10/25/2016

مالية سعودية.. تدعم النمو الاقتصادي

الثلاثاء 24 محرم 1438 هـ - 25 أكتوبر 2016م

المقال


فهد محمد بن جمعة

من مبادئ الحكومة والشفافية أن تعلن الحكومة عن سياساتها المالية والمخاطر التي تواجهها على المديين القريب والبعيد، ما يؤكد قدرتها على التعامل مع هذه المخاطر التي تلوح في الافق القريب، بعد تشخيص تلك المخاطر وتحديد الخيارات المتاحة واعتماد افضلها.
هذا سيقلص المخاطر ويجعل الوضع المالي افضل في المديين المتوسط والطويل. لذا تتبع الدول سياسات مالية ونقدية ملائمة لتغير حالتها المالية أو الاقتصادية أو معا، إما بالتوسع من خلال زيادة الانفاق المالي او خفض سعر الفائدة او بالانكماش من خلال خفض الانفاق الحكومي أو رفع سعر الفائدة.
وقد ينتج من الافراط في الانفاق الحكومي بمعدل اكبر وأسرع من معدل تجاوب النمو الاقتصادي الى فشل تلك السياسات، ما يتسبب في زيادة الإنفاق الحكومي بنسبة أكبر على الزيادة في الإيرادات ليحدث عجزا كبيرا، وإذا ما استمر هذا العجز سينتج عنه تراكم في الدين العام واستهلاك للفوائض المالية ويقود الى عجز قابل للاستدامة، ويخلق ارتفاعا في عائدات السندات الحكومة (ارتفاع مدفوعات الفائدة) وفي أسوأ الظروف، يؤدي إلى فقدان الثقة في الحكومة.
لذا تسعى الحكومات التي لديها نظام ضريبي بزيادة معدلاتها لخفض العجز في ميزانياتها لكن الاهم نوع هذا التخفيض وتوقيته. فقد ينتج من هذه الاجراءات المالية تراجع في النمو الاقتصادي، ويتسبب في عجز دوري أعلى. لذا يكون أفضل الخيارات لتقليص العجز كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي من خلال تعزيز النمو الاقتصادي الذي يؤدي الى زيادة الإيرادات الضريبية مع زيادة عائد الضريبة المضافة وضريبة الارباح والدخل مع استمرار نمو الاستهلاك وإرباح الشركات والتوظيف، دون الحاجة لزيادتها.
وقد تقوم الحكومة بتقليص إنفاقها للحد من عجزها المالي، كما فعلت كندا في التسعينيات بإعادة تقييم اداراتها المتعددة وخفض انفاقها بنسبة 20% في غضون أربع سنوات. وقد اثبتت تلك السياسة نجاحها بخفض العجز مع استمرار النمو الاقتصادي وانخفاض أسعار الفائدة وسعر الصرف، ما دعم ارتفاع الإنفاق والصادرات إلى الولايات المتحدة. وبهذا ساعدت قوة الاقتصاد على جعل خفض الإنفاق الحكومي أكثر سهولة.
وعلى النقيض لم تكن سياسة خفض الانفاق فاعلة في بعض الدول الاوروبية (اليونان وأيرلندا وإسبانيا) لتقليص العجز مع حدوث انخفاض في النمو الاقتصادي، حيث إن سعر صرف اليورو ثابت ولا يضفي المرونة على السياسة النقدية لدعم الاقتصاد الذي دخل مرحلة الركود.
إذاً يحدد نوع سياسة تخفيض الإنفاق الحكومي الآثار الاقتصادية المترتبة على ذلك. فإذا كان الخفض على حساب المعاشات التقاعدية (يجعل الناس يعملون لوقت أطول) وينتج عنه زيادة فعلية في القدرة الإنتاجية، أما إذا كان الخفض على استثمارات القطاع العام، فسيكون لها تأثير سلبي أكبر على الطلب الكلي وجانب العرض في الاقتصاد. لذلك، تجد نزعة لدى الحكومة لخفض الفوائد والمعاشات التقاعدية، ما يخفض الإنفاق مع أقل تأثير على النمو الاقتصادي ولكن ذلك سيكون على حساب زيادة عدم المساواة في المجتمع.
كما ان سياسة التقشف التي تبنتها حكومة بريطانيا بخفض الانفاق الحكومي كنسبة مئوية من اجمالي الناتج المحلي الإجمالي لم تكن أكثر حظا، حيث ساهمت بخفض العجز ببطء أكثر مما كان متوقعا، ما نتج عنه انخفاض معدل النمو الاقتصادي وتزايد الطلب على الإنفاق من المعاشات التقاعدية والضمان الاجتماعي.
وبهذا فإن سياسة المملكة لخفض العجز اقل إيلاما، لأنها تستهدف نموا اقتصاديا إيجابيا من خلال مزيج من المبادرات الحكومية، حيث من المتوقع ان يحقق الاقتصاد السعودي نموا حقيقيا يتجاوز (1%) حاليا و(2%) العام القادم ثم استمراره في التصاعد، فمعظم نماذج الاقتصاد الكلي والتجارب الدولية الناجحة تؤكد ان خفض الانفاق الحكومي المرتبط بمعدل نمو يدعم استمرارية النمو مع تقليص البطالة وتحسين الدخل الحقيقي للأسر، وبالتالي استمرار الانفاق على السلع الاستهلاكية.

ليست هناك تعليقات:

الطلب على النفط.. يحدد الاستثمارات

  الثلاثاء 21 ذو الحجة 1446هـ 17 يونيو 2025م المقال الرياض د. فهد محمد بن جمعة صرّح هيثم الغيص، الأمين العام لأوبك، خلال معرض الطاقة العالمي...