الرياض الاقتصادي
الثلاثاء 24 شعبان 1437 هـ- 31 مايو 2016م
الـمـقـال
فهد محمد بن جمعة
شكك بعض المحللين في معلومات الهايدروكربونات السعودية، حيث
قالوا ان المعلومات المنشورة غير صحيحة وإلا لمَ تكن سرية، بل إنها فقط
مجرد دعاية (Propaganda)، وتفتقد الى المصداقية. وعندما علموا بأن شركة
ارامكو سوف تطرح للاكتتاب، تلعثمت كلماتهم وكأنهم بكمٌ ليقولوا انه شبه
مستحيل ولو حدث فلا جدوى منها لا ماليا ولا اقتصاديا بل انه عبث بمقدرات
هذا الوطن. خابت آمال وتوقعات هؤلاء المشككين الرافضين لأي اصلاح اقتصادي
يواكب المعطيات الاقتصادية والاستثمارية في سوقنا والأسواق العالمية ويعزز
مصادره المالية والاقتصادية تنويعا واستمرارية في مواجه المخاطر الحالية
والمستقبلية. فلسنا قوما نكتفي بما لدينا ونستسلم لواقعنا بل نحن قوم نبحث
عن الافضل وطموحاتنا تتجاوز الحدود ولكننا أكثر واقعية في قراراتنا
واستراتيجياتنا لمواصلة المسار بكل تفاؤل وعمل لن يبور لنحقق اهدافنا نحو
تنمية مستدامة وشاملة.
وبالعودة الى التاريخ، نجد ان متوسط انتاجنا النفطي ارتفع الى 9.9، 9.7،
ثم الى اكثر من 10.2 ملايين برميل يوميا في 1980م، 2013م، 2016م، على
التوالي. بينما نما الاحتياط النفطي من 168 مليار برميل في 1980م الى اكثر
من 261 مليار أي بنسبة 55% في 2016م. وهذا مؤشر قوي على استدامة متوسط
الانتاج الذي امتد على مدى يزيد عن ثلاثة عقود وباحتياطي عمره الانتاجي
المتوقع 70 عاما قادمة. بل انهم شككوا في الطاقة الانتاجية التي تتجاوز 12
مليون برميل يوميا حاليا. كما صرح الأمير محمد بن سلمان بأن السعودية
قادرة على زيادة انتاجها الى 15 بل 20 مليون برميل يوميا عبر التحول
الاقتصادي ورؤية 2030. أما متوسط انتاج الغاز فقد ارتفع الى 11.6 مليار قدم
مكعب يوميا في 2015م وباحتياطي قدره 297.6 تريليون قدم مكعب ومازالت
الاستكشافات مستمرة في مجالي النفط والغاز (ارامكو، ووكالة الطاقة الدوليه
وغيرهما).
هكذا تكون ردة فعل الحاقدين والرافضين لأي تغير اقتصادي او استثماري،
تقوم به حكومتنا لإصلاح اقتصادها وإحداث ثورة اقتصاديه استثمارية تنقلنا من
اقتصاد سلعة النفط الى اقتصاد متنوع يتمتع بالاستقلالية فيما بينه، فعندما
ينخفض قطاع ما او صناعة ما تستقر القطاعات الاخرى او تعوض ذلك الانخفاض
نحو التنمية الاقتصادية المستدامة. وهذا يحدث ايضا كلما اخضعت حكومتنا
شركاتها او بعض اصولها للخصخصة أو للاكتتاب من أجل تحسين ادائها ورفع
كفاءتها وللحد من الفساد وزيادة مستوى الشفافية في اطار حوكمة تلزم
الشركات بعمليات الافصاح والشفافية من خلال نشر قوائمها المالية، مما سوف
يكشف الغطاء عن تلك الشكوك بإظهار الحقائق وصدق معلومات نفط وغاز المملكة
بل قد تكون تلك المعلومات اكثر دهشة وتفوق ما هو معلن.
ان تحول شركة ارامكو الى شركة مساهمة، سوف يعظم العائد على استثماراتها
ويجعلها تواصل مشوارها باستدامة رغم تقلب اسعار النفط والغاز. لكن علينا ان
ندرك ايضا انها سوف تصبح شركة مستقلة، يحدد مجلس ادارتها الذي يتم ترشيح
أعضائه من قبل الجمعية العمومية انتاجها وعند أي اسعار تبيع نفطها أو غازها
من اجل تعظيم عائدها الربحي وإرضاء الملاك. وبهذا لن تخضع شركة ارامكو
لرغبات أعضاء الاوبك بل لسياستها التسويقية التي تمكنها من كسب اكبر عملاء
في الاسواق النفطية العالمية واختراق مناطق جغرافية جديدة. وهذا يجعلها مثل
غيرها من شركات النفط الخاصة التي لم تخضع قراراتها يوما ما لخارج بيئة
أعمالها، لا في الولايات الاميركية ولا في بعض البلدان المنتجه للنفط.
ان تداول اسهم ارامكو في الاسواق المالية سوف يكمم افواه هؤلاء المشككين
ولا يهمنا اذا ما ابتدعوا شيئا جديدا بعد ذلك. إنها "تكلفة الفرصة
البديلة" لتعويض المنافع المفقودة والضائعة بترتيب الاختيارات المرتبطة
بندرة الموارد واستخدام تلك الموارد الشحيحة بكفاءة عالية، باتباع سياسة
تسويقية تنافسية تمكنها من تحقيق اهدافها الاستراتيجية والتخطيطية وتوسعها
الرأسي والأفقي في صناعة الطاقة والاستثمارات الاخرى في الاجلين القريب
والبعيد.