2/14/2014

المتقاعدون وتعليق آمالهم على المؤسسة العامة للتقاعد

 
الجمعة 14 ربيع الآخر 1435 - 14 فبراير 2014م - العدد 16671


سعد عائض الشلوي
    عندما قرأت ما نشر في صحيفة «الرياض» بعدديها (16645-16639) حول تعقيب المؤسسة العامة للتقاعد على مقال الدكتور فهد محمد بن جمعة، بشأن أوضاع المتقاعدين ومسؤولية هذه المؤسسة في ما يعلق عليها من آمال كبيرة حيال هذه الشريحة من المجتمع، وبحكم عملي السابق في إحدى الجهات المعنية بشؤون المتقاعدين ومعرفتي التامة بأحوال كثير من المتقاعدين وما تعانيه شريحة منهم من ضيق العيش وصعوبة الحياة بعد التقاعد وسبق ان كتبت عن المتقاعدين منذ أربعة أعوام في هذه الجريدة الموقرة بعددها (15186) تحت عنوان (المتقاعدون يا لجنة الشورى) الأمر الذي جعلني أتناول هذا الموضوع بشيء من التعليق والايضاح لبعض الجوانب التي قد تخفى على الكثير على أمل ايصال رسالة لكل من يهمه أمر المتقاعدين وفي مقدمتهم القائمون على المؤسسة العامة للتقاعد والذين حملتهم الدولة مسؤولية عظيمة حيال حقوق المتقاعدين وجميع منسوبي القطاع الحكومي الذين سيكون مصيرهم لهذه المؤسسة، فنحن لا ننكر جهود القائمين على هذه المؤسسة وبقدر ما يقدمونه من عطا نقدم لهم الشكر والتقدير إلاّ أننا نتوقف معهم أمام حقائق نستطيع من خلالها القول بأن أوضاع المتقاعدين وما يقدم لهم من خدمات وما يلقونه من اهتمام بعد التقاعد لا يرتقي بهذه المؤسسة إلى المستوى المأمول منها فالدكتور فهد بن جمعة قدم في مقاله بعض المقترحات المبنية على احصائيات وأسس علمية قد تستفيد منها هذه المؤسسة في اعداد برامجها وخططها المستقبلية إذاً هي أرادت ان تعمل شيئا في صالح المتقاعدين الا ان التعقيب الذي جاء من المؤسسة على لسان متحدثها الرسمي الأستاذ فهد بن عبدالله الصالح جاء مبيناً امتعاضه مما تضمنه مقال الدكتور وأبدى عدم رضاه في نشر الجريدة لهذا المقال محاولاً ابراز ما تقدمه المؤسسة للمتقاعدين من بعض الخدمات المحدودة التي في واقعها الحقيقي لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث ذهب المتحدث الكريم إلى ان المؤسسة تقوم بإصدار مجلة التقاعد كل ثلاثة شهور وتوزعها مجاناً، فهذه المجلة مع محدودية الاستفادة منها لا يعلم عنها غالبية المتقاعدين! كما ذكر ان المؤسسة تمنح المتقاعد بطاقة تعريفية تساهم على حد قوله في تذليل العقبات التي قد تواجه المتقاعد مع العلم بأن هذه البطاقة تعتبر من الوثائق المنسية في محفظة المتقاعد لعدم الاستفادة منها خلافاً للبطاقات التي تعطي حامليها حق الاكتساب والتخفيض لدى مختلف وسائل النقل والمستشفيات والمراكز التجارية والفنادق والنوادي والمراكز الترفيهية وغيرها.. أما ما قاله المتحدث الكريم عن برنامج الاستفادة من خبرات المتقاعدين والبرنامج الاستثماري (مساكن) فإن هذه البرامج ان وجدت فإنها محدودة للغاية ولا يعلم عنها الكثير من المتقاعدين، فالمنفعة إذاً لم تكن شاملة لمحتاجيها بصفة عادلة فإنها تصبح مجانبة للصواب، أما ما ذهب إليه المتحدث الكريم بأن المؤسسة تقوم بتزويد الضمان الاجتماعي ببيانات المتقاعدين المتدنية معاشاتهم فإن ذلك مما يؤكد ان شريحة من المتقاعدين منسوبي هذه المؤسسة يعيشون تحت خط الفقر ولم تستطع هذه المؤسسة ان تعمل شيئا لتحسين أوضاعهم وأصبحت ترمي بمسؤولياتهم على الجهة المعنية بأوضاع الفقراء والعجزة!
وبما ان الأستاذ الكريم فهد الصالح ذكر ان الزيادات لمعاشات المتقاعدين تصل نسبتها السنوية (4.6٪) للأعوام الماضية وهذا مما يضع حول هذه النسبة العديد من علامات الاستفهام، فما هي اعداد السنوات الماضية التي ذكرها المتحدث الكريم من أجل تعرف صحة هذه النسبة؟ وما هي المعايير لهذه النسبة مع ما يقابلها من تضاعف القيم لجميع متطلبات الحياة؟ ثم أين هذه الزيادة من تحسين أوضاع هؤلاء الفقراء من المتقاعدين؟ ومن المستفيد من الزيادات المقيدة بنسب ثابتة هل هم أصحاب المعاشات المتدنية أم ان المستفيد هم أصحاب المعاشات العالية؟ فالعبرة تكمن في وجود الحالة التي تشكل المشكلة على أرض الواقع وليس العبرة في ما تم اتخاذه من إجراءات لم تعالج هذه المشكلة، فأين دور المؤسسة العامة للتقاعد ومسؤولياتها من هذه الحالات؟ ولا يخفى بأن المتقاعدين وجميع موظفي الدولة شركاء لهذه المؤسسة في رأس مالها فهي تستقطع مبالغ من أموالهم لعشرات السنين غير الدعم المتواصل لها من الدولة مما يتيح لها فرصة الاستثمار بعيد المدى الذي يحقق لها أرباحا باهظة إذا هي أحسنت التدبير في هذه الأموال، ومن حق المواطن ان يشارك بالرأي والنقد البناء وان يقدم من الابتكارات والمقترحات ما يساهم في تطوير هذه المؤسسة بما يجعلها تقدم لمنسوبيها أفضل الخدمات وليس من حق أي كائن كان ان يحاول اسكات من يقدم شيئا من هذه المقترحات!
والمأمول من القائمين على هذه المؤسسة ان يستفيدوا من أنظمة التقاعد في الدول التي سبقتنا في سن الأنظمة والتي تعطي المتقاعد جل اهتماماتها ابتداء من تاريخ دخوله العمل وحتى نهاية حياته بعد التقاعد، ومن أبرز تلك الاهتمامات اعداد برنامج المسكن الملائم للمتقاعد والذي هو من أبرز المشاكل التي تواجه المتقاعدين لدينا حالياً مع الحرص على توازن الدخل مع الوضع المعيشي بالإضافة إلى العديد من المزايا التي لم توضع لهدف خدمة المتقاعد فقط بل تعتبر من أهم المحفزات التي تدفع الموظف إلى المثابرة والاخلاص في العمل والولاء للوطن، مع العلم ان مثل هذه المزايا والبرامج تعتمد في تمويلها على تنمية واستثمار الموارد الأساسية لمثل هذه المؤسسة ولا تحمل خزينة الدولة زيادة في الانفاق بل أثبتت الدراسات ان التدهور في الحياة المعيشية للمواطنين يحمل الدولة أعباء اقتصادية ثقيلة من أهمها التكاليف الصحية والأمنية مع تأثيرها في البلد على النواحي السياسية، فما أحوجنا إلى التنبه لمثل هذه الاعتبارات وان تكون بداياتنا من حيث وصلت الدول التي سبقتنا في سن الأنظمة المثالية وهذا الأمر ليس مستحيل المنال وإنما يحتاج منا الخروج من دائرة الجمود إلى نهج التطوير والمبادرات والعمل على تحقيق المنافع لمستحقيها، فنحن ولله الحمد نعيش في بلد ينعم بخيرات وافرة وولاة الأمر في هذه البلاد يحفظهم الله لم يقف أحد منهم يوماً ضد أي قرار أو مقترح من شأنه مصلحة المواطن بل يؤكدون دائماً على كل ما من شأنه تحقيق كرامة العيش للمواطن ورفاهيته، وهذا مما يؤكد ان ما يحدث بحق المواطن من قصور هو من مسؤولية القائمين بالعمل المباشر على مثل هذه المؤسسات والذين لو اطلعوا على واقع أحوال هؤلاء المحتاجين ونظروا إلى مصلحة المواطن باعتبارها جزءا لا يتجزأ من مصلحة الوطن لما استكثروا ما يقدمونه للمواطن من خدمات متواضعة ولما كان هناك مواطنون يمضون جل حياتهم في خدمة الوطن ثم ينتهي بهم المطاف في ضيق من العيش في هذا البلد المعطاء، فنحن بأمس الحاجة إلى تطوير الأنظمة التي تخدم المواطن وتطوير هذه الأنظمة لا ينطلق مباشرة من قمة هرم التنظيم وإنما يبدأ من تلك المؤسسات التي تقوم بالعمل المباشر في خدمة المجتمع.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...