12/29/2020

معادلة الاستثمار التعديني

 

الثلاثاء 14 جمادى الأولى 1442هـ 29 ديسمبر 2020م

المقال

الرياض

د. فهد بن جمعه

تقوم وزارة الصناعة والثروة المعدنية بجهود كبيرة من أجل تعزيز استدامة الاستثمار في قطاع التعدين وتعظيم استغلاله ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك من خلال الموازنة بين العوامل التالية: البيئة التشريعية، الإيرادات الحكومية، حماية البيئة، جذب الاستثمارات الأجنبية. وهو بحد ذاته تحدٍ كبير حتى لا يطغى أحدهما على الآخر ويتسبب في خلق بيئة استثمارية طاردة يدفع تكلفتها الاقتصاد.

فمازالت نسبة استغلال الموارد المعدنية منخفضة جداً ما بين 10 % و15 % من إجمالي الثروة المعدنية المتاحة، ولا بد من وضع سياسات واضحة ومتوازنة لتنمية القطاع وبمخاطر أقل، حيث يعتبر المستثمرون البلد الذي لديه التزام صريح بالاستثمار وسجل حافل في دعم الاستثمارات الخاصة على فترة طويلة هو الأقل مخاطرة.

وقد أوضح الأمير محمد بن سلمان أن "قيمة المعادن الموجودة في المملكة تبلغ 1.3 تريليون دولار" ومن الضروري استثمارها. لذا ركزت الاستراتيجية الشاملة لتعدين والصناعات المعدنية في إطار رؤية 2030 على تعظيم القيمة المضافة للموارد المعدنية الطبيعية في المملكة واستغلالها الاستغلال الأمثل من خلال تطوير استثماراتها، بناءً على وفرة تلك الموارد، حجم الطلب المحلي على منتجاتها وميزها النسبية. وتهدف الاستراتيجية إلى رفع مساهمة التعدين في الناتج المحلي، تعظيم إيرادات الدولة، توليد وظائف مباشرة وغير مباشرة من 64 مليار ريال، 4.9 مليارات ريال، 150 ألف وظيفة في 2015 على التوالي؛ إلى 240 مليار ريال، 13.9 مليار ريال، 200 ألف وظيفة في 2030.

لقد حان الوقت لتغيير نظرة المستثمر الأجنبي السلبية إلى البيئة الاستثمارية لقطاع التعدين، حيث إنها تعاني من ضعف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، البنية التحتية ومن أهمها البيانات ذات الحجم الكبير، كفاءة عمليات الترخيص والخدمات، الالتزام البيئي، تدني مستوى الاكتشافات، قلة المطورين المحليين، غياب مراكز البحوث العلمية المساندة لخدماتها. كما أن قطاع التعدين في حاجة ماسة لاستثمار الشركات الكبيرة على غرار شركة معادن، لما لديها من قدرات مالية وبشرية تمكنها من التوسع واستغلال هذه الموارد المعدنية، من خلال توفير المواد الأساسية لعمليات سلاسل القيمة المضافة الطويلة والتكامل بين عمليات الصناعة في سلاسل التوريد الصناعية العالمية.

ونذكر أن منحى الطلب في صناعة التعدين، يختلف عن غيره من القطاعات الأخرى، فهو طويل الأجل جداً ومتقلب إلى حد كبير مع تقلب أسعار السوق ومرور الوقت. كما من الشائع، وخلافاً لأنماط القطاعات الصناعية الأخرى، أن تتعرض أنشطة التعدين إلى التعليق ثم استئنافها استجابة لتغير الطلب والأسعار مرة أخرى. أما على جانب العرض فتحدد الهياكل الأساسية مثل: النقل، المياه، الكهرباء؛ توفر العمالة الماهرة من فنيي التعدين والمهندسين والمديرين، إذا ما كان استغلال أي رواسب معينة سيكون مربحاً.

إن معادلة التوازن بين العوامل الأربعة السابقة في غاية الأهمية، حيث تكون التشريعات ذات حوكمة وشفافية عالية وبضمانات تعدين خاصة وراسخة في بيئة استثمارية مستقرة بقواعد أساسية ثابتة. وأن لا يخلق ارتفاع الإيرادات الحكومية والتشدد في الالتزام البيئي، بيئة استثمارية طاردة وعلى حساب التنمية المتوازنة في المناطق النائية وتوظيف وتدريب الموارد البشرية الوطنية.

12/21/2020

أبريل الأسود.. يحدد خيار «أوبك+»

الثلاثاء 7 جمادى الأولى 1442هـ 22 ديسمبر 2020م

المقال

الرياض


د. فهد بن جمعه

هكذا قالها وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان في كلمته بمناسبة ميزانية المملكة 2021 الخميس الماضي، إنه لم يكن أمام أوبك+ في أبريل الماضي، إلا خياران لا ثالث لهما إما حرية السوق أو إدارة سوق النفط العالمي. لذا قامت المملكة باختبار الخيار الأول لعدم توصلها إلى اتفاق مع روسيا بإعلان زيادة إنتاجها ما بين 12.3 و13 مليون برميل يومياً في أبريل الماضي، لتزلزل مكامن النفط في الأسواق العالمية وينخفض سعر غرب تكساس بـ25 % إلى 31 دولاراً وبرنت بـ23 % إلى 35.33 دولاراً. وفي 20 أبريل حدث اليوم الأسود، حيث انخفض سعر تكساس بـ302 % إلى (-36.98) دولاراً وبرنت بـ12 % إلى 17.36 دولاراً. ولكن وبعد تصريح روسيا وبعض المنتجين من خارجها بخفض الإنتاج توافقاً أو طوعاً، بدأت الأسعار تعود إلى الارتفاع.

أما الخيار الثاني وهو إدارة سوق النفط العالمي بالتفاهم مع المنتجين في أوبك+ ومن خارجها من أجل تحديد الحصص الإنتاجية التي تدعم توازن السوق، عند أسعار تحفز المستثمرين ولا تضر بالمستهلكين. وذلك، في فترة تشهد أكبر أزمة عالمية لا تشبه الأزمة الآسيوية في 1997 ولا الأزمة المالية في 2008، حيث حدثت أزمة جائحة كورونا من دون سابق إنذار، فقتلت البشر وأغلقت الاقتصادات العالمية وعطلت أنشطتها، ومن أهمها قطاع النقل الجوي. لكن السعودية كانت لها بالمرصاد فوضعت الحلول الاستباقية لحماية أسواق النفط من الانهيار، فطلبت من أوبك+ لخفض الإنتاج وقف تدهور الأسعار مع انكماش الطلب العالمي على النفط، الذي انخفض بـ29 مليون برميل يومياً في أبريل الأسود ليسجل أدنى مستوى له منذ 25 عاماً، ومن المتوقع أن ينخفض بأكثر من 9 ملايين إلى 90.3 مليون برميل يومياً في 2020 مقارنة بـ100 مليون برميل يومياً كانت متوقعة للعام نفسه.

وفي النهاية أفضى الخيار الأول إلى تبني الخيار الثاني بقيادة السعودية والعودة إلى الاتفاق، فكان تكتيكاً (Tactic) سعودياً ناجحاً حقق أهدافه وبكل المقاييس وبرهن على ريادة المملكة لأسواق النفط وعمق تأثيرها على استقرار أسواق النفط العالمية. وبهذا أظهرت السعودية قوتها الناعمة للمحافظة على استقرار أسواق النفط، حيث أدركت أوبك+ أن خيار حرية السوق لسلعة حيوية وناضبة ليس الخيار الأمثل، فتم الاتفاق على خفض الإنتاج بـ 9.7 ملايين برميل يومياً من مايو إلى ديسمبر 2020.

وأخيراً، تم تعديل خفض الإنتاج السابق إلى 7.2 ملايين برميل يومياً في يناير 2021، على أن يتم مراجعة أوضاع أسواق النفط العالمية شهرياً. ونتيجة لذلك بلغت نسبة الالتزام 99.5 % وهي الأكبر تاريخياً، واستمر سعر برنت في الارتفاع إلى 52.26 دولاراً وتكساس إلى 49.10 دولاراً حتى نهاية الأسبوع الماضي، وبذلك حققت السعودية نجاحاً كبيراً بضبط توازن السوق في خضم أصعب الأزمات.

 

 

12/14/2020

من يخرج أولاً من منظمة الأوبك؟

 

  الثلاثاء 30 ربيع الثاني 1442هـ 15 ديسمبر 2020م

المقال

الرياض


د. فهد بن جمعه

تحاول "أوبك" بالتعاون مع المنتجين من خارجها (بلس) لملمة شملها بالاتفاق على خفض إنتاجها وخلق توازن في سوق النفط العالمية، عند مستويات من الأسعار تحفز المستثمرين على الاستمرار في عملية توفير الإمدادات التي تحتاجها الأسواق العالمية دون الإضرار بالمستهلكين. ولكن في اجتماعها الأخير كان هناك نوع من عدم التوافق، اضطرها إلى تأخير اجتماعها لعدة أيام قبل الاتفاق على زيادة إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا في يناير 2021. وهذا يحدث في ظروف صعبة يواجهها العالم بأكمله، فمن المتوقع أن يتكرر هذا الاختلاف في الأشهر القادمة وعندما تشهد أسواق النفط تحسناً، مما ينهي عدم التزام بعض الأعضاء أو حتى إنهاء ارتباطها بالمنظمة، لذلك كانت ردة فعل أسواق النفط أقل إيجابية من ردة الفعل على توزيع لقاح "كوفيد - 19"، ومازالت أسعار النفط متذبذبة وتنتظر انتعاش الطلب العالمي على النفط.

إن التأثير على جانب العرض سياسة قصيرة الأجل وقد تتلاءم مع الظروف الحالية لأسواق النفط على المديين القريب والمتوسط، ولكنها سوف تفقد بريقها على المدى الطويل مع ضعف نمو الطلب العالمي واقترابه من ذروته في نهاية العقد القادم أو الذي بعده. فالتزام بعض منتجي "أوبك+" لم يكن خيارا أو طوعا وإنما فرضته جائحة كورونا عليهم، خوفا من عودة الأسعار إلى نقطة الصفر كما حدث في أبريل الماضي. وعندما تتحرك الأسعار صعودا ستبدأ شهية بعض هؤلاء المنتجين بخفض التزامهم من أجل تحقيق مكاسب أكبر وكأنها لعبة محصلتها الصفر (Zero-sum game).

فقد توقعت وكالة الطاقة الدولية اقتراب الطلب العالمي على النفط من ذروته في 2030، بوصوله إلى 105.4 ملايين برميل يوميا ومن ثم يبدأ في التباطؤ بنمو 100 ألف برميل يوميا إلى 106.4 ملايين برميل يوميا في 2040. وهنا تتفق الأوبك مع الوكالة بأن الذروة قادمة، حيث تتوقع ارتفاع الطلب من 90.7 مليون برميل يوميا في 2020 إلى 107.2 ملايين برميل يوميا في 2030 وإلى 109.3 ملايين برميل يوميا في 2040 على أن ينخفض قليلاً إلى 109.1 ملايين برميل يومياً بحلول 2045. فإن لم تكن ذروة الطلب (Demand to plateau) في 2030 فإنها قريبة منها بناءً على هذه التوقعات.

إن من يخرج من الأوبك أولا سيكون من أكبر الرابحين مع استمرار اتفاق الأوبك أو بدونه. فلم تعد سياسة خفض الإنتاج مجدية في ظل ارتفاع المعروض العالمي وتباطؤ نمو الطلب العالمي في ظل التقدم التقني لرفع الكفاءة، المركبات الكهربائية، الطاقة المتجددة، الحد من التلوث. فإن خروج بعض المنتجين من الأوبك في السنوات القليلة القادمة، وانضمامهم إلى نادي تعظيم الحصص السوقية على المدى الطويل، سيمكنهم من ملاحقة نمو الطلب العالمي، وفي نفس الوقت، سيجنبهم الاصطدام بقمة ذروة الطلب التي بدأت تتبلور جليا وتكاد تكون قاب قوسين أو أدنى.

 

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...