الثلاثاء 8 ذي الحجة 1436 هـ (حسب الرؤية) - 22 سبتمبر 2015م - العدد 17256
المقال
يروج البعض لانخفاض أسعار النفط وتأثيرها على ميزانية الدولة وكأنه
يحدث لأول مرة، لسوء فهمهم لاقتصاد النفط واستراتيجية تعظيم الحصة السوقية،
كما أنهم يجهلون تاريخ النفط وخاصة منذ إنشاء منظمة الأوبك وقدرتها على
التحكم في أسعار وإنتاج النفط معا حتى عام 1979م، عندما بدأت تفقد سيطرتها
على الأسعار وأصبحت تستخدم الإنتاج كوسيلة للتأثير على الأسعار إلى درجة
إغراق المملكة للسوق في عام 1986م من أجل كسب تعاون المنتجين، ثم استمرت
سياسة المنتج المرجح الذي تقوم به المملكة حتى 27 نوفمبر 2014، عندما قرر
أعضاء الأوبك تعظيم حصصهم السوقية بعد أن أصبحت غير مجدية في ظل الزيادة
الكبيرة في الإنتاج العالمي منذ عام 2011 مدعوما بتأثير ارتفاع الأسعار
المتأخر.
هكذا بدأ بعض شركات النفط الأميركية تطالب بتصدير نفطها مع زيادة
إنتاجها حيث إن المجلس الجمهوري الأميركي يخطط للتصويت على السماح لها
بالتصدير إلى العالم بعد منعها لأكثر من أربعة عقود من الزمن (وول استريت
جورنال، 16 سبتمبر 2015)، ناهيك عن منتجين آخرين ينتظرون عودة ارتفاع
الأسعار من أجل زيادة إنتاجهم دون المساهمة في استقرار الأسعار العالمية.
إذا أسواق النفط تتغير والمنتجون يبحثون عن الأسواق التي تعظم عوائدهم
النفطية، فلم تعد كمية المعروض محدودة بل إنها تتزايد بأسرع من الزيادة في
الطلب مع تحسن الأسعار وتغطية تكاليف إنتاج النفط المكلف، بالإضافة إلى
استخدام الطاقة البديلة، هكذا نشهد فترة زمنية جديدة يتعاظم فيها الإنتاج
بدلا من وصوله إلى ذروته كما يدعي أعداء الدول المنتجة للنفط وخاصة النامية
من أجل تحفيز الشركات على استخدام الطاقة المتجددة والاستغناء تدريجيا عن
نفطها، وعلينا أن نتذكر جيدا أن زيادة النفط جاءت من خلال معظم المنتجين من
الأوبك وخارجها بغض النظر عن تباين حجم الاحتياطيات والقدرة الإنتاجية
وعدد السكان.
ففي عام 1979م ولأول مرة، تجاوز منحنى إنتاج غير الأوبك إنتاج الأوبك،
مما أضعف سياسة التحكم في الأسعار مقارنة بما كانت عليه مع زيادة إجمالي
الإنتاج العالمي، فلم يعد أمام الأوبك إلا سياسة المنتج المرجح الذي في
العادة تمارسه المملكة بسد ما تبقى من الطلب العالمي (إجمالي الطلب العالمي
– إجمالي الإنتاج من خارج الأوبك) من أجل استقرار الأسعار، رغم ذلك استمرت
الأسعار منخفضة حتى بداية عام 2008، بعدها بدأت الأسعار تتسلق قمم الأسواق
ووصلت إلى 134 دولاراً لغرب تكساس في يوليو 2008 لكنها ما لبثت وتراجعت مع
امتداد تأثير الأزمة المالية الأميركيه إلى أسواق العالم.
لكن مع مواصلة الأسعار ارتفاعها من 31 دولاراً في 2003 إلى 98 دولاراً
لغرب تكساس في 2014م، قفز الإنتاج العالمي بنسبة 3.2% ثم 4.8% في عامي 2003
و2004 على التوالي، واستمر ارتفاع الإنتاج حتى وصل إلى قمته في عام 2014
عند 93.1 مليون برميل يوميا، وقد زاد من تسارع الإنتاج ارتفاع الأسعار من
80 دولاراً إلى 100 دولار في عام 2011 تحت شعار السعر العادل للأوبك، مما
حفز المنتجين خارج الأوبك على زيادة إنتاجهم اعتقادا منهم أن الحد الأدنى
للأسعار التي تستهدفها الأوبك هو 100 دولار، فكان خطأً تاريخياً لعدم
احتساب الأوبك معدل مخاطرة المرتبط باستخراج النفط من الحقول المكلفة، لذا
تداركت المملكة هذا الخطأ بتعظيم حصتها، رغم تراجع الأسعار أخيرا بأكثر من
50%.
هكذا تكون الحصة السوقية استراتيجية ناجحة على المدى المتوسط والطويل
لمواجهة خطر المنافسة غير العادلة وزيادة المعروض العالمي من النفط واحتمال
رفع سعر الفائدة على الدولار مع ضعف النمو الاقتصادي العالمي وفي ظل عدم
التعاون بين الأوبك والمنتجين من خارجها، فلا خوف من انخفاض الأسعار لإعادة
توازن أسواق النفط العالمية.
رابط الخبر : http://www.alriyadh.com/1084745
هذا الخبر من موقع جريدة الرياض اليومية www.alriyadh.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق