9/10/2013

النفط بين تأثير الجيوسياسة والاقتصاد

الثلاثاء 4 ذي القعدة 1434 هـ - 10 سبتمبر 2013م - العدد 16514

المقال

د. فهد محمد بن جمعة
    تؤثر العوامل الجيوسياسية والحروب على أسعار النفط عندما تحدث في أو قرب مناطق انتاج أو استهلاك النفط أو تعرض ممرات وخطوط الامدادات العالميه لأي خطر. وهذا التأثير يحدده حجم الحدث والأضرار وارتفاع معدل المخاطرة وطول الفترة. ولأهمية تأثير تلك العوامل على اسعار النفط، سوف استعرض أهمها منذ 1973 وحتى الآن لتحديد أثرها على أسعار غرب تكساس بناء على بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الشهرية للمقارنة والتنبؤ بما سيحدث في حالة توجيه ضربة إلى سورية. وعادة تؤدي العوامل الجيوسياسية إلى قفزات مفاجئة في أسعار النفط ولا يدوم تأثيرها طويلاً. أما العوامل الاقتصادية فمرتبطة بعوامل السوق "العرض والطلب" وما يتعرض له الاقتصاد العالمي من نمو أو أزمات اقتصادية، يكون تأثيرها حادا ايجابيا او سلبيا على الأسعار.
فقد نتج من مقاطعة النفط (الهزة الأولى) في اكتوبر 1973 قفزة كبيرة في الأسعار من 4.31 دولارات الى 10.11 دولارات في مارس 1974 أي بنسبة 134.5%. ثم جاءت (الهزة الثانية) في ابريل 1979 (الثورة الايرانية) لترفع الأسعار من 15.85 دولارا إلى 39.50 دولارا في يوليو 1980 (الحرب العراقية الايرانية) أي بنسبة 149.2% دولار. وما كادت أن تستقر الأسعار حتى حدث غزو العراق للكويت في يوليو 1990، لترتفع الأسعار من 18.45 الى 32.33 دولارا في نوفمبر 1990 أي بنسبة 73.4%. لكن العالم مازال ينتظر الحرب على العراق التي بدأت في 19 مارس 2003، متزامنة مع عودة انتاج فنزويلا وانخفاض المخزونات الأمريكيه وبلدان أخرى، رغم ذلك بقيت الأسعار في نطاق 30 دولارا. أما في أواخر فبراير 2011، حدثت الثورة الليبية ارتفعت الأسعار من 85.58 الى 109.5
دولارات في ابريل 2011 أي بنسبة 24%، بعد أن فقدت صادرتها. ولم يكن لفرض الحظر الأمريكي على نفط ايران في نهاية 2011، أثر كبير على الأسعار والذي عقبه الحظر الأوربي في يوليو 2012.
أما الأحداث الاقتصادية فقد تسببت في تراجع الأسعار من 30.81 دولارا في نوفمبر 1985 الى 11.59 دولارا في يوليو 1986 أي بنسبه 62.4% مع ارتفاع الفائض في معروض الأوبك وتدني الطلب العالمي. وبعد فتره طويلة حدثت الأزمة المالية الآسيوية في يناير 1997 لتهبط بالأسعار من 25.17 الى 11.28 دولارا في ديسمبر 1998 أي بنسبة 55.1%، لكن ما لبث وعاد الطلب الآسيوي على النفط في يناير 1999 لتعوض الأسعار خسارتها من 12.52 الى 33.88 دولارا في سبتمبر 2000 أي بنسبة 171%. وفي خضم تفجيرات سبتمبر 11 ارتفع المعروض العالمي مع دخول الاقتصاد الأمريكي فترة ركود دفعت بالأسعار إلى تراجع من 27.37 دولارا في اغسطس 2001 الى 19.39 دولارا في ديسمبر 2001 أي بنسبة 29%. لكن ارتفاع الطلب وضعف صرف العملات وارتفاع حدة المضاربة في ديسمبر 2003، قفزت بالأسعار من 32.13 دولارا إلى 133.33 دولارا في يونيو 2008 أي بنسبة 314% مع بداية الأزمة المالية العالمية، وفي 3 يوليو من نفس العام وصلت الأسعار إلى أعلى مستوى لها 145.3 دولارا، لكن تأثير الأزمة كان الأقوى لتحطم الأسعار نزولاً من 133.37 دولارا في يوليو 2008 الى 39.1 دولارا في فبراير 2009 أي بنسبة 70.7%.
وها نحن نراقب حدث سورية مع احتمالية توجيه ضربة لها، بعد ارتفاع الأسعار في نهاية أغسطس، وتراجعها مع طلب الرئيس الأمركي تفويضاً من الكونجرس، ولكنها عادت ليتجاوز سعر تكساس 110 دولارات وبرنت 116 دولارا، وإذا ما تم تنفيذ الضربة هذا الأسبوع، فمن المتوقع أن ترتفع الأسعار بأكثر من 25% عن الأسعار الحالية.
نستنتج من ذلك أن العوامل الجيوسياسية دائماً ترفع الأسعار وبأكثر حدة من العوامل الاقتصادية التي قد تخفضها أيضاً. هنا يبرز دائما دور السعودية المنتج الموثوق فيه لتلبية حاجات الأسواق العالمية من النفط لتمتعها بطاقة انتاجية مرنة.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...