقل.
كما أن أداء الأوضاع المادية في أستراليا وكندا، ولكسمبورغ قوي جدا، إلا
أنها لا تضاهي جودة الحياة في فنلندا وأيسلندا، رغم ان أوضاعهما المادية
أقل. أما الولايات المتحدة التي تقود العالم في الأوضاع المادية، فإنها
سيئة في مؤشرات جودة الحياة، لا سيما في التوازن بين العمل والحياة وارتفاع
معدلات القتل، حسب تقرير الأمم المتحدة (The World Happiness Report
2017).
أما في الشرق الأوسط، فاحتلت دبي المركز (74) والأعلى جودة في المعيشة
عبر المنطقة، تليها أبو ظبي في المركز (77)، وقد تصدرا القائمة الإقليمية
في خدمات «الصرف الصحي في المدينتين». كما احتلت مسقط المركز (70) والمنامة
(93)، ومدينة الكويت (99)، بينما لم تتسلق الدول العربية الأخرى قمة
الـ100 من أفضل البلدان في جودة الحياة (Mercer’s 20th Quality of Living
ranking).
أما نحن فنعول كثيرا على برنامج جودة الحياة ورؤية 2030 في تحسين الحياة
والظروف المادية بمعظم مؤشراتها في توازن بين جودة الحياة وتكلفة المعيشة،
مما يمكننا من تصدر قائمة الـ(50) بلدا الأفضل في جودة الحياة، مستفيدين
من خبرات هذه البلدان التي تصدرت القائمة.