د. فهد بن جمعه
تباطؤ ملحوظ
وتحدث الكاتب الصحفي الدكتور فهد محمد بن جمعة عن أسباب فشل اقتصاديات العالم السابقة والحالية فقال: ينتج الاقتصاد الأمريكي من سلع وخدمات مما قيمتها أكثر من 41 تريليون دولار سنوياً ما يجعله أكبر اقتصاد في العالم بنسبة قدرها 12% ما إجمالي ما ينتجه الاقتصاد العالمي من سلع وخدمات، وتعد عملتها من أقوى العملات في العالم وتمثل 80% من حجم المعاملات التجارية في العالم وتربط بعض الدول عملتها بالدولار حتى إن الدول التي تربط عملاتها بسلة من العملات يكون وزن الدولار فيها هو الأكبر، فضلاً انه اقتصاد متقدم ومتنوع ويعتمد على قاعدة صناعية كبيرة وتقنية متقدمة وأكبر سوق مالي في العالم. لذا نشاهد معظم الصناديق السيادية العالمية تستثمر في الولايات المتحدة لأنه أكثر استقراراً وأمناً من أي سوق آخر. فعندما يواجه السوق الأمريكي أزمات حادة فإن ذلك سوف ينعكس بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الأسواق العالمية من حولها وهذا ما حصل فعلاً منذ بداية أزمة الرهن العقاري ولكن بداية الأزمة بدأت مع تباطؤ الاقتصاد الأمريكي منذ عام 1998م، حيث وصل حجم الدين العام حالياً إلى ما فوق10 تريليونات دولار وتجاوز عجز الميزان التجاري 700مليار دولار وأخيراً وصل معدل البطالة إلى 6.5% ما كان له أثر عميق على أداء الاقتصاد الأمريكي وعلى الطلب الكلي مما نتج عنه انخفاض إنتاجية القطاعات الإنتاجية. ثم جاءت أزمة الرهن العقاري لتزيد من حدة الانكماش الاقتصادي التي نتج منها تلك الأزمات المالية الحالية.
بدائل للمعاملات
وعن أهمية الالتزام بمنهج الإسلام في أنظمة المال والاقتصاد قال الدكتور الجمعة: من خصائص الاقتصاد الإسلامي تحريم الربا وتحريم بيع ما لا يملكه الفرد تفادياً للمخاطر والمقامرات كما هو حاصل في بيع الهامش وعقود التحوط ومعاملات الأوراق المالية التي لا يتم فيها امتلاك أصول عينية. فلا شك أن الالتزم بمنهج الإسلام ومبادئه ملزم لكافة المسلمين لأن دينهم هو الإسلام، والاقتصاد الإسلامي ما زال أمامه طريق طويل من حيث تطبيقه بشكله الذي ينبغي أن يكون في ظل تغير الأدوات المالية والاقتصادية في عالم متغير وسريع التفاعل مع المتغيرات الاقتصادية والتقنية. فما زال سعر الفائدة العنصر الأساسي لتقييم فرصة الوقت والمال ومرجع مقارنة لقياس مدى حيوية العائدات على الاستثمارات، فبدون سعر الفائدة لا يستطيع شخص ما أن يتكهن مستقبلياً كم سوف تكون القيمة الحقيقية لما يملكه من نقود الآن بعد عام أو أكثر. هكذا نرى ظهور تلك الأدوات المالية الحديثة في أسواق الأوراق المالية من العقود المستقبلية ومشتقاتها التي بلغت أحجام تداولاها تريليونات الدولارت وعلى الاقتصاد الإسلامي أن يجد البدائل لتلك المعاملات بما يفهمه الاقتصاديون الرأسماليون حتى يكون هناك تقدم في مجال الأوراق المالية الإسلامية.
الانكماش الاقتصادي
وعن أثر الربا في انهيار الاقتصاديات العالمية ووجود طبقتين لا ثالث لهما أغنياء وفقراء قال د. جمعة: الربا أحد الأسباب التي قادت إلى الانهيار وهناك سبب رئيسي هو عدم التشديد على البنوك والمؤسسات المالية ومراقبتها طبقاً لاتفاقية بازل 1 و2 بأن تحتفظ البنوك بملاءة مالية تبعدها عن شبح الإفلاس وأن تكون القروض التي تنوي تقديمها يتم على حساب المخاطرة وقدرة المقترض على التسديد، لكن بداية الانهيار مرتبطة بالانكماش الاقتصادي الأمريكي الذي تسبب في تباطؤ الاقتصاديات الأخرى وخلق مشاكل مالية جديدة. فلو كان الربا عاملاً أساسياً في هذه الأزمة لانهار الاقتصاد الرأسمالي من عقود سابقة وليس الآن لكنه أحد الأسباب، وأصبحت الاقتصاديات الإسلامية هي المتفوقة في جميع المجالات الاقتصادية والمالية. إن تقيم حجم أي اقتصاد في العالم ومنها اقتصاديات الدول المتقدمة يقاس بحجم ما تنتجه من سلع وخدمات ونحن نعرف أن تلك الأوراق المالية لا تضيف الكثير إلى إجمالي الناتج المحلي لتلك الدول. أما اتساع الفجوة بين طبقة الأغنياء والفقراء وتقلص حجم الطبقة الوسطى فإن هذا حاصل بشكل أكبر في الدول الإسلامية أكثر من غيره فعلى سبيل المثال ما زالت الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة الأمريكية تمثل أكثر من 06% رغم تقلصها.
ليست النهاية
وحول دعوة بعض الاقتصاديين الغربيين إلى تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي قال الدكتور الجمعة: عندما يتعرض الاقتصاد العالمي لأزمات اقتصادية يعتقد البعض أنها نهاية الرأسمالية ونحن نعرف أن هذا غير صحيح فلم تزل الرأسمالية في أمريكا عندما تعرض اقتصادها للكساد الشهير في عام 1929م واستمر حتى عام 1963م ولم تزل مع تعرض الاقتصاديات الغربية للحرب العالمية الأولى والثانية بل العكس ما زالت هي المسيطرة على اقتصاديات العالم. لكن عندما ينتقد بعض الكتاب والاقتصاديين الغربيين وهم قلة اخلاقيات الرأسمالية أو سعر الفائدة لا يعني أن هذه دعوة لتطبيق النظم الإسلامية وإنما هي سياسات نقدية بدأت مع الاقتصاديين التقليديين والمعاصرين ففي حالة الانكماش الاقتصادي يتم تخفيض سعر الفائدة والعكس في حالة التضخم فقد يكون سعر الفائدة 1.5% كما في أمريكا حاليا وقد يكون 3.75% في الاتحاد الأوروبي وبعض المحللين تجاوب مع ما نشرته مجلة (تشالينجز) أو صحيفة (لوجورنال دفينانس) أو ما ذكره الاقتصادي العالمي (موريس آلي): إن معظم الاقتصاديين المعروفين يصدقون فقط في النظريات الاقتصادية وما تثبته البحوث العلمية من أنه صالح لحل المشاكل الاقتصادية وتعظيم الإنتاجية والدخل وتقليص إجمالي التكاليف في ظل ندرة الموراد المتاحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق