الثلاثاء 13 ربيع الأول 1435 - 14 يناير 2014م - العدد 16640
المقال
أُنشئت الهيئة الوطنيه لمكافحة الفساد في 13/4/1432ه، أي مضى عليها
ثلاث سنوات تقريبا، وهذا لا يعفيها من ممارسة مهامها بطريقة منهجية من خلال
التركيز على الاولويات التي تحدد انطلاقتها من تكوين قاعدة معلوماتية تحدد
نوع وحجم الفساد ومواطنه وأسبابه وكيف يتم الحد منه في ظل مواردها المالية
والبشرية المتاحة وذلك بتفعيل الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة
ومكافحة الفساد التي صدرت من مجلس الوزراء في 27/3/1427ه، ونصت في البند
الثالث –الوسائل- على تشخيص مشكلة الفساد في المملكة عن طريق "تنظيم قاعدة
معلومات وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد تشتمل على جميع الوثائق
النظامية والادراية ورصد المعلومات والبيانات والإحصاءات الدقيقة عن حجم
المشكلة وتصنيفها وتحديد أنواعها وأسبابها وآثارها وأولويتها ومدى انتشارها
زمنياً ومكانياً واجتماعياً" وكذلك " قيام الأجهزة الحكومية المعنية بحسب
اختصاصها بإعداد احصاءات وتقارير دورية عن مشكلة الفساد تتضمن بيان حجم
المشكلة وأسبابها، وأنواعه والحلول المقترحة وتحديد السلبيات والصعوبات
التي تواجه تطبيق الانظمة والإجراءات المتعلقة بحماية النزاهة ومكافحة
الفساد".
فهل استخدمت الهيئة هاتين الوسيلتين الهامتين لتحديد حجم مشكلة الفساد
وأسبابها حتى يتسنى لها التعامل معه؟ فمن الملاحظ ان الهيئة تجاهلتهما
وباشرت عملها مباشرة وهذا ما أدى الى ردة فعل سلبية بعدم تجاوب بعض الجهات
حكومية معها، وكأنها تبحر في بحرا بلا شواطئ تتلاطم أمواجه ليهدد حياتها
بالغرق.
ان مشكلة الفساد معادلة محدداتها الشفافية والنزاهة والفساد، فكلما زاد
معدل الشفافية كلما ارتفع معدل النزاهة وانخفض معدل الفساد وتقلص حجم مشكلة
الفساد في صيغته النوعية والكمية. لذا ينبغي على الهيئة التركيز اولا على
الشفافية وذلك من خلال عمل الاستبيانات الميدانية وتكوين قاعدة معلومات
متكاملة تحدد نسب الفساد في القطاعات الحكومية والخاصة ثم على مستوى
المؤسسات والمنشآت ونسبته من اجمالي مصروفات كل مؤسسة حكومية أو من مبيعات
المنشأة من اجل المتابعة والمراقبة، اذا ما كان نسب الفساد تتناقص مع الوقت
من عدمه. فضلا عن تأثير الإصلاحات الاقتصادية والتغيرات الثقافية والميز
النسبية والقيم الاجتماعية على مستويات الفساد، مقاسه بمؤشر تصور الفساد
(CPI).
ان تشخيص مشكلة الفساد ومعرفة قياسها من المفروض ان يكون من اول اولويات
الهيئة. فهناك جوانب مختلفة من الفساد يمكن قياسها بعدد من الطرق التي لها
بعض الايجابيات والسلبيات، فمن الممكن قياس الفساد حسب تواتر حدوثه،
أنواعه، التكاليف والآثار، العوامل المساهمة، التصورات المتعلقة به، حيث ان
معظم الأساليب المستخدمة في قياس الفساد تتمحور في مجموعات التركيز،
دراسات الحالة، الملاحظات الميدانية، الدراسات الاستبيانية للأعمال
التجارية أو الخبراء أو عامة السكان، تقييم المؤسسات، والأحكام القانونية
والممارسات. لذا يسهم تحديد الأسباب في معرفة الكيفية التي تساعد على كبح
الفساد، رغم صعوبة التحديد الضمني للفساد وعدم وضوح ما هو المسبب وما هو
المؤثر بعض الاحيان، إلا ان الأدب والنقاش الأكاديمي يدور حول عوامل رئيسية
كمسببات للفساد مثل: العوامل الاقتصادية، السياسية، الثقافية، والجغرافية.
فلو نظرنا الى العلاقة بين الفساد والتنمية الاقتصادية، لوجدنا ان
ارتفاع نصيب دخل الفرد في اجمالي الناتج المحلي يؤدي الى تخفيض الفساد، حيث
يعتبر الفساد كسلعة كلما ارتفع الدخل (السعر) انخفض الطلب عليه وكذلك تؤدي
الزيادة في ثروات البلد الى توفير الموارد المالية اللازمة لمكافحة
الفساد. وقد اوضحت بعض الدراسات ان زيادة الفساد بنسبة 1% يخفض النمو
الاقتصادي بنسبة 0.72%. فهل ارتفاع دخل الفرد في السعودية في الاعوام
الثلاثة السابقة من 71 ألف ريال في 2010 الى 93 ألف ريال في 2013 أي بنسبة
31% يعني تراجع الفساد وما هي النسبة؟ وماذا عن تقرير الشفافية العالمية
الذي أوضح ان درجات السعودية ارتفعت من 44 درجة في 2012 الى 46 درجة في
2013، حيث حلت في المرتبة 63 من بين 177 دولة؟ ننتظر الاجابة من هيئة
مكافحة الفساد.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/2014/01/14/article900980.html
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق