الثلاثاء 16 ربيع الأخر 1437 هـ - 26 يناير 2016م - العدد 17382
المقال
لم تعد الولايات الأميركية الشيطان الأكبر لإيران بل أصبح آدم سميث
عدوها وشيطانها الأكبر، حيث إن نظريته "اليد الخفية" خسرتها هذه الأيام
الكثير من العوائد النفطية وبددت أحلامها السابقة التي دامت عبر تاريخ
منظمة الأوبك، بإنتاجها عند أقصى طاقة لها وبيعها عند أعلى أسعار ممكنة في
أسواق النفط العالمية، مستفيدة من دور المنتج المرجح الذي مارسته السعودية
لخدمة مصالحها الاقتصادية والمحافظة على استقرار الأسواق من خلال امتلاكها
اكبر طاقة انتاجية في العالم، لكن ما لبثت ايران إلا ووقعت في واقعة اليد
الخفية فانهارت الاسعار في 27 نوفمبر 2014، بعد اتفاق الاوبك على تعظيم
حصصها السوقية وتفعيل اليد الخفية التي توازن العرض بالطلب في الاسواق
العالمية بما يخدم مصالح عملائها من نفط ومكثفات.
هكذا هددت اليد الخفية لآدم سميث الاقتصاد النفطي الإيراني، بتحريك
عوامل السوق اتجاه نقطة تقاطع العرض مع الطلب عند اسعار تنافسية تقود
الاقتصاد الايراني الى الهاوية، علما ان الصادرات الايرانية النفطية لم
تتوقف يوما واحدا، رغم ان الاعلام المحلي والعالمي يتحدث دائما عن مدى
التأثير السلبي لرفع الحظر الاميركي والأوربي المفروض على الصادرات النفطية
الايرانية منذ نهاية عام 2011 على الاسعار العالمية، متجاهلين اتجاه
صادرات النفط الايرانية نحو هاوية الخسارة المتراكمة، فلم تعد القضية حجم
الصادرات الايرانية ولكن حجم عائداتها في ظل انحدار الاسعار الى ما دون 30
دولارا للبرميل، فلو صدرت ايران ما يعادل صادرتها قبل الحظر فإنها لن تحصل
على ايرادات اكثر من عائدات 600 الف برميل يوميا في ذلك الوقت أي انها
ستخسر ما قيمة اكثر من 1.5 مليون برميل يوميا بالأسعار الحالية.
كما ان ايران تفتقر الى الاموال الاستثمارية في صيانة حقولها التي توقفت
منذ اكثر من اربع سنوات وفي فترة تعاني الاسواق العالمية من فائض في
المعروض يتجاوز مليوني برميل يوميا، بالإضافة الى ضعف النمو الاقتصادي
العالمي الذي حد من نمو الطلب على النفط مع ارتفاع الدولار وتدهور اليوان
الصيني.
فقد كان انتاج ايران قبل الحظر 3.8 ملايين برميل يوميا وتصدر 2.2 مليون
برميل يوميا، معظمها يتوجه الى آسيا على النحو التالي: الصين (550 ألفا)،
الهند (320 ألفا)، اليابان (315 ألفا)، وكوريا الجنوبية (250 ألف) برميل
يوميا، بينما يتوجه الى الاتحاد الاوربي 600 ألف برميل يوميا، والتي
يتنافس عليها بعض اعضاء الاوبك لسد هذا النقص في الامدادات الايرانية،
وبهذا انخفضت الحصة السوقية الايرانية في تلك الاسواق ولكنها مازالت تصدر
(1.1) مليون برميل يوميا في 2014 أي ان الصادرات الايرانية لم تتوقف ابدا
ولكنها تقلصت بنسبة 50%.
هكذا يكون آدم سميث الصديق الافضل لنفطنا السعودي بل للعالم وعلينا
الامساك باليد الخفية لتحقق لنا اكبر عائد نفطي ممكن من خلال تعظيم حصتنا
السوقية عند اسعار تنافسية لا يستطيع البيع عندها إلا المنتج الأقل تكلفة
والأكبر طاقة انتاجية على المدى الطويل. فشكرا لآدم سميث كصديق لنا وصديق
للأسواق الحرة وشيطان أكبر للنفط الإيراني.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/1122689
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق