المقال
د. فهد محمد بن جمعة
لا فساد ولا إفساد بعد اليوم المزلزل (4
نوفمبر 2017م) ولا فرصة لأقلية فاسدة أن تجني أرباحها على حساب أغلبية
ساحقة وتخلق كارثة اقتصادية ومالية، تهبط بمؤشرات الأداء الاقتصادي من نمو
إلى كساد وبمخرجات ليس لها قيمة اقتصادية مضافة على المدى الطويل، هكذا نجد
تناقضات بين أداء الاقتصاد السعودي وتلك المؤشرات الاقتصادية المثبتة
علمياً وعملياً في معظم بلدان العالم الأقل فساداً، حيث إن الفساد هو
الكساد الأعظم الذي يعطل النمو الاقتصادي والاستثماري ويغيب الحوكمة
والشفافية ويعيق تحقيق أهداف رؤية 2030 نحو الهاوية.
وتوضح الأدبيات الاقتصادية على المستوى الكلي (Macro) أن الفساد يعتبر
عائقاً قوياً للنمو والتنمية ويساعد على تعزيز المعوقات البيروقراطية
المرهقة، وعدم كفاءة تقديم الخدمات العامة، رغم وجود القوانين التي لا يمكن
تطبيقها إلا بوجود مؤسسات تنفيذية صارمة، هكذا يقلل الفساد من الأداء
الاقتصادي ويزيد من تكاليف الصفقات، وعدم اليقين، وعدم كفاية الاستثمارات،
وسوء توزيع عوامل الإنتاج، وارتفاع البطالة، وزيادة العجز والديون، بينما
من المفروض أن الدين العام يعزز النمو الاقتصادي في البلدان الأقل فساداً
أي أعلى شفافية. كما أنه يخفض من نصيب دخل الفرد والذي بدوره يضعف التنمية
المستدامة.
أما على مستوى الاقتصاد الجزئي (Micro) فإن الفساد ينتشر من خلال تفضيل
بعض المسؤولين الحكوميين لبعض الشركات على غيرها مقابل الرشوة، مما يؤدي
إلى سرعة نموها ويحفزها على احتكار السوق أو النزوح خارج الحدود، مما يخلق
بيئة طاردة تحد من منافسة الشركات الأخرى الأكثر كفاءة إنتاجياً ونمواً،
كما أن الفساد يؤدي إلى زيادة الأيدي العاملة الأجنبية في الشركات، مما
يؤكد أن الرشوة تؤثر على هيكل العمالة في الشركات، حيث توظف بعض الشركات
عدداً أعلى من العمالة الأقل كفاءة بدلاً من الأعلى كفاءة، وقد يعمل بعض
العاملين في أنشطة غير منتجة مثل البحث عن سبل للتحايل (التستر) على القيود
البيروقراطية.
وبهذا أصبح تشكيل لجنة مكافحة الفساد برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان
والتي تضم جميع الجهات الرقابية حتمياً لإنفاذ نظام مكافحة الفساد، لذا
أقترح تعديل نظام مكافحة الفساد ليشمل القطاع الخاص؛ الاستمرار في سياسات
تعزيز المساءلة والشفافية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام؛ إغلاق جميع القنوات
الممكنة للفساد في الإدارة الحكومية بتقليص صناعة القرار؛ زيادة أجور
العاملين في القطاع العام ليتمتعوا بحياة معيشة جيدة تقلل من احتمالية
حدوث الرشى؛ توفير بيئة اقتصادية سليمة جاذبة للاستثمارات المحلية
والأجنبية؛ نشر مؤشرات الفساد دورياً.