3/30/2021

صناعة السياحة ثروة المستقبل

 

الثلاثاء 17 شعبان 1442هـ 30 مارس 2021م

المقال

الرياض الاقتصادي


د. فهد محمد بن جمعه

تتطلع المملكة العربية السعودية إلى اقتصاد متنوع بجانب ما تمتلكه من ثروات هيدروكربونية وذلك باستغلال ميزها النسبية وإمكانياتها الاقتصادية المتاحة لخلق قيمة اقتصادية مضافة تدعم تنمية رأس المال البشري ومساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، وبهذا يكون قطاع السياحة من أهم هذه القطاعات وأسرعها نموا، فهو قادر على توليد فرص استثمارية محلية وأجنبية في تطوير البنية الأساسية وتقديم الخدمات لردم الفجوة بين العرض السياحي والطلب المتزايد عليه، فقد تم اتخاذ العديد من القرارات لتوطين السياحة والترفيه والبدء في إنشاء مشروعات عملاقة مثل: القدية، جزر البحر الأحمر، نيوم، وتدشين التأشيرة السياحية لمواطني 49 دولة إلكترونيا في سبتمبر 2019، فإن هذه القرارات ستشجع على جذب السياحة وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي من 3% في الوقت الحاضر إلى ما يزيد على 10%، وتوفير مليون فرصة عمل، وجذب 100 مليون زيارة بحلول 2030.

وقد تبنت استراتيجية السياحة ما تضمنته مبادرات وأهداف رؤية 2030 لتنمية قطاع السياحة والترفيه من أجل تحقيقها في إطارها الزمني، مما سيجعل المملكة ضمن أكثر خمس دول استقبالا للسياح، وبهذا سيتم بناء 150 ألف غرفة فندقية جديدة في السنوات الثلاث القادمة و70% من هذه الفنادق سينفذها القطاع الخاص، كما تسعى المملكة بمشاركة المستثمرين من الداخل والخارج والصناديق الاستثمارية المحلية ومن بينها صندوق التنمية السياحي إلى بناء 500,000 غرفة فندقية في جميع أنحاء المملكة بحلول 2030، وقد تم أيضا توقيع مذكرات تفاهم تجاوزت قيمتها 115 مليار ريال لتحسين البنية التحتية، وزيادة المعروض من الغرف الفندقية، كما تعمل المملكة على زيادة القدرة الاستيعابية لمطاراتها إلى 150 مليون راكب سنويا.

وأوضحت مؤشرات أداء السياحة تحسنا ملحوظا في 2019، حيث نما عدد الليالي التي قضاها السياح بـ11.1% إلى 249 مليون ليلة، عدد الرحلات بـ9.6% إلى 48 مليون رحلة، الإنفاق بـ15% إلى 53 مليار ريال، مقارنة بالعام 2017، أما السياحة الوافدة فقد نما عدد الليالي بـ9.9% إلى 188 مليون ليلة، عدد الرحلات بـ2.6% إلى 16.5 مليون ليلة، الإنفاق بـ3.3% إلى 101 مليار ريال في نفس الفترة، والذي انعكس إيجابا على جاذبية السياحة الداخلية وذلك بتراجع مؤشرات السياحة المغادرة للمملكة، حيث انخفض عدد الليالي بـ1.8% إلى 322.6 مليون ليلة، عدد الرحلات بـ2.2% إلى 20.6 مليون رحلة، الإنفاق بـ10.2% إلى 70 مليار ريال، حسب بيانات وزارة السياحة، وبهذا نمت مساهمة السياحة المحلية والوافدة للمملكة بـ7% إلى 154 مليار ريال في 2019 مقارنة بالعام 2017.

فمن المتوقع أن يتجاوز حجم الاستثمار في قطاع السياحة 800 مليار دولار بعد استكمال هذه المشاريع السياحية والترفيهية العملاقة التي ستعزز سمات الجاذبية وتزيد نمو الطلب على السياحة المحلية والوافدة للمملكة من أبعد مسافة ممكنة، كما سيخلق هذا الاستثمار قيمة اقتصادية مضافة بتوظيف مئات الآلاف من المواطنين، تحسين الحياة المعيشية، زيادة القوة الشرائية على السلع والخدمات، وهذا سيضاعف المضاعف الاقتصادي ويجعل الاقتصاد السعودي في مقدمة دول العشرين.

3/23/2021

تخصيص مستشفيات وزارة الصحة

 

الثلاثاء 10 شعبان 1442هـ 23 مارس 2021م

المقال

الرياض الاقتصادي


د. فهد بن جمعة

تسعى حكومتنا الرشيدة من خلال نظام التخصيص إلى تقديم أفضل الخدمات للمواطنين حسب إمكاناتها المتاحة، وبناء أسس لعمليات الخصخصة ترفع من الكفاءة وجودة الخدمات مع ارتفاع عدد السكان وكبار السن، وتحقيق فائض اقتصادي بمساهمة القطاع الخاص نحو أهداف رؤية 2030. فقد أصبح القطاع الصحي للوزارة مؤهلاً لعملية التخصيص أكثر مما سبق، مع استمرار ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية بمعدل متزايد، والذي جعل تمويل الخدمات الصحية يمثل تحدياً كبير للدولة، فالحاجة ماسة لرفع إنتاجية هذه المستشفيات الحكومية والحد من استهلاكها بطريقة غير رشيدة وتحسينها وزيادة فعاليتها لتصل الخدمات إلى أقصى مكان من الوطن، وجعلها جاذبة للأطباء المتخصصين ذوي الخبرة الطويلة والتخصص الدقيق برفع أجورهم أو على الأقل الاحتفاظ بالموجودين لديها.

إن تخصيص المستشفيات العامة ليس بالأمر اليسير ويحتاج إلى دراسة متكاملة ورسم الخطط اللازمة لهذه المرحلة الانتقالية ووضع برامج التحكم والمراقبة للتأكد من أن الخدمات الطبية تقدم بشكل أفضل مما كانت عليه سابقا، فإن أمام وزارة الصحة على الأقل خيارين لتحسين وتطوير خدماتها وتقليص تكاليفها وتمويل ميزانياتها، وذلك بتخصيص مستشفياتها عن طريق تأجيرها على القطاع الخاص أو تخصيصها بالكامل وبيعها والحصول على أموال مباشرة، وبهذا يصبح تطبيق التأمين الصحي مقابل حصول المواطنين على الخدمات الصحية مجانا وهو أفضل وأقل تكلفة من الإنفاق على هذه المستشفيات وخدماتها، علما إن معظم توظيف السعوديين سيكون بنسبة أكبر في القطاع الخاص مستقبلا والذي يوفر تأمينا صحيا للعامل وأسرته إلزاميا، مما يسهم بتقليص تكاليف التأمين الحكومي مع توظيفه المزيد منهم.

لقد بلع عدد مستشفيات وزارة الصحة 286 مستشفى بسعة 44,665 سريرا في (2018 - 2019) وفي الجهات الحكومية الأخرى 48 مستشفى وبسعة 13,177 سريرا، بينما بلغ عدد مستشفيات القطاع الخاص 164 مستشفى وبسعة 19,146 سريرا، حسب بينات وزارة الصحة. وبذلك تمثل المستشفيات الخاصة فقط 33 % من إجمالي المستشفيات الحكومية وبسعة سريريه نسبتها لا تتجاوز 25 % من إجمالي الأسرّة. وهذا يؤكد مدى أهمية مساهمة القطاع الخاص وتخفيف الأعباء المالية على وزارة الصحة التي بلغت ميزانيتها والتنمية الاجتماعية 175 مليار ريال في ميزانية 2021، والمرتبط ارتفاعها بعدد المواطنين الذي تجاوز 21 مليون مواطن وبمتوسط نمو 2.4 % سنويا، مما يشير إلى ارتفاع التكاليف بنسبة تراكمية مستقبلا، وفي هذا الإطار اقترح الاطلاع على دراسة حديثة قدمها ريدوانور رحمن Redwanur Rahman بعنوان "خصخصة نظام الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية" في PubMed 23 يونيو 2020 حتى ولو لم نتفق مع مخرجاتها.

إن التخصيص هو الأجدى والأفضل لتقديم خدمات مميزة للجمهور من خلال المنافسة بين مستشفيات القطاع الخاص مع زيادة أعدادها، كما أنه يزيح عبئا ماليا كبيرا من أكتاف الدولة، لأن المشكلة ليست في الوقت الحاضر، وإنما في المستقبل عندما يزيد عدد السكان ويتضاعف الطلب على الخدمات الطبية، وإذا ما تم تنظيم الخصخصة بشكل مناسب، ورصد كاف فسوف يمكنها من زيادة المرونة، تحسين جودة الخدمة، زيادة الكفاءة والابتكار، تقليص حجم الحكومة، تحسين الصيانة، وعسى أن يكون تخصيص مستشفى الأنصار بالمدينة المنورة نموذجا ناجحا لخصخصة مستشفيات الوزارة.

3/15/2021

مخاطر ارتفاع أسعار النفط

 

الثلاثاء 3 شعبان 1442هـ 16  مارس 2021م

المقال

الاقتصاد الرياضي


د. فهد محمد بن جمعه

تجاوزت أسعار النفط متوسط 60 دولارا، حيث ارتفع سعر برنت 37 % في 12 مارس من 50.37 دولارا في 4 يناير إلى 69.22 دولارا في 4 يناير الماضي، وغرب تكساس 38 % من 47.47 إلى 65.61 دولارا في الفترة نفسها، وهذا مرتبط بمعدل من المخاطرة على المدى القريب وأكثر على المدى الطويل في زمن تنوعت فيه مصادر الطاقة واشتدت فيه المنافسة والضغوط في اتجاه الطاقة المتجددة والنظيفة، وقد بدأت فعلا كبار شركات النفط في الاستثمار والتحول إلى الطاقة المتجددة وكذلك كبار منتجي المركبات، فارتفاع أسعار النفط يعد محفزا لهم، ويسرع من تقليص الاعتماد على النفط ومشتقاته. ورغم أن "أوبك+" تسعى إلى استقرار أسعار النفط وقت الأزمات كما هو الحال مع كوفيد- 19، وذلك بتخفيض إنتاجها وبكميات كبيرة لدعم استقرار أسواق النفط العالمي، إلا أنه لا ينبغي أن يكون على حساب مستقبل الطلب على نفطها التي تمتلك منه كميات كبيرة.

فقد لا يعني تخفيض "أوبك+" لإنتاجها تراجع صادراتها بالنسبة نفسها، إلا أن زيادة إنتاجها يعظم حصصها السوقية، كما أن انخفاض الطلب العالمي على النفط نتيجة لتناقص المخزونات العالمية لا يعني زيادة الاستهلاك بالنسبة نفسها والعكس صحيح. إذا المنتجون دائما يسعون إلى تحقيق أسعار تتناسب مع تكاليف إنتاجهم، وفي الوقت نفسه لا تؤثر سلبا على طلب المستهلكين، مما يدعم استمرارية استثماراتهم في صناعة النفط، لهذا تحاول "أوبك+" استقراء سلوكيات أسواق النفط على المدى القصير، واتخاذ القرارات الداعمة لتوازن أسواق النفط من جانب العرض على الأقل، إلا أن ارتفاع الأسعار الحاد يبطئ من انتعاش الطلب العالمي مع بدء حركة التنقل والسفر، في ظل مرونة المعروض العالية التي تختلف عما كانت عليه في السبعينات أو حتى الثمانينات على المدى الطويل، مما يحفز استخدام البدائل الأخرى.

وبمقارنة إنتاج فبراير بشهر يناير، بناءً على التقرير الشهري لـ"أوبك" 11 مارس الجاري، جاءت أكبر زيادة في الإنتاج من نيجيريا بـ 12 %، وليبيا 3 %، وإيران 2 %، والعراق 2 %. بينما انخفض إنتاج السعودية 10 % الى 8.150 ملايين برميل يوميا في إطار التزامها بتخفيض "أوبك+"، وبالإضافة إلى تخفيضها مليون برميل يوميا طوعا، والذي أدى إلى تراجع إجمالي إنتاج الـ"أوبك" بـ 3 % إلى 24.85 مليون برميل يومياً في فبراير الماضي، أما الرابح الأكبر فهي روسيا التي ستزيد إنتاجها بـ 130 ألف برميل يومياً، وكذلك كازاخستان بـ 20 ألف برميل يومياً، وذلك للشهر الثاني على التوالي.

ومن دون شك، إن السعودية مازالت لها اليد العليا في المحافظة على توازن أسواق النفط العالمية واتجاه أسعار النفط، بينما يبقى تأثير روسيا محدودا جدا، وينطبق ذلك على الأعضاء من خارج الأوبك، حيث إنهم دائما ينتجون عند أقصى طاقة إنتاجية لهم وبالتزام أقل. فإن الأخذ في الاعتبار العرض الحالي "إجمالي الإنتاج العالمي من النفط" والمستقبلي والطلب المتوقع يمهد الطريق إلى اتخاذ القرارات التي تعظم الإيرادات وتدعم الطلب على النفط عند أسعار مرنة، فعند ارتفاع الأسعار ما فوق 60 دولارا واستمرارها لفترة أطول تزداد المخاطر ويأتي على حساب المنتجين الأكثر التزاما بالتخفيض، فليس المنتِج ذو الطاقة الإنتاجية العالية والأقل تكلفة هو الذي يتحمل أعباء الآخرين في ظل عدم اليقين.

أسواق النفط بين التفاؤل والتشاؤم

الثلاثاء 25 صفر 1447هـ 19 أغسطس 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة شهدت أسواق النفط تباينًا واضحًا في التوقعات بين تفاؤل منظمة أوبك وتش...