3/15/2011

مخاوف من استمرار معدلات التضخم في ظل تراجع القوة الشرائية للريال

الثلاثاء 10 ربيع الآخر 1432 هـ - 15 مارس 2011م - العدد 15604

 

توقعات بوصول إيرادات المملكة النفطية إلى 873 مليار ريال في 2011 وتسجيلها ثاني أعلى دخل في تاريخها

الرياض – فهد الثنيان
    أكد مراقبون اقتصاديون ل " الرياض " بأن ارتفاع أسعار النفط والإنفاق الحكومي سيعززان النمو الاقتصادي المحلي والذي من المتوقع أن يرتفع من 3.8% في 2010 إلى 4.5% في 2011 , إلا أن لذلك جوانب سلبيه مهمة منها ارتفاع معدلات التضخم المستورد والمحلي.
وأبدوا قلقهم من ارتفاعات معدلات التضخم الحالية إلى مستويات كبيرة وهو ما يزيد المطالب بكبح معدلاته التي نمت بشكل كبير خلال الفترة الاخيرة.
وتوقعوا بنفس السياق ان تبلغ إيرادات المملكة النفطية لهذا العام 873 مليار ريال وبإجمالي إيرادات عامة يصل قرابة 937 مليار ريال وتعتبر هذه الإيرادات الأعلى تاريخيا بعد إيرادات عام 2008 التي بلغت فيها الإيرادات 1.1 تريليون ريال.
وقال الدكتور فهد بن جمعة المتخصص بقطاع النفط والطاقة إن أسعار النفط مازالت مؤهلة بأن تسجل مستويات تاريخية لم تعهدها تداولت عقود النفط في البورصات العالمية مع زيادة توتر تلك الأسواق من الأحداث السياسية في بعض الدول المنتجة للنفط أو الدول الأعضاء في منظمة الأوبك مثل ليبيا، العراق، إيران، الجزائر عمان ، مفيدا بنفس الصدد بأنه لو حدث تعطل كامل في إنتاج دولتين فقط لأصبحت كارثة حقيقية من الصعب تلبية هذا النقص بشكل سريع في ضل ارتفاع الطلب العالمي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا.
وأفاد بأن السيناريو المحتمل هو تعطل جزء كبير من إنتاج ليبيا البالغ 1.5 مليون برميل يوميا والتي تصدر منه 1.1 مليون برميل يوميا، وهذا ما حدث فعلا، حيث توقف 50% من الإنتاج الحالي وهو ما يقارب 750 ألف برميل يوميا ما رفع سعر النفط إلى 115.9 دولار وسعر نايمكس إلى 104.9 دولارات .
ولفت إلى أن عدم اليقين بشأن الوضع الحالي سيبقي أسعار النفط عند مستويات أعلى للأشهر القليلة المقبلة , وقال إن هناك شكوكا حول المخزون التجاري الحالي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومدى كفايته لتغطيه 52 يوما من الطلب والأقل من متوسط سنتين. واسترسل ابن جمعة بأن متوسط المخزون الأوروبي يعتبر أقل من متوسط خمس سنوات في ضل قيام المملكة بزيادة إنتاجها فوق حصتها البالغة 8.051 إلى ما فوق 9 ملايين برميل يوميا هذه الأيام وقد تستمر هذه الزيادة حتى تنخفض الأسعار إلى مستوى 90 دولارا.
وأشار إلى أن المملكة ستحقق إيرادات جيدة من خلال زيادة الإنتاج تزامنا مع ارتفاع أسعار النفط العربي الخفيف الذي تجاوز 94 دولارا و 99.9 دولار في شهري يناير وفبراير على التوالي.
وقال انه من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر النفط خلال هذا العام 93 دولارا وهذا أعلى مما اعتمدت عليه الميزانية العامة الحالية عند 60 دولارا، وبناء على ذلك فإن إيرادات المملكة النفطية المتوقعة لهذا العام سوف تبلغ 873  مليار ريال وبإجمالي إيرادات عامة تصل قرابة 937 مليار ريال .
وزاد بأن هذه الإيرادات تعتبر الأعلى تاريخيا بعد إيرادات عام 2008 التي بلغت فيها الإيرادات 1.1 تريليون ريال. وأوضح بأن الفائض في الميزانية الحالية سيبلغ 317 مليار ريال حيث ستقوم الدولة بصرفه على المكرمة الملكية الجديدة دون السحب من الاحتياطي النقدي الأجنبي.
وفي شأن متصل أكد ابن جمعة أن زيادة إيرادات النفط سوف تنعكس إيجابا على النمو الاقتصادي السعودي والذي من المتوقع أن يرتفع من 3.8% في 2010 إلى 4.5% في 2011.واستدرك بأنه بالرغم من أن ارتفاع أسعار النفط والإنفاق الحكومي واللذان سيعززان من معدل النمو الاقتصادي المحلي إلا أن لذلك جوانب سلبية منها ارتفاع التضخم المستورد والمحلي. واعتبر أن معدلات التضخم محليا لا زالت مرتفعة مقارنة بالعامين الماضيين، وهو ما يعني أن القوة الشرائية للريال لا تزال تتراجع . وحذر ابن جمعة من استمرار ارتفاع معدلات التضخم خلال الأشهر القادمة وتسجيله نسبة قريبة من %6، مدعوما بالطلب على العقار وعلى السلع والخدمات بعد المكرمة الملكية، ما قد يتطلب من الدولة التفكير جديا بوضع حلول فاعلة فيما يخص بدل الغلاء للمواطنين وتفعيل بطاقات الدعم التمويني والغذائي لذوي الدخل المحدود.
من جهته قال الدكتور عبدالعزيز داغستاني رئيس دار الدراسات الاقتصادية إن الأحداث الأخيرة التي اجتاحت بعض الدول العربية ألقت بظلالها على الساحة الاقتصادية والمالية الدولية، ولم تسلم منها سوق البترول، إذ تأثر المعروض بسبب نقص الإمدادات الليبية، وتغير مستوى الأسعار، وسجلت أسعار البترول ارتفاعات ملحوظة. وأسهم ذلك بالضرورة في تغير مستوى إنتاج المملكة من البترول، بالإضافة إلى زيادة إيراداتها البترولية بشكل كبير جداً، حيث زاد الإنتاج بنحو 700 ألف برميل يومياً، وزادت الإيرادات بشكل كبير.
وأشار إلى أنه من الطبيعي أن تحدث هذه التغيرات ضغوطاً تضخمية على المستوى العالمي، ويكون لها أثر قريب على مستوى التضخم في الدول التي تميل لديها النزعة الحدية للاستهلاك إلى الارتفاع، ومنها المملكة .
ولفت إلى أن ذلك لا يعني، بالضرورة أن يلتهم التضخم المكاسب المالية التي سيجنيها الاقتصاد السعودي، خاصة إذا استخدمت الدولة هذه الإيرادات الكبيرة في ضخ أموال إضافية للاقتصاد بعد أن وصلت المبالغ المقرر صرفها بالمكرمة الاخيرة في مجملها إلى نحو (110 مليارات ريال) سيتم إنفاقها على مدى عامين كاملين.

3/14/2011

ارتفاع أسعار النفط يدعم التضخم

الاثنين 9 ربيع الآخر 1432 هـ - 14 مارس 2011م - العدد 15603

المقال

ارتفاع أسعار النفط يدعم التضخم

د. فهد محمد بن جمعة*
    تراجعت أسعار نايمكس للعقود الآجلة وبرنت الجمعة الماضية إلى 101 دولار و 103.8 دولار على التوالي في أعقاب الزلزال الذي شل الأعمال التشغيلية للمصافي اليابانية التي تستورد 4.42 مليون برميل يوميا، وإذا ما استمر ذلك الشلل لفترة طويلة سوف يقلل من الطلب على النفط. لكن النفط الأمريكي انخفض في وقت سابق بعد أن ذكرت إدارة العمل الأمريكية أن مطالبات العاطلين عن العمل زادت 26 ألفا إلى 397 ألفا في الأسبوع الماضي وكذلك ارتفاع مخزونها التجاري بمقدار 2.52 مليون برميل إلى 348.9 مليون.
إن ارتفاع أسعار النفط يعكسها التضخم الذي يقيس ارتفاع مستوى الأسعار العامة للسلع والخدمات على مدى فترة من الزمن، وعندما يرتفع مستوى الأسعار، فان كل ريال واحد سوف يشتري أقل من السلع والخدمات. هكذا يعتبر التضخم تآكلاً للقوة الشرائية للنقود عندما تقيم بقيمتها الحقيقة، ما يترك آثارا إيجابية وسلبية على الاقتصاد في آن واحد، حيث إن الآثار الإيجابية تستمد قواها من السياسة النقدية للبلد التي تهدف إلى تخفيض أسعار الفائدة من اجل تحفيز الاقتصاد والخروج من مرحلة الركود، ما يشجع على الاستثمار في المشاريع الرأسمالية غير النقدية. أما الآثار السلبية كما ذكرنا سابقا انخفاض القيمة الحقيقة للنقود على مر الزمن، واستمرار معدلات التضخم في المستقبل لا يشجع الاستثمار والادخار، وقد يؤدي التضخم المرتفع إلى نقص في السلع والخدمات يلحق الضرر بالمستهلكين.
فإن العلاقة بين التغيرات في أسعار النفط والتضخم من الناحية النظرية علاقة واضحة إلى حد ما. فزيادة أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2000 وضع ضغطاً تصاعدياً على مستوى الأسعار أي إن الارتفاع الحاد في أسعار النفط يتسبب في صدمة تضخمية خارجية وسيكون له تأثير أكبر عندما يكون بلد مستورد على نطاق واسع للنفط وعلى الصناعات التي تستخدم النفط كمدخل أساسي في عملياتها الإنتاجية. وقد أكدت بعض الدراسات البريطانية أن ارتفاع أسعار النفط بمقدار 3-4 دولار يرفع معدل التضخم بنسبة 0.1% بشكل مباشر، حيث إن التضخم المرتفع يؤثر على الطلب الكلي ويحد من نمو الدخل الحقيقي ما يمارس ضغطا على طلب المستهلكين من خلال ارتفاع تكاليف المدخلات التي تحد من الهوامش الربحية لشركات مما يقلص استثماراتها المتوقعة ويتسبب في تباطؤ الطلب. وإذا ما تدخل البنك المركزي لكبح جماح التضخم بطريقة متشددة فان ذلك سوف ينعكس سلبيا على أداء الاقتصاد الكلي من خلال اتباعه سياسات انكماشية تدخل الاقتصاد مرة أخرى في الركود لكي تستمر الدورة الاقتصادية.
لكن التقلبات في أسعار النفط لم تعد أمرا هاما في التأثير على معدل التضخم كما كانت في العشر أو العشرين عاماً الماضية مع زيادة كفاءة استخدام الطاقة ووجود المحزونات النفطية وزيادة مرونة أسواق العمل والمنتجات لكي تتجاوب مع التغيرات والضغوط التضخمية، فلم يعد ارتفاع الأجور يحدث تلقائياً عند الطفرات التضخم، وهذا ما حدث في السوق السعودي، حيث إن معظم القطاع الخاص لم يرفع الأجور رغم أن الحكومة رفعت أجور موظفيها. كما أن العديد من الأعمال التجارية تواجه صعوبة في تمرير الزيادة في تكاليفها في الأجل القصير عندما تنسب أسعار النفط في ذلك من خلال ارتفاع تكاليف السلع المستوردة. فقد قدر صندوق النقد الدولي أن زيادة أسعار النفط إلى 89 دولاراً للبرميل الواحد ب10 دولارات سيكون له أثر كبير على الصعيد العالمي. وقد حذرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) عن ارتفاع أسعار الغذاء في جميع أنحاء العالم نتيجة لذلك.
لقد أدت ارتفاعات أسعار النفط على مدى سنوي إلى ارتفاع أسعار التضخم في السعودية أي إن العلاقة طردية فكلما ارتفعت أسعار النفط ارتفع معدل التضخم، فنجد في عام 2000 و 2001 كان معدل التضخم (-1.1%) سلبيا عندما كان سعر النفط العربي الخفيف أقل من 28.5 دولار لكن أسعار النفط بدأت تأخذ اتجاها تصاعديا مستمرا من 2002م من سعر 25 دولارا إلى 97.26 دولار في 2008م ورافقه ارتفاع معدل التضخم من 0.2% إلى أعلى مستوى له عند 9.9% خلال نفس الفترة. ثم انخفضت أسعار النفط في عام 2009م إلى 61.67 دولار وانخفض معدل التضخم إلى 5.1%، ولكن أسعار النفط ارتدت في 2010 إلى 76.3 دولار ليرتفع التضخم إلى 5.3% في نفس الفترة. هذا الاتجاه استمر خلال الشهرين من عام 2011م رغم أن أسعار النفط ارتفعت إلى 92.43 و 95.72 لان التأثير يأتي متأخرا عدة اشهر فلو كان على مستوى سنوي لرأينا ارتفاع معدل التضخم أيضا.

* عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية
* عضو الجمعية المالية الأمريكية


الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...