5/28/2012

عدم اليقين والأسهم في الأجل الطويل


الاثنين 7 رجب 1433 هـ - 28 مايو 2012م - العدد 16044

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
    تقول الحكمة التقليدية إن تقلبات الأسهم على المدى الطويل 5 سنوات أو أكثر اقل منها في المدى القصير سنة أو أقل وتحقق عوائد اكبر سواء كانت رأسمالية او تشغيلية. هذه النظرة يبدو انها متفقة مع البحوث السابقة المبنية على التباين في التكهنات المشروطة مقابل غير المشروطة، مما يبرهن على انخفاض العائد المتوقع في الأجل القصير على خلاف بعض البحوث التي ظهرت اخيرا وتحتسب العوائد المتوقعة على الاسهم بناء على عوامل غير مشروطة، حيث ساهم الغموض الذي يكتنف العوائد المتوقعة على الاسهم مستقبليا في صعوبة التنبؤ بما ستكون عليه العوائد المحققة القادمة. هكذا اصبح عامل الغموض متزايدا مع الوقت وبالغ الاهمية في آفاق نمو الاستثمارات مستقبليا الذي يتناقض مع اعتقادات المستثمرين السائدة بأن العائد المتوقع شبه مؤكد لتدني المخاطرة ولكن التباين بين العائد المتوقع والحقيقي يفسر لنا مدى حدة تذبذب الاسهم في المدي الطويل مقارنة بالمدى القصير المرتبط بمعدل مخاطره مرتفعة وعائده منخفض.
ان عدم اليقين قد وسعت الفجوة بين العائد المتوقع على المدى القريب والبعيد بعد احداث الازمة المالية العالمية في 2008 التي ما لبثت ان تحولت الى ازمة اقتصادية عالمية نتيجة لسوق المشتقات المالية المتجسدة في الرهن العقاري الأمريكي، وجعلت المستثمرين يتوخون الحذر ويسألون اذا ما كانت الاستثمارات في الاسهم على المدى الطويل أكثر استقرارا منها في الاجل القصير مع وجود عدم اليقين حول العوائد المستقبلية وتولد الشكوك لديهم في الاسواق المالية ومدى قدرتهم على الاحتفاظ بالأسهم لمدة أطول في ظل تلك التغيرات المالية والاقتصادية التي برزت وقد تبرز مرة ثانية وبشكل مفاجئ.
وما بحث (Pastor و(Stambaugh بعنوان "هل الاسهم فعلا اقل تذبذبا في الاجل الطويل؟" وذلك في (The Journal of Finance) في ابريل ،2012 إلا درسا نتعلم منه ويجعلنا نعيد التفكير في حكمتنا القديمة التي طالما كررناها بان الاسهم على المدى الطويل اكثر استقرارا وتحقق أكبر عائد ممكن لأننا لا نقيم عامل المخاطرة بدون شرط حتى ينكشف لنا الفرق بين العائد المتوقع والحقيقي في نموذج يحتسب عامل المخاطرة طبقا لتباين بين العائدين في الاجل القصير والطويل. ان اختلاف هذا البحث عن البحوث السابقة انه ادرج الغموض في نموذجه لمعرفة العائد المتوقع الحقيقي في إطار تنبؤ متكامل بناء على سلسلة زمنية طولها 206 اعوام مابين 1802 و 2007 لكي يبرهن على أن الاسهم أكثر تقلباً في الأجل الطويل ويحدث ذلك على الرغم من وجود العائد. لقد احتوى تحليله على خمسة متغيرات جميعها متعلقة بعدم اليقين نفسها وعلاقتها بالعائد المتوقع مستقبليا وحاليا مع تقدير المخاطر الحالية لكن المتغير الذي ساهم بنسبة كبيرة في وجود عدم اليقين هو متغير العائد المتوقع مستقبليا.
ان الدرس المستفاد من ذلك ان يعيد المستثمرون حساباتهم مرة ثانية لكي يتفادوا عدم اليقين التي تتسبب في رفع معدل المخاطرة على استثماراتهم في المدى الطويل ويكون نتيجة ذلك تقلص العوائد الاستثمارية. هكذا يصبح اختيار المستثمر بين ما تقوله الحكمة التقليدية وما خلص اليه هذا البحث أن الاستثمار في الاسهم فيه مخاطرة في الاجل القصير والطويل وقد يكون على المدى المتوسط اقل مخاطرة واعلى عوائد أي على مدى 3 سنوات الى 5 سنوات وهو مجال لبحث آخر ليؤكد لنا مدى صحة ذلك من عدمه.
*عضو جمعية اقتصاديات الطاقة الدولية
* عضو الجمعية المالية الأمريكية

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...