11/18/2025

نهاية "لا لا لاند" وأيديولوجيا ذروة النفط

الثلاثاء 27 جمادى الأولى 1447هـ 18 نوفمبر 2025م

المقال
الرياض

وصف الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، سيناريو "الحياد الكربوني" الصادر عن وكالة الطاقة الدولية عام 2021 – الذي توقع بلوغ ذروة الطلب العالمي على النفط في 2026، ثم انخفاضه إلى النصف بحلول 2050، مع دعوة لوقف الاستثمار الفوري في مشاريع النفط والغاز الجديدة – بأنه "فيلم لا لا لاند" غير واقعي اقتصادياً وتقنياً. تساءل سموه: "فلماذا أخذه على محمل الجد؟"، محذراً من أدلجة الوكالة سياسياً، مما يهدد استقرار أسواق الطاقة. يعكس النقد مخاوف أوبك ومنتجي النفط من تثبيط الاستثمارات ونقص الإمدادات.

لكن في تحول دراماتيكي، أعلنت الوكالة في تقريرها السنوي يوم 12 نوفمبر 2025 تأجيل ذروة الطلب إلى عام 2050، مع استمرار نموه في سيناريو "السياسات المعلنة". يتوقع التقرير وصول الطلب إلى 113 مليون برميل يومياً بحلول 2050، بزيادة 13% عن 2024، أي نمو سنوي متوسط 0.5 مليون برميل. يعزى ذلك إلى تباطؤ التحول نحو الطاقة النظيفة، استمرار الاعتماد على النفط في النقل الثقيل، البتروكيماويات، والطيران، والنمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة. باتت توقعات الوكالة تتقارب مع أوبك، التي ترجح نمواً بـ19.2 مليون برميل ليصل إلى 123 مليون برميل يومياً بحلول 2050.

هذا التعديل يأتي بعد ضغوط سياسية، بما في ذلك اتهامات إدارة ترمب للوكالة بتثبيط استثمارات الوقود الأحفوري. أعادت الوكالة سيناريو السياسات الحالية بعد توقفه منذ 2020، محتفظة بسيناريوهات الحياد الكربوني والسياسات المعلنة. في مارس 2025، اعترف فاتح بيرول، رئيس الوكالة، في مؤتمر CERAWeek بأن العالم يحتاج استثمارات إضافية في حقول النفط والغاز الحالية لأمن الطاقة، متناقضاً مع دعوات سابقة للتوقف عن الاستثمار بعد 2023 لتحقيق صفر انبعاثات بحلول 2050.

يُظهر هذا التحول تلوناً سياسياً للوكالة، التي تأسست عام 1974 لمواجهة أزمات النفط. سابقاً، اتسقت مع سياسة بايدن وإعادة انضمام أمريكا لاتفاقية باريس (2021)، لكنها الآن تتماشى مع ترمب المؤيد لزيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي لخفض الأسعار وتعزيز الهيمنة. تمول أمريكا الوكالة بنسبة 25%، مما يثير تساؤلات حول حياديتها. قالت أوبك يوم الأربعاء الماضي: "نأمل أن نكون قد تجاوزنا الذروة في مفهوم ذروة النفط الخاطئ".

من جهة أخرى، يدافع منتقدو الوكالة عن دورها في تعزيز التحول الأخضر، مشيرين إلى أن سيناريو الحياد الكربوني لا يزال قائماً كطموح مناخي. ومع ذلك، يؤكد الأمير عبدالعزيز أن النهج الحذر أفضل من التكهنات، محذراً من أزمات اقتصادية بسبب توقعات غير دقيقة. فقدت الوكالة جزءاً من مصداقيتها بين خبراء الطاقة، الذين يرون تقاريرها عائقاً أمام الاستثمارات اللازمة للحفاظ على الإمدادات.

في النهاية، يعكس هذا التحول نهاية "لا لا لاند" الأيديولوجية، ويعيد التركيز على واقعيات السوق. يتطلب أمن الطاقة توازناً بين الاستثمار في النفط والانتقال التدريجي للنظيف، بعيداً عن الضغوط السياسية.

11/11/2025

فائض النفط وتباطؤ الاقتصاد


الثلاثاء 20 جمادى الأولى 1447هـ 11 نوفمبر 2025م

المقال
الرياض


سجلت أسعار النفط خسارة أسبوعية ثانية على التوالي، مدفوعة بمخاوف فائض المعروض العالمي وتباطؤ الطلب الأمريكي، مما يعكس استمرار المعنويات الهبوطية في السوق. انخفضت الأسعار العالمية للشهر الثالث على التوالي خلال أكتوبر، وسط مخاوف من فائض في المعروض، بينما يواصل المنتجون خارج تحالف أوبك+ نمو إنتاجهم بشكل مطرد. كما يشير تراجع أعداد الرحلات الجوية إلى ضعف الطلب على الوقود في أكبر اقتصاد عالمي، عقب الإغلاق الحكومي الأخير.

في الوقت نفسه، انحسرت علاوات المخاطر الجيوسياسية مع محدودية التوترات الروسية-الأمريكية والعقوبات على موسكو، إلى جانب إعفاء إدارة ترمب للمجر من الرسوم على استيراد النفط الروسي، وتلميح الرئيس إلى إمكانية رفع العقوبات عن إيران قريباً.

أنهت أسعار النفط الأسبوع على انخفاض، حيث تراجع سعر برنت بـ1.44 دولار (2.2%) إلى 63.63 دولارًا، فيما انخفض غرب تكساس بـ1.23 دولار (2%) إلى 59.75 دولارًا. جاء هذا التراجع مدفوعاً بانخفاض معدلات تشغيل المصافي خلال موسم الصيانة الدورية الكبرى، مما أثر سلباً على الطلب. كما ارتفعت المخزونات التجارية الأمريكية بـ5.2 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في 28 أكتوبر، رغم انخفاض مخزونات البنزين بـ4.7 مليون برميل ومخزونات المقطرات بـ0.6 مليون برميل، وفق تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وخفضت أرامكو أسعار خامها الرسمية للمشترين الآسيويين بشكل حاد لشهر ديسمبر، استجابة لضعف الطلب، بهدف تعزيز حصتها السوقية مع زيادة إنتاجها.

ورفعت أوبك+ إنتاجها بـ137 ألف برميل يومياً لشهر ديسمبر، ثم قررت تعليق أي زيادات إضافية في الربع الأول من 2026، بالتزامن مع موسم الصيانة. منذ أبريل، زادت أهداف الإنتاج بنحو 2.9 مليون برميل يومياً (2.7% من الإمدادات العالمية)، لكن الوتيرة تباطأت وسط مخاوف الفائض. تتباين التقديرات لحجم الفائض، بين زيادات هائلة في المخزونات وارتفاعات متواضعة في الربع الأول، موسم الطلب الأضعف تاريخياً، مع شكوك كبيرة.

ارتفع إنتاج روسيا من النفط قليلاً في أكتوبر إلى 9.411 ملايين برميل يومياً، بزيادة 43 ألف برميل عن سبتمبر، لكنه ظل دون الحصة المقررة بمقدار 70 ألف برميل، وسط ضغوط دولية، وفقاً لبلومبرغ. كما زادت صادراتها بسبب تضرر قدرات التكرير المحلية، مما يعزز فائض المعروض في السوق العالمية. ويبقى تأثير العقوبات الأمريكية محدوداً حتى الآن، مع تردد مصافي الهند والصين وتركيا في استلام الشحنات الروسية.

في الصين، قفزت واردات النفط في أكتوبر بنسبة 8.2% سنوياً و2.3% شهرياً، مع أعلى معدل إنتاج للمصافي هذا العام. بلغ المتوسط 11.4 مليون برميل يومياً (48.36 مليون طن متري)، وفق الجمارك الصينية، بينما قدرت (كبلر) الواردات البحرية بـ10.4 ملايين (زيادة 6% شهرياً، 9% سنوياً). زادت المخزونات 12 مليون برميل الأسبوع الماضي بعد ستة أسابيع انخفاض، مع انتعاش الواردات إلى 10.5 ملايين برميل يومياً، وامتد التسارع إلى نوفمبر. مع توقع تراجع الاستهلاك في ديسمبر، قد يستمر التراكم.

من المتوقع استمرار الضغط الهبوطي على أسعار النفط، مع تشكُّل فائض تدريجي خلال الأشهر المقبلة. غير أن تقديرات المحللين لحجم هذا الفائض تتباين بين مستويات قياسية وزيادات متواضعة في المخزونات خلال الربع الأول، وهو موسم الطلب الأضعف تاريخيًا. ويبقى تأثير العقوبات الأمريكية على كبرى شركات النفط الروسية أبرز العوامل غير المؤكدة في التقديرات الحالية.

11/04/2025

استدامة الطاقة لازدهار الاقتصاد



الثلاثاء 13 جمادى الأولى 1447هـ 4 نوفمبر 2025م
المقال
الرياض

أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان، وزير الطاقة، خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) يوم الثلاثاء الماضي، أنّ أي اقتصاد عالمي يفتقر إلى قطاع طاقة مستدام وموثوق سيواجه انهيارًا حتميًا، وأوضح أن الاقتصاد الجديد يعيد تشكيل أنماط الحياة العالمية، ما يستلزم كميات هائلة من الطاقة لتلبية المتطلبات المتغيرة والمتزايدة. وشدّد على أن الاستدامة والموثوقية في قطاع الطاقة تشكّلان ركيزتين أساسيتين للاستقرار الاقتصادي، إذ يشكّلان قاعدة نمو الاقتصاد الجديد وتطور الصناعات والخدمات، داعيًا إلى الاستعداد لهما اليوم تمهيدًا لعام 2030 وما بعده.

لا شك أن غياب الطاقة المستدامة يُمثّل خطرًا وجوديًا على أي اقتصاد، إذ ليست الطاقة مجرد سلعة، بل هي الوقود الحيوي الذي يحرك عجلة الإنتاج: تشغل المصانع، تنقل البضائع، تضيء المدن، وتدير التكنولوجيا المتقدمة. لقد أشعلت ثورة الوقود الأحفوري ازدهارًا أسطوريًا عبر العصور، غير أن النموذج الرقمي للمستقبل يفرض تنويعًا حتميًا لمصادر الطاقة، مع استثمارات فورية في الاستدامة لدرء كارثة محتملة بحلول 2050.

ويُقاس التأثير الاقتصادي للطاقة وفق نموذج "الطاقة كعامل إنتاج أساسي" في دفع عجلة النمو الاقتصادي. ففي الولايات المتحدة، يمثل قطاع الطاقة نحو 8 % من الناتج المحلي الإجمالي، غير أنه يغطي 100 % من النشاط الإنتاجي ككل، وأكدت دراسة نشرت في مجلة Nature Energy عام 2022 أن انخفاض توافر الطاقة بنسبة 10 % يؤدي إلى تقلص اقتصادي بنسبة 2 - 3 %، نتيجة التأثيرات المتسلسلة عبر سلاسل التوريد.

في المقابل، تدعم الطاقة المستدامة النمو الاقتصادي من خلال استثمارات ضخمة وابتكارات متسارعة، وتقلل الاعتماد على الواردات الأجنبية، ما يبني اقتصادًا أكثر مرونة وتنافسية. فبمجرد إنشاء البنية التحتية المتجددة، يتحول مصدر الطاقة -كالشمس والرياح- إلى مورد مجاني دائم، يؤدي إلى انخفاض أسعار الكهرباء واستقرارها، ليستفيد منه المستهلكون والقطاعات التجارية على حد سواء. كما يعزز مزيج الطاقة المتوازن أمن الطاقة الوطني، ويحمي الاقتصاد من صدمات الأسعار العالمية. أما الطاقة الأرخص تكلفة، فإنها ترفع ربحية الشركات، ما يحفّز الاستثمارات الإضافية ويولّد المزيد من فرص العمل.

وأوضح الأمير عبدالعزيز أن المملكة تضخ استثمارات هائلة في مشاريع الطاقة النظيفة وأنظمة التخزين المتطورة، مع التوسع المتوازي في الطاقة التقليدية، لتحقيق هدف 50 % من المتجددة و50 % من الغاز لإنتاج الكهرباء بحلول 2030. كما ارتقت القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة إلى 64 جيغاواط هذا العام، مقابل 3 جيغاواط قبل خمس سنوات، ما يُجسد التزامها بتعزيز البنية التحتية الطاقية وتسريع الانتقال إلى اقتصاد مستدام منخفض الانبعاثات.

وفي مجال البطاريات، أكد الوزير أن السعودية تستهدف خفض تكاليف تخزين الطاقة العام المقبل لتتجاوز التنافسية الصينية، لتصبح الأكثر جاذبية عالميًا. تبلغ تكلفة المشاريع (4 ساعات تخزين) 409 دولارات / كيلوواط ساعة، أقل بنسبة 77 % من ألمانيا، وتقترب من الصين (404 دولارات). وطرحت المملكة 30 جيجاواط / ساعة، منها 8 جيجاواط متصلة والباقي قيد التطوير.

إن الانتقال إلى الطاقة المستدامة ضرورة اقتصادية حتمية، لا خيارًا بيئيًا فحسب؛ فهي عماد الاستقرار والنمو، وتحمي الأجيال من نضوب الموارد. وعلى الحكومات والشركات الاستثمار السريع في الطاقة المتجددة لتجنب الانهيار. كما قال فاينمان: «الطاقة هي كل شيء».. فقدان استدامتها يعني فقدان الوجود.


10/28/2025

«الجيوسياسية» تدعم أسعار النفط مؤقتًا


الثلاثاء 6 جمادى الأولى 1447هـ 28 أكتوبر 2025م
المقال
الرياض

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا الأسبوع الماضي بنحو 7 %، مدفوعةً بعوامل جيوسياسية وتغطية مكثفة للمراكز القصيرة، وسط مخاوف متزايدة بشأن إمدادات النفط العالمية. جاء هذا الارتفاع عقب فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على شركتي "لوك أويل" و"روسنفت" الروسيتن، اللتين تسيطران على حوالي 50 % من صادرات النفط الروسية، بإنتاج يتجاوز 5 ملايين برميل يوميًا. أدت هذه العقوبات إلى إحياء علاوات المخاطر الجيوسياسية، لكن استدامة هذا الانتعاش تظل موضع تساؤل بسبب ضعف أساسيات السوق العالمية والاقتصاد الكلي.

قفزت أسعار خام برنت بـ5.4 % وغرب تكساس الوسيط بـ5.6 % يوم الخميس، مسجلةً أعلى إغلاق منذ بداية أكتوبر، بعد إعلان الرئيس ترمب فرض العقوبات مساء يوم الأربعاء. وأنهت الأسعار الأسبوع مرتفعةً بـ7.6 % لبرنت عند 65.94 دولارًا، و6.9 % لغرب تكساس عند 61.50 دولارًا، رغم تراجع طفيف يوم الجمعة، برنت 5 سنتات وغرب تكساس 29 سنتًا. يعكس هذا التحرك حساسية الأسواق للاضطرابات المحتملة في الإمدادات، حتى لو كانت مدفوعة بالسياسات أكثر من التغيرات الفعلية في التدفقات النفطية.

انخفضت مخزونات النفط الأميركية بمليون برميل في الأسبوع المنتهي بـ17 أكتوبر، مع تراجع مخزونات البنزين بـ2.1 مليون برميل والمقطرة بـ4.5 مليون برميل، لتصبح دون متوسطها الخمسي بنسبة 7 %، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. في المقابل، تسعى وزارة الطاقة لشراء مليون برميل لتجديد الاحتياطي البترولي الاستراتيجي مستغلة انخفاض الأسعار، مما دعم أسعار النفط بسبب تراجع المعروض.

توقفت شركات النفط الصينية الحكومية عن شراء النفط الروسي الخاضع للعقوبات، بينما تستعد مصافي هندية، مثل ريلاينس، لتقليص أو إيقاف الواردات، وفقًا لرويترز. تستورد الصين 1.4 مليون برميل يوميًا بحرًا، معظمها عبر مصافي مستقلة، بينما تستورد الهند 1.5 مليون برميل يوميًا. هذه الاضطرابات ستدفع المشترين للبحث عن بدائل، مما يرفع أسعار الخامات غير الخاضعة للعقوبات. ومع ذلك، أقر الرئيس بوتين بأن إيجاد أسواق بديلة "سيستغرق وقتًا"، مما يعزز التوقعات بضغوط قصيرة الأمد على الأسعار.

هذه العقوبات قد تدعم أسعار النفط على المدى القصير مع تقييم الأسواق لردود فعل روسيا، لكن الانخفاض مرجح على المدى المتوسط والطويل إذا لم تُحد العقوبات من صادرات روسيا بشكل كبير أو ضعف الطلب العالمي. تلمح أوبك+ إلى تعديل محتمل في الإنتاج، لكن القرارات غير مؤكدة. يُوصى المستثمرون بمراقبة قرارات أوبك+ ومصادر الإمداد البديلة، إذ قد تُضعف زيادة الإنتاج المكاسب الحالية. محادثات السبت بين أمريكا والصين، أكبر مستورد للنفط، كانت إيجابية، مما يعزز الاقتصاد العالمي والطلب على النفط.

وبهذا تُؤجج التوترات الجيوسياسية، مثل العقوبات أو الاضطرابات في مناطق الإنتاج، تقلبات أسعار النفط، بينما تحدد الأساسيات مثل، قرارات أوبك+، الطلب العالمي، والتطورات التكنولوجية الاتجاه طويل الأمد. هذا التفاعل بين الأحداث السياسية وديناميكيات السوق يُعقّد التوقعات، لكن التقلبات تظل السمة الوحيدة المؤكدة في أسواق النفط حاليًا.

10/21/2025

60 دولاراً.. تنعش ديناميكية السوق



الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1447هـ 21 أكتوبر 2025م

المقال
الرياض
سيبدأ تحرك ديناميكية أسواق النفط بخطى متسارعة عندما يصل سعر برنت إلى 60 دولارًا، وغرب تكساس إلى 55 دولارًا، مع انخفاض إنتاج النفط من خارج أوبك -وبالتحديد النفط الصخري- خلال النصف الأول من 2026. ويأتي ذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج لبعض المنتجين، كما أفاد رؤساء الشركات النفطية الكبرى مثل إكسون موبيل وشل، الذين صرحوا بأن سعر 60 دولارًا يمثل نقطة التحول في نمو النفط الصخري. وبهذا، سينتقل السوق من فترة تشاؤم قصيرة الأمد إلى مرحلة تفاؤل وتوازن على المدى المتوسط. وفي هذه المرحلة، سيواجه العرض صعوبة في مواكبة الطلب طويل الأمد، مما يعيد التوازن بين العرض والطلب في النهاية.

سجلت أسعار النفط خسارة للأسبوع الثالث على التوالي بنسبة 2.3 % تقريبًا، مدفوعة بتوقعات الوكالة الدولية للطاقة بفائض متزايد في العرض العالمي، وأما العوامل الجيوسياسية، فقد ساهمت اتفاق ترمب وبوتين على عقد قمة في بودابست لمناقشة الوضع في أوكرانيا، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مع إعادة فرض الرسوم الجمركية، في تراجع ثقة المستثمرين؛ فانخفض سعر برنت إلى 61 دولارًا، بينما انخفض غرب تكساس إلى أدنى مستوياته في خمس سنوات. كما عززت زيادة مخزونات النفط الأمريكية هذه المخاوف، محذرة من فائض يفوق الطلب خلال 2025، مما قد يدفع الأسعار إلى أقل من 60 دولارًا.

وتشير استطلاعات بنكي الاحتياطي الفيدرالي في دالاس وكانساس سيتي إلى أن أسعار التعادل للنفط الصخري الأمريكي تقارب 60 دولارًا لخام غرب تكساس. وفي حال انخفاض الأسعار إلى 50 دولارًا، يتوقع 90 % من الشركات المشغلة انخفاض إنتاجها. كما يظهر تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير حول معدلات الانخفاض الطبيعي أن تقليص الاستثمار في صيانة الحقول –نتيجة انخفاض الأسعار– سيزيد من تأثير هذه المعدلات على الإمدادات المستقبلية.

وما زالت المخاطر الجيوسياسية تهدد الإمدادات من فنزويلا وإيران وروسيا، التي تخضع لعقوبات أمريكية حالية مشددة. فالعقوبات على إيران تعرقل قدرة طهران على تصدير نفطها الخام، مع تراجع مشتريات المصافي الصينية المستقلة منه في الأشهر الأخيرة. أما الاقتصادات المتقدمة، فقد بدأت في تشديد الخناق على قطاع الطاقة الروسي للحد من عائدات التصدير التي تمول الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى انخفاض واردات الهند من النفط الروسي. وتفاقم الوضع هجمات أوكرانيا المستمرة بطائرات بدون طيار على البنية التحتية الطاقية الروسية، مسببة تراجعًا حادًا في نشاط مصافي التكرير، ونقصًا محليًا في الوقود، وانخفاضًا في صادرات المنتجات. إذا استمر هذا الضغط أو اشتد، فقد يلوح في الأفق مزيد من انخفاض الإنتاج.

مع اقتراب محادثات ترمب وبوتين، يتجه سوق النفط نحو مرحلة فائض واضح، مدعومًا ببيانات الوكالات الدولية وتصريحات الشركات. على المدى القصير، قد تنخفض الأسعار إلى أقل من 60 دولارًا. لكن التفاؤل طويل المدى يعتمد على استعادة التوازن العالمي عبر تراجع المعروض وتحسن الطلب، مع استمرار أوبك+ في إعادة الخفض الطوعي المتبقي من 1.66 مليون برميل يوميًا تدرجيًا لتنشيط ديناميكية السوق. ففي النهاية، 60 دولارًا ليست مجرد رقم، بل مفتاح لإنعاش السوق.

10/14/2025

النفط السعودي.. صمام الأمان

الثلاثاء 22 ربيع الآخر 1447هـ 14 أكتوبر 2025م

المقال
الرياض


المملكة العربية السعودية تظل صمام أمان سوق النفط العالمية، رغم اقتراب أوبك+ من حدود طاقتها الإنتاجية. تتقلص مرونة التحالف مع إعادة التخفيضات الطوعية (2.2 مليون برميل يوميًا) وبدء تخفيف 137 ألف برميل يوميًا من 1.66 مليون برميل يوميًا من نوفمبر 2025. أي زيادة في الطلب أو نقص في العرض، بسبب توترات جيوسياسية أو تحديات اقتصادية، قد يؤدي إلى ارتفاعات سعرية حادة تهدد استقرار الأسواق في وقت لاحق.

تمتلك السعودية طاقة إنتاجية مستدامة تصل إلى 12 مليون برميل يوميًا، وهي الأعلى في تحالف أوبك+. وأنتجت عند هذا المستوى في 2020 خلال حرب الأسعار مع روسيا، قبل تقليص الإنتاج إثر أزمة كوفيد. كما وصل إنتاجها إلى 11 مليون برميل يوميًا أو أكثر لفترات قصيرة في 2018 و2023. حاليًا، تنتج نحو 9.5 ملايين برميل يوميًا، وسترتفع حصتها إلى 10.06 ملايين برميل يوميًا في نوفمبر، مع طاقة فائضة تبلغ مليوني برميل يوميًا قابلة للاستخدام السريع لتخفيف أي أزمة، مما يجعل المملكة عاملًا حاسمًا في استقرار سوق النفط.

تشير التقديرات إلى أن زيادة إنتاج أوبك+ دون الأسقف المحددة، مع نقص في القدرة الإنتاجية لبعض الأعضاء وتعويض آخرين لفوائض سابقة، تدعم استقرار سوق النفط، لكنها تقلص الطاقة الاحتياطية للتحالف. باستثناء السعودية والإمارات والعراق، استنفد معظم الأعضاء طاقاتهم القصوى، مما يعرض السوق لمخاطر صدمات محتملة جراء التوترات الجيوسياسية، أو عقوبات على روسيا أو إيران، أو قيود أميركية محتملة على تدفقات النفط الإيراني إلى الصين.

مع تعافي الاقتصادات العالمية وزيادة الطلب، تواجه بعض دول الأوبك+ تحديات في زيادة الإنتاج بسبب قيود تقنية، مما يقلل من تحكمها في العرض ويزيد حساسية الأسعار للاضطرابات الجيوسياسية والطبيعية. تقلبات الأسعار الأخيرة، الناجمة عن العقوبات والهجمات على البنية التحتية الروسية واضطرابات سلاسل التوريد، تهدد بارتفاع التضخم وتكاليف الطاقة، خاصة في الاتحاد الأوروبي واليابان. ويتعين على المستثمرين والاقتصادات مراقبة الوضع بدقة، حيث قد تعيد صدمات الأسعار تشكيل السوق، مما يتطلب من أوبك+ اعتماد استراتيجيات طويلة الأمد للاستقرار والمرونة.

يتوقع سوق النفط فائضًا في العرض بين أواخر 2025 ومطلع 2026. فرض ترمب رسومًا جمركية إضافية بنسبة 100 % على الواردات الصينية الجمعة الماضية، وردت الصين بالمثل، يهددان نمو الاقتصاد العالمي، مما قد يؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، ويجبر الدول المنتجة ذات التكاليف العالية على تقليص الإنتاج. في الوقت نفسه، تقلص الطاقة الإنتاجية الفائضة يزيد من تقلبات الأسعار ويحد من القدرة على مواجهة صدمات العرض. وعلى الرغم من إمكانية السحب من المخزونات الاستراتيجية، فإنها غير كافية لمنع ارتفاعات مفاجئة في الأسعار خلال الأزمات، مما يكشف هشاشة سوق الطاقة العالمية.

تركز الطاقة الاحتياطية في السعودية يجعلها درعًا لسوق النفط العالمي، مانحةً مرونة لتخفيف الصدمات ودعم النمو الاقتصادي، رغم التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تهدد استقرار الأسعار.

نهاية "لا لا لاند" وأيديولوجيا ذروة النفط

الثلاثاء 27 جمادى الأولى 1447هـ 18 نوفمبر 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة وصف الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، سيناريو ...