مهرجان الخليج الحادي عشر للإذاعة
والتلفزيون بالتعاون مع هيئة الإذاعة والتلفزيون بمملكة البحرين
فبراير/9/ 2010م
تأثير شفافية
المعلومات
على مصداقية
الإعلام الاقتصادي العربي
إعداد:
الدكتور
فهد محمد بن جمعة
خبير اقتصادي وإقليمي
عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية
عضو الجمعية المالية الأمريكية
تأثير شفافية المعلومات على مصداقية الإعلام
الاقتصادي العربي
سأتحدث في هذه الورقة عن تأثير شفافية المعلومات على مصداقية
الإعلام الاقتصادي العربي، ومدى قدرته على الإفصاح عن المعلومة عندما تتوفر تلك
المعلومات الدقيقة من الجهات الحكومية والخاصة.
المقــدمة:
لقد شهد العالم العربي في السنوات الأخيرة توسعاً في تنمية
الإعلام الاقتصادي، وتناغماً مع أهمية التنمية الاقتصادية المستدامة ومؤشراتها في
البلدان العربية التي أصبحت هاجس كل مواطن، وبرزت الحاجة الماسة لنقل تلك
المعلومات الاقتصادية التي تقيس أداء القطاعات الحكومية والخاصة إلى الجمهور، من
أجل رفع مستوى مشاركته في عمليات التنمية
المتوازنة بين الأقاليم، ومنعاً لانتشار الفساد الإداري والمالي، الذي يؤدي إلى
هدر الثروات مع غياب الرقيب، سواء كان ذلك في قطاع المصارف أو أسواق المال أو
العمل، -التي أصبحت ظاهرة البطالة أحد سماته- أو في الإنفاق الحكومي، أو في
الاستراتيجيات والبرامج الاقتصادية التي تضعف فيها عمليات الإفصاح والشفافية عن
المعلومات الاقتصادية الدقيقة، الأمر الذي جعل المواطن يبحث عن ضالته في الإعلام
الاقتصادي بمختلف أنواعه، عسى أن يجد ما يروي غليله من معلومات متفائلة، لكن أكثر
تلك المعلومات تكون -في معظم الأحيان- منقولة بشكل مغلوط وغير شفاف من المصدر، مما
يُفقِد ذلك الإعلامَ مصداقيَّتَه، ويُضْعِف من أدائه، ويَحُدُّ من نُمُوِّه في
المستقبل.
ولنا أن نأخذ دروساً من الأزمات الاقتصادية المحلية والعالمية
التي تخللت عامَ 2008م، مع ما ترَكَتْه من تداعياتٍ لها على الاقتصاديات العربية،
لا
تزال بصماتُها واضحة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً، مما عمَّق الحاجة لإعلام
اقتصادي
قادر على التنبؤ بالأحداث الاقتصادية قبل وقوعها، وكيف يتم التعامل معها عند
حدوثها، وما هي إفرازاتها الإيجابية والسلبية التي ستغير ملامح الاقتصادي العربي،
أو -على الأقل- كيف يتم الاستفادة منها، أو تفادي انعكاساتها السلبية على الوضع
الاقتصادي في الحاضر والمستقبل.
مازال طريق التحول الكمي والنوعي في الإعلام الاقتصادي العربي
شائكاً، مما يستدعي من الحكومات تمهيدَ الطريق أمام الإعلام الاقتصادي، الذي أصبح
المجتمع العربي في أمس الحاجة إليه للحصول على المعلومات الاقتصادية الطازجة،
والوعي والثقافة الاقتصادية المواكبة لهذا التقدم والتطور، الذي تشهده منطقتنا
والعالم بأَسره، ليكون قادراً على تحليل الأخبار الاقتصادية من أجل اصطياد الفرص
الاقتصادية والاستثمارية، التي تقوي من معدل النمو الحقيقي، وترفع من فائض
المستهلك، وتجنب الاقتصاد المخاطر والمخاوف التي قد تعترض مساره من فترة إلى أخرى؛
عندما تتشكل الدورات الاقتصادية، أو تحدث الأزمات المالية والاقتصادية دون تنبؤ
مسبق.
فعندما حدثت الطفرة الاقتصادية في بعض البلدان العربية في
السبعينات بسبب ارتفاع الأسعار؛ ما لبثت أن تحولت إلى ركود من منتصف الثمانينات،
حتى
بداية العقد الحالي، الذي تزامن مع انتعاش أسعار النفط، والبورصات العربية،
وازدياد أنشطتها، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بعد أن أصبح العالم العربي جزءاً من
منظمة التجارة العالمية، تؤثر فيه ويتأثر بها، إلى أن ظهرت أزمة الرهن العقاري
الأمريكية، وتعرض العالم بعضُه إلى كساد؛ والآخر إلى ركود اقتصادي مخيف، لم يتعرض
له العالم منذ كساد عامَ 1929م.
ينقسم الإعلام في البلدان العربية إلى ثلاثة أقسام:
إما أنه مملوك -كاملاً أو جزئياً- للحكومة، أو لحزب سياسي معين، أو
للإعلام المستقل ذي الملكية الخاصة، ففي التسعينات؛ ظهرت الفضائيات التي يمتلك
بعضها القطاع الخاص، والموجه للجمهور العربي، متبنية الأخبار الاقتصادية المتخصصة،
مما عزز حرية المعلومات نوعاً ما، وكذلك المنافسة، وأصبحت دبي مركزاً للإعلام في
الشرق الأوسط، وذلك في مدينة دبي الإعلامية، فجاءت هذه التطورات التي شهدها
الإعلام في السنوات الأخيرة نتيجة للتغيرات الاقتصادية والتقدم التقني الكبير، لكن
ما كاد الإعلام الاقتصادي يتنفس الصعداء حتى فرض المزيد من القيود على حرية
المعلومات وطريقة نشرها، مما أضعف مستوى شفافيتها، رغم درجة التفاوت في ذلك من بلد
عربي إلى آخر، لكن معظم البلدان العربية لديها قوانينُ وأنظمةٌ تَحُدُّ من حرية
الإعلام بشكل عام، فلو نظرنا إلى قانون الصحافة الكويتي الذي صدر عامَ 2006م،
لرأينا
أنه يُجرِّم نشر أي مواد تنتقد الدستور أو الأمير أو الإسلام أو أي شي يستفز مشاعر
المسلمين أو الأخلاق العامة. وفي عامَ 2008م اجتمع وزراء الإعلام في القاهرة،
وقرروا تنظيم البث الفضائي العربي، الذي تم تفسيره على أنه محاولة لممارسة المزيد
من السيطرة على الإعلام. إن هذا التقدم الذي شهده الإعلام العربي خلال العقد
الماضي مازال بعيداً عن الوصول إلى الأهداف المرجوة منه، فهو لم يَزَلْ غيرَ قادرٍ
ولا مؤهلٍ لتحسين أدائه؛ إذا لم تسانده الحكومات في رفع جميع القيود المفروضة
عليه،
كي تنجلي الأسباب التي أدت إلى تقوقعه على
نفسه، وهي:
·
النقص
في حرية تقديم المعلومات
الاقتصادية متعددة المصادر، واضحة المنهجية، المحدَّثة بصفة دورية، والمتماشية مع
الأحداث الاقتصادية.
·
النقص
في الوعي الاجتماعي
والثقافي الذي مازال يمثل عقبة في طريق تصور الإعلام الاقتصادي.
·
عدم
استقلالية تمويل معظم وسائل
الإعلام -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- من الحكومات أو المجموعات التي تستطيع
التأثير على موضوعية المعلومات، لقد عرَّض نقصُ التمويلِ بعضَ وسائلِ الإعلام إلى
الإفلاس، أو أن تعمل قريبة من نقطة التسوية، مما ينعكس سَلْباً على جودة المعلومات
والتحليلات التي تقدمها، حيث إن ربح الصحف المستقلة -على سبيل المثال- لا يذكر
بسبب القيود المفروضة عليها من قبل الحكومة، وعدم كفاية المواد الإعلانية، مع أن
الطلب عليها في تصاعد، مما يجعلها ضعيفة الدوران في المجتمع.
·
غياب
الخبرة والكوادر المؤهلة
إعلامياً واقتصادياً.
·
قلة
مراكز البحوث العلمية
والهيئات الاقتصادية المستقلة التي يمكن الاستفادة منها كمرجع للمقارنة.
الإعلام الاقتصادي:
يتوزع الإعلام الاقتصادي على الإعلام الاقتصادي الحقيقي المستقل
الشفاف والصريح، وعلى الإعلام الاقتصادي السياسي غير المستقل، الذي يخدم أهدافاً
محددة بعيداً عن الحقائق الاقتصادية، بينما تركز معظم الوسائل الإعلامية في
المجلات والجرائد الاقتصادية والبث الإذاعي والتلفزيوني الأرضي والفضائي وشبكة
الإنترنت
والحملات الإعلامية والمحاضرات والندوات
الترويجية والإعلامية؛ على نشر بعض المؤشرات الاقتصادية، في محاولةٍ لتقديم بعض
التنبؤات ودراسات الاتجاهات الاقتصادية؛ من خلال نمو معدلات الناتج المحلي
الإجمالي، وتنويع مصادر الدخل، وتحركات الأسواق المالية؛ بناء على المؤشرات
المالية، والقطاع المصرفي؛ بناء على نمو الودائع والقروض المصرفية، والميزان
التجاري؛ بناء على نمو حجم الصادرات والواردات، وتدفق الاستثمارات الأجنبية
المباشرة متعدد الجنسيات؛ بناء على سهولة الدخول إلى أسواقها، كما يهتم الإعلاميون
الاقتصاديون بمؤشرات أداء الاقتصاد، وسوق إصدار الأسهم والسندات, ومعدل الإنتاج
والإنتاجية، ونسب الطاقات المعطلة، ومعدلات الإفلاس والخروج من السوق، ومعدل
الأجور، ومعدل البطالة، ومعدل الفقر والنمو السكاني.
لذا يعتبر الإعلام الاقتصادي فرعاً من فروع الإعلام الذي يهتم بنشر
وبث وتحليل وتفسير
المعلومات الاقتصادية، وما يطرأ عليها من تغيرات خلال فترة زمنية معينة تنعكس
آثارها
الإيجابية على الاقتصاد الجزئي والكلي بالرخاء والازدهار، أو آثارها السلبية
بالركود
والكساد، التي تلقي بظلالها على دخل واستهلاك الأفراد وأداء الشركات وأنشطتها، حيث
إن الانتعاش يدعم عمليات التنمية والاستثمار، ويعزز تعدد الفرص الجيدة، ويقلص
المخاطر المستقبلية، مما يزيد من تدفقات الاستثمارات المحلية والخارجية، ونمو معدل
إجمالي الناتج المحلي، ويتم التوظيف شبة الكامل للموارد الاقتصادية والبشرية، الذي
سوف يحد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، ويسهل من وضع الحلول نحو تنمية
اقتصادية مستديمة، أما الركود والكساد فإنه يزيد قلق الأفراد والشركات والاضطراب
وضبابية الرؤية الاقتصادية، مع ندرةٍ في الفرص، وارتفاعِ معدل المخاوف في فترة سوف
تكثر فيها المشاكل الاقتصادية، وتصبح الحلول ذات تكاليف عالية، وفي بعض الأحيان
شبه مستحيلة، فيتحول معدل النمو الاقتصادي من ازدهار إلى ركود، وبعد فصلين يدخل
مرحلة الكساد، فترتفع معدلات البطالة، وتنخفض القيم النقدية، وينكمش الطلب النهائي
على السلع والخدمات، فيتقلص فائض المستهلك، وتتكدس المخازن التجارية، مما يحول
أداء الشركات إلى كابوس اقتصادي في دورة قد تستغرق سنوات قبل أن يعود الاقتصاد إلى
وضعه السابق.
إن عمل الإعلام الاقتصادي يقوم على جمع
المعلومات
وتبادلها ونشرها، باستخدام أساليب البحث والتحليل الكمي، ووسائل التكنولوجيا
المتقدمة، في عملية جمعٍ وتفحصٍ لتلك المعلومات من مصادر متعددة من أجل
الإفصاح عن المعلومة الدقيقة التي تفيد القارئ والمشاهد على السواء، ليس هذا فقط
بل يتعدى ذلك إلى تفسير تلك المعلومات،
وتحديد الأهداف في ظل السياسات والاستراتيجيات الاقتصادية السائدة والمتوقعة، وما
سوف يتمخض عنها من قرارات تمس حاجات الاقتصاد والمجتمع ككل، بل يذهب بعيداً إلى
تحديد الإخفاقات والنجاحات من أجل مكافأة من يقف وراء تلك الإنجازات ومعاقبة هؤلاء
الفاشلين، وما قد ينتج من فساد إداري خلال تنفيذ العمليات الاقتصادية، لذا يعتمد
الاقتصاد الإعلامي على نشر المعلومات الصحيحة والتنبؤ بالأحداث قبل وقوعها بناء
على الأرقام والإحصائيات والنماذج الرياضية والدراسات والأبحاث، وتحليل وتفسير
المتغيرات الاقتصادية داخل وخارج البيئة الاقتصادية لبلد ما، وهذا يجعل إعداد
المعلومات الاقتصادية أكثر موضوعية ومصداقية، عندما يتلقاها الجمهور في عالم أصبح
الاقتصاد هو المسيطر عليه، وهو الذي يحدد اتجاه سياساته واستراتيجياته ومكانته في
نظر الموظف والمستهلك والمستثمر على حدٍّ سواء.
وبما أن النظرية الاقتصادية تدعم ديناميكية
الاقتصاد من خلال إصرارها على أن نجاح أي سياسة أو استراتيجية حكومية تعتمد
اعتماداً
كلياً على مدى تفاعل المجتمع مع تلك السياسة، حيث إن رضا وقبول المجتمع
لها ضرورة حتمية لمساندة عملية تنفيذ تلك السياسة أو الاستراتيجية الحكومية، وهنا
يبرز دور الإعلام في تفعيل دور المجتمع في النشاط الاقتصادي، حيث يمثل أفراد
المجتمع أحد الركائز الثلاثة التي يقوم عليها الحكم الراشد إلى جانب القطاع
الحكومي
والقطاع الخاص، لذا تصبح التغطية الإعلامية الاقتصادية الصادقة من أهم الأدوات
التي تستخدمها الدولة في تحسين الأداء الاقتصادي، وتوسيع دائرة المشاركة في عملية
صنع
القرار الاقتصادي، وكذلك في التعريف بالسياسات والأنشطة الاقتصادية، وما يتخللها
من صعوبات في الحاضر والمستقبل، فإن الإعلام الاقتصادي الكفء يستطيع أن يخاطب
الرأي العامَ على اختلاف ثقافات الأفراد ومستوياتهم العلمية، وليس فقط النخبة، مما
يحفزهم على المشاركة الإيجابية في عملية التنمية والإصلاح الاقتصادي، ويجعلهم
يتفهمون السياسات الاقتصادية والمالية التي تتبعها الدولة في حالة الازدهار أو
الكساد، من خلال تجاوبهم الإيجابي، الذي يغير من سلوكياتهم الاستهلاكية والإنتاجية
والاستثمارية؛ تبعاً لتلك الحالة وتلك السياسات.
مقومات الإعلام الاقتصادي:
إن نجاح الإعلام الاقتصادي –حاضراً- واستمراريته -مستقبلاً- يكمن
في أداء رسالته الاقتصادية وتوصيل المعلومة الصحيحة إلى جمهوره، وذلك عند حدٍّ
أدنى
من هامش الخطأ، تحدده المقومات التالية:
· أن
تكون الرؤية الاستراتيجية واضحة للإعلام الاقتصادي، من خلال تحديد رسالة المنظمة
الإعلامية العامة وأهدافها، و تحديد الآليات التي توصل إلى تحقيق تلك الأهداف.
· أن
تكون خطط العمل والتشغيل محددة، بناء على الموارد المالية والبشرية المتاحة له،
وتحديد الفئات المستهدفة.
· توفر
المعلومات الدقيقة، وتعدد مصادرها، مما يسهل التَّحقُّقَ من صحتها.
· توفر
التخصصات الإعلامية الاقتصادية وتطوير العمالة اللازمة لسوق الإعلام الاقتصادي على
مستوى عالٍ من المعرفة والكفاءة.
· توفر
الكوادر المحترفة الإعلامية -وليس فقط المتخصصة- من خلال خبراتهم في الكتابات
والتحليلات الاقتصادية، مما يساعدهم على اكتشاف مواطن الخلل في المعلومات، من خلال
الربط بينها وبين التوقعات أو الواقع الاقتصادي، في إطار الاتجاهات والعلاقات
الاقتصادية المتداخلة والمترابطة.
· توفر
المعايير والموصفات التي تحدد أخلاقيات الإعلام الاقتصادي، وتضمن شفافية نقل
المعلومات بكل مصداقية وأمانة، بما يليق بتلك الأمانة، ويرفع من ثقة القارئ
والمشاهد والمستمع لذلك الإعلام، ليس فقط في الأجل القريب بل البعيد أيضاً، الأمر
الذي يحافظ على تنميته واستدامته.
· امتلاك
الإعلاميين لأدوات جمع المعلومات وتفحصها و تحليلها، بناء على النظريات والنماذج
الاقتصادية التي تضفي على مُخرَجات الإعلام الاقتصادي طابعَ الشفافية والإفصاح بكل
حيادية واحترافية.
· توفر
مراكز المعلومات الحكومية والخاصة في وقتها
وبشكل محدَّث وسهولة الوصول إليها دون قيد أو شرط من أجل دعم الإعلام الاقتصادي.
إن تلك المقومات تساعد الإعلام الاقتصادي في التعامل مع
المعلومات واختيار ما يناسبه منها، ويرى أن الجمهور متعطش لها في أسرع فرصه ممكنه,
مما يعطيه ميزة عن غيرة من المنافسين في نفس الصناعة.
وهكذا تكون شفافية المعلومات في الإعلام مصدراً ومرجعاً موثوقاً
فيه يعتمد عليه الباحثون والجامعيون في الحصول على المعلومات لعمل بحوثهم
ودراساتهم. رغم أن مقومات صناعة الإعلام المذكورة بعضها متوفر في بعض البلدان
العربية وخاصة دول الخليج العربي سواء على
مستوى الإعلام المتخصص أو الوسائل الإعلامية المتعددة، من صحافة
وقنوات فضائية ومواقع إلكترونية ومجلات ومعارض ومؤتمرات ترويجية، إلا أن
هذه المقومات لم يتم تنميتها لمواكبة المتغيرات والأزمات العالمية بشكل متسارع،
مما حدَّ من استثمارها بشكل فاعل بواسطة تلك الوسائل الإعلامية في ظل ضعف إفصاح
المعلومات وشفافيتها من الحكومات، مما جعل الإعلام العربي يستمد بعض معلوماته
المحلية من مصادر أجنبية، يفسرها بعض الأحيان في خدمة مصالحه الاستراتيجية.
أهمية الإعلام الاقتصادي:
لا يختلف اثنان في
أهمية دور الإعلام الاقتصادي في نشر
المعلومات الاقتصادية وتوعية الجمهور وتلقي ردة فعلهم وانتقاداتهم تجاه ما يتم
اتخاذه من قرارات اقتصادية على المستوى الحكومي، وكأداة رقابية فاعلة على أداء
الأعمال
الاقتصادية، حيث إن معظم المواطنين يتلقون معلوماتهم الاقتصادية التي تصدر من
الحكومات من خلال الإعلام المحلي، الذي من المفروض أن يحلل ويفسر تلك المعلومات
لهم بكل شفافية، ويشرح لهم كيفية تأثير
تلك المعلومات على حياتهم المعيشية، مما يعزز ثقتهم في وسائل الإعلام المتاحة التي
يصعب عليهم متابعتها جميعاً حتى يحصلوا على المعلومات الحكومية المتنوعة، مما
يُلقي
بالمسؤولية على الإعلام المحترف الذي سيقوم بتوصيل تلك المعلومات إليهم، وبكل
مسؤولية وحيادية ومصداقية، وبشكل مبسط يستطيع الشخص العادي فهمها دون أي عناء.
ومن ناحية أخرى تعتمد
الحكومة الراشدة بشكل كبير على ما تتلقاه من آراء المواطنين وردة فعلهم على ما
تقدمه لهم من سياسات اقتصادية وبرامج تنموية عن طريق وسائل الإعلام المتعددة، كما
أن الإعلام القديم والحديث يعمل كمراقب (Watchdog)
لكشف الفساد الاقتصادي والمالي في القطاعات العامة والخاصة قبل أن يتعرض الاقتصاد
المحلي لكوارث اقتصادية أو إنسانية، والشواهد على ذلك كثيرة، مما يحملها المسؤولية
بأن تكون أكثر مصداقية، وأن تفصح عن المعلومات بكل دقة، ومن مصادر متنوعة، لكشف
السلوكيات الخاطئة التي تضر بالوطن والاقتصاد.
إن الإعلام الاقتصادي التقليدي أقل تكلفة من الإعلام الجديد، ومازال
منتشراً, لكن الإعلام الجديد يستخدم
تكنولوجيا متطورة في علم الاتصالات أكثر كفاءة وفعالية، حيث يستطيع المتلقي أن
يستقبل الأخبار إلكترونياً وبسرعة هائلة، مما يوفر فرصة التفاعل مع الجمهور، مع
إمكانية
تثقيفهم وتعليمهم وإِطْلاعهم على ما يصدر من الحكومة من أخبار ومعلومات تهمهم
وتحفزهم على المشاركة، دون أن يكون الزمان أو المكان عائقاً يحول دون وصول تلك
المعلومات إليهم، لكن هدف الربحية للإعلام الخاص ورغبته في الأداء المتميز في تلك
الصناعة التي تشتد فيها المنافسة سنة بعد سنة؛ يعني المزيد من السرعة في نشر
الأخبار،
مما يُدخل ذلك الإعلام في منزلقِ عدمِ دقةِ المعلومات المقدمة. فإن تطوير مهارات
الذين يستخدمون ذلك الإعلام المتطور على إجادة مراجعة المعلومات وإخراجها بشكل
مفيد ليس فقط للمتلقي بل حتى للأجهزة الحكومية، وهذا يعتمد على مدى استقلالية
الإعلام الاقتصادي في ممارسة أعماله، من خلال تفحص المعلومات وسلوك المسؤولين في
القطاعات الحكومية، ونشر المعلومات بدون أي قيود أو تحفظات على درجة الإفصاح،
والشفافية ودون محاباةِ أي جهة، فمازال الإعلام في البلدان العربية تسيطر عليه
معظم حكوماته، رغم ظهور بعض الإعلام الحديث المملوك بواسطة القطاع الخاص، ولكنه
مازال يوضع عليه بعض القيود.
فإذا ما استُخدم الإعلام الاقتصادي باحتراف فإنه يستطيع دعم
الحركة والنشاط الاقتصادي والاستثماري المحلي والأجنبي، بل إن مصداقيته التي
تتوافق مع الأهداف العامة للتنمية الاقتصادية من حيث إظهار الجوانب الإيجابية
وانتقاد الجوانب السلبية؛ هي التي تقوي العمليات الإصلاحية من خلال إعادة التقييم
وصياغة الاستراتيجيات نحو الأفضل، فعلى الحكومات العربية أن تفسح المجال لتعزيز
مصداقية الإعلام العربي بتقديم المعلومات والبيانات بشفافية إلى الجمهور من خلال
الإعلام الاقتصادي قبل -وأثناء وبعد- وقوع الأزمات، لزيادة الوعي الاستثماري
لديهم،
وخَلْقِ فرصةِ تثقيفِهم حول سوق الأوراق المالية، بالإضافة إلى فرص الاستثمار،
ويكون ذلك حلقة وصل بين هيئات الأوراق المالية والمستثمرين، من خلال نشر المعلومة
الدقيقة.
الشـفافية:
إن على الحكومات العربية أن تفصح عن المعلومات الاقتصادية بكل شفافية
إلى وسائل الإعلام المختلفة حتى تصبح مسؤولة
عن مصداقية نقل تلك المعلومات، وذلك بمفهوم الشفافية التي تحدد الكيفية التي يتم
بها تقديم المعلومات إلى الجمهور بكل انفتاحية ومسؤولية، ضمن المعايير التالية
التي ترفع من مستوى الشفافية:
·
تنويع
وتعدد مصادر المعلومات الموثقة في بيئة تكثر فيها المعلومات
والمنافسة
·
القدرة
على التنبؤ وإيصال المعلومات الصادقة إلى الجمهور.
· تعزيز
الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص والإعلام الاقتصادي.
·
إطْلاع المواطنين على جميع أنواع الإعلام، ليختار الأفضل من بينها، ويتحقق من
مصداقية تلك المعلومات.
·
استمرار رصد الرأي العامَ ونشره.
·
تبادل المعلومات بين الإعلام والمجتمع المدني.
·
اكتشاف الفساد وعدم الكفاءة في الإدارات الحكومية أو الخاصة.
إن تحقيق مبدأ الشفافية يستلزم وجود المصادر المفتوحة والموَثَّقة،
وبيانات الإفصاح المالي، وسياسات التشريع التي تدعم حرية الحصول على المعلومات عن
الميزانية العامة والاقتصاد الكلي والجزئي، وما يتم اتخاذه من قرارات وسياسات
اقتصادية تمس الأفرادَ والشركاتِ والاقتصادَ كَكُل، لذا تصبحففا المصداقية -بعد
ذلك- من أهم الأدوات في مفهوم الشفافية، التي تتجسد في أمانة نقل المعلومة والتأكد
من مصادرها، فلا يكفي مصدرٌ واحد أو وجهةُ نظرٍ واحدة, فكلما تعددت المصادر ووجهات
النظر كلما ارتفع مستوى الشفافية طردياً، حيث إن كلمة مصداقية مشتقة أصلاً من كلمة
الشفافية المبنية على تفحص المعلومة والتثبت من دقتها وسلامتها، لكي يتم نشرها بكل
حيادية دون تعارض المصالح، حتى لا تستخدم المعلومة بشكل مُشوَّه بما يخدم مصالح
خاصة.
وكما جاء في دورية الأخلاق والمعلومات التكنولوجية عامَ 2009م: إن الشفافية
ليست مبدأ
أخلاقياً بحد ذاته، بل هو يقوي أو يضعف الأخلاقية والمصداقية في تطبيقات الأخلاقية
أو مبادئها، فإن التعريف الجديد للشفافية هو أن يأخذ في الاعتبار الفرق بين ما يتم
إنتاجه من معلومات ديناميكية والمعلومات نفسها، وهذا يوضح نوعية المعلومات التي
يجب نشرها بشكل يعزز التطبيقات الأخلاقية ومبادئها، لكن في ظل وجود وسائل الإعلام
الجديدة المتمثلة في المواقع والمنتديات والمدونات التي يصعب حصر عددها على شبكة
الانترنت، وتشكل منافساً لوسائل الإعلام التقليدية التي يلجأ إليه المواطن للحصول
على المعلومات والآراء التي تساعده على فهم الأزمات وأبعادها الاقتصادية
والاجتماعية، يصعب أن يكون هناك إعلام محايد يهتم بالحدث بغض النظر عن دوافعه
العقائدية وأبعاده السياسية، مما يستوجب على وسائل الإعلام التعاملَ مع التطورات
الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية بمسؤولية وقدرٍ كبيرٍ من الأمانة
والمصداقية، وأن تفسر الحقائق بكل موضوعية، مع الأخذ في الحسبان المنافع
الاقتصادية والمالية العليا، ومصالح المواطنين والمستهلكين، وأن تسهم في إيضاح ما
قد يوجد من خلل في أداء الأجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص.
فقد أظهر التقريرُ الصادر من منظمة
الشفافية الدولية عامَ 2009م تباينَ أداءِ دولِ مجلسِ التعاون الخليجي في المؤشر
المكوَّن من 10 نقاط، حيث إن أربع دول خليجية -وهي قطر والإمارات وعُمَان
والسعودية- أظهرت تحسناً في ترتيبها الدولي، بينما تراجع ترتيب كلٍّ من البحرين
والكويت، وتقدمت
السعودية 17 مرتبة، بينما تأخرت البحرين ثلاث مراتب!
وأكدت المنظمة أن أي دولة لم تسجل 7 من 10 نقاط طبقاً لمقياسها، فعلى
هذه الدول أن تقوم بالمزيد
من الإصلاحات الإدارية، وذلك بنشر إحصاءات دورية ومحدَّثة دون أي تلاعب بالأرقام
أو نشرها في أوقات متأخرة بغرض تضليل الجمهور، وهذا ما دفع المستثمرين الأجانب إلى
أن يلجؤوا إلى تقرير منظمة الشفافية كمعيارٍ يُشعرُهم بمصداقيةِ المعلومات في ذلك
البلد قبل أن يتخذوا قراراتهم الاستثمارية ويتحملوا مخاطر كبيرة هم في غنىً عنها.
إن إفصاح الحكومات العربية عن المعلومات الأولية -سواء كانت إيجابية
أو سلبية- يعزز
مستوى المصداقية والثقة في الإعلام الاقتصادي العربي، بعيداً عن الاتجاهات المغرضة
أو المضللة للمواطنين, عندما تقدم لهم المعلومات ناقصة أو غير دقيقة.
إن
الشفافية ليست مجرد وسيلة لقياس مدى نجاح الاقتصاد الإعلامي، بل إنها جزء
هام
من قيم ذلك الإعلام الذي يقوم على أساس التوازن
والإنصاف، مما يدعم الموضوعية في تقديم المعلومات ويفتح باب المساءلة ويجعل
الإعلام أكثر مصداقية وموثق به. لذا لا
تقتصر الشفافية هنا فقط على ما يتم تقديمه من
معلومات اقتصاديه شفافة، بل إنها
تمتد لتشمل أيضاً المواضيع الاقتصادية التي لم
يتم تغطيتها. وهذا يتيح للجمهور
المشاركة والمساءلة التي تبني جسور المصداقية من
خلال طرح الأسئلة و الأجوبة حول
القضايا الشائكة والمعاصرة.
وفي دراسة أجراها مركزفيليب ميريل
لكلية الصحافة وكلية السياسة العامة
في 2007م، بما يخص تحليلات الشفافية في
25 موقع للمؤسسات الإعلامية الكبرى في الولايات المتحدة ، والمملكة المتحدة والشرق
الأوسط،
أوضحت إن الشفافية يمكن قياسها بعدة طرق مختلفة بناء على الخمسة المعايير التالية:
1.التصحيحات: اعتراف المؤسسة بالأخطاء
واستعدادها لتصحيحها علنا حتى ولو كانت محرجه لها.
2 -الملكية: الإفصاح عن ملكية المؤسسة وما هو مرتبط بها.
3. السياسات الوظيفية: إفصاح المؤسسة عن
سياستها
اتجاه تضارب المصالح والمعايير التي تحكم سلوك المراسلين والمحررين
والمنتجين.
4. سياسات التقارير: استعداد المؤسسة لشرح
التقارير
التحريرية، بما في ذلك القيم والأخلاق التي تقف وراءها، وإنها لا تمانع إعلان
الصحفي عن معايير إعداد التقارير والقواعد الأخلاقية التي عليه أن يتحلى
بها.
5. التفاعل: الانفتاح على تعليقات القراء
والنقاد، من خلال نشر عناوين البريد
الإلكتروني للمراسلين والمحررين، أو إمكانية الوصول إلى الموظفين عبر الموقع أو
بطريقه أخرى.
ABC
فالرسم البياني التالي يوضح الشفافية لبعض الوسائل الإعلامية في هذه الدراسة، حيث
احتلت صحيفة الجاردين المركز الأول بين العينات المختارة بعد تحقيقها 3.8
درجة، بينما حصلت الجزيرة الإنجليزية على 0.8 درجه قريبه من أدنى تقييم لشفافية،
وجاءت سكاي نيوز في المؤخرة.
المصدر:مركز فيليب ميريل لكلية الصحافة،
2007.
لا تختلف هذه الدراسة كثيراً في مبادئها عمَّا ورد في طيات ميثاق
الشفافية الدولية عامَ 1996, الذي
مازال يطالب الحكومات بالمزيد من الشفافية للمزيد من الحرية والاستقلال،
وهي:
· أن
تكون القوانين والتطبيقات التي تحدُّ من حقوق الإعلام في جمع المعلومات وتوزيعها
عند الحد
الأدنى.
·
عدم تدخل السلطات الحكومية بمختلف أجهزتها في طباعة أو نشر الأخبار، أو الوصول إلى
مصادر المعلومات.
· السماح
للإعلام المستقل بالظهور والعمل بكل حرية في جميع البلدان.
·
عدم تمييز الحكومة في تعاملاتها مع الإعلام الاقتصادي أو غيره، سواء في ذلك
الإعلام الخاص أو العام.
·
السماح للإعلام المستقل بالحصول على المواد والمعلومات التي يحتاجها، وأن ينشرها
أو يوزعها بكل حرية.
· عدم
السماح للتشريعات والتطبيقات المالية أو التمويلية التي تقيد حرية تدفق المعلومات.
· السماح
بالدخول في حقل الإعلام أو ممارسته دون قيد غير الشهادات الاحترافية.
· توفير
الأمن والحماية للإعلاميين، وإعطائهم الشرعية الكاملة.
توصيف الحالة:
لا يزال الإعلام الاقتصادي العربي في مرحلة التأسيس والنمو المتباطئ،
ولم يصل حتى
الآن إلى مرحلةٍ متقدمةٍ تجعله على مستوىً عالٍ من الكفاءة والفعالية، قادراً على
التعاطي مع المعلومات الاقتصادية بشكل احترافي، من خلال تقديم المعلومة الموثقة،
وربطها بالواقع الاقتصادي الذي يتعايش معه الأفراد والشركات والجهات الحكومية، لذا
تكون وسائل الإعلام الاقتصادية العربية في معظم الأحيان غيرَ قادرة على تشخيصِ
وتفحصِ ما يدور
في البيئة الاقتصادية المحلية من متغيراتٍ ديناميكية، وعاجزةً عن تحليل وتفسير
البيئة الخارجية وما يدور فيها من متغيرات لها أثر مباشر وغير مباشر على البيئة
الاقتصادية الداخلية، اللهم إلا نقل الأخبار الاقتصادية كما هي دون توضيحِ: ماذا
تعني تلك الأخبار للمتلقي العربي؟ وكيف تؤثر على مستوى معيشتهم وأعمالهم الحالية
والمستقبلية؟! وهذا يؤكد ضرورة حرية المعلومات وتطوير الوسائل الإعلامية
الاقتصادية على مستوى الإدارات الإعلامية والموارد البشرية بشكل مستدام.
فمنذ انتعاش أسواق المال العربية في بداية عامَ 2004م, والتطورات
الاقتصادية الهامة على
الصعيدين المحلي والعالمي، حيث شهدت اقتصاديات دول الخليج خاصة تطوراتٍ كبيرةً
متزامنةً
مع تصاعد أسعار النفط، وتحقيقها فائضاً كبيراً في ميزانياتها حقق لها ارتفاعاً
ملحوظاً في احيتاطياتها النقدية الأجنبية؛ منذ ذلك الوقت بدأت وسائل الإعلام
الاقتصادية تنشر المعلومات الاقتصادية والمالية بشكل واسع، بل إن بعض القنوات
الفضائية أصبحت متخصصة فقط في التحليل الاقتصادي والمالي، مستضيفة نخبة كبيرة من
الاقتصاديين والمحلِّلين المحليين والأجانب على حدٍّ سواء، في فترة كان الجمهور
متلهفاً فيها لأي معلومات
تسانده في اتخاذ القرارات السليمة للاستثمار في الأعمال التجارية أو في أسواق
الأسهم، لكن سرعان ما تحولت الأخبار من تغطية الأسواق المحلية إلى تغطية الأسواق
العالمية وخاصة الأمريكية، عندما بدأت بوادر أزمة العقار الأمريكية تطفو على سطح
الاقتصاد الأمريكي في ديسمبر 2007م، لتتحول تلك الأزمة المالية الجارفة إلى أزمة
اقتصادية أمريكية خانقة، تداعت لها الأسواق المالية والاقتصادية العالمية، لتخلق
ما يسمى بتأثير (ديمنو), فلجأت أكبر اقتصاديات العالم إلى عقد قمة مجموعة الـ (20)
التي انضم إليها بعض الدول النامية والعربية مثل السعودية -وذلك لأول مرة- من أجل
توحيد سياسات التحفيز المالية والنقدية، لدعم اقتصادياتها وتخفيف وطأة الأزمة
عليها وعلى بقية العالم.
هكذا بدأت شرارة الاتهامات الموجهة
للإعلام الاقتصادي العربي لعدم التنبؤ بتلك الأزمة, وإخفاء الحقيقة عن جمهوره
العربي، كما حصل من قبل في انهيار وتدهور أسواق الأسهم في بعض الدول العربية.
ليس هذا فقط؛ بل إن معظم البلاد العربية نفَت تَأثُّرها بالأزمة
العالمية كما جاء على لسانِ
كثيرٍ من المسؤولين، وساندتهم في ذلك وسائل الإعلام
المحلية! لكن مع الوقت وبعد مُضي أقلَّ من عامَ على الأزمة بدأت الأخبار السلبية
تظهر في أوساط المجتمع الاقتصادي العربي، ليتأثر بها الأفراد والشركات والاقتصاد
ككل، بعد أن تراجعت معدلات النمو الحقيقية إلى مستويات دنيا، وارتفعت معدلات
البطالة، وتقلص الطلب الإجمالي على السلع والخدمات، رغم بعض التفاوت بين البلدان
العربية في أداءها الاقتصادي والمالي.
إن أهمية الأخبار الاقتصادية تشجع على المزيد من الاستثمار في
صناعة الإعلام الاقتصادي، لكن مازالت الأسواق العربية تنتظر المزيد من
التشريعات التي توفر لها المناخَ الاستثماري ذَا الجدوى الاقتصادية، مما يساعد على
خلق استثمارات جديدةٍ، وجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع، فمازالت
استراتيجيات
الإعلام الاقتصادي العربي الحالية غير واضحة، إن وضوح تلك الاستراتيجيات مهم جداً
في وضوح الرؤية المستقبلية، في بيئة تكثر فيها الفرص، وتَضعُف فيها احتمالية ظهور
المخاوف التي تهدد مستقبل هذا الإعلام.
إن الإعلام الاقتصادي يحتاج إلى تخطيط سليم يقوم على بنية تحتية
تدعمه وقت الرخاء وتحدُّ من معدل المخاطر وقت الأزمات. لكن الملاحظ في ظل التطورات
الاقتصادية وتحول العالم إلى كتلة اقتصادية واحدة تربط بين أطرافه منظمة التجارة
العالمية والاتحادات والاتفاقات الاقتصادية والتبادلات التجارية؛ أن الحكومات
والقطاعات الخاصة غيرُ قادرة على توفير البيئة الاستثمارية المحفِّزة على
الاستثمار في صناعة الإعلام الاقتصادي، فنلحظ بين الفينة والأخرى اختفاءَ بعض
وسائل الإعلام أو ضعفاً في أدائه الإعلامي، مما يُضعِف ثقة الجمهور فيه بعد أن
أصبح إعلاماً مكرراً، لا يسعى إلى تنويع منتجاته لكي يشد انتباه الجمهور ويستقبل
المزيد من الإعلانات الدعائية التي تدعم استمراريته وتغطية تكاليفه، ففي تقرير
برايس هويس كوبرز 2008م عن منظور الترفيه
والإعلام العالمي؛ أن معدل النمو المتوقع لهذا النوع من الإعلام 6.6% وسوف يصل
إجمالي دخله إلى 2.2 تريليون دولار عامَ 2012م، بينما ثاني أكبر سوق في وسط وغرب
أوربا
والشرق الأوسط وإفريقيا سوف يتوسع بمعدل 6.8% ليصل إلى 792 مليون دولار عامَ
2012م.
كما أوضحت منظمة آيركس (IREX)
العالمية أن الإعلام العربي .مازال يواجه الكثير من
التحديات المشتركة، والتي تشمل الأَطر القانوني الذي يُضيِّق الخناق على ممارسة
العمل الصحفي، حيث خيمت الشكوك حول مستقبل الإعلام العربي .في بداية
عامَ 2008م، عندما
اقترحت الجامعة العربية على أعضائها المشاركة في تنظيم البث عبر الأقمار الصناعية
في بلدانهم، مما يهدد مستقبل القنوات الفضائية المستقلة الإقليمية، غير أن العديد
من القنوات الفضائية مازالت تغطي الأخبار الإقليمية والدولية بطريقة مفتوحة نسبياً،
بينما القيود على وسائل الإعلام المحلية التقليدية مازالت قائمة.
فقد أجرت منظمة آيركس دراسة عن الإعلام المستديم في 2006/2007م،
على أساس أن مستقبلِ الإعلامِ المستديمِ العملُ على توعية المواطنين ودعم تفاعلهم،
من خلال تدفق المعلومات ذات الشفافية والمصداقية، مما يرفع من الفعاليات
الاقتصادية ويُروِّج لها بكل عدالة وانفتاح على الجمهور ورِدَّة أفعالهم. فقيَّمت
آيركس
التنمية المستدامة للإعلام العربي بناء على خمسة أهداف تحدد نجاح هذا الإعلام من
خلال ما يأتي:
1. قدرة القواعد القانونية
والاجتماعية على حماية وتشجيع حرية التعبير والوصول إلى المعلومات العامة.
2. أن الصحافة تقوم على أسس ومعايير نوعية
واحترافية.
3. أن تكون المصادر متعددة، وتقدمُ للمواطنين
مواضيع إخبارية دقيقة موثقة.
4. أن يكون الإعلام مستقلاً، تديره
إدارة جيدة؛ تسمح للمدققين الخارجيين بالتدقيق عليه.
5. أن يتم دعم الوظائف المؤسسية التي
تخدم المصالح المستقبلية لهذا الإعلام.
مستخدمة مؤشرات الاستدامة التي تعطي درجاتٍ لكل مؤشرٍ، طبقاً لما يلي:
(1) = البلد لا ينطبق عليه هذا المؤشر: إما الحكومة
أو قوى المجتمع؛ ترفض تطبيقه.
(2) = البلد يطبق جزءاً من المؤشر عند أدنى
حدٍّ له: أي إن قوى المجتمع لا ترفض تنفيذه؛ ولكن
بيئة الأعمال قد لا تدعمه، وكذلك الحكومة والمحترفون لا يدعمونه كاملاً، ولكنهم
يدعمون التغيير.
(3) = البلد بدأ يطبق أجزاءَ عديدة من
المؤشر: لكنَّ هذا التقدم قد يكون حديثاً يصعب تقييمه، أو مازال يعتمد على الحكومة
الحالية، أو قوى سياسية أخرى.
(4) = البلد يطبق معظم أجزاء المؤشر: أي إن تنفيذ
المؤشر حدث عبر عدد من السنوات و/ أو من خلال تغييرات في الحكومة، مما يشير إلى إمكانية
استمراريته.
(5) = البلد يطبق المؤشر: أي إن التنفيذ
مستمر بشكل سليم، من خلال: عدة تغيرات في الحكومة، أو تقلبات اقتصادية، أو تغيرات
في آراء الجمهور، أو التغير في قناعات المجتمع، أو من خلال اجتماع عدد من الأسباب
السابقة.
إن تحليلات هذه المؤشرات عامَ 2006 وبداية 2007م أوضحت أن . الهدف
(1):
(حرية التعبير)؛ حصل على أقل الدرجات من المشاركين؛ عند مقارنته بمتوسط منطقة
الشرق الأوسط بشكل عام، حيث .انخفض المتوسط الكلي من 1.60 عامَ 2006 إلى
1.52 عامَ 2007م
ومساوياً لعامَ 2005م في ستة بلدان من الـ 9 بلدان الذين شملتهم الدراسة، وهذا
يمثل أدنى مستوى يسجله الهدف، في حين اثنان فقط حصل ارتفاع في درجاتهما.
.كما سجل الهدف (2): (مهنية الصحافة)؛
.تَحسَّن في ثلاثة بلدان بشكل ملحوظ، وانخفض في الستة الأخرى، حيث انخفض . من
1.73 إلى 1.68 خلال نفس فترة المقارنة.
أما الهدف (3): (تعدد مصادر الإخبار)؛ فقد استمر في الإيجابية في جميع
أنحاء المنطقة، وهذا الهدف كان في المرتبة الأولى عامَ 2005م، وعلى الرغم من أنه
انخفض إلى 1.64 عامَ 2007م، إلا أن
الكثير من المستهلكين في هذه البلدان -وخاصة في الخليج- تمكنوا من الوصول إلى
العديد من مصادر المعلومات، بما في ذلك الإنترنت.
.لكن
جاء أداء الهدف (4): (إدارةالإعمال) في المرتبة الأفضل أداءً بمتوسط 1.69 عامَ
2006م، وهو أقل من 1.76 عامَ 2005م، نتيجة لقوة بعض اقتصاديات المنطقة والسواق
الدعائية القوية ووسائل الإعلام
التسويقية التقليدية.
بينما جاء الهدف (5): (دعم المؤسسات)؛ ثاني أدنى هدف، حيث انخفض بشكل
طفيف من 1.60 عامَ 2005م إلى 1.59 عامَ 2007م.أما التحليل التفصيلي لتنمية الإعلام
المستدامة لبعض الدول العربية التي تم اختيارها؛ فيوضحه الجدول والرسم البياني
التاليين، حيث نلاحظ أن لبنان كان أداؤها متميزاً عن جميع
البلدان الأخرى، يليها قطر مع ضَعْفٍ في إدارة الإعمال ودعمِ المؤسسات الإعلامية،
بينما حققت السعودية والبحرين درجات ضعيفة جداً.
مؤشر
استدامة الإعلام في بعض البلدان العربية 2006/2007
إجمالي درجات
الاستدامة
|
دعم المؤسسات
|
إدارة الإعمال
|
تعدد مصادر الأخبار
|
الصحافة المحترفة
|
حربة الخطاب
|
الدولة
|
2.45
|
2.42
|
2.27
|
2.88
|
2.44
|
2.24
|
لبنان
|
2.36
|
1.83
|
2.27
|
2.28
|
2.43
|
2.97
|
قطر
|
2.23
|
2.34
|
2.23
|
2.38
|
2.25
|
1.97
|
مصر
|
2.09
|
1.74
|
2.5
|
2.04
|
2.26
|
1.92
|
الإمارات
|
2.04
|
1.24
|
2.71
|
2.16
|
2.31
|
1.78
|
الكويت
|
1.89
|
2.22
|
1.76
|
1.74
|
1.85
|
1.9
|
المغرب
|
1.63
|
1.71
|
1.99
|
1.35
|
1.61
|
1.52
|
البحرين
|
1.42
|
1.07
|
1.67
|
1.38
|
1.62
|
1.38
|
السعودية
|
0.89
|
1
|
1.25
|
0.75
|
0.94
|
0.5
|
تونس
|
المصدر: آيركس-2006/2007م.
المعوقات:
لاشك أن الإعلام الاقتصادي العربي مازال يعاني حالياً من بعض المشاكل
الكبيرة، لأن تطوّرَه لم يكن مبنياً على بنية تحتية مدعومة بقاعدة من المعلومات
ذات المصادر المتعددة وعلى مستوىً عالٍ من الشفافية، وبسبب ندرة المعاهد التدريبية
الإعلامية ومراكز الأبحاث المتخصصة، بل يستمد معلوماته من القطاعات الحكومية
والخاصة، أو من مجرد اجتهادات خاصة لا تحمل في طيّاتها شيئاً كبيراً من الإفصاح
والشفافية، وإنما ينقلها فقط إلى الجمهور الذي تكون ثقافته واطلاعه محدودتين في
أغلب الأحيان، مما يدفعه
إلى اتخاذ بعض القرارات الخاطئة بناءاً على تلك المعلومات المستقاة من إعلامنا
الاقتصادي،
فمازال هذا الإعلام مقصراً في عمل المزيد من الجهد لتقصي رغبات الجمهور وحاجاتهم
للمعلومات
الاقتصادية، بينما هو يركز على
الأخبار الإيجابية ويتجنب الأخبار السلبية، من أجل استمرارية برامجه الاقتصادية،
وتفادي
المواجهة مع الجهات الحكومية أو المسؤولين فيها، مما يعطي صورة مشوهة عن الاقتصاد،
ويفقده المصداقية، متجاهلاً رغبات وتطلعات المجتمع.
إن بعض التقارير الاقتصادية الحكومية التي تصدر بصفة دورية -سواء كانت
سنوية، أو ربع
سنوية، أو شهرية- لا توضح المصادر والمنهجية والمعايير التي بنيت عليها في بعض
الأحيان، والتي تسمح للباحث تقصي حقائق المصادر، والآلية المتبعة في تجميع تلك
المعلومات، وكيف تم حسابها ووضعها في نماذج يتمخض منها ما يسمى بالمؤشرات
الاقتصادية
-مثل: التضخم، مستوى المعيشة، معدل البطالة، معدل النمو الاقتصادي- فإن عدم
الإفصاح عن إعداد تلك التقارير والمؤشرات لا يعطي فرصة للمراقبين للتأكد من
موافقتها للنظريات الاقتصادية، ومنهجية التحليل الكمي والإحصائي المتبعة في جمع
المعلومات، وبناء النماذج الاقتصادية الرياضية، والمؤشرات الاقتصادية، مما يُضْعِف
من مستوى الإعداد والثقة في مصداقية تلك المؤشرات بما لا يخدم الاقتصاديات بشكل
أمثل,
كما لما لو كانت المعلومات شفافة ومحايدة، ولا يوجد تعارض في المصالح يؤدي إلى
تشويهها.
ويمكن تلخيص أهم تلك المعوقات في الأمور الآتية:
·
شحٌّ في تدفق المعلومات بصفة دورية -أسبوعية وشهرية وربعية- من الحكومات مع تعدد
مصادرها.
·
وضع بعض القيود، أو السرِّية، أو تعديل بعض المعلومات الاقتصادية لخدمة جهة ما،
وضَعفٌ في شفافية السياسات الحكومية.
·
عدم الإفصاح عن مصادر المعلومات وكيفية اختيارها، فالاقتصادي بحاجة إلى تعزيز
الثقة في المصادر التي يستقي معلوماته منها.
·
عدم كفاءة من يقوم بإعداد تلك المعلومات، بسبب كثرة الأخطاء وعدم موضوعيتها
ومطابقتها للواقع، وما يتحقق على أرض الواقع.
·
عدم دقة حساب المؤشرات الاقتصادية والنسب، وغياب المقارنة.
·
غياب معظم المؤشرات الاقتصادية مثل: مبيعات محلات التجزئة، مؤشر ثقة المستهلك،
الإنتاج الصناعي.
·
ندرة مراكز البحوث المتخصصة، التي يمكن الاستعانة بها في مقارنة توقعاتها مع ما
يصدر من الجهات
الحكومية من معلومات اقتصادية.
·
غياب تطبيق مبادئ الإدارة الجيدة في المؤسسات الإعلامية.
·
تفشي ظاهرة الفساد الإعلامي.
·
عدم استقلال تمويل الإعلام عن الإدارة.
الحلول:
بعد استعراض حالة الإعلام الاقتصادي العربي وتحديد المعوقات
التي تعترض طريقه؛ أصبحت الاختيارات واضحة فيما يتعلق بالنهوض بمستوى هذا الإعلام
الاقتصادي العربي، وذلك بناء على تبني أحد الخيارين التاليين:
1.أن يبقى الإعلام الاقتصادي العربي على ما هو عليه بين المدِّ
والجَزْرِ دون أي تغيُّرٍ ملحوظ، وتحت سيطرة الحكومات، ونشر المعلومات التي يرغب
فيها بواسطة الإعلام الاقتصادي دون التأكد من مصادرها، مما
قد يكون مضلِّلاً للمستثمر والمستهلك على حدّ سواء، ويؤدي بهم إلى الخسارة أو
إهدار أموالهم واستثماراتهم، مما يُضِرُّ بالاقتصاد ككل، ولن يتم كشف مصادر الخلل
والفساد من أجل الإصلاح والتقدم والازدهار.
2. أو إصدار تشريعاتٍ وقوانينَ جديدةٍ تحمي الإعلام الاقتصادي وتدعمه
بتدفق المعلومات الاقتصادية الصادرة من الحكومات بكل شفافية، وطبقاً لمعايير
الإفصاح المستندة إلى المنهجية في جمع المعلومات
والكشف عن المصادر والأدوات والأساليب والنماذج المستخدمة، لإظهار تلك المعلومات
القابلة للانتقاد دون قيود أو شروط؛ إلا في نطاق محدود، مع منْح الإعلامِ المزيدَ
من الاستقلاليةِ وتوفيرِ التمويل اللازم له دون التدخل في شؤونه الإعلامية، من
خلال تطبيق مبادئ الحكومة التي تعتمد على الإفصاح بشفافيةٍ عن المعلومات ومصادرها،
وليس ذلك فحسب؛ بل تُقلِّص الحكوماتُ سيطرتَها على وسائل الإعلام، وتبدأ في عمليات
الخصخصة، حتى تصبح معظم وسائل الإعلام ملكاً للقطاع الخاص، دون تدخل الدولة في
أعمالها.
لاشك أن الاختيار الثاني هو الاختيار الأفضل الذي يتيح للإعلام
الاقتصادي النمو والتوسع لكي يطور نفسه، بعد أن أصبح الاقتصاد المحلي والعالمي
حديث أفرادِ وشركاتِ المجتمع، ومرجعاً أساساً لاتخاذ القرارات الاقتصادية
والاستثمارية المبنية على معلومات تتميز بدرجة عالية من الإفصاح والشفافية، بما
يتفق مع الاستراتجيات العامة للدولة، ويحقق طموحاتها التنموية والمستديمة، وهذا
يعطي دعماً قوياً للمؤسسات الإعلامية التي يمكن أن تُوَفِّرَ لهمُ الحمايةَ
والدعوةَ إلى إصلاحات قانونية هي
جزء لا يتجزأ من الإصلاح القانوني لتطوير وتنمية وسائل الإعلام المستدامة، فإن
الإعلام الاقتصادي يمكن أن يكون شريكاً في تحقيق التنمية الاقتصادية، عندما
يُسمَحُ
له العمل بحرية كاملة، تُمَكِّنُه من رسم خطط فعالة، ضمن معايير وضوابط تضمن له
الشفافية والدقة في التَّلقِّي من المصدر، وفي نقل الأخبار والمعلومات الاقتصادية
دون أي تحفظ مسبق بما يتعلق بالقطاعين العام والخاص، فالمعلومات السلبية أكثرُ
منفعةً في بعض الأحيان من الإيجابية في إعادة صياغة ووضع الاستراتيجيات الاقتصادية
في حدود الموارد المتاحة للدولة والاقتصادِ كَكُل، فضلاً عن الاستفادة من
التكنولوجيا الإعلامية والثورة التقنية؛ لبناء قاعدة معلومات وتحليلات يستفاد منها
في وضع استراتيجيات وتحليل سياسات، وتحويل وسائل الإعلام إلى مصادرَ لعرض نتائج
الدراسات العلمية الاقتصادية، ومواقعَ لتبادل الأفكار والآراء الاقتصادية
والمعالجات الواقعية لقضايا وهموم التنمية، ودعم بحوث السوق.
لكن لا يكفي أن يكون مصدر المعلومة دقيقاً، بل على الإعلام
الاقتصادي عمل التحليلات اللازمة، والتنبؤ بالمستقبل، مع مراعاة ترابط الاقتصاديات
العالمية، وعدم تجاهل تأثير الأزمات العالمية على الاقتصاديات المحلية التي نفاها
المسؤولون، ودعمهم الإعلام في نفيها، حين زعموا أن دول الخليج أو
الاقتصاد العربي لم يتأثر بالأزمة المالية العالمية، مما يشير إلى عدم مصداقية هذا
الإعلام؛ مع تقلُّص إيرادات الحكومات النفطية بما يقرب من 65% عام 2009م، وتَحقُّق
عجز في ميزانية بعضها، وتفاقم مشاكل القطاع الخاص بسببها.
Panelists in
countries where such work does
take
place indicated that it is either rarely done or not trusted or both.
الخلاصة:
إن الإعلام الاقتصادي العربي يمكن إصلاحه ورفع مستوى شفافيته وكفاءته؛
إذا ما تم
معالجةُ المعوِّقات السابق ذكرها، ورفعُ القيود عن حرية المعلومات الاقتصادية بما
لا يمسُّ الثوابتَ الوطنية والمصالحَ الاستراتيجية، وتقديمُ المعلومات الاقتصادية
الدقيقة، ورفعُ القيود مع استقلالية الإعلام، فإن اعتماد الدولة على مبدأ الشفافية
في إمداد الإعلام والإعلاميين بالمعلومات الاقتصادية والتحليلية الصحيحة الحديثة؛
يعزز مصداقية الإعلام الاقتصادي العربي، ويكشف وسيلة الإعلام التي تحاول أن لا
تفصح عن المعلومة الصحيحة، مما يعرضها لإجراءات قانونية، لكن الأهم من ذلك أن
شفافية المعلومات العامة تُُقلِّل من معدِّل عدم الإفصاح، ومن هامش الخطأ، لأن
مصادرها في الأصل صحيحة.
المراجـــع
مركز (فيليب ميريل لكلية الصحافة)
وكلية السياسة العامة. في دراسة المسؤولية
والشفافية في وسائل الإعلام، 2007.
Transparency
International 1996.
Brian
Whitaker, What's
Really Wrong with the Middle East, (Saqi
Books, 2009).
Irex, 'Media Sustainability Index
(MSI) - Middle East &
North Africa (MENA)', 2006/7.
PricewaterhouseCoopers’
Global Entertainment
and Media Outlook: 2008-2012, released on
Wednesday
Sat, 21 Jun 2008 07:31:00
The United
Nations passed a General Assembly
resolution, known as the Universal Declaration of Human, 1949.
The ethics of
information transparency", Journal, Ethics
and Information
Technology, Volume 11, Number 2 /
June, 2009,
Published by Springer Netherlands.
World Bank,
The right to
tell: The role of mass media in economic development, published July 2002.