الاثنين 9 ربيع الأول 1434 هـ - 21 يناير 2013م - العدد 16282
المقال
تنعقد الآن القمة العربية الاقتصادية في وقت تعاني معظم الدول
العربية من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي وتباين كبير في التجارة
البينية التي لا تتجاوز 70 مليار دولار سنويا. ويذكرني ذلك بتقرير الأمم
المتحدة في 2005، الذي وصف بعض الاقتصاديات العربية بأنها هشة أو عاجزة
وكأنه بمثابة إنذار لتلك الدول لإعادة حساباتها والاخذ في الحسبان عامل
الزمن الذي لم يوازه إلا القليل من الإنجازات الاقتصادية.
إن الوضع العربي الحالي يفتقر الى المعلومات الدقيقة والشفافة لمواجهة
المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحاليه لتحويلها الى تغيرات
مثمرة. وهذا ما تعنيه كلمة هشة بعدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي المستدام
واحتمالية تدهوره في ظل الظروف السائدة وهذا فعلا ما حدث في السنوات
الاخيرة، أما كلمة عاجزة لأنها دول ليس لديها الارادة الكافية للقضاء على
الفساد الاداري واستغلال مواردها وقدراتها لرفع مستوى الانتاجية
الاقتصادية. لان الهشاشة الاقتصادية تجعل الدول العربية تعيش على شفا حفرة
من التدهور الاقتصادي في أي لحظة ما، لأنها لا تصنع السلع الرأسمالية
والاستهلاكية بقصد التصدير وتكوين قاعدة صناعية متنوعة تعزز من نموها
الاقتصادي وتنقذها من الهزات المفاجئة التي تضر بالاقتصاد ودخل الفرد
ومعيشته. فلو جردنا الدول الغنية من نفطها الآن فلن يبقى لديها ما يسد لقمة
عيشها الاقتصادية مع تجاهلها ان تلك السلعة غير متجددة وناضبة وقد تفقد
قيمتها الاقتصادية قبل ان تبلغ العمر الافتراضي لحقولها في ظل المحاولات
والاكتشافات الجادة التي تقوم بها الدول المتقدمة من اجل إيجاد بدائل طاقة
أخرى بعيدة عن استعمال النفط.
لذا على الدول العربية ان تستغل ميزها النسبية عند أقصى قدر من المنافع
الاقتصادية على غرار الاتحاد الأوروبي بدلا من المغامرات الاقتصادية
الانفرادية وعقد الاتفاقات الثنائية التي تتعارض مع مصلحة المنطقة بأسرها.
لقد تجاهلت تلك الدول العربية تقدم العالم من حولها وتخلفت في اللحاق بهذا
الركب الذي استغل قدراته المالية والعلمية في إقامة قواعد واسعة من
الصناعات التي غزت الأسواق العالمية من كل صوب مدعومة بتأليف الاتحاديات
ومهدت له منظمة التجارة العالمية الطريق إلى جميع أقطار العالم من خلال
شركاتها المتعددة الجنسيات فنراها مره تضخ رأس المال الكثيف مستعملة
التكنولوجيات المتطورة في بلد ما ليتسنى لها اغتنام كل فرصة تراها ومرة
أخرى نراها تستغل العمالة الرخيصة في البلد الاخر لتحقق أهدافها
اللاإنسانية وتستهلك الموارد الطبيعية والبشرية بشكل شرس في تلك البلدان
ومنها العربية.
فعلى الدول العربية أن تشعر بالأخطار المحدقة باقتصادياتها بوضع خطط
اقتصادية استراتيجية يمكن تنفيذها بكل فعالية وفي أسرع فرصة ممكنة لتنويع
مصادر الدخل واقتناص الفرص الاستثمارية وجذب رؤوس الأموال واستغلال الموارد
المتاحة والمعطلة بجميع أنواعها واستخدام رأس المال المكثف في الصناعات
ذات الكثافة المالية التي تستخدم التكنولوجيا عند مستوى مرتفع من الانتاجية
وتستخدم الكثافة العمالية في الصناعات التي تتطلب كثافة عمالية في حلقات
إنتاجها المترابطة. وهذا يستلزم استغلال الميز النسبية في كل بلد عربي في
تبادل مستمر فمرة يستبدل رأس المال مقابل العمالة المكثفة ومرة تستبدل
العمالة مقابل ضعف رأس المال المتوفر في بلد عربي آخر.
إن المؤشرات الاقتصادية مهيبة ويرتعد منها الوضع الاقتصادي فهناك بطالة
متفشية ولا يلوح في الأفق البعيد بصيص من الأمل، إلا إذا غيرت تلك الدول
سياساتها الاقتصادية القائمة وأزالت العوائق المتعددة التي تقف في طريق
التجارة وتدفق رؤوس الأموال العربية والاجنبية، فكلما استتب الاستقرار كلما
نشطت الاستثمارات وتحسنت الاقتصاديات. لقد انتهي دور الخطابات والاستشارات
وتضخيم معدلات النمو الاقتصادية وإعطاء رؤساء تلك الدول ومواطنيهم انطباعا
بأنهم يعيشون في رخاء ومستقبل افضل ولكن الحقائق تكشف غير ذلك فلا يمكن ان
يكون هذا الادعاء صحيحا ومعدل البطالة في تصاعد والمنشأة الصغيرة
والمتوسطة لا تشارك بفعالية والموارد يساء استغلالها وتوزيع الدخل غير
متجانس ونسبة كبيرة من أفراد تلك الدول يعيشون تحت خط الفقر الذي هو أصلا
متدنٍ ولا يسد رمق هؤلاء الفقراء من جوعهم.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/2013/01/21/article803392.html
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق