6/09/2015

إنشاء صندوق استئماني لتنويع الاقتصاد

 
الثلاثاء 22 شعبان 1436 هـ - 9 يونيو 2015م - العدد 17151

المقال


د. فهد محمد بن جمعة
    اقترح الدكتور خالد السويلم من معهد كينيدي في بحثه "إطار مالي مستقر وفعال للمملكة العربية السعودية: دور الصناديق السيادية في فصل الإنفاق من عائدات النفط، وإيجاد مصدر دائم لدخل" في ابريل 2015م، إنشاء صندوقين سياديين أحدهما للاستقرار المالي (Income stabilization fund) والأخر للادخار (Savings fund) مستقلة تهدف إلى تأسيس دخل دائم للدولة منفصل عن إيرادات النفط ويدعم سياستها المالية من خلال اتباع سياسة "معاكسة للدورات الاقتصادية" التي تتعرض لها أسعار النفط بعض الأحيان وبنسب حادة؛ فلا شك أن هذا البحث موضوعي ويشكر عليه وقد يستفاد منه باحتساب العوامل الأخرى التي تؤثر على السياسة المالية للمملكة.
إلا أني أختلف مع الباحث من حيث الاستقرار المالي الذي أساسا ينبع من تنوع مصادر دخل الدولة وليس الاعتماد على دخل النفط المتقلب بشبه كامل، لذا نحتاج إلى مصدر غير نفطي وذلك بإنشاء "صندوق استئماني لتنويع الاقتصاد" بمساهمة أصحاب الشركات لدعم استقرار السياسة المالية وفي نفس الوقت تنويع الاقتصاد في ظل تقلبات الأسعار وزيادة مصروفات الحكومة على بناء واستكمال البنية التحتية من نقل وصحة وتعليم ومراكز تدريب تتلاءم مع حاجة سوق العمل والنمو السكاني السعودي الذي تجاوز 2% في 2014 وسيستمر عند هذا المعدل لعقود قادمة. لقد حان الوقت أن ننظر بعمق إلى الإيرادات الحكومية الغير نفطية التي لم تتجاوز حتى الآن 12% من إجمالي إيراداتها، حيث يأتي 88% من إيرادات النفط والمتوقع لها أن تنخفض بنسبة 40% هذا العام مع انحدار أسعار النفط الحاد نتيجة زيادة المعروض وضعف الطلب في الأسواق العالمية مع ارتفاع صرف الدولار. لذا لا يمكن أن تعتمد الحكومة على هذا المصدر من الإيرادات في ظل تلك التنمية الواسعة وتقديم الخدمات الهائلة مجانيا للقطاع الخاص دون حصولها على إيرادات إضافية وأساسية مقابل ذلك لدعم استقرار السياسة المالية وتشجيع القطاعات الاقتصادية المستفيدة من خدماتها على رفع كفاءتها وزيادة أنشطتها.
فقد بلغت مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي 1.14 تريليون في 2014م وبنمو حقيقي 5.6% سنويا، مما يشير إلى استمرار نمو القيمة الإنتاجية لشركات القطاع الخاص سنويا في اقتصاد حر وبيئة أعمال تولد استثمارات محلية وتجذب الاجنبية بتكلفة ضئيلة لا تعادل ما تتحمله الشركات المماثلة في الاتحاد الاوروبي أو أمريكا، حيث إن تكلفة القيمة المضافة لشركات خلال مراحل عمليات الإنتاج حتى المرحلة النهائية لا يفرض عليها أي رسوم حكومية، مما أدى الى ارتفاع صافي أرباح الشركات المحلية التي لا يخصم منها إلا ما يعادل (2.5%) لزكاة بدون ممارسة ضغوط عليها برفع كفاءتها وزيادة طاقتها الإنتاجية. فعلى تلك الشركات المبادرة للمساهمة في تمويل (صندوق تنويع الاقتصاد) بنسب تتناسب مع حجم ايراداتها ودعم استقرار الميزانية العامة بما يخدم الاقتصاد ويعود على استثماراتهم بالنمو المستدام وبمعدل مخاطرة متدني جدا، بعد ان يضعف ارتباط الإنفاق العام بتقلبات أسعار النفط التي ستصبح جزءا من الماضي ولن تؤثر على اتجاهات استثماراتهم أو نمو أرباحهم.
إن على أصحاب الشركات المبادرة باستقطاع جزء من أرباحهم السنوية بنسب قريبة من النسب العالمية لزيادة مشاركتهم في هذا الصندوق لبناء وطن واقتصاد قوي يتكيف مع المتغيرات التي تحدث في الأسواق العالمية، وبما يعود على الجميع بالمنفعة ويحد من مخاطر عدم اليقين، ويمكن الدولة بالاستمرار في سياستها الاستثمارية باستثمار الفائض من إجمالي الإيرادات النفطية وغير النفطية في استثمارات آمنة إلى أكثر مخاطرة (60/40) على المدى الطويل بما يتناغم مع الأهداف الاستراتيجية المستقبلية، ولنا عبرة في الصندوق النرويجي الذي يتم تمويله بشبه كامل من إيرادات النفط، بينما الميزانية العامة يتم تمويلها بشبه كامل من العوائد الضريبية ما بين 35% إلى 70%.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...