5/05/2015

عبدالعزيز بن سلمان.. سوق النفط ممتاز

الثلاثاء 16 رجب 1436 هـ - 5 مايو 2015م - العدد 17116

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان نائب وزير البترول الأسبوع الماضي أن سوق النفط "ممتاز" وهو كذلك وهذه إشارة إلى نجاح سياسة المملكة النفطية بالمحافظة على حصتها السوقية التي تتلاءم مع متغيرات أسواق النفط العالمية الحالية. لأن احتفاظ الأوبك بحصصها السوقية وعلى رأسها المملكة التي تمتلك أكبر طاقة إنتاجية وتصدير يعدل معادلة استقرار أسواق النفط العالمية ويدخل عليها متغير انتاج غير الأوبك كمتغير أساسي للمساهمة في استقرار الأسواق بدلا من المنتج المرجح (Swing producer) الذي في العادة تقوم به المملكة. فعندما قررت الاوبك في 27 نوفمبر 2014 الاحتفاظ بحصصها السوقية وأنها لن تعود الى سلوكها الانتاجي فيما قبل ذلك التاريخ كان له تأثير مباشر على سلوك المنتجين خارج الاوبك وذلك بتكبيدهم خسارات مالية كبيرة بل افلاس البعض وتعطل استثماراتهم في عمليات الانتاج مع قلة التدفقات النقدية.
ان العامل الحاسم هو بقاء الاسعار عند النطاق الحالي لمدة زمنية كافية للتأثير على آلية العرض والطلب لسد الفجوة بينهما وصولا الى نقطة قريبة من التوازن التي تحدد أفضل الاسعار للمنتجين والمستهلكين. هكذا جاءت نتيجة قرار الاوبك مبكرة وبأسرع مما توقعنا بعد ما أبدت روسيا تعاونها وأدركت شركات النفط الاخرى، بأن تراجع الاسعار الى مستويات اقل من 60 دولارا للبرميل خسارة للجميع ولكن البعض يخسر اكثر من غيره ولن يستطيعوا الاستمرارية في انتاج النفط الصخري ذي التكاليف المرتفعة، رغم التقدم في تقنيات الحفر وتناقص التكاليف، مقارنة بتكلفة النفط التقليدي ولا في إنتاج النفط التقليدي ذي التكاليف العالية مقارنة بدول الخليج وخاصة المملكة.
ان تعزيز حصة المملكة النفطية السوقية وتغلغل منتجاتها في عمق الاسواق العالمية من اجل كسب عائد مجزٍ على استثماراتها ليس بالأمر السهل بل يتطلب عقولا مفكرة ذات مهارات وخبرة في بيئة الاعمال الداخلية والخارجية لانتهاز الفرص وتجنب التهديدات والتركز في موقع القوة المتزايدة لسد الثغرات والحد من نقاط الضعف دون مساومة في ظل توفر الميزة النسبية لنفطنا وتوفر الغاز التقليدي وغير التقليدي لمواجهة الاستهلاك المحلي المتزايد وشدة المنافسة في الاسواق العالمية حيث لا يبقى فيها إلا القوي.
وها نحن نترقب دور المجلس الاعلى لأرامكو برئاسة الأمير محمد بن سلمان في زيادة فعالية استراتيجية الشركة من إنتاج النفط الخام (Upstream) وصناعة التكرير والبتروكيماويات (Down stream) التي تم اعتمادهما في عام 2013م من خلال الاندماج الرأسي والأفقي الذي يرفع معيار الكفاءة الانتاجية ويوظف الموارد افضل توظيف نحو صناعة نفطية متكاملة توسع دائرة تنويع الصناعات المحلية بقصد التصدير وتعظيم الدخل وتوظيف الشباب. هكذا يتم خلق مضاعف اقتصادي ذي قيمة اقتصادية مضافة كبيرة يكون محتواه انتعاش الصناعات المساندة ودعم النمو الاقتصادي بنسبة تفوق النسب السابقة في الاعوام الماضية مع تراجع وتقلب اسعار النفط العالمية الحالية.
ان عوامل السوق الحالية تستدعي مراجعة الاستراتيجية وتعديلها بما ينسجم مع الانحدار الحاد في اسعار النفط وقياس أدائها ضمن جدول زمني محدد على المدى القصير والمتوسط والطويل لتنويع استثماراتنا في الطاقة النفطية والنظيفة والمتجددة التي تقلل من مخاطر عدم اليقين وتقلص الاستهلاك المحلي من النفط لتعظيم منافعه في خدمه الوطن والاقتصاد، ان تعظيم مبيعات ارامكو المباشرة وغير المباشرة هدف استراتيجي يمكن تحقيقه بحشد جميع قدراتها المالية والبشرية والتسويقية لاختراق الاسواق العالمية وخلق اسواق جديدة سواء كانت بمفردها او بشراكات عالمية تدعم مواقفها في الاسواق الخارجية المستهدفة.
بالتأكيد أيها الأمير السوق ممتاز لأن سياستنا بدأت تؤتي ثمارها على المدى القصير ولكن التنبؤ بالمستقبل في ظل أسوأ السيناريوهات مع الاحتفاظ بحصتنا السوقية بناء على متغيرات الأسواق العالمية يستوجب علينا التأكيد بأن استراتيجية الطاقة قادرة على مواجهة خطر عدم اليقين واستغلال الاختيارات البديلة في ظل تقلب أسعار النفط وتراجع العائدات لضمان الاستمرارية في تصدير نفطنا مع تحقيق أكبر استفادة من مصادرنا الهيدروكوربونية على أطول فترة زمنية ممكنة.

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...