3/01/2021

البطالة.. وتدفقات العمالة الوافدة

 

الثلاثاء 18 رجب 1442هـ 02 مارس 2021م

المقال

الرياض الاقتصادي


د. فهد بن جمعة

إن توظيف السعوديين لا يمثل تحديا لسوق العمل ولا تحديا للاقتصاد ولا تحديا لعرض العمالة السعودية. ولكن التحدي الفعلي هو عرض العمالة الوافدة وتدني أجورهم وعملهم لساعات طويلة وعدم تحقيق مستهدفات رؤية 2030، عدم تقليص معدل البطالة إلى 9 % في 2020 وإلى 7 % في 2030، وهذه معدلات سهل تحقيقها بل المتوقع تقليصها إلى معدلات طبيعية أقل من 4 %.

إذاً أين يكمن الخلل في سوق العمل؟ وما أهم أسباب ارتفاع البطالة بين السعوديين؟ فمعدل البطالة العام يمثل التوظيف الكامل للعمالة الوافدة، حيث إنه الأغلبية وتغطي العجز الكبير في توظيف السعوديين الباحثين عن عمل أو العاطلين، مما يجعل معدل البطالة العام مشوها (bias) ولا يشير إلى تقليص البطالة بين السعوديين. إذ المحور الرئيس هو فائض عرض العمالة الوافدة وعدم مرونة الطلب على توظيف السعوديين.

ولكي تتضح الصورة العامة تم مقارنة العام 2019 ما قبل الجائحة بعام الجائحة 2020 والتي ما زالت قائمة على أساس ربع سنوي لمعرفة، إذا ما كان هناك نقلة (Shift) في عدد المشتركين من عدمه والذي يحدده اختبار تشاو الإحصائي والقياسي (Chow test) للفترتين. فان تحليل اتجاه الترابط بين المشتركين على رأس العمل من العمالة الوافدة والسعودية في مؤسسة التأمينات الاجتماعية للفترة قبل الجائحة من الربع الأول إلى الربع الرابع من 2019، بناءً على تقارير مؤسسة التأمينات الاجتماعية، والذي يشير إلى استمرار انخفاض عدد المشتركين الوافدين في الربع الأول، الثاني، الثالث، والرابع على النحو التالي: 2.7 %، 2 %، 0.9 %، 1.3 %، وكذلك انخفض عدد المشتركين السعوديين في الربع الأول والثاني بـ 0.3 و1.7 %، ولكنه بدأ يرتفع تدريجيا في الربع الثالث والرابع بـ 0.02 % و1.8 %. وهنا يأتي تأثير انخفاض العمالة الوافدة على ارتفاع العمالة السعودية لاحقا (lag effect) أي بعد ربعين متتاليين.

أما في الفترة من الربع الأول إلى الربع الرابع من 2020، فقد ارتفعت العمالة الوافدة بـ 3.6 %، بينما لم ترتفع العمالة السعودية، إلا بـ 1 % في الربع الأول، أما في الربع الثاني والثالث والرابع فانخفضت العمالة الوافدة بـ 0.4 %، 3.6 %، 2.1 %، وكذلك انخفضت العمالة السعودية في الربع الثاني والرابع بـ 2.3 % و0.6 %، بينما ارتفعت بـ 4.9 % في الربع الثالث. وبهذا نستنتج أن الترابط يكون واضحا فقط، عندما يتقلص عرض العمالة الوافدة بنسبة أكبر لا تقل عن 4 % على أساس ربع سنوي كما هو في الربع الثالث من 2020، حيث انخفض عدد الوافدين بـ 236,876 عاملا وارتفع الطلب على السعوديين بـ 5 % أو 81,465 عاملا.

فعلينا أن نعيد حساب تناقص معدل البطالة السعودية على أساس توازن العلاقة العكسية بين عرض العمالة الوافدة وتوليد وظائف جديدة من جانب والطلب على العمالة السعودية من الجانب المقابل وذلك تزامنيا وسنويا ومستقبليا، لكي يصبح المسار مبنيا على حاضر سوق العمل والتخطيط المستقبلي، مع دخول مئات الآلاف من العمالة السعودية إلى السوق سنويا، وذلك بكل مسؤولية ومحاسبة، فالبطالة تؤدي إلى تخفيض الطلب والإنفاق الاستهلاكي الذي يعد من أهم المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي وينتج عنه ارتفاع أرباح الشركات وتوظيف المزيد من القوى العاملة.

2/22/2021

مقرات الشركات.. يدعم رؤية 2030

 

الثلاثاء 11 رجب 1442هـ 23 فبراير 2021م

المقال

الرياض


د. فهد بن جمعه

تسعى حكومتنا الرشيدة الى تنويع الاقتصاد وتعظيم الإيرادات غير النفطية من خلال مبادرات وأهداف رؤية 2030، وفي هذا الإطار قامت بوضع الاستراتيجية الاستثمارية وأنشأت وزارة الاستثمار للإشراف عليها واتخاذ الإجراءات المناسبة بمشاركة الجهات الحكومية الأخرى لتذليل التحديات والمعوقات التي تقف في طريق جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما عززت جاذبية بيئة الأعمال الداخلية والخارجية وذلك بتحسين بيئة الأعمال الاستثمارية والتشريعية وتقديم الحوافز التي تجذب هذه الاستثمار وتركزها داخل الاقتصاد السعودي، بما يفوق ما تقدمه بلدان المنطقة أو البلدان الناشئة، فإن وجود مقرات الشركات متعددة الجنسيات يحسن سمعة البلد المضيف ويتبعه تواجد المزيد من الشركات الكبيرة الأخرى.

إن قرار الحكومة بإيقاف التعاقد مع الشركات التي لها مقرات إقليمية في المنطقة خارج المملكة، يعتبر قرارا سليما بناءً على معلومات متكاملة لتقييم الوضع وتحديد أفضل الخيارات، وبما ينسجم مع استراتيجية تنويع الاقتصاد السعودي ونقل الخبرة والتقنيات وكسب المعرفة ذات القيمة المضافة إلى الاقتصاد.

كما أنه قرار حكيم بناءً على التفكير الدقيق والخيار الأفضل في الوقت المناسب بما يتوافق مع مستهدفات رؤية 2030، فالمملكة تمتلك أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط بقيمة تتجاوز (2.9) تريليون ريال في 2019 وبإجمالي استثمارات أجنبية بلغت 1.885 تريليون ريال في الربع الثاني من 2020، مقارنة بـ1.715 تريليون ريال في الربع المماثل من 2019، وفقا لوزارة الاستثمار، ورغم تداعيات جائحة كورونا، إلا أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفعت بـ4% إلى 4.7 مليار دولار في 2020، مقارنة بـ4.56 مليار دولار في 2019 (الأونكتاد).

وقد صرح وزير المالية بأن حصة المملكة من مقرات الشركات الأجنبية الإقليمية أقل من 5%، وهذا يؤكد على أهمية هذا القرار لزيادة نسبة مقرات هذه الشركات في ظل البيئة التنافسية للبنية التحتية والخدمات والتشريعية وجودة الحياة، بل إن المملكة تمنح هذه الشركات ميزا تنافسية بإعفائها من الضرائب لمدة 50 عاماً، ومن توظيف السعوديين إلزاميا لمدة 10 سنوات، وتقديم مناقصات وعقود مغرية من الجهات الحكومية، بالإضافة إلى خلق ميز تنافسية إقليمية جاذبة لمقرات الشركات ذات التكاليف المنخفضة من حيث المواقع الفعَالة والصيانة والتشغيلية، وهي من أهم العوامل التي تنظر إليها الشركات عند رغبتها في إقامة أي أعمال تجارية في بلد ما، وما يؤكد ذلك هو طلب 24 شركة عالمية أثناء انعقاد مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، بأن يكون لها مقرات إقليمية في الرياض.

فإن قرار قصر عقود المشتريات والاستثمارات الحكومية على الشركات المتواجدة في الرياض سيحدث تموجات (Ripple effect) تدفع بالكثير من الشركات لزيادة تواجدها تراكميا في مركز الرياض المالي، الذي تبلغ مساحته حوالي أربعة أضعاف مساحة كناري وارف في لندن، بحلول 2024، وتترقب الشركات الأجنبية إصدار الضوابط المتعلقة بذلك القرار في 2021م، ومنها تعريف المقر أو المكتب الإقليمي للشركة والذي في العادة يكون تابع للشركة الأم ويمثل أعلى مستوى من الرقابة، ويتم إدارة أنشطته بالكامل من قبل الشركة الأم من حيث عملية صنع القرار، فإن وضع الضوابط النظامية سيحدد الشركات ذات القيمة المضافة ويمنع تحايل بعض المكاتب التابعة لمؤسسات مالية عالمية من تسميتها كمقرات إقليمية، بينما مقراتها الفعلية توجد في مدن خارج المملكة.

2/15/2021

"أوبك+".. وزيادة حصصها

الثلاثاء 04 رجب 1442هـ 16 فبراير 2021م

المقال

الرياض


د. فهد بن جمعه

بدون شك إن اتفاق أوبك+ وتخفيض السعودية لإنتاجها بمقدار مليون برميل يوميا طوعا لشهري فبراير وإبريل، مكنها من إحكام تخفيض إمدادات النفط وتقليص الفجوة الفورية بين العرض والطلب، وهذا دعم ارتفاع الأسعار الفورية "Backwardation" على المدى القصير مقارنة بأسعار العقود المستقبلية "Contango"، وهذا ما أدى إلى تحفيز الشركات على سحب المزيد من مخزوناتها النفطية، بدلاً من دفع تكلفة التخزين المستمرة وتحقيق مكاسب أعلى وفورية، وسوف يزداد السحب مع عدم وجود عقود مستقبلية طويلة الأجل من قبل شركات الطيران وغيرها من المشترين الكبار للتحوط مقابل ارتفاع الأسعار مستقبلا، وقد يتغير ذلك في النصف الثاني من العام الحالي.

ونتيجة لذلك ارتفع سعر برنت بـ1.28% إلى 60.10 دولارا وكذلك غرب تكساس بـ1.25% إلى 57.56 دولارا الاثنين 8 فبراير، ثم واصلت الأسعار ارتفاعاتها يوم الجمعة الماضية إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عام، حيث قفز برنت بـ2.6% إلى 62.83 دولارا، والأعلى منذ 22 يناير 2020، كما ارتفع غرب تكساس بـ2.4٪ إلى أعلى مستوى له في الجلسة عند 59.82 دولارا، والأعلى منذ 8 يناير 2020، وفي نهاية الجلسة استقر سعر برنت عند 62.43 دولارا وغرب تكساس عند 59.47 دولارا، لتتسع الفجوة بين عقد مارس الحالي ومارس 2022 لبرنت بـ 4.75 دولارا، ونايمكس بـ 5.16 دولارا.

وهذا قد يمهد الطريق لأوبك + لزيادة إنتاجها بأكثر مما كان مخطط له مسبقا، بعد وصول الأسعار إلى مستويات مرتفعة مع تراجع مخزونات النفط العالمية على المدى القصير، ومن أجل تحفيز الطلب العالمي على النفط، فقد أوضحت بيانات وكالة الطاقة الدولية انخفاضات كبيرة في المخزونات العالمية في نهاية العام الماضي، حيث انخفضت بمقدار 2.58 برميل يوميا في الربع الأخير من 2020، كما أوضحت إدارة معلومات الطاقة الأميركية استمرار تراجع مخزونات النفط الأميركي، حيث تراجعت بـ 6.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 5 فبراير 2021، فإنه من المتوقع أن تواجه المخزونات العالمية المزيد من الانخفاضات الحادة، إذا ما واصلت أوبك+ التزامها بتخفيض إنتاجها.

لقد استطاعت أوبك + استعادة توازن سوق النفط، عند أسعار تجاوزت 60 دولارا ودخولها في منطقة حرجة، مما يحفز المنتجين من أوبك+ ومن خارجها على زيادة إنتاجهم، وفعلا هذا ما حدث مع المنتجين الأميركيين بزيادة عدد منصات التنقيب عن النفط والغاز بـ 5% الى 397 منصة، أو أقل بـ 393 منصة عن هذا الوقت من العام الماضي، كما أنه أيضا ارتفع إجمالي عدد الحفارات النشطة في كندا بـ %5 إلى 176 حفارة وأقل بـ 79 على أساس سنوي، حسب بيانات بيكر هيوز الجمعة الماضية، لذا ارتفع الإنتاج الأميركي بـ 100 ألف برميل يوميا إلى 11 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 5 فبراير مقارنة بالأسبوع الذي سبقه.

 

أسواق النفط بين التفاؤل والتشاؤم

الثلاثاء 25 صفر 1447هـ 19 أغسطس 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة شهدت أسواق النفط تباينًا واضحًا في التوقعات بين تفاؤل منظمة أوبك وتش...