الثلاثاء 20 جمادى الآخرة 1437 هـ - 29 مارس 2016م - العدد 17445
المقال
إن تجميد الإنتاج في اتفاق الدوحة 16 فبراير عبارة عن تكتيك للتأثير
على أسعار النفط مؤقتا دون تغيير أساسيات السوق ومعطياته التي بدأت تتفاعل
بكل فعالية قبل إعلان هذا التجميد نحو استقرار الاسعار وتحييد المنتجين
الغير قادرين على الاستمرار في المدى المتوسط لارتفاع تكاليفهم فوق نقطة
التسوية. هكذا قفز سعر غرب تكساس 6% وبرنت 7% في 17 فبراير الماضي وكان
التأثير محدودا جدا، حيث استقرت الاسعار في اليوم التالي ثم تراجعت واستمرت
في حالة متذبذبة، وعندما تم الاعلان في 7 مارس عن الاجتماع القادم في 17
إبريل، قفزت الاسعار مرة ثانية 6% و4% لغرب تكساس وبرنت على التوالي، ثم
قفزت مرة اخرى عندما صرحت بعض دول الاوبك برغبتها في الانضمام الى تجميد
الانتاج.
فلا شك ان اسعار النفط ذات حساسية عالية للقرارات السعودية وبعض الدول
المنتجة اتجاه مستقبل الأسعار، لكن محددات أسواق النفط ما زالت تمارس ضغوط
على الاسعار حاليا ومستقبليا، وعلينا ان نتعلم من الانخفاضات الحادة لأسعار
النفط على مدى العقود الثلاثة الماضية حتى نستقرئ ماذا يدور في الفترة
الحالية وكم من الوقت امام صعود الاسعار الى مستويات افضل ولكن ليس عند
المستويات التي تراجعت منها في الماضي.
ففي الثمانينات مع بداية الثوره الايرانية وحربها مع العراق، ارتفعت
الاسعار الى أكثر من 35 دولارا ثم انخفضت إلى أقل من 10 دولارات في 1986م
ولم ترتد إلا بعد أربع سنوات في سبتمبر 1990م. أما في التسعينات مع ضعف
الطلب العالمي على النفط هبطت الاسعار من 22 دولاراً في فبراير 1997م إلى
11 دولاراً في نوفمبر 1998م ولم تستعيد قواها حتى اغسطس 1999م، ثم استمرت
على هذا الحال خلال العقد الماضي مع الركود الاقتصادي العالمي، وفي ابريل
2008م مع بداية الأزمة المالية العالمية قفزت الاسعار بشكل حاد الى 145
دولارا، والذي لم يدم طويلا حتى تراجعت بشكل حاد الى اقل من 40 دولارا في
فبراير 2009م، ثم استمرت عند تلك المستويات المتدنية. أما في فترة زيادة
المعروض مع بداية 2011م، فتراجعت الاسعار من أعلى مستوى لها عند 123 و125
دولارا في ابريل 2011م ومايو 2012م على التوالي الى 30 دولارا في فبراير
2016م.
إن السؤال المهم، متى سوف تعود الاسعار هذه المرة الى متوسط سعر 70
دولارا؟ أعتقد كما يعتقد بعض خبراء النفط أنها سوف تأخذ فترة أطول ولعدة
سنوات قادمة تحت فرضية معطيات السوق الحالية والمتوقعة، إنها فترة تضخم
المعروض بما يزيد عن 1.9 مليون برميل يوميا مع تقدم تقنيات الحفر والإنتاج
التي جعلت التباين بينها وبين الفترات السابقة واسعا، وبهذا تصبح
استراتيجية الحصة السوقية المتحركة وليس المجمدة استراتيجية ناجحة للوصول
الى أهداف استقرار الاسعار والأسواق العالمية.
وعلى دول الاوبك في اجتماعها القادم ان تراعي على الاقل تغيير التجميد
مع زيادة الطلب حتى لا ترتفع الاسعار الى مستويات عالية توقعهم في مصيدة
الاسعار مرة ثانية، وان لا تبقي على تجميد الانتاج في حالة ارتفاع الطلب أو
ارتفاع اجمالي الانتاج العالمي لأنه يعتبر تخفيضا لإنتاج المنتج الكبير،
مما يمنحنا صفة دور المنتج المرجح مرة ثانية. فهناك فرق بين روسيا التي
تنتج حاليا عند اقصى طاقة لها 10.86 ملايين برميل يوميا وبين السعودية التي
تنتج 10.23 ملايين برميل يوميا ولديها طاقة انتاجية اكثر من 2 مليون برميل
يوميا على المدى المتوسط.
وإذا لا بد من تجميد الانتاج فليتم بناء ذلك على متوسط الاسعار المتحركة
لمدة 50 يوما حتى تتمكن السعودية من قياس تحرك الاسعار وإذا ما عليها
تغيير حصتها أم لا، مما يحقق أفضل الاسعار لنا قريبا من نقطة التوازن بين
العرض والطلب.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/1141733
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق