12/06/2016

مرونة العرض.. تتحدى الأوبك

االثلاثاء 29 صفر 1438 هـ - 29 نوفمبر 2016م

المقــــال


فهد محمد بن جمعة

تفرض مرونة عرض النفط (نسبة استجابة الكمية المعروضة للتغير في سعرها) سلطتها على أي اتفاق تتوصل إليه الأوبك مهما كانت شروطه، وما اجتماع 30 نوفمبر إلا محاولة لتأثير على الأسعار في الأجل القصير لترتفع الى 55 دولارا ثم تعود بعد ذلك الى ما دون 50 دولارا. فما زال المنتجون الصغار يحلمون بأسعار تفوق 60 دولارا ومازال المنتجون الكبار يعتقدون أنهم قادرون على التحكم في المعروض ورفع الأسعار كما كان في السبعينات والثمانينات، متجاهلين مرونة العرض وتباطؤ نمو الطلب العالمي، مما يزيد الأسعار مرونة أكبر. فلن يحافظ أي اتفاق على ارتفاع الاسعار في ظل تزايد المعروض وانتظار المنتجين الاخرين لارتفاعها وزيادة إنتاجهم.
ويصعب التنبؤ بأسعار النفط لكن نستطيع تحليل العوامل المؤثرة في أسعاره صعودا أو هبوطا، حيث إن سوق النفط يخضع الى ميكانيكية العرض والطلب التي تحدد الاسعار ونقطة التوازن في هذه الاسواق، عند السعر الذي يتقاطع فيه منحنيا العرض والطلب مع بعضهما. فلم تعد الاوبك قادرة على التحكم في المعروض أو تثبيت الاسعار على المدى الطويل، وفي هذا الاطار لكي يصبح تحليلنا أكثر فائدة، فإن فعلينا التمييز بين حركة عوامل السوق في الاجل القصير (أقل من سنة) والطويل، حيث ان المنتج في الاجل القصير لا يستطيع ان يعمل الكثير لخفض تكاليفه مع انخفاض مرونة الأسعار.
لكن هذه المرونة تصبح اكبر في الاجل الطويل لبعض المنتجين باتخاذ قرارات محددة، فيما يرتبط بعملية الانتاج وذلك بإلغاء بعض الاستثمارات الجديدة في التنقيب عن النفط والإنتاج المحتمل عدم ربحيته إلا بارتفاع اكبر للأسعار. لذا ينبغي على شركات النفط اتخاذ قرارات طويلة الاجل، حيث انها لا تستطيع إلغاء جميع الاستثمارات الجديدة بناءً على الاسعار المستقبلية المتوقعة.
فان انخفاض اسعار النفط في الاجل القصير له اثر سلبي على ربحية المنتج، إلا انه من الرشادة الاقتصادية ان يستمر هذا المنتج في انتاجه حتى تصبح ايراداته النقدية اقل من تكلفة انتاجه الحدية، ورغم خسارته فمن الافضل ان يستمر في انتاجه لتغطية تكاليفه المتغيرة بدلا من يتوقف عن الانتاج. فمن هنا تأتي الميزة النسبية لإنتاج النفط، فمنتجي النفط التقليدي مثل السعودية تكلفة انتاجها اقل من 9 دولار للبرميل الواحد ومنتجين آخرين من 18 الى 35 دولارا، بينما تكلفة معظم حقول النفط غير التقليدي تصل الى 60-88 دولارا.
وبهذا سوف يكون هناك نقطة توازن في المدى القصير مع ارتفاع الاسعار التي تحفز زيادة المعروض ليوازي الكمية المطلوبة ومن ثم تجاوزها مع دخول منتجين اخرين كان انتاجهم حينئذ متوقف او متأثر بالاضطرابات السياسية مثل ليبيا أو استمرارية العراق وإيران في زيادة انتاجهم بمعدلات عالية واحتمالية عودة انتاج النفط الصخري الذي تراجع بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا، ليصبح هناك فائض في المعروض.
ففي حالة بقاء متوسط سعر برنت عند 50 دولارا، فانه يمكن الكثير من منتجي النفط، لا سيما في الولايات المتحدة من تغطية تكاليفهم المتغيرة ولكن ليس التكاليف الثابتة. لذا لن يستثمروا في أي إنتاج جديد ما لم يكونوا واثقين من الاسعار سوف ترتفع مرة أخرى. بينما المنتجين الاقل تكلفة فمازالت الاسعار الحاليه مربحة لهم، رغم أنهم يعانون من خسارة في الايرادات تجاوزت مقارنة بالعام الماضي. فأنهم لن يغيروا انتاجهم وقد يحافظوا على استثماراتهم، حيث ما زالت الحقول الجديدة مربحة لهم عند مستويات الاسعار الحالية.
ان على المنتجين الكبار ان يدركوا ان الاسعار الحالية سوف تتراجع مع ارتفاع الدولار واستمرار مرونة المعروض على المدى القصير، أما على المدى الطويل فسوف يتقلص معروض بعض المنتجين نحو نقطة التوازن وارتفاع الاسعار بدون أي اتفاق.
وبهذا تكون مرونة العرض أتحدي الأكبر وما اتفاق الاوبك إلا مضيعة للوقت في 2017م وما بعده.

الدولار.. والريال

الثلاثاء 22 صفر 1438 هـ - 22 نوفمبر 2016م

المقال


فهد محمد بن جمعة
أصبح رفع البنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة في 14 ديسمبر القادم شبه مؤكد أو على أبعد تقدير بمباشرة حكومة ترامب مهامها في 20 يناير 2017م مع تصاعد معدل التضخم، ما سيؤدي الى ارتفاع سعر صرف الدولار والعملات المرتبطة به مباشرة أو غير مباشرة من خلال أي سلة عملات يمثل الدولار الجزء الأعظم منها وذلك مقابل العملات الأخرى والذهب وأسعار النفط المقومة في الدولار. كما أن ارتفاع سعر العملة في تلك البلدان يؤدي الى ارتفاع تكاليف صادراتها مقابل وارداتها بما لا يدعم النمو الاقتصادي.
وفي هذا الإطار أكد محافظ "ساما" في 15 نوفمبر 2016م، استمرارية ربط الريال بالدولار وبدون تغيير سعره. رغم أن الدولار سوف يستمر في ارتفاعه بأسرع من ما هو متوقع، مما قد يترتب عليه تزايد وتيرة المضاربات بالريال في الأجل القصير من خارج السوق السعودي، مما يؤكد على أهمية الاستمرارية في ربط الريال بالدولار وضمان استقراره.
فهناك عدد من المؤشرات الاقتصادية التي تدعم سياسة رفع الفائدة الفدرالية ومنها ارتفاع معدل التضخم الاساسي (Core Inflation) إلى 2.2% على أساس سنوي في 12 شهراً المنتهية في أكتوبر والذي يقيس التغيرات في أسعار سلة من السلع الاستهلاكية على المدى الطويل باستثناء أسعار الأغذية والطاقة المتقلبة، بعد ان تجاوز 2% وهو السقف الفيدرالي. كما ان عزم الحكومة الجديدة على تبني سياسات مالية توسعية تشمل تعهد الترامب والجمهوريين سابقاً بإنفاق مبلغ 500 مليار إلى واحد تريليون دولار على النية التحتية مع تمويل العجز وخفض الضرائب، يدعم التضخم الذي أخذ مساراً تصاعدياً منذ أشهر مضت.
فقد ارتفع مؤشر الدولار "The ICE Dollar Index" الذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة موزونة من العملات (اليورو/57.6%، الين/13.6%، الجنيه الأسترليني/11.9%، الدولار الكندي/9.1%، الكرونا السويدي/4.2%، الفرنك السويسري/3.6%) إلى 100.57 الأسبوع الماضي والأعلى منذ أبريل 2003م، بدعم من ارتفاع عائدات السندات الأميركية وتوقعات أعلى من الحوافز الضريبية تحت الرئاسة القادمة. وقد أوضحت حركة "مستقبل الصناديق الفيدرالية الآجلة" الذي يستخدم لمعرفة اتجاه سياسة الاحتياطي المركزي في يوم الأربعاء الماضي، بأن المستثمرين يتوقعون رفع سعر الفائدة بنسبة %90.6 في ديسمبر.
هكذا يعتقد المستثمرون أن تسريع وتيرة النمو سوف تشعل التضخم، مما سيدفع البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع معدلات الفائدة بوتيرة أسرع في العام المقبل. وبهذا من المتوقع استمرار ارتفاع العائدات الأميركية على السندات التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ يناير في يوم الاثنين ما قبل الماضي الى 2.28% على السندات المستحقة بعد عشرة أعوام و3% بعد 30 عاماً. وهذا سوف يجذب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة مع تحول المستثمرين من العملات المحفوفة بالمخاطر نسبياً في تلك الأسواق إلى أذون الخزينة الاميركية ما سيضر بعملاتها. كما ان السياسات الحمائية التي يدعمها ترامب يمكن ايضا أن تضر باقتصاديات البلدان التي تصدر بشكل كبير للولايات المتحدة.
لكن ارتفاع معدلات الفائدة يجعل المصارف الاميركية تحقق أرباحاً أكبر من عمليات الإقراض ويجعل السندات أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن دخل مرتبط بارتفاع قيمة الدولار، مما دفع الشركات المالية الكبيرة إلى بيع أسهم الشركات التي توزع أرباحاً كبيرة مثل المرافق وشركات الاتصالات. وهذا قد ينتج عنه أثر "الدومينو" عندما يتخلص المستثمرون من الأصول ضعيفة الخطورة أولاً، ثم الانتقال إلى الأضعف.
وإذا ما كان رفع البنك الاحتياطي لأسعار الفائدة تدريجياً سوف يخفف من المخاطر المرتبطة بانتقال الاقتصاد من بيئته الحالية إلى بيئة يرتفع فيها سعر الفائدة، بدلاً من ارتفاع سعر الفائدة بوتيرة أسرع يؤثر سلبياً على الاقتصاديات المرتبطة عملتها بالدولار. ورغم تلك السلبيات إلا أن ربط الريال بالدولار مازال ضرورياً للمحافظة على استقرار النظام المالي وتحفيز النمو الاقتصادي السعودي على المدى الطويل.

اتفاق الأوبك.. صناعة سعودية

الثلاثاء 7 ربيع الأول 1438 هـ - 6 ديسمبر 2016م

المقال

فهد محمد بن جمعة
حرصت المملكة العربية السعودية على توافق المنتجين من الأوبك وخارجها بخفض الإنتاج من أجل استقرار أسواق النفط العالمية واستدامة الاستثمارات في عمليات الاستكشاف والإنتاج، مما يجنب العالم أي نقص في المعروض مقابل نمو الطلب العالمي السنوي. لذا سوف تستمر السعودية في دعم المحافظة على الحصص السوقية لكل منتج من خلال متابعة الأسواق وتحركات أسعار النفط وتقييمها بما يتوافق مع شروط الاتفاق، وبهذا تبلورت عقلانية السعودية بتجاوزها أي خلاف سياسي إلى ما يعظم مكاسبها الاقتصادية.
إن ترجمة هذا الاتفاق إلى واقع كاد لا يحدث لو لا نظرة السعودية الثاقبة وخبرتها الطويلة ورجالها الأذكياء الذين يقودون اقتصاد هذا البلد نحو مستقبل أفضل، يعظم العائد على استثماراتنا النفطية ويؤدي الى استمرارها لعقود قادمة. هذا ما قاد السعودية إلى توحيد قرارات أعضاء الأوبك ودول من خارجها إلى التجميد أو التخفيض مع بعض الاستثناءات لبعض الأعضاء من أجل دعم أسعار النفط واستمرارية المنتجين في استثماراتهم لتلبية رغبات المستهلكين عند أسعار مناسبة.
فهذا الاتفاق يزيد من إيرادات النفط السعودي بأكثر من 88 مليون دولار يوميا عند سعر 55 دولارا وبإنتاج أقل 10.06 ملايين برميل يوميا مقارنة بإنتاج أكثر من 10.6 مليون برميل يوميا وبمتوسط سعر 44 دولارا في شهر نوفمبر، بالإضافة الى توفير كمية الخفض 486 ألف برميل يوميا أو 41% من إجمالي التخفيض المتفق عليه والتي في العاده تعادل كمية التراجع في الاستهلاك المحلي بعد فترة الصيف، لتبقى الصادرات عند كميتها السابقه في نطاق 7.7 ملايين برميل يوميا.
فقد تجاوز سقف إنتاج الأوبك 33.64 مليون برميل يوميا، وبعد تخفيضه بـ1.2 مليون برميل يوميا في 1 يناير 2017م سيصل السقف الى 32.4 مليون برميل يوميا، وبهذا تخفض العراق إنتاجها بمقدار 200 ألف إلى 4.351 ملايين برميل يوميا، بينما إيران سوف تجمد انتاجها عند مستوى 3.68 ملايين برميل يوميا مع إعفاء ليبيا ونيجيريا اللتان يزيد انتاجهما على 1.8 مليون برميل يوميا لمعوناتهما من انقطاع امداداتهما بسبب الاضطرابات السياسية. كما ان روسيا اكبر منتج من خارج الاوبك ولأول مرة سوف تخفض انتاجها بمقدار 300 ألف برميل يوميا، لأنها لا تستطيع وقف تدفق نفطها عبر الانابيب الذي يأتي معظمه من مناطق عالية البرودة ويتطلب استمرار ضخ النفط بكمية محددة وباستمرار.
ولكي تستمر المحافظة على هذا الاتفاق، تم إنشاء لجنة للمراقبة من الجزائر، الكويت، وفنزويلا، واثنان مشاركان من خارج الاوبك لرصد تنفيذ الاتفاق والالتزام بشروطه خلال الستة أشهر القادمة كمدة أولية للاتفاق والقابلة للتمديد لستة أشهر أخرى تبعاً للظروف السائدة في السوق.
فان تأثير هذا الاتفاق على أسعار النفط في الأجل القصير أو في الأشهر القليلة المقبلة سوف تتأرجح بين 50 و55 دولارا للبرميل مع تراجع مخزونات النفط العالمية إلى مستويات داعمة لتلك الأسعار، أما في الأجل الطويل أصبح ارتفاع الأسعار مرتبطا بالتزام الاوبك بحصصها وكذلك روسيا، وقد يدعم فصل الشتاء الطلب في الولايات المتحدة، اذا ما كان برده قارصا وذلك بارتفاع الاسعار لكن في السنوات الاخير لم يعد تأثيره فاعلا.
وعلينا ان نتذكر ان اسعار النفط سوف تواجه ضغوطا من ارتفاع قيمة الدولار، اذا ما قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 14 ديسمبر رفع معدل الفائدة وكذلك ارتفاع انتاج النفط الصخري وعدم التزام الاوبك وروسيا بهذا الاتفاق كما يحدث في هذا النوع من الاتفاقات من أجل تحقيق مكاسب على حساب الغير.
وأقول "نجحت السعودية في إدارة هذا الاتفاق بذكاء".

11/15/2016

نتائج الانتخابات الأميركية.. وأوبك

الثلاثاء 15 صفر 1438 هـ - 15 نوفمبر 2016م

المقال


فهد محمد بن جمعة
الجمهوريون دائما يدعمون القطاع الخاص أكثر من الديمقراطيين، فما بالك برئيس أفنى عمره كرجل أعمال ومازال يفكر بهذه الطريقة (بقوله أنني أعرف ما أعمل وكونت ثروة بليونيرية) كما ظهر جليا في حملته الانتخابية، بدعمه الواضح للشركات ورفع القيود عن استثماراتها وتخفيض الضرائب المفروضة عليها من أجل تقليص تكاليفها وزيادة نموها وتنافسيتها. ان الكثير من الاحتمالات قائمة خاصة انه صرح بذلك بتعزيز منافسة الشركات الامريكية وجعل الاقتصاد الامريكي جاذبا للاستثمارات المحليه والخارجية. وبهذا فان الاوبك سوف تواجه ليس فقط زيادة انتاج النفط الصخري بل حتى زيادة النفط التقليدي في إطار احتمالات الرئيس الجديد.
هكذا استبشرت شركات استكشاف وإنتاج النفط الامريكي بمستقبل افضل بانتخاب الرئيس «ترمب» الذي دائما يدعم هذا قطاع، مما سيكون له أثرا على تراجع الاسعار الامريكية والعالمية في ظل تخمة الانتاج الحالية. فمن المحتمل فتح الأراضي الاتحادية للحفر والذي سيزيد من الانتاج التقليدي وغير التقليدي مع مرور الوقت، ودعم اقامة خط الأنابيب الذي يمتد من داكوتا الشمالية إلى مصافي النفط في ولاية إيلينوي بطول 1,100 ميل وبتكلفة 3.7 مليار دولار، وكذلك السماح بتنفيذ خط أنابيب XL كيستون لنقل النفط الرملي من كندا «ألبرتا» إلى المصافي على الخليج الامريكي. كما من المحتمل إلغاء المليارات التي تدعم برامج تغير المناخ في الأمم المتحدة والطاقة المتجددة.
لذا تراجعت اسعار النفط بعد ارتفاعها في صباح يوم الاربعاء عند اعلان فوز ترامب في نفس اليوم، حيث تراجع نايمكس 4% الى 43 دولارا وبرنت الى 46.70 دولارا. كجزء من ردة فعل السوق على نطاق واسع، حيث تخلص المستثمرين من الأصول ذات المخاطر العالية مثل الأسهم والدولار والتي تحولت منذ ذلك الحين الى الايجابية.
ان مفاجأة فوز ترامب قبل ثلاثة أسابيع من اجتماع الاوبك في 30 نوفمبر، يشكل معضلة امام استراتيجية تجميد انتاج الاوبك بعد تصريحه بجعل الولايات المتحدة مستقلة في اعتمادها على الطاقة من خلال إزالة القيود المفروضة على التنقيب في الأراضي الفدرالية، مما سيزيد من الانتاج المحلي ويوفر قدر أكبر من الإمدادات بأسعار منخفضة. وهذا سيقلص من واردات النفط الامريكية وينعكس سلبيا على وارداتها من بعض اعضاء الأوبك، كما حدث من قبل مع وارداتها من الجزائر ونيجريا التي استغنت عنهما.
فمنذ ان قررت السعودية تعظيم حصتها السوقية في 27 نوفمبر 2014م، لم يتراجع الانتاج الامريكي إلا في 2016م من 9.4 مليون في 2015م الى 8.7 مليون برميل يوميا حاليا، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة ان يبلغ متوسط الانتاج 8.84 مليون هذا العام و 8.73 مليون برميل يوميا العام المقبل.
ان هذه الاحتمالات مقلقة لمنتجين النفط في الاسواق العالمية، حيث انها سوف تخفض تكلفة المنتجين الامريكيين وتسمح لهم بزيادة انتاجهم، مما سوف يمارس ضغوط على الطلب العالمي ومن ثم الاسعار العالمية، بالإضافة الى ارتفاع انتاج الاوبك الى 33.54 مليون برميل يوميا في اكتوبر. كما ان احتمالية رفع سعر الفائدة الامريكية التي يؤيدها ترامب ستساهم في رفع قيمة الدولار لينعكس ذلك سلبيا على اسعار النفط.
فلن ترتفع الاسعار مع تقلص الاضطرابات الجغرافية السياسية أو انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الايراني لتتقلص صادراته بمليون برميل يوميا والذي سيقابله زيادة الصادرات الليبية والعراقية وزيادة تنافس اعضاء الاوبك في الاسواق الاوربية والآسيوية مع ارتفاع انتاج النفط الصخري. هكذا تكون حالة عدم اليقين المحيطة بنهج ترامب في الاقتصاد والتجارة العالمية، مثيرة في الأسواق المالية وبين المستثمرين مع احتمالية ضعف نمو الاقتصاد والطلب العالميين على النفط.
وفي كل الاحتمالات ستحدد اساسيات السوق افضل الاسعار الممكنة عند مستويات من الاسعار دون 50 دولارا في السنوات القادمة، إلا اذا استمر المنتجون الكبار في تعظيم حصصهم السوقية.

11/08/2016

السعودية.. تسبق ذروة الطلب

الثلاثاء 08 صفر 1438 هـ - 08 نوفمبر 2016م

المقـــال


فهد محمد بن جمعة

دولتنا واعية ومدركة في سياساتها الاقتصادية وبالتحديد في سياستها النفطية، حيث تدرس حاضر الطاقة وتتنبأ بمستقبلها لكي تقلل من المخاطر المستقبلية التي تلوح في الافق مع احتمالية قرب الطلب على النفط من ذروته على المدى الطويل، مما قد يجعله يفقد قيمته الاقتصادي قبل نضوبه. هكذا بدأت السعودية في برنامجها التحولي من رؤيتها 2030 الى إعادة حساباتها الاقتصادية في إطار الوفرة والاستدامة من خلال تنويع الاقتصاد والتركيز على الطاقة المتجددة والاقتصاد غير النفطي. فالمملكة من المعروف انها أكبر مصدر للنفط في العالم والزعيم الفعلي للأوبك، وتمتلك احتياطيا نفطيا يتجاوز 261 مليار برميل يدعم تدفقه على مدى 70 عاماً، لكنها لن تخاطر بمستقبل اقتصادها باعتمادها على النفط في الاجل الطويل بل سوف تستمر في انتاج النفط حتى تقترب قيمة البرميل الواحد من نقطة التسوية وفي الاتجاه المضاد سوف نجد اقتصادنا متنوعا ومستقلا عن اقتصاد النفط ليواصل نموه نحو المزيد من التقدم والازدهار.
ان اقتراب ذروة الطلب على النفط (عندما يبدأ الطلب ينحدر من أعلى قمة له) لم تعد موضوعا للجدل بين المتخصصين بل اصبحت واقعا يجب احتسابه في معادلة الاستثمار في حقول النفط ولكن الجدل يكمن في توقيت هذه الذروة، هل سوف تكون بعد 5 أو 15 أو 30 عاما من الآن؟. انها توقعات من اكبر شركات النفط ووكالات ومراكز تعمل في مجال الطاقة، حيث تقوم بالدراسة والتنبؤ بمستقبل الطاقة بناء على التطورات التقنية الحديثة والكفاءة وبدائل الطاقة المتجددة.
لكن من الملاحظ في الوقت الراهن ان دول الاوبك تعمل في الاتجاه المعاكس إما بمحاولة تجميد انتاجها او تخفيضه من أجل رفع الأسعار، مما يتعارض مع الاتجاه طويل الأجل والأكثر أهمية لصناعة النفط وهو ان الطلب يقترب من ذروته مع استمرار التحسن السريع في الطاقة المتجددة، والسيارات الكهربائية وغيرها من التكنولوجيات التي تسرع من وصوله الى ذروته في 2030.
وأوضحت "مكينزي" رغم الزيادة المتوقعة لعدد سكان العالم بنسبة 36%، ومضاعفة اجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2050، إلا ان مجموعة من التحولات الهيكلية سوف تطرأ على خليط النمو الاقتصادي ودينامكية الطاقة، مما سيحد من نمو طلب الطاقة ويؤثر على قرارات استثماراتها، إلا ان الكثير من التنبؤات تشير الى ان الطلب من قطاع البتروكيماويات سوف يدعم النمو، ولكن الجزء الاكبر من نمو طلب قطاع الكيماويات سوف يكون من منتجات غير النفطية.
كما توقعت "بلومبرج تمويل الطاقة المتجددة" بان نمو استخدام السيارات الكهربائية وتحسين كفاءة استخدام الوقود سوف يقلص نمو الطلب على النفط ليصل الى ذروته بحلو عام 2025 ثم يتقلص نموه في 2030م، بينما توقعت الوكالة (IEA) بأن استخدام النفط سوف ينمو حتى 2040م. كما توقع كبير اقتصاديين شركة (BP) زيادة الطلب بمقدار 20 مليون برميل يوميا على مدى العقدين المقبلين وسيكون كافيا لتغطية أثر استخدام المركبات الكهربائية، لكن سيكون لتلك المركبات تأثيرا أكبر بعد 30 إلى 50 عاماً، على الرغم من أن هناك فرصة يمكن أن تحدث عاجلاً.
ان عددا من شركات النفط حاليا جاهزة لتحويل انتاجها باستخدام الغاز الطبيعي، الذي يتزايد الطلب عليه تحت كل الاحتمالات المتوقعة في الأجل الطويل لتوليد الطاقة الكهربائية، والذي أيضا عرضه للمنافسة من مصادر الطاقة المتجددة أو تشديد القيود على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ان الخطر الأكبر أن يصبح مورد النفط غير اقتصادي لاستخراجه، إذا ما فشلت الدول المنتجة للنفط في مواجهة تحديات ذروة الطلب وحماية استثماراتها.
ان ذروة الطلب على النفط قادمة لا محال منها وإنها مجرد مسألة وقت، وعلينا تعظيم الاستفادة من نفطنا من الآن وقبيل تشكل ذروة الطلب عند اقرب الاحتمالات مع الاسراع في تنويع الاقتصاد غير النفطي.

11/01/2016

لا تفاوض على الإنتاج

الثلاثاء 01 صفر 1438 هـ - 01 , 2016م

المقال

فهد محمد بن جمعة
إن محاولة الاتفاق على تجميد الإنتاج أو خفضه سوف يفشل قبل أن يبدأ، فلماذا السعودية ترسل رسالة خاطئة للمنتجين وأسواق النفط التي تم تفسيرها على أنها غير قادرة على تحمل الوضع الراهن، مما قد يضعف فرصتها التفاوضية اعتقادا منهم أنها في مأزق مالي وسوف تقدم كل التنازلات من أجل رفع الأسعار. ينبغي على المملكة فرض شروطها قبل إعطاء أي فرصة للتفاوض حتى لا يتشكل لدى هؤلاء المنتجين أنها ستعود إلى ممارس دور المرجح مرة ثانية، عندما تتسع الفجوة بين إنتاجها الحالي وطاقتها الإنتاجية بغض النظر عن تراجع الإنتاج بانجلاء فترة الصيف. هكذا ينبغي على السعودية أن تنأى بنفسها عن التفاوض على مستوى الإنتاج حتى تتمكن من تحقيق أهدافها السوقية وتعظم إيراداتها. لماذا تقدم دولة قائدة في أسواق النفط العالمية تنازلات وهي تعرف جيدا أن المفاوضين لن يلتزموا بأي اتفاق على أمل أن تتحمل هي إجمالي التخفيض.
إن الرسالة التي يجب على الأوبك فهمها أنها لم تعد منظمة قادرة على التحكم في معروض النفط لا حاليا ولا مستقبليا، كما ذكر ريتشاردسون (Bill Richardson) وزير الطاقة الأميركية قبل 16 عاما، الذي دائما يحاول إقناع السعودية بزيادة إنتاجها لاستقرار أسعار البنزين في بلاده، في مقابلته الأسبوع الماضي مع "بلاتس" بأن العلاقات بين الولايات المتحدة والأوبك قد تغيرت ولم يعد دورها في سوق النفط العالمية موحدا فيما بينها مع تعدد اللاعبين، رغم أن السعودية مازالت القائدة لكن أصبح تأثيرها على الأسعار العالمية أقل بكثير مما سبق (HSNWK 25-10-2016).
نعم، لقد تعدد اللاعبون بين أعضاء الأوبك فالعراق لديه طموح لزيادة إنتاجه من 4.7 ملايين إلى 9 ملايين برميل يوميا كما جاء على لسان وزيرها، وكذلك إيران الذي أكد وزيرها أنها تسعى إلى زيادة إنتاجها من 4 ملايين إلى 6 ملايين برميل يوميا؛ كما كان في بداية السبعينات. كما أن وزير روسيا صرح بأن روسيا تخطط لزيادة إنتاجها من 11.1 مليونا إلى 13 مليون برميل يوميا، بغض النظر عن إمكانية زيادة الاستثمارات في ظل تراجع أسعار النفط.
وعلى ذلك لم تعد روسيا الطرف الأهم من خارج الأوبك بل إن الشركات الخاصة من أميركا الشمالية والجنوبية أصبحت طرفا ثالثا ومنافسا شرسا. ففي الولايات المتحدة ارتفع إنتاجها من 5.4 ملايين في فبراير/2011م إلى 9.6 ملايين برميل يوميا في أبريل/2015م أي بمقدار 4.2 ملايين برميل يوميا، رغم تراجعه إلى 8.5 ملايين برميل يوميا في أكتوبر/2016م، نتيجة لتراجع الأسعار التي بعودتها إلى ما فوق 50 دولار سوف يرافقها عودة إنتاج النفط الصخري وبسرعة مع تطور تقنيات الحفر وارتفاع كفاءتها وتوفر القروض الائتمانية، مما يقلص من الطلب الأميركي (15.6 مليون برميل يوميا) على نفط الأوبك مع مراعاة اختلاف النوعية، كما تم استغناؤها عن نفط الجزائر ونيجيريا.
فعندما كان المعروض العالمي من النفط محدودا في العقود الماضية لم يستطيع أعضاء الأوبك الالتزام بحصصهم السوقية المحددة (من مارس/1982م حتى ديسمبر/2011م) ولا حتى سقف الإنتاج (30 مليون برميل يوميا) بداية 2012م حتى 27 نوفمبر 2014م، عندما قررت السعودية إلغاء دور المنتج المرجح وزيادة حصتها السوقية. فلن تلتزم الأوبك أو روسيا بتجميد أو خفض الإنتاج أبدا، إنه شبه مستحيل بل مستحيل وهكذا بدأت إيران والعراق وروسيا وغيرهم بالتنصل من أي اتفاق بل إنهم زادوا إنتاجهم إلى معدلات تاريخية، فليست السعودية الحلقة الأضعف.
إن التوازن بين العرض والطلب سيكون عند أسعار أقل بكثير مما نتأمل سواء في الأجل القريب أو البعيد، فعلينا أن نرضخ لواقع سوق النفط العالمي وارتفاع الدولار، ونعظم حصتنا السوقية لتحقيق إيرادات أكبر كلما تحسنت الأسعار وترك السوق يفرض قواه في اتجاه التوازن وتحديد الأسعار، قبل أن يسبق نضوب المكامن النفطية نضوب قيمتها الاقتصادية.

نفط روسيا عبر ناقلات الظل

الثلاثاء 3 ربيع الأول 1447هـ 26 أغسطس 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة تراجع الزخم الدبلوماسي بين روسيا وأوكرانيا منتصف الأسبوع، مع ت...