7/04/2017

الدوحة.. تحتضر اقتصادياً


المقال

د. فهد محمد بن جمعة
حكومة الدوحة تحتضر برفضها المطالب الخليجية (13) لتجد نفسها بين امواج الخليج المتلاطمة بعيدا عن منافذ السلامة البرية. انها حكومة فقدت الثقة في نفسها سياسيا واقتصاديا في مواجهة مخاطر عدم اليقين بناء على أسوأ السيناريوهات المحتملة. فهل تعلم قطر انها وضعت اقتصادها الحالي في مرحلة كساد قادمة بانكماش نموها الاقتصادي في ربعين متتاليين، مما يتسبب في خفض الانتاجية الاقتصادية ونقص المعروض، يعقبه ارتفاعا في الاسعار (التضخم) على المواطن القطري. وبهذا يصبح اقتصادها منفرا للاستثمارات مع ندرة الفرص الاستثمارية المتاحة بعوائد مجزية ومخاطر متدنية لينعكس سلبيا على معدل نمو اجمالي ناتجها المحلي الحقيقي في ظل التراجع الحاد لأسعار النفط والغاز التي ستستمر لسنوات قادمة ان لم تكن عقود.
هذا سيزيد من عدم الاستقرار السياسي القطري الذي يضعف أداءها الاقتصادي ويجوع مواطنيها بتقليص نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي بنسب متناقصة ومتتالية ليقع رفاه المواطن في فخ هذه السياسة المراهقة. فبدلا من انفاق عائدات الهيدروكوربونات والاستثمارات الاخرى على المواطن القطري فسوف يذهب انفاقها على القواعد العسكرية التي تلهث وراء المال وتصطاد الفرص بتملقها واستغباء الحكومة القطرية.
إن أهم المؤشرات القادمة لاقتصاد القطري المحدود عدم الاستقرار السياسي وضياع رفاه المواطن وتراجع رضاه عن أداء حكومته ومشاهدته لثروات بلاده تسلب منه بواسطة هؤلاء المقيمين المرتزقة او العسكر الذين لم يستطيعوا حتى الدفاع عن بلدانهم الاصلية فكيف ببلد اجنبي. بالإضافة الى التقييم الائتماني السلبي الذي يضيق الخناق على الحكومة لتصبح غير قادرة على طرح المزيد من السندات او الاقتراض بأسعار فائدة او تكلفة منخفضة جدا. بل ان قطر ستتحمل تكاليف باهظة على سنداتها الحالية مع ارتفاع تأمينها بنسبة 25% والتي ستزداد حدتها في الايام القادمة.
ان الدوحة قاب قوسين أو ادنى من هزات سياسية ومالية لها صدى سلبيا على اقتصادها للأسباب التالية: ارتفاع معدل التضخم والتأمين على سنداتها وتدهور مستمر في صرف عملتها؛ فقدانها الثقة الاستثمارية، استمرار تدهور سوق اسهمها؛ خسارتها لمنفذها البري الوحيد الذي تتدفق من خلاله السلع والخدمات والمسافرين من جيرانها مهما كان حجمها، ارتفاع تكلفة طيرانها، خسارة السياحة الخليجية؛ وارتفاع انفاقها على العسكرة الاجنبية مع احتمال خسارتها لاستثماراتها في استضافتها مونديال 2022 وأيضا تعرض استثماراتها الدولية للإيقاف ومصادرتها بسبب تمويلها للإرهاب.
انها اللحظات الاخيرة التي اضاعتها قطر برفض قبول جميع مطالب المقاطعة لترمي نفسها في احضان الفرس والترك.

6/28/2017

الأمير محمد بن سلمان.. قوة سياسية واقتصادية

المقال

د. فهد محمد بن جمعة

إن مبايعة الشعب السعودي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لها أبعاد سياسية واقتصادية عميقة لا يفهمها إلا من يعرف العلاقة بين الاستقرار السياسي والاقتصادي، والتي توفر بيئة خصبة تتكاثر فيها الاستثمارات ذات القيمة الاقتصادية المضافة التي توظف الموارد المالية والبشرية؛ وهذا ما زاد روح التفاؤل لدى المحللين بتسارع خطوى الزخم الاقتصادي وتنفيذ برامج ومبادرات رؤية 2030 وصولا إلى تحقيق أهدافها ذات المضاعف الاقتصادي بوتيرة مستمرة ومستدامة.
إن من أهم متغيرات نموذج الاقتصاد الكلي هو متغير الاستقرار السياسي Proxy/Surrogate الذي يؤثر على نمو إجمالي الناتج المحلي، فكلما زاد الاستقرار السياسي كلما تحسن معدل النمو الاقتصادي بشكل متراكم مع تقلص معامل المخاطرة على المديين القصير والطويل، مما يحفز زيادة الاستثمارات وتوسع الشركات في مشروعاتها وتوظيف المزيد من رؤوس الاموال بدلا من ادخارها وتوظيف الايدي العامله بدلا من بطالتها. وهذا سوف يزيد القوة الشرائية التي تعكس قوة الطلب المحلي على السلع والخدمات ومن ثم ارتفاع الانتاج (المعروض) المحلي وتدفق الاستثمارات الاجنبية.
فقد أوضحت العديد من البحوث العلمية هذا الترابط بين الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي ومنها بحث أرى و فرانسيسكو (Ari Aisen; Francisco José Veiga) بعنوان "كيف يؤثر عدم الاستقرار السياسي على معدل النمو" في 2011م، حيث شملت الدراسة 169 بلدا خلال الفترة 1960-2004، فكانت النتيجة ان عدم الاستقرار السياسي المرتفع يؤدي الى خفض معدلات نمو الناتج للفرد الواحد.
كما ان الاستقرار السياسي والاجتماعي له تأثير كبير على استقرار واستمرارية انتاج النفط وسلوك المنتجين وهذا ما اوضحته في بحثي بعنوان "أثر الأحداث الاجتماعية والسياسية على استقرار حصة الاوبك السوقية" في 1990م (The Journal of Energy and Development, spring 1990, vol. 15, no. 2) خلال الفترة 1970-1988م، باستخدام نموذج قياسي على مستوى منظمة الاوبك والأعضاء، حيث أكد البحث ان السعودية مستقرة سياسيا، بينما إيران والعراق كانتا غير مستقرتان سياسيا، مما يمكن ترجمته إلى انعدام المرونة في قدراتها الإنتاجية النفطية. وكان من المتوقع أن يكون لعدم الاستقرار الاجتماعي-السياسي تأثير هام على بعض أعضاء الاوبك، لا سيما نيجيريا والجزائر وفنزويلا.
فكانت تنبؤات هذا النموذج واقعية، حيث أدى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الى استمرار تدهور انتاج هذه الدول غير المستقرة سياسيا، بينما بقيت السعودية مستمرة في انتاجها وبطاقة الاعلى عالميا. فان تنصيب الامير محمد بن سلمان وليا للعهد سوف يعزز الاستقرار الاجتماعي-السياسي والنمو الاقتصادي تزامنينا نحو مستقبلا افضل. فهنيئا لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده والشعب السعودي على الاستقرار والأمن وبشائر رؤية 2030.

6/20/2017

مركز دراسات بترولية أو مركز أكاديمي

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
سعدنا بزيارة مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية الثلاثاء الماضي ولقاء وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية والذي تحدث إلينا بعد مداخلاتنا بكل موضوعية، حيث قال إن حوارنا ونقاشنا الذي استمع اليه كأنه جاء من نقاشاته مع أعضاء المركز. فكان حديث الوزير يلامس ماضينا ووضعنا الحالي ويقترب من التنبؤات المستقبلية حول الطاقة والإحصاءات والخطط الاقتصادية في عالم مملؤ بالمفاجآت وعدم اليقين.
وللأسف أننا استنتجنا وليس بجديد علينا أن ماضينا المتراكم بالمتغيرات الكثيرة لم يتح لنا قاعدة معلوماتية إحصائية متكاملة ودقيقة بهامش خطأ بين 5% و 10% عن الطاقة والاقتصاد بالقدر الذي يمكن الباحثين من دراسة مبادرات برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 حتى لا يعتري مدخلات النماذج الاقتصادية القياسية (Econometric Models) التي تحدد ترابط المتغيرات وتأثيرها على مستقبل اقتصادنا أي تشويه، ليكون استخدام مخرجاتها في صياغة السياسات العامة للطاقة والاقتصاد على مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي إلى دعم الإنتاجية الاقتصادية وتنويعها بمشاركة فاعلة من القطاع الخاص حاضراً ومستقبلاً.
فقد نشرت دورية الطاقة 2016م (Vo. The 38, KAPSARC Special) بحوثاً مرتبطة بالمركز أغلب مؤلفيها أجانب وقلة من السعوديين. وأوضح أحد هذه البحوث بعنوان "إعانات النفط والطاقة المتجددة في السعودية: نهج التوازن العام" بأن ارتفاع تكاليف تكامل تكنولوجيا الطاقة المتجددة بدرجة عالية، يقلص رفاه الأسرة بنسبة 30-40% مع التوسع في الطاقة المتجددة. كما أن تصدير النفط بكميات أكبر في السوق العالمية قد يكون له أثر سلبي على أسعار النفط العالمية، مما سيضعف المكاسب المحتملة من سياسة الطاقة المتجددة. لذا نتساءل ما هو الجديد وماذا بعد؟ أليس هذا بحثاً أكاديمياً من اختصاص الجامعات وان على المركز أن يصب جل جهده في تنقية مصادر المعلومات وجمعها بطريقة محايدة من مصادر أوليه وثانوية بالتعاون مع الهيئة العامة للإحصاء من أجل دقة مخرجات نماذجه (Validity) التي تضع حلولاً لمشاكلنا أو تقدم شيئاً جديداً عملياً.
لا نحتاج إلى نماذج أكاديمية من أجل النشر ولا نماذج لا تحاكي واقعنا ولا دراسات دولية، حيث إنها مستهلكة منذ عقود وكل ما نحتاجه من هذا المركز دقة المعلومات الإحصائية ونماذج قياسية بقيمة مضافة إلى طاقتنا واقتصادنا نستفيد منها في الحاضر ونتفادى مخاطر المستقبل، حيث إن العبرة تكمن في قياس أداء المركز بما يقدمه من نقلات نوعية في مجال الطاقة المتجددة والاقتصاد بمعيار القيمة الاقتصادية المضافة وخلال فترة وجيزة تتجاوز قيمة الإنفاق عليه وليس في كمية البحوث الأكاديمية التي يقدمها بتكلفة باهظة على حساب الميزانية العامة.

6/13/2017

أسعار النفط.. ستبقى منخفضة

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
ستبقى اسعار النفط الحالية والمستقبلية ما بين متوسط اسعار 2016م (45 دولارا) قبل الاتفاق و(52 دولارا) بعد الاتفاق قريبة من منتصف اسعار 2014م. رغم محاولة الاوبك إعادة تاريخ حصص الانتاج بالاتفاق مع منتجين من خارجها ضمن معادلة رياضية تفترض أن خفض الانتاج الحالي كاف لخفض مستوى المخزونات العالمية ورفع الاسعار، متجاهلين ان العرض اصبح أكثر مرونة مما سبق مقابل طلب عالمي اقل مرونة، إذا ارتفاع الاسعار افتراض خاطئ.
ان ضعف التزام اعضاء الاتفاق وزيادة انتاج منهم خارجه كاف لبقاء الحال على ما هو عليه أو اسوأ على المدى القريب، مما سيكبح جماح الاسعار العالمية ويخضعها مرة اخرى لميكانيكية العرض الكبير والطلب الضعيف. وهذا ما يثير شهية المضاربين في العقود الآجلة بتحريك الاسعار صعودا وهبوطا اعتمادا على الاسعار الفورية أو المستقبلية التي تحركها الكميات المعروضة والمطلوبة ونوعيتها في كل فترة. بالإضافة الى تحسن كفاءة استخدام الطاقة وارتفاع نمو استعمال الطاقة النظيفة والمتجددة والسيارات الكهربائية على المدى الطويل.
وبمراجعة حركة الاسعار خلال الفترة من يوليو/2014م وحتى وقتنا الحاضر، يتضح لنا ما هو متوقع خلال هذا العام ومنه الى الاعوام القادمة، حيث تراجع سعر غرب تكساس من (104) دولار في يوليو/2014م الى أدنى مستوى له (47 دولارا) في يناير/2015م، بينما تراجع برنت من 107 الى 48 دولارا خلال نفس الفترة، بعد ان قررت السعودية المحافظة على حصتها السوقيه في 27 نوفمبر 2014م.
ورغم عودة ارتفاع متوسط اسعار غرب تكساس الى 54 دولارا وبرنت الى 59 دولارا خلال فبراير-يوليو/2015م، إلا انهما عادا الى 34 و 35 دولارا على التوالي في اغسطس-نوفمبر/2015م. لكنهما استمرا بعدها عند 45.8 و 46 دولارا خلال ابريل/2016م- نوفمبر/2016م، وبعدها ارتفعا الى51.7 و53.3 دولارا على التوالي في ديسمبر/2016م- ابريل/2017م وفي اعقاب اتفاق تخفيض الانتاج في يناير/2017م حتى نهاية يونيو. والآن تم الاتفاق على تمديد خفض الانتاج لمدة 9 شهور اخرى ومازالت الاسعار دون 48 دولارا و 51 دولارا لكل منهما.
هذا الاتجاه مرتبط جزئيا بارتفاع الانتاج من نفط وسوائل من المنتجين خارج الاوبك، حيث من المتوقع ان ينمو من 58.17 الى 59 والى 60.2 مليون برميل يوميا في 2016م، 2017م، 2018م على التوالي، ومازال اجمالي الانتاج العالمي يفوق اجمالي الطلب العالمي، مما دعم ارتفاع المخزونات العالميه (EIA). فهل نحتاج الى أي اتفاق لاستقرار الأسعار، رغم ضعف الفارق بينها قبل وبعد الاتفاق. وهذا ما يجب ان يفكر فيه صاحب التكاليف المنخفضة والطاقة الانتاجية الكبيرة.

5/30/2017

على الشورى.. دعم نظام الاقتصاد الخفي




المقال

د. فهد محمد بن جمعة

يتطلع المواطنون إلى مبادرة مجلس الشورى بإنشاء نظام لمكافحة ظاهرة الاقتصاد الخفي (اقتصاد النقدية) طبقا للمادة (23) من نظام الشورى، للحد من ضررها على الاقتصاد وإيرادات الحكومة وفرص العمل للمواطنين. فلم تعد الإحصاءات العامة تعكس واقع معظم الأنشطة الاقتصادية عامة وسوق العمل خاصة، بعد أن أصبحت غير دقيقة مع اختفاء الكثير من الأنشطة الاقتصادية وراء الأعمال غير الشرعية أو غير الرسمية. فقد أوضح الاقتصاديون أبعاد وأخطار ظاهرة الاقتصادي الخفي (الظل)، وما على القانونيين إلا فهم هذه الافكار ومن ثم صياغة القوانين التي تحد من استخدام النقدية وتحويل الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية الممكنة إلى الاقتصاد الرسمي.
هكذا نجد عاملا في مصنع وله وظيفة ثانية يقود سيارة أجرة غير مرخصة؛ وسباك يقوم بإصلاح أنابيب المياه المكسورة لعميل ما، مقابل مبلغ نقدي تهربا من الزكاة والضرائب ودفع الرسوم، أو تاجر مخدرات في زاوية شارع ما يترقب العملاء المحتملين، أو شخص ما جعل من الفساد منهجا له لتحصيل مليارات الريالات. هذه بعض الأمثلة على أنشطة الاقتصاد الخفي الشرعية وغير الشرعية التي خسرت الاقتصاد مليارات الريالات إن لم تكن تريليون ريال سنويا بعدم تجييرها في سجلات الحكومة ولا في إحصاءاتها.
ورغم أن الجريمة الاقتصادية وأنشطة الاقتصاد الخفي حقيقة من حقائق الحياة منذ وقت طويل في جميع أنحاء العالم، إلا أنها مازالت في تزايد في بعض البلدان. لكن هناك محاولات جادة للسيطرة على نموها والحد من عواقبها الخطيرة والمحتملة على ضعف الثقة في الإحصاءات الرسمية (بشأن البطالة وقوة العمل الرسمية، والدخل والاستهلاك)، مما يجعل السياسات العامة والبرامج الوطنية لا تحقق أهدافها المتوقعة باعتمادها على هذه الإحصاءات التي يترتب عليها خسارة في الموارد الحكومية وتكلفة للوطن والمواطن.
لقد أكدت نتائج البحوث على أهمية سيادة القانون وإنفاذه بصرامة عند أقل عدد من الأنظمة الضرورية، بدلاً من زيادة عددها، لكبح جماح ظاهرة الاقتصاد الخفي، حيث إن العلاقة طردية بينهما فكلما زاد عدد الأنظمة لمكافحة الظاهرة كلما زاد انتشارها (10%). وهذا ما أكدته هيئة الزكاة والدخل أن حالات التهرب من دفع الزكاة ارتفع بنسبة 25%.
إن الحاجة ماسة لنظام موحد لمكافحة ظاهرة الاقتصاد الخفي، بما يساهم في تحقيق أهداف رؤية 2030 وبرامجها مع اقتراب موعد تنفيذ ضريبتي القيمة الانتقائية والقيمة المضافة والحد من التستر والتعاملات النقدية التي ارتفع تداولها خارج المصارف من (42.623) مليار ريال في 1993م إلى (170.341) مليار ريال في 2016م أي بنسبة (300%) رغم إتاحة خدمات المدفوعات الإلكترونية.

5/23/2017

النفط جزء من الكل

الرياض الاقتصادي

المقال


د. فهد محمد بن جمعة
بمراجعة تاريخية لأسعار النفط خلال الـ79 عاماً الماضية، يتضح لنا كيف كانت أسعار النفط غير مستقرة لأسباب اقتصادية وسياسية محلية وعالمية، مما لا يدع شكاً لدينا بأن الاعتماد على النفط بمفرده يهدد استقرار اقتصادنا مع زيادة النمو السكاني والطلب على الخدمات، وازدياد عجوز الميزانية مع تناقص العائدات النفطية وتدني الإيرادات غير النفطية التي بدأت تتحسن في السنتين الأخيرتين.
فعندما تم استخراج النفط من أول بئر في السعودية (الدمام رقم 7) في 1938م، كان سعر النفط الأميركي حينذاك (1.13) دولار، ثم ارتفع في أعقاب الحرب العالمية الثانية الى (2) دولار في 1970 وبدأت بعدها أسعار النفط العربي الخفيف تتصاعد إلى (3.29) دولارات حتى 1973 تزامناً مع مقاطعة النفط، ثم استمرت إلى (11.59) دولاراً في 1974 حتى تجاوزت (38) دولاراً في 1980، لكنها تراجعت إلى ما دون ذلك حتى عادت أسعار برنت إلى فوق (38) دولاراً في 2004 وتجاوزت (97) دولاراً في 2008، ثم (111) دولاراً في عامي 2011 و 2012، لكنها بدأت تتراجع بعد ذلك إلى متوسط 52 دولاراً هذه الأيام (ChartsBin)، ولم يكن تخفيض الانتاج داعماً قوياً.
ألا يكفي هذا التاريخ من الاعتماد على اقتصاد النفط وأن نتطلع الى اقتصاد متقدم لا يعتمد على الموارد التقليدية والناضبة مادياً واقتصادياً. فلم تعد إيرادات النفط مستدامة أو كافية مع تراجع الأسعار المستمر وبمعدل مخاطرة مرتفعة في ظل عدم يقين الطلب العالمي على النفط. إن الأفكار الاقتصادية عديدة ولكن الأهم أن تكون مبادراتها منتجة وواقعية بناء على قيمتها الاقتصادية المضافة والممكن استدامتها وتسهم في قيام صناعات مساندة بمضاعف اقتصادي تراكمي في المستقبل.
إن إنتاج النفط وتصديره لا يوظف الكثير من السعوديين لا حاضراً ولا مستقبلياً ولا ينوع الاقتصاد لأنه جزء من مكونات الاقتصاد وليس كله وعندما يسيطر هذا الجزء على الكل يصاب الاقتصاد بالمرض «الهولندي» الذي ينتشر بسرعة في شريان الاقتصاد ويدمر خلايا القطاعات الأخرى وأي استراتيجية أو مبادرة لتنمية الاقتصاد وتنويعه.
إن الحديث عن الاحتفاظ بالنفط للأجيال القادمة وأن العالم لن يستغني عنه في العقود القادمة محض من الخيال وعدم إدراك الواقع بمنظور المستقبل. فلماذا بدأت شركات النفط العالميه في الوقت الحاضر، ببيع أصولها أو التحول الى إنتاج الطاقة المتجددة على أنها طاقة المستقبل ومستدامة لا تنضب وبتكاليف متناقصة مع تقدم التقنية عبر الزمن.
إن التحليل التقليدي الذي عفا عليه الدهر لن يكن مجدياً اقتصادياً في عصر الطاقة المتجددة والتقدم المعرفي.

نفط روسيا عبر ناقلات الظل

الثلاثاء 3 ربيع الأول 1447هـ 26 أغسطس 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة تراجع الزخم الدبلوماسي بين روسيا وأوكرانيا منتصف الأسبوع، مع ت...