4/29/2013

أسعار النفط ومنطقة قولدي لاوكز

 
الاثنين 19 جمادى الاخرة 1434 هـ - 29 ابريل 2013م - العدد 16380

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
    يجادل البعض بأن الذي يحدد مستقبل النفط نضوبه من عدمه، متجاهلين أهم العوامل المحدده له ألا وهي الأسعار العالميه بناءً على إجمالي تكاليفه. لقد أعجبني ما كتبه غيل تفيربيرج (Gail Tverberg) في 23 أبريل 2013 عن ذروة النفط، بأن القضية ليست جيولوجية فقط بل إنها اقتصاديه أيضاً. يقول سمعنا كثيراً بأن معروض النفط يرتفع وينخفض لأسباب جيولوجية ولكن ماذا لو كانت الأسباب اقتصادية؟ هنا لم يعد يهمنا كم من النفط في باطن الأرض، لأن الأهم تحسن الظروف الاقتصادية والاستمرارية في رفع مستوى استخراجه. فإذا ما كانت الأسعار مرتفعة جداً تكون مشكلة للبلدان المستهلكة وإذا ما كانت منخفضة جداً تكون مشكلة للبلدان المصدرة، فنتيجة لذلك ابقاء الأسعار معتدلة في منطقة قولدي لاوكز (Goldilocks) بين السعرين.
إن بقاء أسعار النفط معتدلة بما يخدم المنتج والمستهلك يعطي المنتجين فرصة على الأقل الاستمرار في استخراج بعض الكمية من النفط سنوياً ما دام استخراجها اقتصادياً. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في ارتداد السعر بشكل حاد من مستوى مرتفع كما حدث في يوليه 2008، عندما وصل السعر إلى 145 دولاراً ثم هبط إلى 36.5 في يناير 2009، حيث إن ذلك يؤثر سلبياً على فرص الاستثمار في عمليات استخراج النفط وبالتالي ينخفض إنتاجه ويهدد استقرار الاقتصاد العالمي.
فمبدأ قولدي لاوكز يعكس إلى حد بعيد سياسة المملكه النفطية التي دائما نصفها بالمتوازنة أو الداعمة لاستقرار أسواق النفط العالميه عند أسعار معتدلة، حيث ينص هذا المبدأ على أن شيئا يجب أن يهبط ضمن هوامش معينة، بدلاً من أن يهبط إلى النهاية. إنه مبدأ (طريف جداً) فهو مشتق من قصة للأطفال بعنوان 'الثلاثة دببة" عندما وجدت فتاة صغيرة تدعى (قولدي لاوكز) منزلاً فيه ثلاثة دببة، وكل دب له تفضيلاته في (الغذاء والسرير والكرسي)، وبعد اختبارها لكل صنف من الأصناف الثلاثة، حددت قولدي لاوكز أن واحداً منهم دائماً أكثر حدة (حار جداً، كبير جداً) والآخر بالاتجاه المعاكس (بارد جداً، صغير جداً)، وواحد فقط معتدل. اقتصاديا قولدي لاوكز يتحقق عندما يكون النمو الاقتصادي معتدلاً عند معدل تضخم متدني، يسمح بتطبيق سياسة نقدية غير متشددة. أما سوق قولدي لاوكز فيتشكل عندما يكون سعر أي سلعة (النفط) بين سوق هابط وسوق صاعد.
لا شك أن ارتفاع أسعار النفط يحفز الاستثمار في استخراجه من مواقع أكثر صعوبة ومن موارد غير تقليدية مثل الزيت الصخري، بعد أن أصبحت الأسعار تغطي التكاليف المباشرة وغير المباشرة. لذا ارتفاع الأسعار يدعم مشاريع التنمية في البلدان المصدرة للنفط مثل دول الخليج حتى ولو لم ترتفع صادراتها لتوفير الأموال اللأزمة للاستثمار في حقول نفط جديدة، لتعويض ما تم استنزافه من الحقول القديمة. وعلى النقيض ارتفاع الأسعار الحاد يؤدي إلى ركود في البلدان المستوردة، نظراً لارتفاع تكاليف السلع والخدمات المنتجة، دون أن يقابله ارتفاع في مرتبات العمال. كما أن البلدان التي تستخدم كميات كبيرة من النفط تصبح قدرتها على المنافسة أقل من البلدان التي تستخدم كمية أقل.
وهذا ما أكده وزير النفط النعيمي في هونج كونج (19 مارس 2013)، عندما قال إن مخزون العالم من النفط لم ينضب منذ بدء استخراجه، ومازال يتزايد خلال تلك الفترة، رغم استهلاك مليارات البراميل منه، ولا يرى ما يحول دون استمرار نموه. وذكر أن مصطلح نقطة تعادل سعر البترول للمملكة تم إساءة فهمه أو تشويهه عمداً والذي يحدده الاقتصاد العالمي أكثر من أي حكومة بعينها، فلو تراجع سعر النفط إلى 40 دولاراً، لكان له أثر سلبي على المملكة والاقتصاد العالمي على السواء، وعلى الاستثمار في المصادر غير التقليدية للطاقة، وتقنيات الطاقة المتجددة.
فإن أسعار ما بين 80 و100 دولار تقع في منطقه قولدي لاوكز.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...