4/26/2021

ملتزمون بمكافحة التغير المناخي

 

الثلاثاء 15 رمضان 1442هـ 27 إبريل 2021م

المقال

الرياض الاقتصادي


د. فهد بن جمعة

أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز في قمة المناخ الخميس الماضي، على اهتمام والتزام المملكة بالتعاون لمكافحة التغير المناخي لإيجاد بيئة أفضل للأجيال القادمة وتحقيق التنمية المستدامة بمنهجية شاملة تراعي مختلف الظروف التنموية العالمية وذلك برفع مستوى التعاون الدولي وإيجاد حل شامل لتحديات التغير المناخي. وأن المملكة سوف تستضيف منتدىً لمبادرة السعودية الخضراء وقمة لمبادرة الشرق الأوسط الأخضر لتحقيق أهدافهما. وانطلاقا من دور المملكة الريادي بدأت تعمل على مبادرة الشرق الأوسط الأخضر مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط. فالمملكة فعلا تقوم باستخدام وسائل وتقنيات متقدمة في عمليات استخراج وتكرير النفط واستخدامه كوقود للحد من الانبعاثات الكربونية أو إزالتها، بالإضافة إلى رفع كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء والهيدروجين الأخضر والأزرق وفق رؤية المملكة 2030 التي تدعم النمو الاقتصادي وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

فإن مبادرة الاقتصاد الأخضر (Green Economy) تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية والحدّ من المخاطر البيئية وتحقيق تنمية مستدامة تعزز الرفاه الاقتصادي والبيئي والاجتماعي والنهوض به. كما أن الاقتصاد الأخضر يدعم نمو الاستثمارات العامة والخاصة في الأنشطة الاقتصادية والبنية التحتية والأصول ويعزز كفاءة الطاقة والموارد التي تقلل من الانبعاثات الكربونية وتلوث البيئة. لذا أطلقت المملكة حزمة من الاستراتيجيات والتشريعات، مثل الاستراتيجية الوطنية للبيئة، ومشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة؛ بهدف الوصول إلى قدرة إنتاجية عالية بحلول 2030. كما تبنت المملكة مفاهيم الاقتصاد الدائري للكربون بإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشُّعَبْ المُرجانية خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، وأخيرا، أعلن ولي العهد في 27 مارس 2021 عن مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر لخفض الانبعاثات الكربونية في المنطقة بأكثر من (10 %) من الإسهامات العالمية، وزراعة (50) مليار شجرة في المنطقة والتي حصلت على تأييد دولي.

وقد بدأ بالفعل تشغيل أول مشروع سكاكا للطاقة الكهروضوئية في 8 إبريل 2021، بطاقة 300 ميجاوات وسيخفض الانبعاثات الكربونية بـ564 ألف طن سنوياً. وقريباً ستشهد المملكة مشروعات أخرى ومنها أول مشروع لطاقة الرياح في محطة دومة الجندل لإنتاج الكهرباء، بطاقة 400 ميجاوات أو تلبية حاجة 72 ألف وسيخفض الانبعاثات الكربونية بـ988 ألف طن سنويا. وبهذا تزداد المملكة اخضرارا بطاقتها المتجددة والنقية من الانبعاثات الكربونية بأكثر من 7 ملايين طن سنوياً، حيث سيساهم كل من الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء بـ 50 % بحلول 2030م.

فالمملكة تنفق مليارات الريالات لدعم الاستثمارات الخضراء وللوفاء بالتزاماتها وبمتطلبات اتفاقية باريس للمناخ التي وقعت عليها في 4 نوفمبر 2016 وستنضم إلى الولايات المتحدة وكندا والنرويج وقطر لتأسيس منتدى "الحياد الصفري للمنتجين". فهي تعمل في إطار استراتيجيات وطنية للبيئة وتنمية الاقتصادية الأخضر، لزيادة الإنتاج وكفاءة استخدام رأس المال الطبيعي والمشتريات الخضراء لمعالجة الجانب الاستهلاكي من الاقتصاد الأخضر وتشجيع المجتمع والطلب على الطاقة والمياه والمنتجات الخضراء، مما سينعكس إيجابا على الرفاه الاجتماعي، وتخفيض تكاليف الرعاية الصحية مع تحسن صحة السكان. كما أن ذلك يدعم الازدهار الاقتصادي ويخلق فرصا استثمارية، ومزيد من استخدام التكنولوجيا النظيفة، وتوليد فرص للعمل. وإن شاء الله ستصبح مملكتنا رائدة وقائدة للاقتصاد الأخضر مثل ما هي قائدة لأسواق النفط العالمية واستقرارها.

الطاقة المتجددة .. رؤيتنا المستقبلية

 


يحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين، على أن تصبح المملكة العربية السعودية مستخدمًا للطاقة المتجددة والنظيفة بدلًا من استهلاك النفط، الذي بتصديره ترتفع إيرادات الدولة، ويمكنها من مواصلة إنفاقها على مشروعات البنية التحتية وخدمة المجتمع. وبهذا أصبح تنويع مزيج الطاقة هدفًا استراتيجيا في ظل النمو الاقتصادي والسكاني المطرد، والصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة. فبلادنا تتميز بوفرة أشعة الشمس الدائمة التي تقدر بـ 20 ألف كيلو واط لكل متر مربع سنويًا، مما يمكنها من إنتاج الطاقة الشمسية النظيفة والمتجددة للمحافظة على سلامة البيئة من التلوث، وخفض تكلفة إنتاج المياه، التي تمثل الطاقة نصف تكلفة إنتاج المتر المكعب الواحد من المياه حاليًا، وكذلك خفض التكلفة المستهدفة من مشروع الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء إلى 30 هللة تقريبا للكيلو واط في الساعة. كما أن المملكة تمتلك من المقومات الكفيلة بنجاحها في هذا المجال، بدءًا بالمدخلات مثل السيليكا والبتروكيماويات، وانتهاءً بما تمتلكه الشركات السعودية الرائدة من خبرة قوية في إنتاج أشكال الطاقة المختلفة.

لذا جاءت المبادرة الاستراتيجية للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة، ومبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، التي أطلقت في أبريل 2017 وتحت مظلة رؤية 2030، لزيادة مزيج الطاقة المتجددة من إجمالي مصادر الطاقة في المملكة إلى 3.45 جيجا واط في 2020، أو 4% من إجمالي إنتاج الطاقة، و9.5 جيجا واط بحلول العام 2023، أو 10% من إجمالي إنتاج الطاقة. كما تستهدف توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في اقتصادنا، وتشمل تلك السلسلة خطوات البحث والتطوير والتصنيع. كما وقع صندوق الاستثمارات العامة مذكرة تفاهم مع صندوق رؤية سوفت بنك من أجل إنشاء “خطة الطاقة الشمسية 2030” التي تعد الأكبر في العالم في مجال الطاقة الشمسية. وبموجبها سيتم تأسيس شركة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية، وبدأ إطلاق العمل على محطتين شمسيتين بقدرة 3 جيجا واط و4.2 جيجا واط والمفترض أنها بدأت في 2019، والعمل أيضًا على تصنيع وتطوير الألواح الشمسية في السعودية لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة 200 جيجا واط بحلول 2030م.

وهذا يؤكد على أهمية استخدام الطاقة الشمسية الذي لا بد أن يترجم فعليًا في قطاعي الكهرباء والمياه الحيويين، واللذَين يستهلكان الكثير من طاقتنا الناضبة بما يصل إلى 1.4 مليون برميل مكافئ يوميًا، وبتكلفة تتجاوز 300 مليون ريال يوميًا. كما أصبح الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة أمرًا مهمًا من أجل الاستدامة والهواء الخالي من الانبعاثات الكربونية، والذي من أهم مصادرها؛ الرياح وهي الأكثر استدامة، يليها الكهرومائية، الكهروضوئية، ثم الطاقة الحرارية الأرضية. وبدأت المملكة في تهيئة البنى التحتية وتنفيذ مشروعاتها الضخمة، لتلبية ازدياد الطلب المتسارع على الكهرباء والمياه المحلاة، حيث من المتوقع أن يتجاوز الطلب على الكهرباء 120 جيجا واط بحلول 2032 مع ارتفاع معدل النمو السكاني، ما يعزز خفض استهلاك النفط، وزيادة إيراداتها، وتحقيق منافع اقتصادية مستدامة.

وقد طرح مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في 2017 المرحلة الأولى من مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة؛ مشروع سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية، بطاقة 300 ميجا واط، وتوفر الكهرباء لـ 45 ألف منزل، وبتعرفة قياسية تبلغ 8.781 هللة / للكيلو واط ساعة، وتسهم في خفض الانبعاثات الكربونية بـ 430 ألف طن سنويًا. كما تبلغ تكلفته 300 مليون دولار، ويوفر نحو 930 فرصة عمل في مراحل الإنشاء والتشغيل والصيانة، ويُتوقَّع أن يُسهم بـ 120 مليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي. وبدأ التشغيل الفعلي لمحطة سكاكا في 25 نوفمبر 2019 وتم ربطها بشبكة الكهرباء الوطنية الرئيسية. كما تم طرح مشروع دومة الجندل لطاقة الرياح في نوفمبر 2018 لإنتاج الكهرباء باستغلال طاقة الرياح، الذي تبلغ طاقته 400 ميجا واط، ويستهدف تغذية 70 ألف منزل بالطاقة الكهربائية. وهي أول محطة لطاقة الرياح في المملكة، ويُرجَّح أن يبدأ التشغيل التجاري للمحطة مطلع العام 2022.

كما أطلق المكتب مشروعات المرحلة الثانية بسبعة مشاريع للاستثمار في الطاقة الشمسية الكهروضوئية في يناير 2019؛ مشروع القريات 200 ميجا واط، المدينة المنورة 50 ميجا واط، رفحاء 45 ميجا واط، الفيصلية 600 ميجا واط، رابغ 300 ميجا واط، جدة 300 ميجا واط، مهد الذهب 20 ميجا واط، وهذا يكفي لتوليد 1.51 جيجا واط من الطاقة، أو لـ 226,500 أسرة. وذلك دعمًا لتوجه المملكة في تنويع مصادر الطاقة، وتحقيقًا لطاقة متجددة بقدرة 9.5 جيجا واط بحلول 2023. ثم تم إطلاق المرحلة الثالثة في 14 يناير 2020 بأربعة مشاريع لإنتاج الطاقة الشمسية بطاقة إجمالية 1200 ميجا واط، وتشمل مشروع ليلى 80 ميجا واط، وادي الدواسر 120 ميجا واط، سعد 300 ميجا واط، الرس 700 ميجا واط. وهذه المشروعات ستتطلب حدًا أدنى من المحتوى المحلي بنسبة 17%. فإن جميع هذه المشروعات تهدف إلى تحقيق رؤية السعودية للطاقة المتجددة بإنتاج 58.7 جيجا واط من الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.

وما يحدث حاليًا في مدينة نيوم الذكية والنموذجية إلا نموذج آخر لاستخدام طاقة الشمس والرياح الكهربائية، وإنتاج الهيدروجين بقيمة 5 مليارات دولار لاستخدامه في النقل، وبما يزيد على 4 جيجا واط من الطاقة الشمسية والرياح وتخزينهما. وقد وقعت وزارة الطاقة اتفاقية مذكرة تفاهم مع ألمانيا لإنتاج واستغلال الهيدروجين لدعم تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، الرامية إلى تحقيق تنمية مستدامة، والحفاظ على البيئة، ودعم الابتكار، وتعزيز نقل المعرفة، وإيجاد المزيد من الوظائف النوعية لأبناء وبنات الوطن. كما أوضح مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في وزارة الطاقة، أن إنتاج السعودية من الطاقة المتجددة سيصل إلى 27 جيجا واط بحلول العام 2024؛ منها 20 جيجا واط طاقة شمسية و7 جيجا واط طاقة رياح، حيث إن المستهدف هو إنتاج 25 جيجا واط من الطاقة المتجددة بحلول 2030 أو ما يعادل 25% من استهلاك الكهرباء الحالي أوقات الذروة.

ونتطلع إلى استغلال المزيد من مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة (المستدامة) في مملكتنا وصولًا إلى ما تستهدفه رؤية 2030 بإنتاج 200 جيجا واط من الكهرباء الضوئية، وباستثمار 200 مليار دولار بحلول 2030، وأن يصل اعتماد إنتاج الكهرباء على الطاقة المتجددة بنسبة 50% بحلول عام 2030، ما يرفع كفاءة الطاقة ويخفض تكاليفها، و بمساهمة اقتصادية توظف الموارد المالية والبشرية نحو مستقبل أكثر ازدهارًا. كما نتطلع إلى نماذج أخرى مماثلة لنموذج نيوم للطاقة المتجددة في مملكتنا وصولًا إلى ما تستهدفه رؤية 2030. إنها طاقة المستقبل ذات المنافع الاقتصادية العديدة التي تخلق أجواء نقية، تستخدم “صنع في السعودية”، تحفز الاستثمارات المحلية والأجنبية، تخفض تكلفة فاتورة المستهلك مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية، وتنوع خيارات توليد الطاقة المتجددة الاقتصادية من مصادر متعددة. وبهذا نتفادى أي مخاطر مستقبلية، قد تهدد مستقبل اقتصادنا في العقود المقبلة، مع تحول دول العالم من طاقة النفط والغاز إلى الطاقة النظيفة والمتجددة.

إن اتخاذ هذه الخطوات الاستباقية بتحليل الحاضر، وما ستتخلله السنوات المقبلة من متغيرات جديدة، وظروف اقتصادية متجددة، سيمكننا من تجنيب اقتصادنا أي آثار قد تمتد مضاعفاتها الاقتصادية إلى العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، فإن علينا أن نبدأ مشوارًا جديدًا من التخطيط، بتسليط الضوء على الآفاق الاقتصادية طويلة الأجل ومخاطرها، والتي سيتخللها تغيرات في القوى الاقتصادية العالمية، تتجاوز مرحلة الثورة الصناعية الرابعة، إلى مرحلة صناعية خامسة، لم تتضح معالمها بعد.

4/25/2021

هل يحتاج مؤشر الأسهم السعودي إلى اللون البرتقالي؟

 الاقتصادية
 
لقد حان الوقت لإعادة النظر في تعديل المؤشر العام الحالي ليكون أكثر تجاوبا مع حركة السوق ويخفف من العامل النفسي الذي أصبح مسيطرا على المتداولين في السوق عندما يشاهدون اللون الأحمر المخيف ولا يعرفون إذا ما كان لونا حقيقيا أم لا؟ ما قد يدفعهم إلى تغيير حركة التداول وبحول الوضع إلى وضع أسوأ مما كان عليه. فإن السوق يحتاج إلى إطلالة مؤشر جديد يحمل في متغيراته حجم الشركات المسجلة ويستقصي الأسهم غير المتداولة، ويكون اسمه (مؤشر الرياض) يتناغم مع إقامة أكبر مركز مالي في مدينة الرياض، والذي سوف يكون أكبر مركز للأوراق المالية في الشرق الأوسط. إن وجود المؤشر Index حسابيا من أجل قياس أداء السوق أمر في غاية الأهمية عندما تتعدد الشركات وتختلف قيمها الاسمية، وتتداول أسهمها كدالة على نشاط حركة الأسهم التي تحددها تذبذبات أسعارها عمليات البيع وشراء إما لانتقاء أسهم الشركات الجيدة وإما من أجل جني الأرباح في لحظة ما، وتحقيق أكبر عائد ممكن مع احتمالية معدل من الخطر لا يمكن تجاوزه. فبعض الأحيان يقول المضاربون في سوق الأسهم إن السوق ضعيف Thin عندما تكون حركة التداول ضعيفة، وأحيانا يقولون إن السوق قوي Thick عندما تكون فيه حركة تداول مرتفعة تعزز قوة السوق وتجعل المضاربين يتنفسون الصعداء. وعلى ذلك فإن المؤشر يعكس أداء ربحية الشركات المساهمة مباشرة ويزيد من ثقة المستثمرين بتلك الشركات التي يقيس أداءها زيادة تدفقاتها النقدية وأرباحها التشغيلية واستثماراتها المستقبلية المتنوعة، في ظل توافر السيولة المالية لدى المستثمرين وانتعاش الاقتصاد السعودي. ولكن لنبدأ موضوع التحليل هنا بطرح هذا السؤال إذا ما كان المؤشر فعلا يعكس أداء السوق ويتجاوب مع تغيرات مؤشرات القطاعات المختلفة؟ فإن الأفضل أن نعرف كيف يتم حساب المؤشر وهو سهل للغاية، وكل ما في الأمر أن تقوم بالحسابات التالية: قيمة المؤشر(في وقت ما) = مجموع القيم السوقية عند هذا الوقت/ مجموع القيم السوقية في وقت سابق x قيمة المؤشر في الوقت السابق. علما أن سنة الأساس هي 1999م وأساس المؤشر (1000) نقطة. حيث إن: القيمة السوقية (في وقت ما) = (عدد الأسهم المصدرة) x (آخر سعر للسهم في السوق عند ذلك الوقت)، ومن هنا فإن القيمة السوقية وكذلك المؤشر مبنيان على عدد الأسهم المصدرة في الوقت نفسه, وليست المتداولة فقط, وهذا يعني أن الأسهم التي تمتلكها الدولة لا يتم تداولها في السوق لكي تكتمل عملية التداول ويكون المؤشر قد وصل إلى نقطة الإغلاق متأثرا بكمية الطلب والعرض دون تغيب جزء من الكمية المعروضة عن السوق. وبما أن سعر السهم في السوق يتغير في الفترة ما بين افتتاح التداول وإغلاقه تبعا لعدد الأسهم المتداولة، فإن الأسهم غير المتداولة، التي لو دخلت السوق لتغيرت الموازين وكذلك العامل النفسي عند المضارب الذي سوف يتعامل مع جميع الأسهم المصدرة في أي لحظة, والتي من المفروض أن ينعكس ذلك على المؤشر ليصبح أكثر تمثيلا لحركة السوق. وبالتالي فإن المؤشر يفتقر إلى عاملين مهمين هما: إنه لا يعكس حركة جميع الأسهم المصدرة اليومية التي هي أصلا ضمن حساباته كما هو في مؤشر ستاندرد آند بور S&P 500)) الذي جميع أسهمه متداولة، ومع ذلك يتم حساب القيمة الاسمية لكل الأسهم المصدرة رغم تأثيرها الحاد في المؤشر لأنها شركات قيادية، مثل: "سابك", "الكهرباء", و"الاتصالات", والتي تمتلك الدولة 70 في المائة من أسهمها، ما يجعلها مغيبة عن السوق ونشاهد حضور قيمتها السوقية في المؤشر دون أن يتم تداولها في أي لحظة، فهي لا تتعامل مع عوامل السوق وإنما تمارس فقط ضغوطا كبيرة على المؤشر وليس على أسعار أسهمها. لذا يصبح حساب كمية الأسهم المصدرة فقط عددا إضافيا بمقدار الفرق بين الأسهم المتداولة والمصدرة ليرفع أو يخفض من حسابات القيمة الاسمية المتداولة عندما تضاف إليها القيمة الاسمية لتلك الأسهم المصدرة ما يشوّه حركة السوق، ويبث التشاؤم في روح المضاربين والمستثمرين.وعلى ذلك تستطيع الشائعات واستغلال المضاربين الكبار اختراق نطاق المؤشر العام والتحريض على البيع (نزولا) أو شراء (صعودا)، وذلك باستغلال أسهم الشركات القيادية تاركة انطباعا لدى صغار المضاربين بأن المؤشر في حالة تدهور لكي يسيطر عليهم القلق والعامل النفسي ثم يبيعون ما لديهم من أسهم وهكذا تتكرر الممارسات. إنه لا يأخذ في حساباته حجم السوق الذي يحدده عدد الأسهم المتداولة وليس فقط قيمتها الاسمية، حيث إن حجم أسهم الشركات القيادية له تأثير مباشر في مؤشر السوق حتى ولو تم تداول عدد قليل من أسهمها. فعلى ذلك يكون المؤشر اليومي عند الإغلاق قد زاد أو نقص نتيجة لنسبة التغير في القيمة الاسمية الإجمالية للأسهم المصدرة، والتي فعلا تعكس التغير في الأسعار لأنها تعتبر ممثلا لها Surrogate، ولكن قد تكون تلك الزيادة في القيمة الاسمية نتيجة لارتفاع قيمة الأسهم الحقيقية وليس نتيجة لهذا التغير النسبي، فقد يعادل تداول عشرة أسهم من شركة سابك 50 سهما من أسهم شركة أخرى. وهذا معناه إغفال أهمية حجم قيمة أسهم وحجم الشركة المتمثل في عدد أسهمها المصدرة. فطبقا لهذا التحليل فإني أرى اختيارين ممكن اعتماد أحدهما كالتالي: التفكير في إيجاد أفضل ترابط بين المؤشر وحركة السوق من أسعار وعدد أسهم متداولة والقيمة المتداولة بعد إجراء عدد من التحليلات الكمية بواسطة معامل الترابط والمتغيرات Correlation, regression analysis لتأكد أن المؤشر هذه المرة يعكس تذبذبات السوق طبقا لحجم التداول والشركات، وهذا يدفعنا إلى إيجاد عامل وزن يحقق ذلك بنسبة للمؤشر العام وكذلك للقطاع نفسه. وفي هذه الحالة قد يتم حساب القيمة الاسمية فقط للأسهم المتداولة وليست المصدرة، وهو أيضا مازال يتجاهل حجم الشركات القيادية ولكنه أفضل من المؤشر الحالي. اختيار عدد معين من الشركات من كل قطاع معين مع مراعاة إمكانية التشابه فيما بينها من حيث عدد الأسهم المصدرة وقيمتها الاسمية، ومدى تأثيرها في السوق من الخبرات السابقة ثم بناء المؤشر. وإذا لم يمكن تحقيق ذلك فإنه لا بد من وضع عدد من المؤشرات على الأقل كل منها يعكس شركات معينة من كل قطاع أو بعض القطاعات، ولكنها متشابة في أحجامها ومدى قدرة تأثيرها في المؤشر من خلال تذبذبات أسعارها وأدائها. إن تقسيم الشركات إلى مجموعات معينة طبقا لقيادتها لسوق وحسن أدائها ثم وضع مؤشر مستقل لها له منافع كثيرة منها: وضع مؤشر يعكس الحركة الفعلية لكل مجموعة ما يعطي المستثمر فكرة جيدة عن الشركات ذات الأداء الجيد ليرصد أولوياته ويحدد متى يبيع أو يشتري. استخدام ذلك المؤشر كدليل استثماري يشجع المستثمرين على الاستثمار في الشركات الجيدة، ولا يترك مجالا بعد اليوم لمن لا يعرف الشركات الجيدة من نقيضاتها. يحفز أصحاب الشركات على تحسين أداء شركاتهم لأنهم سوف يعرفون أن شركاتهم قد تم تسجيلها في المجموعة الأضعف أداء، ما يعني إقبالا ضعيفا من الجمهور على تداول أسهمها. يردع الشركات الضعيفة من التسجيل في سوق الأسهم قبل تحسين أدائها.

 

لماذا تشتري الشركات أسهمها؟

 


صحيفة الاقتصادية

د. فهد محمد بن جمعة

| الجمعة 1 مايو 2009

إن الإجابة عن هذا السؤال كما هو الحال في التحليلات المالية ربما لا توجد له إجابة محددة بعينها، ولكن سوف أحاول الإجابة عنه بمناقشة إيجابيات وسلبيات شراء الشركات أسهمها، وسوف أعطي مثالا يوضح وضع الشركة قبل شراء أسهمها وبعد شرائها. وعلى ذلك فإن شراء الشركة أسهمها يتم عادة من خلال شراء الشركة عددا من أسهمها عندما تتوافر لديها النقدية، لأنها لا تستطيع بيع وشراء الأسهم نيابة عن مساهميها. وإذا ما اشترت الشركة أسهمها فإنه سوف يخفض من عدد الأسهم المتاحة في السوق، ما يرفع معدل العائد على أسهم الذي لم يبع. فبذلك تستطيع الشركات أن تشرك مساهميها في إجمالي أرباحها ولو كان ذلك في الأجل القصير بعد أن ترتفع قيمة أسهمها أو توزيع الأرباح مباشرة. فإنه سوف يتم تحليل الهدف من شراء الشركات لأسهمها، وماذا يعني ذلك لمساهميها؟ لذا يتم شراء الشركة لأسهمها من خلال التالي: - تقديم عرض Tender Offer: أن تقدم الشركة عرضا توضح فيه رغبتها في شراء عدد محدد من أسهمها في نطاق سعري محدد، وعلى حملة الأسهم الراغبين في البيع تقديم عروضهم متضمنة عدد الأسهم المراد بيعها والأسعار المقبولة لهم خلال فترة زمنية محددة. ثم تقوم الشركة بمراجعة تلك العروض واختيار عدد الأسهم التي ترغب في شرائها عند أقل الأسعار. السوق Open Market: أن تشتري الشركة الأسهم من سوق الأسهم مثل ما يشتري أي مساهم وعند أسعار السوق. وهذا ما يقودنا إلى ذكر الدوافع التي تجعل من شراء الشركة لأسهمها استراتيجية محببة لها: 1 - تعظيم العائد: تخطط الشركات لشراء أسهمها اعتقادا منها أنها أفضل طريقة لاستعمال رأس المال المتراكم لديها في وقت ما، من أجل تعظيم عائد كل سهم، ولا شك أن هذا الشراء يزيد من قيمة أسهمها. 2 - رفع أسعار أسهمها: عندما تدرك الشركة إن القيمة السوقية لأسهمها غير عادلة لها، وأن أسعارها في انحدار قوي، إما نتيجة لضعف أرباحها المتوقعة أو الشائعات السيئة أو العوامل الخارجية. فإن شراءها لأسهمها دائما يرسل إشارة من الثقة عن مستقبل تلك الشركات ويرفع من أسعار أسهمها. 3 - تحسين معدلاتها المالية: إن شراء الشركات لأسهمها يقلص من عدد أسهمها القائمة, وهنا لا بد أن يكون تحسين معدلاتها المالية تم فعلا نتيجة لتخفيض عدد الأسهم القائمة لرفع قيمتها. فعندما تشتري الشركة أسهمها فإنها تخفض عدد أسهمها في السوق، وعلى ذلك تنخفض قيمة أصولها، حيث إن النقدية جزء من تلك الأصول، ما ينتج عنه رفع معدل العائد على الأصول ROA, ورفع أيضا معدل العائد على حقوق المساهمين ROE. وعلى ذلك تصبح نظرة السوق إيجابية لارتفاع تلك المعدلات. فإنه من الضروري أن أشرح أهمية تلك المعدلات، وكيف يتم ذلك في الجدول التالي: افرض أن الشركة اشترت مليون (1) سهم وكانت قيمة كل سهم 20 ريالا بما قيمته الإجمالية 20 مليون ريال.

فإن النقدية، كما تلاحظ أعلاه، قد انخفضت من 30 مليون ريال إلى عشرة ملايين ريال، ما خفض قيمة الأصول من 60 مليون ريال إلى 40 مليون ريال، وأدى إلى زيادة معدل العائد على الأصول من 5 في المائة قبل الشراء إلى 8 في المائة بعد الشراء، ثم انعكس ذلك على العائد على حقوق المساهمين ليرتفع من 20. ريال قبل الشراء إلى 21. ريال بعد الشراء. وبما أن مكرر الربحية (P/E) . الذي يعتبر أهم مقياس للقيمة السوقية يفضل السوق دائما أن يكون ذلك المكرر منخفضا لتفادي مخاطر تغير السوق.فالجدول يوضح أن مكرر الربحية قبل الشراء كان 100 وبعد الشراء انخفض إلى 95 نتيجة لتخفيض عدد الأسهم الذي زاد من العائد على السهم EPS. فطبقا لهذا المكرر تصبح الشركة الآن أرخص من قبل الشراء رغم أن مستوى الأرباح لم يتغير. فدائما العدد القليل من الأسهم مع بقاء الأرباح على حالها يؤدي إلى معدل أعلى من العائد على السهم. 4 - تحويل (تذويب) الأسهم غير العادية Dilution: أن تشتري الشركة أسهمها العادية زائدا الأسهم القابلة للتحويل إلى أسهم عادية مثل: الأسهم الممتازة, العمليات الخيارية ذات السعر والزمن المحدد (عمليات تقاعد الموظفين). الضمانات, السندات من أجل تخفيض عدد أسهمها. فهناك أسهم عندما يتم تحويلها إلى أسهم عادية تزيد من عدد أسهم الشركة وتؤثر على عائد كل سهم، وكذلك المكرر، كما تم ذكره سابقا. ففي معظم الحالات عائد الأسهم في حالة التذويب يكون أدق تقييما لإجمالي العائد على كل سهم وأمرا مهما في تقييم قيمة الشركة ويؤدي إلى نتائج إيجابية. فإذا ما فرضنا أن الشركة قد زادت أسهمها (1) مليون سهم فإن العائد على الأسهم سوف ينخفض من 20. ريال إلى 19. ريال، وهذا ما يدفع الشركة إلى شراء أسهمها إذا لم تتغير أسعارها خلال عام واحد. إن الإجابة عن السؤال المطروح تحددها قيمة أسهم الشركة إذا ما انخفضت عن قيمتها الحقيقية، وأن الشركة لديها النية الأكيدة لشراء أسهمها على أنها أفضل استراتيجية استثمارية لها، ما سوف يكون له أثر إيجابي على مساهميها. ولكن، وكما ذكرت سابقا، ألا يكون هذا الشراء لرفع معدلاتها المالية فقط، وإنما لرفع أسعار أسهمها في الأجل القصير من خلال تخفيض عدد أسهمها. فإذا لدى الشركة فائض في النقدية وقدرة على الاقتراض عندما يكون سعر الفائدة منخفضا، والذي يقلل من ربحيتها، فعليها أن تجد أفضل الطرق لتعظيم العائد على حقوق المساهمين. فقد تقدم تلك الشركة على شراء شركة أخرى أو تطور منتجات جديدة أو توزع أرباحها على حملة الأسهم مباشرة، ولكن عندما تكون أسعار أسهمها في انحدار شديد فإنه من الأفضل لها أن تشتري أسهمها، ما يؤدي إلى تخفيض عدد أسهمها في السوق ثم زيادة العائد على السهم من خلال زيادة ربحية كل سهم, زيادة الطلب على أسهمها الذي يرتفع أسعارها, كما أن وجود برنامج الشراء قد يزيد من سعر كل سهم. وفي الحلقة المقبلة سوف أتطرق إلى بعض الدراسات العلمية في ذلك الموضع حتى نصل إلي إجابة أفضل.

 

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...