الثلاثاء 13 شعبان 1438هـ - 9 مايو 2017م
المقال
فهد محمد بن جمعة

أبهرت رؤية السعودية 2030 العالم من حولنا بما تضمنته من أهداف
كمية، عندما قررت القيادة في 2015، ليس هناك إلا خيار تنمية الاقتصاد
السعودي وخاصة الاقتصاد غير النفطي بدعم حكومي واستثمارات كبيرة من صندوق
الاستثمارات العامة. لكن ما فاجأ العالم أكثر تجاوب المجتمع السعودي معها
وتفاؤله بمستقبل مزدهر ومستدام. نعم نحن مجتمع مرن ويتكيف مع المتغيرات
الاقتصادية وقد مر أجدادنا بتجربة ما قبل النفط وبداية إنتاجه، بينما نحن
مررنا بتجربة السبعينات وما بعدها وبين أمواج النفط المتلاطمة صعودا وهبوطا
وشاركنا في العقدين الاخرين جيل الشباب المتحمس بطموحات عالية، عكستها
رؤية 2030 المملؤة أيضا بطموحات وتحديات على الصعيدين المحلي والعالمي.
إن قوة اقتصادنا مشتقة من السياسات التي تركز على أهم أولويات النمو
الاقتصادي مقارنة بالأهداف الأخرى خلال رؤية 2030، حيث لا يكون عبء الدين
العام كبير جدا، وبارتفاع الإنتاجية الاقتصادية والعمالية التي تستخدم
التقنية والممارسات التجارية الحديثة.
فلا يوجد توافق في آراء الاقتصاديين حول النمو الاقتصادي، إلا أن هناك
مدرستين أكثر شيوعا تتعارض مع بعضها البعض. فيرى اقتصاديو العرض أن كل ما
يسهل على الشركات إنتاج السلع والخدمات أو توريدها هو المفتاح لخلق بيئة
خصبة للنمو، بينما اقتصاديو الطلب يرون أن زيادة الطلب على السلع والخدمات
عن طريق توفير السيولة في أيدي المستهلكين هو المفتاح لزيادة النمو.
وبهذا تشمل سياسات اقتصاد جانب العرض تحرير الاقتصاد من القيود وتخفيض
الضرائب على الشركات والأفراد ذات الدخل المرتفع حتى يعمل السوق بكفاءة
أكبر. كما أن جانب العرض يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقاطر الاقتصاد، حيث إن
السياسات التي يستفيد منها الأثرياء تخلق نوعاً من الرخاء الذي ينتقل إلى
أشخاص آخرين. فإن تخفيض الرسوم أو الضرائب يدفع بأصحاب الأعمال إلى المزيد
من الاستثمارات في الاقتصاد وتوظيف المزيد من المواطنين.
أما سياسات زيادة الطلب، فتدعم تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي التي تضع
المال في جيوب الفقراء، وإعادة توزيع الدخل من الأكثر ثراء في المجتمع؛ فإن
ريالاً واحداً بيد الفقير أكثر نفعاً للاقتصاد من ريال واحد بيد الغني،
وبالضرورة، ينفق الفقراء نسبة كبيرة من دخولهم على السلع والخدمات، أما
الأثرياء فمن المحتمل أن يحتفظوا بأموالهم من أجل تنمية ثرواتهم.
والحمد الله، أصبح وطننا لديه رؤية 2030 التي تسعى إلى تحقيق التوازن
بين جانبي العرض والطلب عند أعلى نقطة نمو اقتصادية ممكنة، تقي اقتصادنا من
التقلبات والدورات الاقتصادية وفي نفس الوقت توظف الموارد المالية
والبشرية وتحافظ على استقرار الأسعار التي يقيسها التضخم والركود.