11/25/2014

الأمير سلمان.. الاقتصاد والسلم العالمي

الثلاثاء 3 صفر 1436 هـ - 25 نوفمبر 2014م - العدد 16955

المقال

 

د. فهد محمد بن جمعة
إن ربط الامير سلمان بن عبدالعزيز-حفظه الله- نمو الاقتصاد العالمي بالاستقرار والسلم العالمي في قمة العشرين (G20) يدل على حنكته السياسية وإدراكه بان الاستقرار السياسي من أهم عوامل البيئة الخارجية التي تؤثر على بيئة الاعمال سواء المحلية او الخارجية وبذلك على مستوى النمو الاقتصادي لكل بلد والعالم بأكمله. وهذا ما يدعمه الادب الاقتصادي بأن التباين في موازين التجارة وتدفق الاستثمارات من بلد الى بل يحدده متانة الاستقرار السياسي في تلك البلدان، فكلما زاد هذا الاستقرار كلما زادت الحركة التجارية والتدفقات الاستثمارية المباشرة. فلم تعد بلدان العالم بمعزل عن بعضها بل اصبحت مترابطة من خلال المنظمات العالمية واقتصادياتها، فصادرات بلد ما يقابلها واردات من بلد آخر وهكذا.
كما ان ارتفاع صرف العملات الرئيسة يؤثر على العملات المقابله كما يحدث هذه الايام مع ارتفاع صرف الدولار مقابل العملات الاخرى. فضلا عن ان تقلبات اسعار السلع الناضبة مثل النفط الذي يؤثر أيضا على انتاجية البلدان المستهلكه والمنتجين في البلدان النامية التي تعتمد ايراداتها عليه بشكل أساسي، مما يؤدي الى تقلبات في الطلب العالمي وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي المرتبط بمعدل من المخاطرة يهدد استقرار الاقتصاد العالمي. فلو تأثر انتاج النفط بالأحداث السياسية الجارية في المنطقه لشاهدنا أسعار النفط تتجاوز 120 دولاراً للبرميل لتنعكس تداعياتها على تسارع الركود الاقتصادي الذي تشهده معظم بلدان العالم.
وأوضحت دراسة بحثيه تم تطبيقها على 169 بلداً خلال الفترة من عام 1960م حتى عام 2004م، بان درجات عالية من عدم الاستقرار السياسي ترتبط بمعدلات نمو متدنية لنصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي لتلك البلدان. لذا يصبح عدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط والأزمة في أوكرانيا من العوامل الخطيرة التي تدفع الى المزيد من عدم الاستقرار وعدم اليقين. فانه من المتوقع أن يكون لها تأثير عميق على التدفقات المالية، والأنشطة الاقتصادية، وآفاق النمو في المناطق ذات الصلة والعالم بأسره.
فقد زاد تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى منطقة الشرق الأوسط إلى حد كبير على مدى العقدين الماضيين من 0.6% في عام 1990م إلى %12 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2000م في قطاعات البناء، والاتصالات السلكية واللاسلكية والتعدين وقطاعات الخدمات التكنولوجية. وحصلت السعوديه على نصيب الأسد من تلك التدفقات بنسبة 44% كما أوضح تقرير صندوق النقد الدولي. ولكن مع بداية الاضطرابات السياسيه العربية وتصاعد الاحتجاجات الاجتماعية التي تتهدد الاستقرار السياسي في المنطقة، تقلص حجم تدفقات الاستثمار الأجنبية المباشرة إلى منطقة الشرق الأوسط بنسبة %13، مما كان له أثر مباشر على التنمية الاقتصادية في المنطقة.
ان الاضطرابات الجغرافية السياسية لها تأثر مباشر على النمو الاقتصادي العالمي، حيث خفض صندوق النقد الدولي معدل النمو الاقتصادي العالمي لعام 2014 بنسبة 0.1% إلى 3.3%. وكذلك قلص توقعاته للنمو في عام 2015 بنسبة 0.2% إلى 3.4%. ففي اعقاب الازمة المالية في عام 2008م انخفض نمو الاقتصاد العالمي من 3.1% الى كساد (-0.7%) في 2009م ولكنه خرج منها سريعا لينمو عند أعلى قمة له بمعدل 4.9% في 2010م والذي بدأ يتراجع بشكل مطرد حتى وصل الى ما وصلنا اليه حتى الآن، تزامنا مع الاحداث السياسيه الجغرافيه المزمنة.
هكذا ادت الاختلالات السياسيه الى قلق في الاسواق الاقتصادية وتسببت في تراجع نمو الطلب العالمي على النفط وكذلك تراجع امدادات بعض الدول المنتجة، مثل ليبيا وغيرها من البلدان العربية على مدى السنوات الاربع الماضية، رغم ارتفاع اسعار النفط الى 110 دولارات ولكنها تشهد تراجعا حادا هذه الايام لتسجل أدنى مستوى لها منذ اربعة أعوام.
نعم، قالها الأمير سلمان "لا نمو اقتصادياً بدون استقرار سياسي عالمي".


ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...