الثلاثاء 13 ذي الحجة 1435 هـ - 7 اكتوبر 2014م - العدد 16906
المقال
كتبت الأسبوع الماضي منتقدا تقرير صندوق النقد الدولي (سبتمبر 2014)
بشأن ايرادات النفط وذكرت اخطاءه المتكررة على المستويين المحلي والعالمي،
فظهر من يقف بجانب تقرير الصندوق بصفة عمياء وكأنهم يتخذون منه ذريعة
لإظهار عدم استقرار اقتصادنا رغم ما تتمتع به المملكة من ثروة هيدروكربونية
كبيرة. وكأن هذا البلد لا يوجد به خبراء اقتصاد ونفط حريصون على استقرار
اقتصادنا واستثمار ثرواتنا المتاحة، يقرؤون الماضي ويحللون الحاضر
ويتنبئون بالمستقبل ولا يصدقون أي تقرير قبل التأكد من صحة فرضياته
وتنبؤاته.
إن الصندوق الذي يحلل المعلومات ولا يمحصها ليس اكثر معرفة وخبرة من
شركة أرامكو التي لديها الخبرة الطويلة وأفضل الخبراء والمستشارين في
العالم. كما انها تعرف جيدا وبالأرقام حجم ثروتنا الهيدروكربونية وكيف تعزز
استثماراتها وحصتها السوقية في الاسواق العالمية من خلال المشاركة وعقود
البيع طويلة الأجل الآمنة او الفورية الاكثر ربحية عندما ترتفع الاسعار،
فان تخفيضها لأسعار نفطها بجميع انواعه الاسبوع الماضي دليل واضح على فهمها
لأسواق النفط العالمية بدلا من تخفيض حصتها السوقية.
يقول غريفين (James M. Griffin) المعروف في مجال اقتصاديات الطاقة
وأستاذ الاقتصاد في جامعة (Texas A & M University) الذي تعلمت منه
الكثير في مجال النفط، في إطار نظرية الوقود البديل “Backstop Fuel” أن
استخدام الموارد المحدودة (النفط مثلا) بكثرة يؤدي الى ارتفاع اسعاره بشكل
حاد، مما يجعل موارد الطاقة البديلة ذات التكلفة المرتفع رخيصة بالمقارنة
ومجدية اقتصاديا لاستخدامها على المدى الطويل من خلال التقدم التكنولوجي
الذي سيحولها الى موارد غير متناهية. وهذا يشير الى ان ارتفاع الاسعار
كثيرا على سبيل المثال الى 120 دولارا ليس من صالحنا كدولة لديها طاقة
انتاجية كبيرة واحتياطي نفطي يمتد الى اكثر من 70 عاما.
وعلى الجانب الآخر يقول "فرديناند (Ferdinand E. Banks، 29 مايو 2005)
بعنوان "النظرية الاقتصادية وبعض حقائق سوق النفط" إن نظرية الوقود البديل
الشهيرة واحدة من المفاهيم الأكثر جدوى في غرفة الدراسة، وربما أحد الأسباب
التي جعلت بعض الاقتصاديون من المؤسسات الأكاديمية والمالية الرائدة في
العالم، يصدقوا انفسهم بأنه لن يلحق أي ضرر بالاقتصاد الكلي العالمي لو
انخفضت اسعار النفط إلى مستوى أسعار المياه المعبأة في الزجاجات، وظل ذلك
على هذا المستوى إلى أجل غير مسمى. وهذا يشير ايضا الى ان انخفاض الاسعار
كثيرا على سبيل المثال دون 80 دولاراً ولفترة طويلة سيكون له أثر سلبي على
اقتصاديات الدول المنتجه للنفط وكذلك الدول المستهلك له. فسوف تنحصر
الاستثمارات في مجال النفط وتنخفض الايرادات النفطية التي تعتبر محركة
للاقتصاد العالمي وللتجارة الدولية، فما يتم كسبه في السعوديه يتم انفاقه
في بلد ما وهكذا. ناهيك عن تنمية الاستثمارات المحلية وتدفق الاستثمارات
الاجنبية وتوظيف الموارد البشرية المحلية والاجنبية على السواء والذي يعزز
مستوى المعيشة على المستوى العالمي.
هذا يوضح لنا ان ارتفاع الاسعار أو انخفاضها بشكل حاد ليس من صالح
مستقبل نفطنا ولا العالم وإنما الافضل الاسعار المعتدلة. أما انخفاض
الاسعار بسبب ارتفاع صرف الدولار مقابل العملات الاخرى فيقابله ارتفاع في
قيمة الريال مماثلة لتصبح وارداتنا من البلدان التي نستورد منها اقل تكلفة،
ما يسهم في تخفيض التضخم، ولكن الاهم ان تكون نسبة الفائدة من ارتفاع
الدولار أعلى من نسبة انخفاض الاسعار مع مراعاة معدل التصدير. فليس هناك
عامل بمفرده يفسر تقلبات الاسعار سواء على المدى القصير او البعيد. فنحن
نعرف اقتصادنا اكثر من صندوق النقد وندرس ونخطط لجميع الاحتمالات وعدم
اليقين ونعرف ان طموحاتنا دائما اعلى مما نقدمه. وهذا لا يعني عدم
الاستفادة من ما يقدمه هذا الصندوق ونحن أحد اعضائه ولكن المقارنة ومعرفة
التباين بين ما لدينا وما لديه أمر ضروري.
"اللهم أدم علينا نعمة النفط واجعله وسيلة لغاية تنويع مصادر دخلنا"